أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت














المزيد.....


في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4413 - 2014 / 4 / 3 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كغير المصدّقة تُعلمه أنّها وجدت ساعتها معروضة في واجهة أحد محلّات المجوهرات في رام الله وتطلب منّه أن يصلها على وجه السرعة. كان مكتبه قريبًا، تفصله عن الحانوت مسافة تنهيدة. مدّت الساعة ناحيته وعلى وجهها ما زالت دهشة عالقة.
تابعت سرد قصة أملها وكيف تعلّقت بحكايات العجائز المؤمنات وبأن المال الحلال لا يضيع. بترحاب من يعرفهما، منذ سنوات طوال، استقبله "لويس" صاحب الدكّان، وكان قد قدَّم فنجان قهوة لزوجته كي تهدأ. 
بعد أن أشارت إلى علامة خاصة في الساعة اقتنع صاحبهما أنها ساعتها. شرح كيف اشتراها من صائغ لا يمانع من التوجه إليه على الفور كي يتتبّع معه ويتعرّف من خلاله على الشخص الذي باعه  الساعة. 
بعد نصف ساعة وصلا إلى دكّان صاحبه. لم يستقبلهما بحفاوة. بدأ يتأتئ ويبدي إشارات حرج وتملّص. كان يدّخن بعصبية ولا يجيب على أسئلة لويس، بل يلقي جملًا متقطعة لا معنى لها. بدأ العرق  يتصبب من وجنتيه وجبينه الذي ينتهي في وسط رأسه، صوت لويس صار عاليًا ويده، تتقدمها سبابة تتأرجح وترسم دوائر غير منتظمة في الهواء، كادت تصيب عين صاحبه.
 فجأةً بدأ "همام" يجمع معروضاته ويلقيها في خزنة كانت في صدر حانوته أغلقها وكالريح ملص من وجههما وهرب. بعد ساعة عاد ولم يفصح لماذا هرب وصديقه، لم يتّهمه بشيء. 
في مكاتب الشرطة اعترف عن اسم من باعه الساعة وتفاصيله. كانت الصدمة كبيرة، فلقد كان عامل نظافة تربى في البناية التي تعرضت إحدى شققها للسرقة. احتضنه سكّانها، منذ سنوات طويلة، وعاملوه كابن وأدخلوه بيوتهم مؤتمنًا. 
"لقد أعطتني "دليلة" الساعة وطلبت أن أبيعها لها ووعدت بأن تجازيني بقسم من المحصول، فبعتها برخيص لهذا الصائغ في دكّانه الذي يقع في منطقة فلسطينية وقبضت حصتي وسلمتها ما تبقى من ثمن "هكذا أفاد في الشرطة، من قايض "العشرة" بخمسة من فضة، وأضاف: "تعمل دليلة في البيت المسروق منذ عشرة أعوام وأصحاب البيت يحتضنونها بدفء وعطف وكرم. وعدت بأن تعطيني قطعًا أخرى، فعندها المزيد من هذه البضائع، ووعدت أن تجازيني عن كل صفقة أنفذها، إلّا أنها، هاتفتني يومًا، وطلبت أن أتكتم على ما بيننا لأنها سمعت أن صاحبة البيت، من تعمل لديها وكانت تعتبرها صديقةً، قد اشتكت لدى السلطة الفلسطينية والحيطة واجبة.
بدأت الحكاية بصدمة فصارت جرحًا.
قامت الشرطة بإلقاء القبض على دليلة. واجهوها بمن اعترف عليها، فأصرّت، في مواجهته، أنه هو الذي سرق وباع. إثنان كان الشيطان سيّدهما والشر على رأسهما ريشة.
بعد المساء، وصل بيته منهكًا. بعض الأصدقاء جاؤوا ليطمئنوا وللمؤازرة. أحد أصدقائه القدامى يتصل ويستأذنه الحضور مع مجموعة من وجهاء البلد وكبارها. كان الطالب عزيزًا. 
يمتلئ البيت بالوجهاء والأقارب الذين جاؤوا يطلبون سعي صاحب البيت المسروق عند الشرطة الفلسطينية ومناشدتها الإفراج عن ابنيهم. يَسمعون تفاصيل الرواية ويُسمعون كل ما طاب من كلام جميل وأسف على ما حصل. يطالبونه بأن لا يتوجه إلى الشرطة الإسرائيلية، لأن ابنهم، الذي يحمل هوية القدس الزرقاء، يعمل في بيع الذهب وله شركاء في القدس قد يتضررون من الحادثة، أمّا "الواثق"، الشاب الذي عاش في فيء العمارة وفيها كبر، يحمل هو  أيضًا هوية القدس الزرقاء، ويعمل، إضافة لعمله الجزئي في العمارة، في إحدى المؤسسات الإسرائيلية وقد يخسر عمله ودخله.   
