أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قروق كركيش - دراسة سيكولوجية للخطاب الصوفي في الملحون المغربي: نموذج قصيدة صافي الحبيب للشيخ محمد الحراق















المزيد.....



دراسة سيكولوجية للخطاب الصوفي في الملحون المغربي: نموذج قصيدة صافي الحبيب للشيخ محمد الحراق


محمد قروق كركيش

الحوار المتمدن-العدد: 4413 - 2014 / 4 / 3 - 08:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نحاول من خلال هذه الدراسة أن نقارب تجليات الخطاب الصوفي من حيث هو منظومة رمزية ذات دلالات عميقة ومساحات واسعة لا يمكن حصرها في أي إنفراد تحليلي كيفما كان،وفي أي حقل من العلوم بمناهجها المتعددة،حيث أن الخطاب الصوفي داخل نسق القصيدة هو صنف لا يمكن أن يخرج عن باقي الأنواع الخطابية الأخرى،وإن له مكانة لا يمكن أن تخلوا من ساحة الإبداع،و خصوصية هذه الدراسة تنبع بالدرجة الأولى في اعتمادنا على منهج غيب في غالب الأحيان عن حقل الدراسات الأدبية،نقصد بذلك المنهج النفسي التحليلي الذي نحاول من خلال عدته المنهجية دراسة الظاهرة الأدبية من حيث معناها الإبداعي الذي يتقاطع مع مناهج نصية كثيرة كالبنيوية والبنيوية التكوينية وأخرى خارج نصية كالمنهج التاريخي و الإجتماعي، فرغم أن المنهج النفسي بدأ منذ ظهوره بعيدا عن الأدب ونشأ في مجالات تدخل ضمن الطب العقلي،فإنه سرعان ما تدخل بعدته لدراسة الروايات والقصص والفنون،لهذا السبب يعتبر مهما في معرفة الأسباب التي تدفع المبدع للتعامل مع النزاعات الداخلية في بناء أي شكل من أشكال الخطاب،خصوصية أخرى تعترضنا وهي أننا سنحاول تحليل خطاب وصف بأفدح الصور،أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه شعبي هامشي،ونموذجنا البحثي هنا هو الخطاب الصوفي في الملحون المغربي من خلال نموذج قــصيدة صافي الحبيب تظفي بابديع نوارو لسيدي محمد الحراق أحد فقهاء تطوان الكبار وأحد أقطاب شعر الملحون بالمغرب .
إن تحليل هذه القصيدة الملحونية إذا يتطلب منا الكثير من الحظر سيما أنها خطاب متحرك ليس له قرار وذا حمولة غير عادية تجعل الدارس ينزلق في كثير من الأخطاء،وسنحاول أن نستخدم العدة الكافية لهذه الدراسة،وقبل ذلك لابد من أن نعطي نبذة عن هذا المنهج وكيف أُدخل للأدب ثم نحيط بموضوع البحث من جميع الجوانب ونقصد بذلك سياق المؤلف ومرجعياته وحياته وإبداعاته ثم نضعها في سياق الحديث الذي سميناه الخطاب الصوفي داخل مجال الملحون المغربي من خلال التحليل السيكولوجي،وذلك بناء على فرضية ثلاثية سنحاول الإجابة عنها، تقول:
- أن القصيدة موضع التحليل قصيدة غير عادية نظرا لأنها تحمل صفات دلالية لا يتصف بها الإنسان العادي مما يجعل الخطاب إرشاديا متعاليا ناتج عن عقدة النرجسية.
- ثم أنها تتوفر على كوكبة من المفردات اللغوية المُضمِرة لخطاب صعب ومليء بالترميزات لا يمكن لأي كان أن يكتبها إلا إذا كان يتمتع بصفات معينة تنتمي إلى مجال معين أو منغمس فيه؛وهو هنا يمكن أن يكون في بؤرة التصوف.
- ثم أن البنى المضمرة داخل الخطاب/النص هي بنى لا علاقة لها بالواقع إذ يتحكم فيها عاملا التخييل/الحلم الذي أفرز المنطوق/القصيدة في زمن مختلف ومكان متعدد وقد يكون هذا التخييل ناتج عن دوافع نفسية ولاشعورية تعتمد الكثير من الإيحاءات المبطنة منها قابلية التصوير و الإزاحة والتكثيف والكبت وهي في نظرنا ناتجة أيضا عن عقدة النقص.
بناء على هذا التقطيع الثلاثي للفرضية فإننا سنعتمد للتحقق منها فيما إذا كانت صحيحة أو كاذبة على ثلاث متغيرات تكون فيها الرغبة/الحاجة والتخييل/الحُلم المتغيرات الثابتة بمنهجية نقدية نفسية معاصرة تنحو إلى الاتجاه التكاملي يعنى بالتحليل النفسي للشخصية وبواعثها وانفعالاتها وتداعياتها المبطنة دون نسيان الإطار النظري لفرويد فيما يخص النظرية؛ونقصد بها العوامل التي تتحكم في اللاوعي كالتكثيف والإزاحة وقابلية التصوير والرغبة/الحاجة/الكبت لنصل إلى التأويل ومن تم إلى الدافع الأساس الذي جعل المؤلف يصرح بخطاب غير عادي يحمل صفات معينة نعتقد أنه ينتمي إلى الحقل الصوفي،ويسكون التحقق من هذه الفرضية الثلاثية بهذه العدة على مستويات تحليلية متماسكة.
1- المنهج النفسي وآليات الإشتغال:
لعله من الصعوبة بمكان أن يتشكل أدب بدون أن يكون هذا الأدب جزءا أو بعضا من نفس صاحبه،أو من إحساسه بما/بمن حوله على أقل تقدير،وهذا يعني ببساطة أن هذا الإنتاج الأدبي هو أولا وقبل كل شيئ،إنتاج نفس إنسانية لها نوازعها ورغباتها ووعيها ولا وعيها وطرائقها في التفكير والمعالجة،من أجل هذا وغيره ظهر المنهج النفسي في النقد الأدبي منذ القديم على شكل ملاحظات ترد في بعض ظواهر الإبداع وتفسير قدر من وظائفه،ولعل أفلاطون كان من بين هؤلاء الذين تحدثوا عن الشعراء ومراتبهم وقدرة نفسيتهم على الإنتاج حيث كانت هذه إشارات قوية عن الاهتمام بالجانب النفسي في الأدب،نفس الشيئ نجده في نظرية التطهير الأرسطية التي ربطت الإبداع الأدبي(المسرح)بوظائفه النفسية،ونفس الشيئ يمكن أن نصرفه عن الإبداع الأدبي العربي القديم إذ كانت هناك بواعث رددت مجموعة من المقولات المشابهة عن علاقة الشعر بنفس المبدع وعن علاقاتها أيضا بالمتلقي.
لكن يمكن القول أن المنهج النفسي لم يبدأ بشكل علمي منظم إلا مع بدايات علم النفس ذاته في العقد الأول من القرن العشرين على يد العالم النمساوي فرويد ،فرغم أن هذا التخصص ولد بعيدا عن الأدب فإن فرويد قد استعان في هذا التأسيس بدراسة ظواهر الإبداع في الأدب والفن،لذلك فإن فرويد في مراحل التأسيس الأولى لم يكف منذ عام 1897 عن ربط قراءاته بالأدب،ونذكر بالخصوص عمله عن " أديـــــب ملكا " لصاحبها سوفوكليس و"هاملت" لشكسبير بغية تحديد العديد من مفاهيمه الأساسية مثل عقدة أديب وإلكترا ومفهومه الضخم اللاوعي/اللاشعور ،ولقد كان للاكتشاف الفرويدي أثار خصب في كثير من مجالات المعرفة،ولاسيما في تأويل السلوك الإنساني اليومي وفي تعبير الرؤيا/الحلم وفي تأويل طبيعة الإبداع الذي يزعم فرويد وأصحابه أنه يصدر عن صاحبه في حال اللاوعي باعتباره المخزن الخفي غير الظاهر للشخصية الإنسانية حيث كان عمله منصبا على الأحلام باعتبارها النافذة التي نطل منها على اللاشعور الذي هو الطريقة التي تعبر بها الشخصية عن ذاتها،وتلتف حول قوانين الكبت والمنع الاجتماعيين.
فقد اعتبر فرويد الأدب والفن تعبير عن اللاوعي الفردي،وتجليا تظهر فيه تفاعلات الأنا وصراعاتها الداخلية وذلك حينما استطاع أن يحدد خصائص الحلم بمجموعة من الأوصاف في مقدمتها التكثيف والإزاحة وقابلية التصوير والرمز والكبت وغيرها من المفاهيم التي لولا دراسته لأنواع من الأدب والفنون لما استطاع الوصول إليها،وقد شكلت هذه المفاهيم صلب التحليل الأدبي في كثير من المناهج،وهكذا يحوي الأدب مخزونا غنيا للتدليل على حياة الإنسان اللاشعورية؛لذلك لجأ فرويد إلى تاريخ الأدب ليستمد منه الكثير من مقولاته،فاشتق ما يسمى عقدة أديب من مسرحية سوفوكليس وفسر هاملت كما فكك سنة 1928 الإخوة كارامازوف لدستويسكي ككفايات عن الحب المحرم والكراهية،كما لجأ إلى تحليل بعض الأعمال الفنية التشكيلية وبعض الأعمال الأدبية والشعرية ليتوصل إلى العلاقة التي تحكمها بنفس المبدع عن طريق ما سماه بقانون التداعي.
لقد استطاع فرويد فعلا أن يكتشف أن المبدع شخص عصامي يقي نفسه عن طريق عملية الإبداع التي يقوم بها من الانهيار النفسي،كما أن الشاعر يمارس أحلام اليقظة وينشر خيالاته على الناس التي هي قائمة على تجارب الطفولة وعقدها وكذا في الحكايات والأساطير والجنيات والنكات التي يتعرض لها في الطفولة،كل هذه الاكتشافات داخل مجال التحليل النفسي أفرز توجهات جديدة مثل علم نفس الإبداع وعلم نفس النمو وهي تفريعات قائمة على التجربة والاختبارات وذلك من خلال دراسة حالات الإبداع الخاصة المرتبطة بالأجناس الأدبية.
لكن سرعان ما تطور التحليل النفسي مع كثير من الرواد وخصوصا تلميذ فرويد كارل غوستاف يونغ الذي أنشأ ما يسمى بمدرسة علم النفس الجماعي،وقد اختلف مع فرويد في أن الإبداع لا يتعلق باللاشعور الفردي فقط بل يمتد ليشمل المجتمع بتأثيراته وجاء بما يسمى اللاشعور الجماعي الذي يتجاوز الأفراد إلى الجماعات البشرية/الإنسانية للجماعات،وقد ألحقت بهاتين النظريتين(نظرية فرويد وأتباعه ونظرية يونغ وأتباعه) ما لا حصر له من الإضافات حتى شاعت فكرة أن الفنان مصاب بالعصاب مختل الاتزان وأن الفن نتاج جانبي لهذا المرض أو الاختلال،وقد ساهم اتجاه جديد سمي بالمدرسة الجشطلتية في أثارت مشكلة التلقي والذوق،وكذا مدرسة إدلر الرمزية التي تقارن بين الأحلام والرموز الأدبية،زد على ذلك ما قدمه جون بياجيه أحد أعلام ومؤسسي التفكير البنيوي،كما اتخذ النقد النفسي مسارا متطورا مع لاكان مؤسس علم النفس البنيوي في عمله حول الرسالة المسروقة لـ بْوَ ، إذ على يديه تطورت مناهج التحليل النفسي للأدب بشكل جذري باعتبار اللاشعور مبنيا بطريقة لغوية؛أي أن البنية التي تحكم اللاوعي هي بنية لغوية في صلبها تعتمد على التداعي وعلى غير ذلك من قوانين اللغة التي أسسها فرديناند دي سوسير .
وعلى العموم فإننا استقينا من التحليل النفسي مجموعة من الآليات التي ستساعدنا على تحليل العمل الإبداعي/القصيدة التي بين أيدينا والتوصل إلى تأويل صارم لها على اعتبار أن التأويل هو النتيجة التي ينبغي أن يتوصل إليها المحلل من بينها:
- التكثيف : هو سلسلة متداعية مرتبطة بالمحتوى الكامن(هنا القصيدة) وقد يكون التكثيف على شكل شخص أو صورة أو كلمة ثم البحث عن معنى تلك السلاسل والربط بينها.
- الإزاحة : هي تصور لا معنى له في الظاهر غير أنه يحمل كثافة بصرية وشحنة عاطفية مدهشتين يتلقهما هذا التصور من تصور أخر يرتبط به بسلسلة تداعي.
- قابلية التصوير: حيث تتحول الأفكار اللاوعية إلى صور،فالحلم/الرؤيا في الحقيقة هي إنتاج بصري يفرض نفسه على الحالم كمشهد حالي وآني،وبما أنه كذلك فالأفكار التجريدية الغريبة تنمو داخل الحلم ببدائل مصورة.
- الرغبة/الكبت : الحلم هو تفسير لرغبة في حالة كبت،غير أنه تحقيقها المقنع،فالرغبة اللاواعية التي تبحث عن إرضائها تصطدم برقابة الوعي؛وجزئيا أيضا بما قبل الوعي،وهكذا فإن كل نتاج نفسي هو حل وسط بين الرغبة والقدرة الكابتة للوعي،من هنا نفهم مدى أهمية فكرة الصراع النفسي؛الصرع بين الرغبة والمحظور/بين الرغبة اللاواعية والرغبة الواعية وبين الرغبات اللاواعية ذاتها(جنسية،عدوانية،نرجسية،،،) لذلك فإن ذات الصراع يكون فاعلا في جميع التكوينات النفسية؛في الحلم في زلة اللسان وفي الهفوة وفي الإبداعات الفنية .
ب‌- الدراسات العربية النفسية في الأدب:
رغم أنه من الصعب أن نتحدث عن اتجاه نفسي في النقد العربي بصفته اتجاها له حضوره المميز والواضح،إلا أننا يمكن أن نقول أن هذا المنهج استهوى عددا لا يستهان به من النقاد العرب الذي استفادوا في دراساتهم من مدارس علم النفس ومنهم نذكر:
- عباس محمود العقاد الذي درس شخصية أبي نواس في ضوء ما أسماه عقدة النرجسية في كتابه أبو نواس،الحسن بن هاني .
- المازني الذي قدم دراسة عن بشار بن برد تمثل نموذجا واضحا لمفهوم إدلر عن عقدة النقص،حيث رد إبداع بشار وولوعه بهجاء الناس وشمتهم إلى عقدة النقص التي يعاني منها بسبب أنه كان شاعرا كفيفا.
- عز الدين إسماعيل في كتابه التفسير النفسي للأدب الذي شكل خطوة رائدة نحو التحليل النفسي للأدب من خلال مجموعة من النصوص،باحثا عن العلاقة الكمية والكيفية بين منهج التحليل النفسي والأعمال الفنية ليؤكد أن ثمة تعاونا وتجاوبا بين الشاعر والعالم النفساني.
- دراسة مصطفى سويف الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة وهي دراسة منهجية علمية منظمة،وقد درس علاقة الشاعر بنصه الشعري محاولا الإجابة عن سؤال كيف يبدع الشاعر القصيدة؟
2- الشيخ محمد الحراق : المنشأ و المرجعيات
هو في مجال العلم بحرٌ واسع المجال،نهل من التصوف حتى اجتمعت فيه حسن الخصال،وينتمي إلى الطريقة الدرقاوية الشاذلية،وله في الفقه والعالم الصوفي مرتبة عليا، وهو أبو عبد الله سيدي محمد بن محمد بن عبد الواحد بن يحيى بن عمر الحسني العلمي الموسوي، ينتمي نسبة إلى سيدي الحاج موسى بن سيدي مشيش أخي مولاي عبد السلام ، ولد محمد الحراق سنة 1186ھ ونشأ بمدينة شفشاون، حيث عاش في كنف أسرة صالحة متدينة، ربّته على مكارم الأخلاق، وطلب العلم، والمحافظة على روابط الشريعة، فكان وعاءا مهيئا لجميع مشارب العلوم، وقد تنبه أبوه لحماسته، وشغفه بالعلم، وكذا فطنته وسرعة بداهته في التعلم منذ صغره، فقرر مرافقته إلى جامع القرويين بفاس، قصد استكمال تعليمه والارتشاف من بحر العلوم هناك، إلى أن أتمّ دراسته، فأصبح بعد ذلك عالما جليلا، ذو شهرة ومكانة كبيرتين، يحضر مجالسه العلمية كبار العلماء وأعيان البلاد، وطلاب العلم، والفقراء، مما جعل السلطان مولاي سليمان العلوي، يعينه خطيبا ومدرسا بالمسجد الأعظم بتطوان، خاصة حين سمع برِفعة شأنه، وعلو همته، وغزارة علمه.
لقد كان فقيها مدرسا له معرفة بالفقه وأحكامه، والحديث والسير والأصول، تصدر لنشر العلوم بمدينة تطوان مدة طويلة، وانتفع بعلومه خلق كبير، وله أنظام في الحقيقة، ومذكرات بالطريقة،متواضعا في لباسه..، ويأكل ما تيسر من الطعام، مع ما كان عليه من الكرم و المواساة ،إلا أن بعض النفوس الخبيثة والحسودة،لم يهدأ لها بال، فتآمرت عليه، ودبرت له المكايد، وَصَلَت لحد الطعن في شرفه، والتفكير في قتله، فقد أصابه المرض من شدة الأسى على ما كيد له، وقد تمكنوا من ذلك، حيث سُلب الشيخ من جميع مناصب الإمامة والخطابة والتدريس والفتوى، وأن لا يتعاطى شيئا مما كان له ، لكن صبره على تلك المكائد والمحن، زاده تقربا وتمسكا بمنهج العارفين،حيث أدت تلك الأحداث إلى "اشتغاله بالتصوف والانخراط في طريق القوم" ،حتى فاق أقرانه، وأصبح عالما صوفيا، من كبار أعلام التصوف، الذين جمعوا بين الشريعة والحقيقة، وتمكنوا من التوفيق بين الظاهر والباطن.
لقد سلك محمد الحراق طريق التصوف على يد الشيخ مولاي العربي الدرقاوي،الذي طابت به نفسه، وتلاشت بصحبته أسقامُه، حيث " لقَّنَهُ الأوراد،وبيّن له المُراد،ولم يأمره بخرق العادة، ولا كشف رأس ولا لبس مرقعة،وإنما حضّه على كثرة ذِكر الله، وجمع القلب على الله، وإخلاص العبودية إلى الله،وأذِن له في إعطاء الأوراد والتربية " ،وبذلك أخذ الشيخ محمد الحراق العبرة،وفهِم الحكمة،فتجرد من علمه الذي كان يفتخر به،وتغلغل في قلب الطريق،جاعلا علمه الغزير،مَطِيَّةً لخدمة النفس والفرد،خاصة وأن العلم هو باب معرفة الله ومفتاحها، يقول الشيخ سيدي محمد الحراق:" فما فائدة هذا العلم والجاه، الذي لا يوصل صاحبه إلى الله، ولا يُعَرِّفُهُ مَولاه " .
أما فنون القول والأدب والشعر؛فقد كان له السبق في أهل زمانه،حيث اشتهر بأشعاره الصوفية،التي كانت لسان حَالِه،وعنوان وجده،فكانت كل قصائده حُبلى بمقاصد الشريعة، وبمناهج الطريقة،إذ تضمنت في طيّاتها الدعوة إلى الله، وتهذيب النفس،والحث على التشبث بالمنهج الصوفي، بعبارات وإشارات جامعة،تنير طريق السالك والمريد،يقول عبد القادر التليدي:" كان ينظم الشعر الرقيق ويقول الأزجال حول الحضرة الإلهية،والجناب النبوي الكريم،حتى ترك لنا ثروة عظيمة في الشعر الصوفي الرقيق المؤثر،وقد جُمع في ديوان خاص،حيث أصبح من الدعاة إلى طريق القوم المربين للمريدين المنقطعين إلى الله عز وجل " .فكاد ينفرد بهما في عصره، وقد أسس طريقه على أربع قواعد "ذِكر، ومُذاكَرة، وعِلم، ومحبة" .
أما مؤلفاته فنذكر من بينها: "تعليقه على المشيشية، وشرح حكم ابن عطاء الله وغيرها؛ ورسائل كثيرة كتبها لمريديه، جمعها تلميذه الشيخ محمد بن العربي الدلائي في كتابه النور اللامع البراق في التعريف بالشيخ الحراق،كما جمع ابن القاضي نوازل وفتاوى الشيخ الحراق في جزء وتتبع تعاليقه، إضافة إلى حكم بليغة، وتقاييد عديدة،على بعض الآيات الكريمة و قصائد كثيرة ملحونية تغنى، توفي رحمه الله عام 1261ھ ودفن بتطوان بزاويته المشهورة،بالزاوية الحراقية،وهي لا زالت لحد الآن،مزارا لمريديه،وكافة الزوار الذين عرفوا قدره،وسمعوا بسيرته الطيبة،إذن كان هذا كل ما يتعلق بتعريف ومنشأ المؤلف ومرجعياته الإجتماعية والنفسية التي عاش من خلالها،وستفيدنا كثيرا في دراسة البعد الصوفي في قصيدته.

3- المتن المحلل :
صافي الحبيب تظفر بابديع نوارو
المقطع الأول:
صَافِي الحْبِيبْ تَظْفَرْ بابدِيع نْوارو
وَتْحُوزْ مَنْ بْهَاهْ إيمَارا
بِها تْنال مَن بين الخلق سْرَارو
وَتْعودْ للنْفوس طْهارا
المقطع الثاني :
ذِكْرْ حْقِيقْ للقَــلب اَدْوا
يَشفيه من سْقام وْهَامو
وَيْسير لْغَيْر السْوَى
وَيْلَذْ لو فيه مْنامو
به الوجود كُلّو يَضْوى
من غَسْقْ الهوى وَظلامو
المقطع الثالث :
يَسْعَدْ من اضْحى يَخلَع فيه اعْذَارو
وَيْدور في سْوَايَحْ الدارا
يَنْشَدْ فَ الحْبيب سْجالو وَشْعارو
وَالقَوْمْ من اهْواه اسْكارا
يا من بْغا وْصَالْ حْبيبو
اِفْنَى تْشُوفْ نور الحَضرا
وَارْقَ على الاكْوان تْصِيبو
يَغْنيك عَنهُم بْنَظرا
مَنْ كانْ ذا الحْبيبْ نْصيبو
مَنْ كل باس حالو يَبْرا
المقطع الرابع:
تَشرَق فالقلوب شْموسُ وَاقْمارو
وَتْجيه كُل وَقتْ بْشارا
مَنْ نال فْ المْحَبْ والصِدْقْ افْكَارو
يَشْعَلْ مَن ضْياهْ اِمْنارا
يَصْدَقْ فَ المْحَبْ حَالو
يَظْهَرْ في وْصافْ ايمَانو
وَيْلوحْ للعْبادْ جْمالو
لَوْ يَكْتَمْ طولْ زْمانو
يَنْفَقْ على حْبيبْ مَالُ
وَيْزيدْ مْهَجْتو وَابْدانو
المقطع الخامس :
دِيمَ تْراهْ بِينْ اُورادْ وَاذْكار
عَنْدُ فْكُلْ وَقْتْ عْمارا
يَخْشى تْفوتْ فالهَزْلْ جْميعْ اعْصارْ
وَيْضيعْ العُمُرْ خْسارا
المقطع السادس :
مَنْ هُو لْبيبْ فاطَنْ يا صاحْ
يَسْعى فْ صْلاَحْ مْقامو
وَيْبوحْ بَالْغْرامْ وَيَرْتاحْ
مَنْ كِيدْ الرْقيبْ وَمْلاَمو
هَذا الهْوَى صْعيبْ وْفَضاحْ
يَشْعَلْ فالقْلوبْ ضْرامو
بِهْ العْشيقْ يَتْقَلبْ فوقْ جْمارو
وَلاَ تْفيدْ فيهْ حْزَارَا
لِيلْ فِي غْرامْ يَفْني وَنْهارو
وَمْحَبّتْ الحْبيبْ تْجارا
4- التحليل السيكولوجي للقصيدة / الخطاب :
حدد أرسطو وظيفة المأساة بأنها تثير عاطفتي الخوف والشفقة وتحرر منهما فقال بنظرية التطهير التي ظهرت أهميتها مع التحليل النفسي الحديث الذي يبين أن الفن ومنه الأدب يحررنا كتابا وقراءً من كثير من الأزمات والاحتقانات النفسية ويشعرنا بالتحلل من نيرها، فنرتاح ونطمئن لأنه يساعد على تسريب المكبوتات بطريقة جميلة ومقبولة لدى الفرد ولدى الجماعة، فيكون ذلك التصعيد بمثابة التلقيح أو المعالجة بالمثل لأن تلك العقد أو الحوافز حينما تتصعد الى الإبداع تصبح من ضمن المعطيات الفنية أو المادة الأولية التي تتلبس بلبوسات جمالية مريحة ومؤثرة، ومن خلال القصيدة التي بين أيدينا تظهر الكثير من هذه الرغبات والدوافع النفسية وهي غالبا تستوطن اللاشعور وحمولاتها رمزية وغير واضحة،يقول سيدي محمد الحراق في مطلع مقاطع القصيدة :
صافي الحبيب تظفر بابديع نوارو **** وتحوز من بهاه إيمارا
بها تنال من بين الخلق سرارو **** وتعود للنفوس طهارا
وهي مقاطع تدل منذ البداية عن رغبة في حمل صفة لا يتصف بها عموم الناس هي النور،فالقول صافي الحبيب تظفر بابديع نوارو هو علامة دفينة مجردة لا تتحقق إلا بمستويات معينة يلعب فيها الخيال الدور المهم،وبما أنها كذلك فإن المؤلف يعرف أن الظفر بالنور لا يمكن أن يتحقق واقعيا إلا حينما ننظر بروح نفسية عميقة في الحبيب،وبما أن هذا الأخير غير موجود واقعيا أيضا فهو يحققها لاشعوريا من خلال تصويرها عن طريق الخيال،ولما يكمل ويقول وتحوز من بهاه إيمارا أي أن النظر في الحبيب والظفر بنوره يعطي للإنسان علامة تميزه عن باقي الناس،فرؤية النور مرتبطة بتحقق إشباع نفسي هدفه الوصول إلى العلامة/الإمارة التي هي بمثابة تميز،لكنها لا تتجلى إلا حينما يكون الحبيب بنوره موجودا الأمر الذي يجعل النفس تفرغ عملية الإشباع عن طريق اللاشعور لأنه هنا وسيلة لإشباع نقص حاصل داخل ذات المؤلف لأنه يثوق إلى ملئ هذا النقص،ولما يستمر في التسلسل ويقول بها تنال من بين الخلق سراروا فإنه يحيل مباشرة إلى أن رؤية النور وتحقق العلامة يمنح الروح سرا خفيا يمتد في الذات أيضا ليمنحها موتيفا أخر لتحقيق الرغبة،وتظهر هذه الأخيرة حينما يقول وتعود للنفوس طهارة ، مما يعني أن هذا الحبيب هو مثال للطهارة والنور والسر والإمارة ولا يمكن أن تتجمع هذه الصفات في الناس العاديين لأن النور مرتبط بالله تعالى،أما الطهارة فمرتبطة بتخليص الجسد و الروح من الدنس،أما السر والإمارة لا يمكن أن يمنحها الله لأي إنسان إلا للمقربين،ولما نبحث في الدين الإسلامي نجد أنها من صيفات الأنبياء والرسل،لذلك نستنتج منذ مطلع القصيدة أن المؤلف يرسل رسالة خفية غير ظاهرة يكون الدافع فيها هو الثوق إلى الوصول لدرجة عليا تجعله مقربا من الله تعالى ولكي يصل ضرب المثال بالحبيب وهو الرسول صل الله عليه وسلم رغم أن المؤلف لم يصرح في الأبيات باسمه،وهذا الإعتراف هو دليل لا شعوري عن أن شخصية المؤلف تعاني من ما سماه فرويد بعقدة النقص وملأها لا يمكن أن يحدث واقعيا بل تخييليا من خلال تقمص دور المرشد أو الناصح،لكن النصح والإرشاد يجعل من المؤلف إماما وشيخا له مكانة ودرجة في المجتمع الذي ينتمي إليه،لأن الذي يقدم النصح والرشد للناس يكون زاهدا وعاكفا وناسكا وله معرفة كبيرة بالله،وبالتالي نكتشف أن المؤلف له صفات غير عادية لا توجد في باقي الناس،وهو الأمر الذي يتماشى مع الجزء الأول للفرضية التي طرحناها،ولما نعود إلى مرجعياته نجدها فعلا تنغمس في الديني أكثر من الدنيوي،وهو أمر يحيلنا مباشرة إلا أن الخطاب الموجود في القصيدة موجه لفئة خاصة من الناس قد تكون هذه الفئة من المتصوفين،ولكي نعرف ذلك نعود إلى القصيدة فيقول:
ذكر حقيق للقلب ادوا **** يشفيه من سقام وهامو
ويسير لغير السوى **** ويلذ لو فيه منامو
به الوجود كلو يضوى **** من غسق الهوى وظلامو
في هذه الأبيات يظهر على أن المؤلف قد تخلص من حمولات الأبيات الأولى،فـــــقوله ذكر حقيق للقلب ادوا معناه أن شفاء النفس وخلاصها لا يمكن أن يتم إلا من خلال الذكر،وهذا الأخير شرط من شروط الصوفية بصفة عامة،لأن الذكر والسماع هو مرحلة أولى في سلم التعبد ،على اعتبار أن الوجد والخشوع لا يتحقق إلا بالذكر،لذلك قال متسلسلا يشفيه من سقام وهامو أي دواء للوهم والسقم،ويسترسل بالقول ويسير لغير السوى ويلذ لو فيه منامو كتعبير صريح عن أن هذا الذكر دواء لا محيد عنه وسبيل للرؤيا الرشـــــيدة منامو في إشارة إلى وجود البركة والكرامة،فالرؤيا بالنسبة للمؤلف هنا دليل على الولاء والمشيخة وهي مرتبطة دلاليا ورمزيا بالحلم/الرؤيا،وهذا ما يتبت في قــوله به الوجود كل يضوى من غسق الهوى وظلامو أي النفس لا يمكن أن تستقر وترتاح إلا أثناء الذكر لأن هذا الأخير هو النور الحقيقي الذي ينير طريق النفس ويزيل منها بواعث ظلام الحب الصادق،لكن السؤال هو لماذا استبدل المؤلف الصورة المضمرة والبليغة التي قدمها عن الرسول في الأبيات الأولى بصورة خفية أخرى تتعلق بالذكر،هل معناه أن نفسية المؤلف تتجاذبها بواعث نفسية أخرى تجمع بين حب الرسول وحب الذكر؟
يمنحنا التحليل النفسي هنا آلية لمعرفة ذلك هي ما سماها فرويد بالتكثيف الذي هو سلسلة متداعية مرتبطة بالمحتوى الكامن في الخطاب،وهو يتخذ هنا شكل الشخص والكلمة،والبحث عن معنى هذا التسلسل يكشف عن أن الكاتب لازال يتحدث عن شخص الرسول صل الله عليه وسلم الذي يحلم المؤلف أن يتميز بخاصية من خصائصه الربانية،وهنا يكشف اللاوعي عن اضمار عجيب، فــقوله ذكر حقيق للقلب ادوى لا يتعلق بالذكر كسماع وثلاوة بل أن لاوعي المؤلف كثف صورة الرسول وأعطاها معنى أخر لا يمكن أن يستنتج إلا بتتبع سلسلة التداعيات،فالأبيات الأولى والثانية متعارضتان في المعنى الظاهر لكنهما متسلسلاتان في المعنى الباطن،فالدواء من السقم والوهم والظلام كما جاء في المقطع الثاني هو الرسول وليس الذكر،إن عقدة النقص التي يعاني منها الكاتب هنا جعلته يكثف المعنى بشكل خفي كمحاولة لتمويه القارئ والتلاعب به،ولكي يملأ النقص بدون أن يظهره للغير،وهي في التحليل النفسي علامة على النرجسية وتفسيرها يحيل مباشرة إلى أن نفسية الكاتب غير سوية وغير متوازنة لأن طموحه للوصول إلى مرتبة الولاية لم يتحقق واقعيا وانما حاول تحقيقه عن طريق التخييل ويبقى بالنسبة إليه حلما مكبوتا،ويظهر التكثيف حينما يتسلسل في القصيدة ويقول :
يا سعد من اضحى يخلع فيه اعذارو **** ويدور في سوايح الدارا
ينشد ف الحبيب سجالو وشعارو **** والقوم من هواه سكارا
يا من بغا وصال حبيبو **** افنى تشوف نور الحضرا
وارق على الاكوان تصيبو **** يغنيك عنهم بنظرا
من كان ذا الحبيب نصيبو **** من كل باس حالو يبرا
وهنا نلاحظ كيف عاد الكاتب إلى ذكر الحبيب،وكيف خرج اللاشعور من التكثيف لينساق مع الدوافع النفسية التي تفصح عن جدال عميق في نفسيته، وهذا دليل عن أن القصيدة الأدبية في صورها واستعاراتها متناغمة مع البنية الحلمية المتراقصة، من هنا يصبح فهم الخطاب الشعري المضمر في أبعاده النفسية أشبه ما يكون بتفسير الأحلام أو بفك رموز اللغة الهيروغليفية، بمعنى أن يكون له معنى ظاهر قريب أو سطحي، ومعنى آخر خفي أو عميق وهو الذي نحاول من خلال التأويل أن نصل اليه لأن آليات الحُلم في "التكثيف" و"التحويل" و"التصعيد" وما الى ذلك هي نفس الآليات التي تعمل في الأدب بصورة أخرى ، وكلٌّ ذلك يُستمد من النفس القلقة المضطربة "الأمارة" التي تدفع بالحوافز والدوافع الى البحث عن مخرج أو تمثيل لها هنا أو هناك من خلال منطوق القول،فبعد أن كثف المؤلف المعنى أعاد تحويله إلى البعد الأول، فأضحينا نسمع كلمة الحبيب في المقطع الثالث بعد أن غابت في المقطع الثاني لكن بطريقة أكثر تصعيدا، ومعنى التكثيف والتحويل والتصعيد في التحليل النفسي يستمد من الكبت وهي عملية لا تحصل إلى خلال الحلم سواء كان حلم النوم أو اليقضة،وهو هنا في هذه القصيدة مرتبط بحلم اليقظة؛ يقول يا من بغا وصال احبيبو افنى تشوف نور الحضرا و يضيف في بيت أخر وارق على الكوان تصيبو يغنيك عنهم بنظرا ،لكن إذا أمكن وعدنا إلى الأبيات نجد كلمات الدارا،سكارا،الحضرا،النظرا تفصح عن حقل دلالي لا يتعلق بمستوى الكتابة الشعرية العادية لأن هذه المفاهيم لا تراج إلا داخل مجال الخطاب الشعري الصوفي،لأن هذه الكلمات تنتمي فعلا إلى قاموس المتصوفة الزاهدين، فالنظرا هي الوجد وليس البصر،و الدارا هي الجنة وليس المنزل،و كلمــــــة سكارا لا تتعلق بشرب الخمر وإنما بخمريات التصوف التي ترتبط بالحب الإلهي،أما كلمة الحضرا فهي شرط من شروط التصوف ومرحلة من مراحل التماهي مع الذات الإلهية،وهنا نكتشف انطلاقا من التحليل النفسي التداخل القائم في المعنى بين حب الله وحب الرسول انطلاقا من مرجعيات يكون فيها التصوف حاضرا،مما يجعلنا نطرح سؤالا مفاده،هل حلم الكاتب هو أن يصل إلى مرتبة عليا في التصوف أم حلمه أن يصل إلى حب الحبيب محمد صل الله عليه وسلم أو حب الله أنطلاقا من مثال الرسول الذي يتقمصه ؟ ربما يتداخل المعنى،لكن لنعد إلى التسلسل في القصيدة فيقول:
تشرق شموسو واقمارو **** وتجيه كل وقت بشارا
من نال ف المحب والصدق وافكارو **** يشعل من ضياه منارا
يصدق ف المحب حالو **** يظهر ف وصاف ايمانو
ويلوح للعباد جمالو **** لو يكتم طول زمانو
ينفق على حبيب مالو **** ويزيد مهجتو وابدانو
في هذا المقطع فإننا فعلا نعثر على سمة نفسية متميزة،وهي تأكيد لا محيد عنه لباقي الإستنتاجات التي خلصنا إليها،يقول المؤلف تـــشرق شموسو واقمارو وتجيه كل وقت بشارا في إشارة إلى الرسول الكريم،وهو بيت يتبث فعلا أن المؤلف يكن حبا خاصا للرسول صل الله عليه وسلم إلى غاية السكر والوجد،لكن لو نظرنا بشيئ من الدقة لهذا البيت فإننا نجده بيتا غير عادي،كيف يمكن ربط البشارا بشروق الشمس والقمر ؟ وكيف يمكن تشبيه نور انسان ما بالقمر والشمس؟ هنا يتين أن نفسية المؤلف غير متجانسة وتنزاح إلى معاني غريبة لا معنى لها في الواقع،وفي هذه الحالة يقول فرويد أن سيكولوجية الإنسان في حالة عدم استقرارها تستبدل أثناء الحلم معاني واقعية منطقية بمعاني معقدة غير واقعية وهي ما سماها فرويد تقنية الإزاحة وهي في تفسير أكثر دقة تصور لا معنى له في الظاهر غير أنه يحمل كثافة بصرية وشحنة عاطفية مدهشتين يتلقاهما هذا التصور من تصور أخر يرتبط به بسلسلة من التداعيات،فالعاطفة مثلا تنفصل عن التصور الأصلي المبرر لها وتنزاح إلى تصور أخر لا علاقة لها به،وهذا ما يجعلها تظهر بصورة غيرمفهومة،هنا يمكن القول أن النظرا والحضرا و الدارا والسكارا ما هي إلا مفاهيم صوفية تدل على الحب العميق الذي يدل على روعة الإله والخالق،ولكي تتبث النفس هذا الحب وتفصح عنه إنزاحت إلى معاني غريبة من حيث الشكل لكنها متناغمة من حيث المضمون وهو فعلا ما نجده في البيت المذكور تـــشرق شموسو واقمارو وتجيه كل وقت بشارا لكن تتوضح الصورة أكثر حينما يتسلسل ويقول من نال ف المحب والصدق أفكارو يشعل من ضياه منارا فالبيت الأول بيت غريب في تصويره أما الثاني فهو بيت عادي يدل على صفات من صفات الرسول الذي لو أخد أي متصوف منها لكانت حياته نورا وضياءا،ثم يتسلسل في القــــــــول يصدق ف المحب حالو يظهر ف أوصاف ايمانو،ويلوح للعباد جمالو لو يكتم طول زمانو،ينفق على حبيب مالو ويزيد مهجتو وبدانو وهو تسلسل عادي يفصح عن معان متعددة تلعب فيهم العاطفة دورا كبيرا،يقول متسلسلا :
ديما تراه بين اوراد واذكار **** عندِ فكل وقت عمارا
يخشى تفوت فالهزل جميع اعصارُ **** ويضيع العُمر خسارا
في هذا المقطع يعود المؤلف ليصور لنا معاني غير سليمة من حيث التسلسل الظاهر رغم أنها في المعنى الباطن من خلال سلسلة التداعيات سليمة،فالأوراد والأذكار في البيت السابق دليل على التعبد الدائم وهو صفة من صفات المتصوفة الزهاد،لكن كيف يمكن رؤية الرسول صل الله عليه وسلم من خلال تلك الأوراد والأذكار،لأن ذلك يتطلب مرتبة روحانية غير عادية ؟ بل أكثر من هذا كيف تتحقق الرؤيا/الحلم/النظر من خلال تلك الأذكار خصوصا أن المؤلف لم يعش في زمن الرسول ؟ إننا إذا أمام صورة نفسية عميقة غير متجانسة يفضحها الحلم عن طريق اللغة اللاواعية،فاللاوعي جعل المؤلف يفصح عن رغبته المكبوثه ( حمل صفة من صفات الرسول ومن ثم رؤية الله ) ولتفريغ هذه الرغبة لجأ إلى التخييل مما نتج عنه خطاب غير مفهوم،لا نكاد نعثر على معناه إلا إذا رجعنا إلى قواميس المتصوفة،فالزمن هنا غائب والمكان غير موجود لكن التخييل لعب دوره رغم هذا التردد في المعنى،ويظهر التخييل واضحا حينما نستعين بإحدى الآليات التي وضعها فرويد في تحليل سيكولوجية الإنسان المبدع وهي قابلية التصوير حيث تتحول الأفكار اللاواعية إلى صور لأن الحلم إنتاج بصري يفرض نفسه على الحالم كمشهد حالي،فالأفكار التجريدية تنمو ببدائل مصورة،وهي ما حدث تماما من خلال تلك الأبيات،لقد خضع المؤلف جبرا للضغط النفسي الناتج عن سيكولوجية غير متجانسة تنزاح إلى الإبهام مرة،والتصوير مرة أخرى،مما يتيح لنا كمحللين أن نؤول هذه العملية طبقا لسنريوهات كثيرة وهو ما يسميه فرويد الإرصان الثانويL’élaboration Secondair ،وهو أمر يحدث كثيرا حتى في الأدب الرسمي حيث يصبح الكاتب خاضعا لحلمه ومن ثم لا ينفك أن يكتب أبياتا غريبة لا معنى لها في الظاهر(الإزاحة،الإستعارة،التصوير،الرمز،،،) وتتطلب تفسيرات كثيرة وعميقة تكون حلولا لمعرفة الرغبات النفسية للمؤلف وإشباعاثه سيما أن الإبداع هنا هو إشباع نفسي للبواعث والأحاسيس النفسية المكبوتة.
لكن ونحن نستمر في التحليل نجد أن المؤلف بعدما كان غارقا في الحلم،سرعان ما عاد إلى وعيه ليثبت فعلا أن الحالة التي كان يعيشها تشبه تماما ذلك الشخص الذي يحلم بحلم وهو يقظ ومن تم يتعرض للصدمة فيستفيق من حالته الجنونية التي تتحول بدورها إلى نصح وإرشاد ،نقرأ في المقطع الأخير مايلي:
من هو لبيب فاطن يا صاح **** يسعى ف صلاح مقامو
ويبوح بالغرام ويرتاح **** من كيد الرقيب وملامو
هذا الهوى صعيب وفضاح **** يشعل فالقلوب ضرامو
به العشيق يتقلب فوق جمارو **** ولا تفيد فيه حزارا
ليل في غرام يفني ونهارو **** ومحبت الحبيب تجارا
وفي هذه الأبيات نعثر فعلا عن سمات نفسية خاصة،هي أولا استسلام للواقع الذي يعيشه الفرد بين نفسه وخالقه،وهو بمتابة إرشاد ديني يأخذ صفة النصح من هو لبيب يا صاح يسعى ف صلاح مقامو وهو أيضا يضمن اعتراف خاصا لمحبة الله تعالى يبوح بالغرام ويرتاح من كيد الرقيب وملامو،هذا الهوا صعيب وفضاح يشعل فالقلوب ضرامو في إشارة إلى أن التعبد والزهد والتصوف بصفة عامة خاصية لا يقدر عليها الإنسان العادي إذ تتطلب قوة وصبر عتيدين،وهي دلالة في النقد النفسي عن النرجسية وتتوضح في البيت الموالي به العشيق يتقلب فوق جمارو ولا تفيد فيه حزارا إذ يعتبر مجال التصوف مجال الجد والمـــــعقولية وهذا ما تفيده كلمة حزارا وهي بالإضافة إلى الكلمات الأخـــــرى المقام،الغرام،الرقيب،الهوى،العشيق،الحزارا تنتمي إلى قاموس التصوف إذ تتخذ معنى غير معناها الأصلي المتداول بين العامة،لكن المؤلف بعدما استفاق من حلمه/رؤياه يضعنا مرة أخرى في جدلية بين الإفصاح عن حب الله وحب الرسول الكريم،في هذا المقطع يظهر المؤلف أنه يتكلم عن الحب الإلهي لكنه يعود في البيت الأخير ليقول ليل في غرام يفني ونهارو ومحبت الحبيب تجارا أي أن محبة الرسول صل الله عليهم وسلم هي الوسيط لبلوغ جاه الله تعالى،وهي إحدى خصائص المتصوفة الذين يعملون على التكرم بأخلاق الرسول وبعض من صفاته.
وبالتالي نخلص إلى القول من خلال القصيدة موضع التحليل:
- أن القصيدة غير عادية فعلا نظرا لأنها تحمل صفات دلالية لا يتصف بها الإنسان العادي وهي تنحو إلى اتجاه التصوف،حيث تظهر رمزية الخطاب الصوفي بشكل واضح من خلال الدلالات المعجمية التي كشفنا عنها.
- أن الخطاب داخل نسق القصيدة يحمل تيمة إرشادية تأخذ صفة النصح والوعظ ذات نفحة متعالية ناتجة كما استنتجنا عن عقدة النرجسية.
- ثم أنها تتوفر على كوكبة من المفردات اللغوية المُضمِرة لخطاب صعب ومليء بالترميزات لا يمكن لأي كان أن يكتبها إلا إذا كان يتمتع بصفات معينة تنتمي إلى مجال معين أو منغمس فيه؛وهو هنا مجال التصوف، زد على ذلك أن البنى المضمرة داخل الخطاب/النص هي بنى لا علاقة لها بالواقع إذ يتحكم فيها عاملا التخييل/الحلم الذي أفرز المنطوق/القصيدة في زمن مختلف ومكان متعدد ناتج عن دوافع نفسية ولاشعورية تعتمد الكثير من الإيحاءات المبطنة وهي في كما خلصنا ناتجة أيضا عن عقدة النقص.

لائحة المصادر والمراجع
-;- القرآن الكريم
أولا: الكتب:
1- المصادر:
1. امبرتو إيكو : السيميائية وفلسفة اللغة ، ترجمة أحمد أصمعي ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت-لبنان ،الطبعة الأولى 2009.
2. أحمد سهو م: الملحون المغربي ، منشورات شؤون ثقافية ، طبعة الثانية 1993.
3. جان بياجيه: البنيوية ، ترجمة: عارف منيمنه و بشير أوبري، منشورات عويدات، بيروت-لبنان، الطبعة الرابعة 1985م .
4. روبرت شولز: البنيوية في الأدب ، ترجمة: حنا عبود، منشورات اتحاد الكتّاب العرب، الطبعة السابعة 1977م .
5. رومان جاكبسون ، قضايا شعرية ، تر محمد الولي و مبارك حنوز، المعرفة الأدبية دار توبقال للنشر ، 1988
6. رامان سلدان ، النظرية الأدبية المعاصر ، تر جابر عصفور ، سلسلة آفاق الترجمة ،الهيئة العامة لقصور الثقافة، ط 2، 1996
7. سيغموند فرويد : المدخل إلى التحليل النفسي ،ترجمة جورج طرابيشي،دار الطليعة ، بيروت-لبنان ، الطبعة الأولى أيار/مايو 1980.
8. صلاح فضل: مناهج النقد المعاصر ، دار الأفاق العربية، القاهرة-مصر، الطبعة الأولى1997م .
9. صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي ، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد-العراق، الطبعة الثالثة 1987م.
10. ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، منشورات محمد علي بيضون لنشر كتب السنة والجماعة، دار الكتب العلمية، طبعة 2000.
11. عباس الجراري : القصيدة ، مكتبة الطالب – الرباط ، طبعة 1970.
12. عز الدين المناصرة : علم الشعريات (قراءة مونتاجية في أدبية الأدب) ، دار مجلاوي، عمان، ط12007م.
13. كلود ليفي شتراوس : الإنثروبولوجيا البنيوية ، ترجمة مصطفى صالح ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي ،دمشق ،1977
14. محمد الفاسي: معلمة الملحون ، الجزء 3 ، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية.
15. محمد بن الصغير : بناء القصيدة الصوفية في الشعر المغربي:أحمد التستاوتي نموذجا ، مطبعة بني يزناسن_سلا-المغرب الطبعة الأولى 1423ه/2003م.
16. محمد الحراق : من أنوار تجليات الملك الخلاق ، تحقيق عبد السلام العمراني الخالدي ، دار الكتب العلمية- بيروت-لبنان ، الطبعة الأولى 2007.
2- المراجع:
1. أبو العباس أحمد الرهوني : عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ، تحقيق: جعفر بن الحاج السلمي، مطبعة الخليج العربي-تطوان، ج:4، طبعة 2003.
2. آمنة بلعلى: تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة ، مطبعة أمل ، الطبعة الأولى 2009 .
3. أيمن حمدى: قاموس المصطلحات الصوفية ، دراسة ثراثية مع شرح اصطلاحات أهل الصفاء من كلام خاتم الأولياء، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، عبده غريب،الطبعة الأولى 2000.
4. بسام قطوس : المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ، دار الوفاء ، الإسكندرية-مصر ، الطبعة الأولى 2006.
5. ج.و.ف. هيجل : فن الموسيقى ، ترجمة جورج طرابيشي ، دار الطليعة، بيروت-لبنان ، الطبعة الأولى 1980.
6. رفيق العجم : موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي ، مكتبة لبنان ناشرون، الطبعة الأولى 1999.
7. طيف زيتوني : معجم مصطلحات نقد الرواية ، مكتبة لبنان للنشر ، الطبعة الأولى 2002 .
8. عبد الله كوش : شعر الملحون بين ثقافتين العالمة و الشعبية ، تكريما للشيخ محمد بلكبير و احتفاء بالشاعر أحمد سهوم، وزارة الثقافة - المملكة المغربية، مراكش.
9. عبد الرزاق الكاثاني : معجم اصطلاحات الصوفية القسم الأول والثاني ، تحقيق وتقديم وتعليق عبد العال شاهين، دار المنار للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة- مصر، الطبعة الأولى 1992م.
10. عبد الله بن عتو: مقدمة للخطاب الصوفي المغربي الحديث:قضايا في المنهج والرؤية ،مطبعة الأمنية، الرباط- المغرب، طبعة .2008.
11. عباس الجيراري: في الإبداع الشعبي ، مطبعة دار المعارف الجديدة، الرباط- المغرب، الطبعة الأولى 1988.
12. صلاح فضل : مناهج النقد المعاصر ، دار إفريقيا الشرق ، المغرب ، طبعة 2002.
13. ديفيد ديتش : مناهج النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق ، ترجمة محمد يوسف نجم وإحسان عباس ، دار صادر ، بيروث-لبنان، طبعة 1967.
14. عبد الصمد بلكبير: شعر الملحون، الظاهرة ودلالتها ، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، ج 1 ، الطبعة الأولى دجنبر 2010..
15. عبد الله بن عبد القادر التليدي : المطرب بمشاهير أولياء المغرب ، دار الأمان للنشر والتوزيع، ودار البشائر الإسلامية- الرباط، طـــبعة 2003.
16. عدنان النحوي : الأسلوب والأسلوبية ، دار النحوي للنشر والتوزيع ، الرياض-السعودية، الطبعة الأولى 1999 م.
17. كمال بشر: التفكير اللغوي بين القديم و الجديد ، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ، طبعة 2005.
18. مصطفى الشادلي: الشعر الشفهي بالمغرب مقاربات ونصوص ، منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط، الطبعة الأولى سنة 2006.
19. محمد عزام : حليل الخطاب على ضوء المناهج النقدية الحداثية ،منشورات اتحاد كتاب العرب ،دمشق ،2003.
20. نبيلة إبراهيم: نقد الرواية من وجهة الدراسات اللغوية الحديثة ، مكتبة غريب، القاهرة- مصر،(د. ط)،(د. ت).
ثانيا : مجلات وجرائد وندوات:
1. عبد العزيز حمودة : المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد 232 ، الكويت 1998 م.
2. جريدة شؤون جماعية ، عدد 25 ، السنة 1993.
3. معلمة المغرب، ج 21، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 2005.
4. -فريد جحا: مصادر اللغة العربية ، مجلة الحياة الثقافية، عدد45، تونس، 1987.
5. .عبد العزيز بنعبد الله: الفكر الصوفي الإسلامي و أصوله ، مجلة اللسان العربي ، العدد 3 ، سنة 1965.
6. شعراء الملحون الدكاليون، مجلة المناهل .ع. 24 ، سنة1982.



#محمد_قروق_كركيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح الأمازيغي:من منبت الأصول إلى رياح التحديث
- تمثلات المرأة في الشعر الشعبي الجبلي بشمال المغرب
- فن أحيدوس بالمغرب: دلالات الإبداع ورمزية الحركات


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قروق كركيش - دراسة سيكولوجية للخطاب الصوفي في الملحون المغربي: نموذج قصيدة صافي الحبيب للشيخ محمد الحراق