يؤكد لهم صاحب البيت بأنه لن يلتجئ لإسرائيل وأمنها، فهو ابن البلد ويعي ما تمليه العادات والتقاليد والموقف الوطني، ويشير أمامهم، إلى أنه يقدر مجيئهم إلى بيته ويشكرهم على ما تعهدوا به، فالقضية، هكذا أكّد المتحدث أمام الجمع، لا تتوقف عند كونها سرقة بل تعدّيًا على حرمة البيت وأصحابه. كلام كالسحر أتاح لأصحاب البيت المسروق جرعة من نوم هانيء.  
لم توافق النيابة الفلسطينية على الإفراج عن المعتقلين قبل إنهاء التحقيق معهما. فالإتجار بالذهب المسروق جناية يعاملها القانون الفلسطيني بخصوصية وحساسية فائقتين، والمتورطون بالحادثة لم يمتثلوا للتعليمات والأنظمة وتركوا كثيرًا من الشكوك حولهم.
"لا نستطيع استمرار احتجاز المشبوهين في قضية السرقة" بصوت كسير  يخبر مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، الضحيةَ، صاحب البيت المسروق، ويستطرد، بما يشبه بكاء طفل، "لقد اتصل بنا القائد العسكري الإسرائيلي وهددنا فيما إذا لا نفرج عن "همام" وشريكه، فسيقتحم جيشهم السجن ويخرجهما بالقوة".
من وسط النعاس حاول أن يستوعب ما قاله المسؤول الفلسطيني، فأضاف هذا وشرح أن إسرائيل تطالب برعاياها لأنهما مقدسيان يحملان الهوية الإسرائيلية الزرقاء وأن عائلتيهما توجهتا الى الارتباط العسكري الإسرائيلي مشتكيتين اختطافهما قبل يومين من قبل قوات الأمن الفلسطينية. لا خيار أمامنا فسيطلق سراحهما حالًا. 
"كيف يا شيخ سمحتم لذلك أن يحصل؟ وماذا عن الوطن وظلم اليهود وسفالاتهم كما شرحتم للحضور في تلك الليلة؟" سأل المعتدى عليه الشيخَ، صديقَه القديم الذي كان على رأس من جاؤوا الى بيته في ليلة "دق الصدور". حلف الشيخ أنه لا يعرف التفاصيل ووعد أن يستوضح ويعاود الاتصال. 
مر عام ونصف. لم يتصل الشيخ ولا من كانوا معه. في رام الله، ما زالت طاحونة العدل تقاوم صدأ الأيام وتسعى كي يتحقق عدل ويزهق باطل وفي القدس يعربد الأزرق وفي أكنافه يرابط "عرب أطاعوا رومهم/ عرب وباعوا روحهم/ عرب .. وضاعوا".



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين نتقاتل على السماء نخسر البلد
- أعدلٌ وناصرة عليا؟
- تاريخ أخرس
- لكُنَّ في آذار السلامة والحب
- لماذا وُلدّتَ يا عمر ؟
- ليت الفتى إمرأة
- لا للتجنيد: صرخة أو صرختان
- حق إضراب ألأسرى عن الطعام لا يمس
- بين كيري وقدسنا بندقية
- ألحريّة لمرّوان البرغوثي
- عنجهية VIP
- عند العقدة يبرع النجّار
- أمل وحرية بحجم السماء
- صمت الغنائم
- لماذا يخافون شجرة الميلاد؟
- دندنة شمعون بيرس: -أنا زي مانا وإنت بتتغير-
- -عوفر-..سجنٌ أم مرجُ غزلان؟
- أصوات وبنادق
- هذا هو شعبي الذي به سررت
- -إلى فلسطين خذوني معكم-


المزيد.....




- -حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي ...
- نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق ...
- إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
- تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
- كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد ...
- بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد ...
- الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز ...
- طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل ...
- ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت