|
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10(أ):
بشاراه أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4413 - 2014 / 4 / 3 - 08:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نواصل الرد على الإفتراءات التي يدعي فيها سامي الذيب أنَّه إكتشف، المئات من الأخطاء اللغوية والإنشائية، ثم إبتدع فرية أخرى سماها (خربطة) في القرآن، نافياً فن التقديم والتأخير في الأدب العربي، وقد أخرصناه بالأدلة والبراهين، وجئنا له بنماذج قليلة من فحول الشعراء الجاهليين في موضوع كامل أسميناه (التقديم والتأخير – إن كنت لا تدري فتلك مصيبة). عند الرابط (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=407824). إعتاد صاحبنا هذا مؤخراً أن يبدأ موضوعه، بعرض تعليق لأحد القراء أو القارءات، كمقدمة لصفحته التي باتت رتيبة، يبدأها بنفس العبارة السخيفة التي يكون قد بدأ بها موضوعه السابق،، ولكنه للأسف الشديد، لا يختار تعليقاً فيه شيء جديد ومختلف عن رتابته المملة، محاولاً تلفيقه وتزويره ليؤيد به إدعاءاته "المنهارة"، وقد جاء هذه المرة بتعليق غاية في الركاكة "مع إحترامنا الشديد لصاحبه"، فهو حر في ما يعلق به، ولعله معذور، ولكننا بصدد أمور جادة ومفصلية، وينبغي أن يكون بمستوى التطور النوعي والكمي للإفتراءات التي أطلقها وعجز عن متابعتها وملاحقتها وتحريكها من مربعها الأول الذي حبسناه فيه تماماً، وبنفس حرارة الموضوع الذي بات شاغلاً لأناسي كثير.
في موضوعه السابق كان قد حاول تزوير تعليق الأخ الكريم التاج، ولكننا لم نمهله طويلاً، فسرعان ما طوقناه بالحقائق التي قد أبقته دون المربع الأول بكثير. والآن قال بأن هناك قارئة كتبت له التعليق التالي: ((-- مرحبا، ان موقعك ومقالاتك اذهلتني «لان نظرية عدم ترتيب القران وخربطة آياته وسوره بفكر فيها من زمان» ولما شفت مقالاتك «كان نور كدا نور في وشي». انا عايز اقولك انا فكرت بالموضوع دا ازاي عشان الفت نظرك لحاجة مهمة. « كان عندي ابداع في الحفظ يعني مجرد ان افهم نص او قصيدة واربط تسلسله المنطقي السردي احفظه». فكنت بلاقي صعوبة شديدة في آيات القران. « مكنتش بفهم سبب النط من موضوع للتاني ». وبالتالي وهو دا الي عايزة الفت نظر حضرتك ليه « وقلته لأكتر من حد منهم محمود جمال » بيكتب في مصر مدنية « ان الآيات ضمن السور مخربطة جدا ». مثلا ««( سورة النساء بيكون يتكلم عن تعدد الزوجات وفجأة بينط لأهل الكتاب وخلافه معهم و"الردح" لهم بدون مبرر منطقي )»» و « في وسط الآيات فجأة يرجع يقول "(فلا تذروها لا مطلقة ولا معلقة" !! كدا وسط آيات اهل الكتاب )». لكن محمود جمال بيقولي « دا اسلوب ادبي لكن انا مش معاه لان القرآن مش شعر انما نثر موجه». بالتالي « لا معنى لترك موضوع وتقسيمه بين الآيات». طبعاً مثل هذه النماذج تستهوي الذيب، ويسيل لعابه حين يعثر على مثلها،، ولكن لغفلته الشديدة وغياب الملكة الفكرية الكافية عنده لإستثمار مثل هذه الوهاد العميقة التي يظنها فرصاً سانحة وأنها في صالح توجهه فما يلبث أن يتردى فيها بتضمينها في مقالاته ثم يستشهد بها بطريقته الصبيانية المخزية المعهودة. فلو كنت مكانه لأخضعت هذا التعليق لدراسة موضوعية ومنطقية ثم إستخلصت منه مادة يمكن أن تكون محور مماحكة ولجاجة و"تحريف"، أما وقد حشرها بهذه الطريقة، وتبنى فكرها وطرحها كما هو، فهذا يعني تطابق ما قيل فيها مع ما عنده من معتقد،، ولكن لعله سيكتشف أنه كان مخطئاً حقيقةً وسيندم عليه حيث لا ينفع الندم لأنه بهذا يكون قد دق مزيداً من المسامير في نعش مصداقيته المتآكلة المتهالكة المتداعية. فلننظر إلى تعليقه على هذه السائلة فيما يلي:
قال: تعليقي عليها: ((-- « تنطيط القرآن من موضوع إلى آخر» الذي تتكلم عنه الأخت الفاضلة « هو السبب الذي جعلني انفي عن القرآن صفة "كتاب" ». فالقرآن « في نظري كشكول مقطع الأوصال ». « ورغم أن هذا عيب كبير في النص القرآني »، فإني « لن آخذه في الاعتبار لكثرته المفجعة ». ومن يهمه الأمر ادعوه للرجوع لطبعتي العربية للقرآن وملاحظة الأقواس باللون الأحمر. كل همي هنا الأخطاء اللغوية والإنشائية ضمن الآية أو الآيتين --)).
طبعاً الآن قد عرض نموذجاً من الجهل المركب بالقرآن الكريم، في عرض هذه القارئة، وقد تبنى كل الفكر الذي أوردته بكامله وأكد على أنه يتفق معها ويتطابق رأيه مع رأيها تماماً،، فهذا بالنسبة لنا يكفي للتعامل معه بثبات أكثر لأنه قد بلور لنا معالم هامة جداً في فكره وشخصيته ومفاهيمه. وعليه سيكون هو المعني بردنا على القارئة وإعادة الصورة المقلوبة لديهما معاً إلى وضعها الصحيح، لنثبت للجميع أن صاحبنا يحاول التدليس ولكن ليس لديه الملكة الكافية لذلك.
وعليه، فإننا لا يمكن أن نتغاضى عن هذا التعليق الذي أورده صاحبنا عن قارئته ومن ثم فإننا سنرد على هذا الموضوع الجديد بموضوعين إثنين: 1. أحدهما بعنوان: (سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10/أ: )، سنناقش فيه مقاطع من سورة النساء التي أشارت إليها القارئة المذكورة، لنثبت لها أنها كانت من الخاطئين، 2. والثاني (سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء10/ب:)، الذي سنرد فيه على الأخطاء العشرة الجديدة المفترة التي لفقها صاحبنا كالعادة (من 81 إلى 90)، لنثبت له أكثر أنه كان من المسرفين، بإذن الله تعالى.
********************************************************
الآن نبدأ تعليقنا على ما قالته القارئة بتحليله أولاً، ثم نعلق عليه مع تحليل رد الذيب عليها فيما يلي:
أولاً: هذه صورة مأساوية لفصيل من المسلمين والمسلمات الذين جنى عليهم المجتمع المسلم المنتسب إلى الإسلام وهو في واقعه شتات من شتات أفرزه (غثاء السيل)،، حيث تنشأ الأسرة على الجهل التام بالدين ومقتضياته،، وفي مفهومهم أن الدين فقط أسماء إسلامية، وعلاقتهم بالقرآن ليست مباشرة بل عبر كتب عديدة لأشخاص إجتهدوا قبل مئات السنين وكتبوا إجتهاداتهم تلك على أنها تفسير للقرآن الكريم (من وجهة نظرهم الخاصة وفهمهم له في بيئتهم التي يعيشون فيها ومتطلبات الحياة وتنوعها لديهم آنذاك)، نسأل الله أن يجزيهم عليها خيراً بقدر إخلاصهم العمل له،، فخلف من بعضهم خلف كرثوا ذلك السياج المنيع حول القرآن وقد خدعوا الناس طويلاً بأن القرآن لا يمكن أن يُفْهَم إلَّا من خلال كتب التفسير والتي – حسب إيحاءاتهم - لا يمكن إستيعابها إلَّا عن طريقهم هم لأنهم حملة الدكتوراة والماجستير في التفسير،، فأصبح الشباب يتهيبون القرآن ويظنون أن الوحيد الذي يمكنه فهم القرآن هم أصحاب كتب التفسير والحاصلين على الشهادات العليا فيه،، وقد رأينا أعداداً كبيرة من العامة، بدلاً من أن يتعبدوا بتلاوة المصحف مباشرة، يلجأون إلى كتب التفسير فيتوهون وسط سلاسل من كلمة (أي)، التي تكاد لا تخلو منها آية واحدة، لذا سنجد كثير من هؤلاء الضحايا أمثال هذه السائلة، التي لا يسعنا إلَّا أن نحسن الظن بها ونحسبها ضحية والله أعلم بها.
والغريب في الأمر،، أنه لم يقع إختيارها إلَّا على "ألد أعداء القرآن الكريم على وجه البسيطة" فجاءته بسذاجة تشكي إليه مأساتها، فهي لم تجد أو تثق في أحد سوى الأستاذ محمود جمال، الذي – إن صدقت بأنه قال لها – (دا اسلوب ادبي)، وسكت على قولها له (القرآن نثر موجه)، نستطيع أن نتصور هذا النوع من الضياع في بلد "الأزهر", ذو العلماء الذين لم يسعفوا هذه القارئة فيبينوا لها دينها وكتابها العربي المبين،، مما جعلها تتقي الرمداء بالنار، فهي تسمع القرآن الكريم يُرتَّل للطرب والإستمتاع، على المقامات الموسيقية (السيكا)، و(النهاوند)، (والحجاز)،،، الخ، وتستمع إلى المستمعين للمقريء على المقاهي والمآتم، وهم يرددون عقب كل آية عبارة (اللـــــــــــــه!!!)، على وزن (... الله يا ست!!!)، دون فهم لمعاني الآيات في الغالب الأعم للكثيرين من أمثال هؤلاء المحسوبين على الإسلام وهم عبء عليه وغثاء سيل أزبد وأربد وطغى. فلنتابع ما قالته هذه القارئة لصاحبنا مستنجدة به لتتضاعف المأساة، فتلقفها بخيله ورجله.
أولاً: قالت له: مرحبا، ان موقعك ومقالاتك اذهلتني .... لماذا؟ ما الذي أزهلك لهذا الحد؟؟: 1. إعتبرت الإفتراءات السخيفة التي لا يصدقها هو نفسه بأنها "نظرية"،، فقالت له: (لان نظرية عدم ترتيب القران وخربطة آياته وسوره بفكر فيها من زمان) بهذه العامية الدارجة البسيطة، فهي إذن من بيئة غائب فيها الوعي الديني، فلم تجد حولها من تسأله عن ما أشكل عليها فهمه من إيات الله البينات،، وواضح من إسلوبها أنها لا تمتلك القدرة الكافية على فهم العربية الفصحى كما ينبغي، والأغرب من ذلك أنها "بتفكر فيها من زمان"، وبالتالي تناغمت ملكات الجهل بينهما لدرجة أنها لما شافت مقالاته الفاسدة المفسدة قالت (كان نور! كدا نور!!! في وشي)، لعلها تقصد (في وجهها). فسوف نريها أنها لم تر نوراً كما تظن وإنما رأت ناراً من حر السموم، وبوراً وزوراً. وواضح من كلامها أنها لم تكن تكترث لفهم القرآن لأنه لم يكن يمثل لها ضرورة حياتية هامة، فكانت تقرأه بتشكك، وبالتالي ... ومن الطبيعي أن يُحْجَب دونها وتحجب دونه، كما حُجِب عن صاحبنا الذي قرأه عشرات المرات فلم يمن الله تعالى عليه بقبس أو وميض من نوره، فكرث مكر الله، فرد خداعه للناس خداعاً له ولنفسه (وهو خادعهم)، لأن القرآن يقرأ بالقلب وليس بالشفاه والعين، هكذا إذاً,, قد تأكد لنا من أنها لم تكن حريصة على فهمه هذا ما بدا لنا راجحاً، والله وحده أعلم بها، 2. ثم قالت له: إنها فكرت بالموضوع عشان تلفت نظره لحاجة مهمة. .... (ترى ما هي هذه الحاجة المهمة ؟؟؟ ... قالت أنها تحفظ النص مجرد ما تفهمه و(كان عندها ابداع في الحفظ يعني مجرد ان تفهم نص او قصيدة وتربط تسلسله المنطقي السردي تحفظه)، إذاً فهي تريد أن تقول بأنها سريعة الحفظ للنصوص ما عدا القرآن. وهذا بالطبع يؤكد ما ذهبنا إليه في تحليلنا من ظاهر المعطيات، ولا نرجح أي من الإحتمالات الغيبية. 3. ثم قالت إنها (كانت تلاقي صعوبة شديدة في آيات القران) لأنها لم تكن تفهم سبب «النط» من موضوع للثاني،، وهذا ما يؤكد أميتها أو أنها محدودة المعرفة باللغة العربية هذا إذا إستبعدنا كونها غير راغبة أساساً في تدبر القرآن شأنها في ذلك شأن الكثيرين في يومنا هذا، من الذين ينتمون إلى الإسلام بشهادة الميلاد ليس هم فقط ولكن بعض أسلافهم إما عن جهل وأمية أو عن غفلة ومعصية وإعراض. لذا فإننا سنزيل الغبش في هذا الجانب بآيات الله البينات مباشرةً، وسنؤكد لها – بإذن الله - أنها لم تختر الطريق الصحيح وأنها مع صاحبنا لا يمكن أن ترى أي نور، بل هي ومضة من نار محرقة أومضها إبليس في وجهها. 4. ثم تقول أيضاً لصاحبنا: إنها قالت بما تشعر به لأكثر من شخص منهم (محموج جمال)، وأنها ترى أن الآيات ضمن السور مخربطة جداً، فضربت مثل بسورة النساء "تحديداً" قالت حرفياً: (سورة النساء بيكون يتكلم عن تعدد الزوجات وفجأة بينط لأهل الكتاب وخلافه معهم و"الردح" لهم بدون مبرر منطقي »» و « في وسط الآيات فجأة يرجع يقول "فلا تذروها لا مطلقة ولا معلقة" !! كدا وسط آيات اهل الكتاب). فكان للأسف مرجعها دائما شخص واحد فقط هو (محمود جمال) الذي لم يقل لها أنه مثلها لا يعرف ما يكفي عن تدبر آيات القرآن، ولكنه إكتفى بقوله لها: « دا اسلوب ادبي» لذا فهي تقول إنها غير مقتنعة برد جمال هذا بقولها: (لكن انا مش معاه لان القرآن مش شعر انما نثر موجه. بالتالي « لا معنى لترك موضوع وتقسيمه بين الآيات»).
تعليقنا على قولها – قبل أن نناقش رد صاحبنا عليها - هو الآتي: أولاً: واضح أن هذه القارئة ليست على علاقة طيبة بالقرآن، وهو لا يمثل بالنسبة لها أكثر من كتاب تقليدي فيه نصوص لا تجد من بينها ما يلزمها في حياتها التي كيفتها على ما لديها من ثقافة متنوعة بسيطة تفرضها البيئة التي يعيش فيها الإنسان التائه، كالحارس الذي لا يهمه إن كانت حراسته لمستودعات طبية أو مستودعات قطع غيار أو أدوات مكتبية،، لأنه في كل الحالات غير مطلوب منه أكثر من الحراسة، فهو غير معني مثلاً بتواريخ الصلاحية أو بأنواع القطع أو بإستخدامات تلك المواد الطبية وطريقة وكيفية حفظها، أو حتى طريقة إدارتها أو إحصاءاتها وأسعارها وتنوعها،،، الخ. فلو لم تكن كذلك فهي "كأنثى" لا يمكن أن تستقيم حياتها "شرعاً" خارج نطاق سورة النساء "تحديداً" فهي بمثابة دستور وصمام أمان للنساء خاصة. وتحتوي على كيانها وكنوزها التي لن تستطيع الأمم المتحدة ولا منظمات حقوق المرأة المدعاة أن تضمن لها ربعها،، وسنتطرق لهذه الحقيقة في حينها بموضوع خاص (في حوار مع هذه المنظمات).
ثانياً: واضح أن البيئة التي تعيش فيها ليس القرآن الكريم من أساسيات ومقتضيات الحياة العامة فيها من وعظ وإرشاد، وصلاة وصوم وزكاة، وسلوكيات عامة "إلَّا في الإطار التقليدي بحكم العادة"، وليس القرآن متداولاً بصورة كافية لدرجة أنها لم تجد أحداً فقيهاً أو قاريءً متدبراً ليغنيها عن إستشارة محمود التي أوصلتها على ما يبدوا إلى براثن الذيب، فزاد لديها الطين بلة، فرأت ومض ناره فظنته نوراً.
ثالثاً: كونها تلاقي صعوبة في قراءة القرآن الكريم، هذا أمر طبيعي وله أسباب كثيرة أغلبها ثقافي وتربوي وإستعداد نفسي وحضور فطري، وعدم فهمها للقرآن لا بد أن تكون له أعراض سالبة تزداد سوءاً كلما أقترب الشخص من دائرة الجهل المظلمة والعادة والتبلد، والمقصود بالجهل هنا (ليس أكاديمياً، وإنما ثقافياً ومعرفياً وفطرياً)، ومن أهم هذه التداعيات السالبة هي قلب الموازين فيظن ضحيتها أن الإنتقال من موضوع - بعد الفراغ منه - إلى موضوع آخر، أو إلى موضوع له علاقة مكملة للموضوع القائم هذا نوع من "التنطيط" على حد تعبير هذه القارئة ومفهوم شيخها الذيب. وفي هذه الحالة سنريها كيف أن القرآن ليس كما ظنت بل القرآن هو النور عينه والنور المادي يُشَبَّه به وليس العكس، وبعد أن نوضح لها ستجد نفسها أمام الطريق الذي رسمه لها الله تعالى على قدر ما بداخلها من صدق وشفافية، فإن ظلت ترى في نفق الذيب المظلم نوراً في وجهها، فلها ما إختارت لنفسها وليست مأسوفاً عليها،، ولتكمل مشوارها الذي إختارته لنفسها بنفسها. أما إذا عرفت أن النور لا يمكن أن يوجد إلَّا في القرآن الكريم، حينئذ ستعرف أن نفق الذيب لا ضوء فيه ولا برد ولا روح وريحان لأن الضوء سيشع من داخلها لشروق القرآن في قلبها ووجدانها، ونحسب أن الله كفيل بأن يقيض لها من يأخذ بيدها ويخرجها من دائرة محمود والذيب.
رابعاً: لقد قالت بما تشعر به لأكثر من شخص منهم (محمود جمال)، ولكنها للأسف لم توفق في إختيار الأشخاص المناسبين لمثل حالتها تلك، وكان الأولى بها أن تسأل إمام المسجد بدلاً عن جمال (إن كان له حضور)، هذا الذي لم يقدم لها ما يفيدها بل على ما يبدوا كان موقفه سالباً إما لجهل أو لتوجه أو ما يعلمه الله عنه، ولا يسعنا أن نخوض فيما لا تعرف لأنه غيب عنا، ولا يغني الظن عن الحق شيئاً.
وسيكون البند الأساسي في موضوعنا هذا هو تناول سورة النساء،،، "تحديداً" حيث أن القارئة أشارت إلى أجزاء منها تحديداً. لذا،، فإننا سنلخص النقاط التي أثارتها – بإعتبارها خارطة طريق لموضوعنا هذا - فيما يلي: 1. أنها تلاقي صعوبة في حفظ القرآن، 2. تظن أن هناك تنطيط في السورة، ولم تكن تفهم سبب النط من موضوع للثاني، 3. تظن أن الآيات ضمن السور مخربطة مثلا «( سورة النساء بيكون يتكلم عن تعدد الزوجات وفجأة بينط لأهل الكتاب وخلافه معهم و"الردح" لهم بدون مبرر منطقي )» 4. و تظن أن « في وسط الآيات فجأة يرجع يقول "(فلا تذروها لا مطلقة ولا معلقة" !! كدا وسط آيات اهل الكتاب )». 5. مرجعها هو محمود جمال الذي يقول لها (دا اسلوب ادبي)، لكنها ترى القرآن مش شعر انما (نثر موجه). بالتالي « لا معنى لترك موضوع وتقسيمه بين الآيات». فبعد عرضها لهذا الموضوع ستكون أمام إختيار صعب للغاية ومصيري بالنسبة لها.
سنبدأ بالتأكيد الموثق على أن القرآن ليس شعراً ولا نثراً ولا: أولاً: القرآن ليس شعراً ولا قول كاهن، كما أكد أن النبي محمد ليس شاعراً بل ولا ينبغي له أن يكون كذلك: قال تعالى في سورة الحاقة: (فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ 38)، (وَمَا لا تُبْصِرُونَ 39), (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ 40), (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ 41), (وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ 42), (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ 43)، وقال تعالى في سورة يس: ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ 69).
ثانياً: القرآن الكريم ليس من النثر، بل هو إسلوب أدبي خاص به لم تعهده العرب من قبل، علماً بأنه قد إستخدم فيه نفس مفرداتهم، ومصاغ بنفس تراكيبهم. وقد شهد له بذلك الأولون من الأعداء أمثال "أبو الوليد عتبة بن ربيعة"، والأصدقاء،، أمثال أنيس أخوا أبي ذر وغيره.
ثالثاً: كذلك من أقوال الآخرين وشهاداتهم: 1. الدكتور طه حسين، قال :ولكنكم تعلمون أن القرآن ليس نثراً، كما أنه ليس شعراً، إنما هو قرآن، ولا يمكن أن يسمَّى بغير هذا الاسم، ليس شعراً، وهذا وضح، فهو لم يتقيد بقيود الشعر، وليس نثراً،، لأنه مقيّد بقيود خاصة به، لا توجد في غيره، فهو ليس شعراً، ولا نثراً، ولكنه: « كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ »، فلسنا نستطيع أن نقول: إنه نثر، كما نص على أنه ليس شعراً . كان وحيدا في بابه، لم يكن قبله، ولم يكن بعده مثله، ولم يحاول أحد أن يأتي بمثله، وتحدى الناس أن يحاكوه، وأنذرهم أن لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً.
2. ألدكتور علي حسن العماري، في مقال له" حول إعجاز القرآن الكريم"، الذي نشر في مجلة « الجامعة الإسلامية » في ربيع ثاني 1394هـ عن نفي الشعر والنثر. قال فيه: فمشركو العرب ادَّعوا أن القرآن شعر، وادعوا أنه كهانة، ومعنى هذا أنْ شُبِّه القرآن عندهم بالشعر، وبكلام الكهان هو الذي يمكن أن يذيعوه، وهم حريصون على أن يقولوا ما يمكن أن يُصدّقوا فيه، فهم،، بذلك يُقِرُّونَ أنه ليس كسائر الكلام، وإنما هو نوع خاص منه، وقد نفى بعض فصحائهم أن يكون القرآن شعراً، أو أن يكون قول كاهن، كما نفى القرآن الكريم ذلك، فثبت أن القرآن في أسلوبه وطريقة أدائه ومبناه الكلي « مخالف لكلام العرب، ومتميز عنه »، وإن كانت ألفاظه ألفاظهم، وتراكيبه تراكيبهم . 3. ذكر عيسى بن علي الرماني " في رسالته « النكت في إعجاز القرآن » أن القرآن جاء بأسلوب جديد حيث قال « وأما نقض العادة » فإن العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة،، منها الشعر، ومنها السجع، ومنها الخطب، ومنها الرسائل، ومنها المنثور الذي يدور بين الناس في الحديث، فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن، تفوق كل طريقة. 4. قال أبو بكر الباقلاني: إنه نَظْمٌ خارج عن جميع وجوه النَّظْمِ المُعتاد في كلامهم، ومُباين لأساليب خطابهم، ومن ادعى ذلك « لم يكن له بدٌّ من أن يصحح أنه ليس من قبيل الشعر، ولا من قبيل السجع، ولا الكلام الموزون غير المقفى؛ لأن قوماً من كفار قريش ادعوا أنه شعر »، ومن الملحدة من يزعم أن فيه شعراً، ومن أهل الملة من يقول: إنه كلام مسجع، إلَّا أنه أفصح مما قد اعتادوه من أسجاعهم، ومنهم من يدعي أنه كلام موزون، فلا يخرج بذلك عما يتعارفونه من الخطاب.
إذاً، محمود جمال لم يكن دقيقاً في رده على القارئة العزيزة بقوله عن القرآن (دا اسلوب ادبي)، لأنه الأساليب الأدبية من تصانيف البشر، وكان الأجدر به أن يقول لها بأنه (اسلوب بياني خاص متفرد)، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى نقول لها (القرآن ليس نثراً) كما تظنين. فهو "بينات من الهدى والفرقان". الآن سنبدأ بتحليل مقاطع وآيات من سورة النساء، لتعرف القارئة أن صاحبنا قد دلس عليها وإستغل جهلها بأحكام تدبر القرآن والظروف البيئية الخاصة التي تكون قد ساعدت على ذلك الإلتباس والتشكك لديها ، بعدها سيكون الأمر أمامها واضحاً ومختلفاً تماماً عما كانت تعتقده، وأنه ليس صحيحاً بل على العكس تماما. لذا سنعالج الموضوع من محورين، المحور الأول لإثبات عدم وجود خربطة بين آيات وسور القرآن الكريم، والمحور الثاني لإثبات عدم صحة فرية التنطيط من مكان لمكان الذي إدعته القارئة وأمن عليه صاحبنا وتبناه:
المحور الأول: ضحد فرية الخربطة بين آيات القرآن بصفة عامة وبين آيات سورة النساء بصفة خاصة،، فنقول في ذلك وبالله التوفيق:
حوار مباشر مع سورة النساء:
الفصل الأول: في البداية تناولت السورة الكريمة مسألة المساواة بين الناس كلهم، وصيانة حقوق الضعفاء واليتامى والوارثين، وسوف نرى دقة الإحكام في الآيات ثم روعة تفصيلها المبين: قال تعالى مخاطباً كل البشر وكل الناس دون إي إستثناء، الذكور والإناث، والكبار والصغار على حد سواء، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود « إلَّا بالتقوى »، كلهم لآدم وآدم من تراب فكان المنهج كما يلي:
أولاً: طالبهم جميعاً بتقوى الله، لأنها الأساس والضامن لتحقيق الغاية وإلتزام التقيد بها وتنفيذها، والحفاظ على الحقوق العامة والخاصة، منها،، حق الأرحام، لأنهم جميعاً تحت رقابة الله تعالى مباشرة، فهو يسمع ويرى، وفي ذلك قال لكل البشر: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...) ذكوراً وإناثاً على حد سواء: 1. (اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ...)، 2. (... وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ...), 3. (... وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ...)، 4. (... وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ ...), 5. (... وَالأَرْحَامَ ...), هذه التقوى هي الأساس، ومطلوبة ومؤكد عليها لأن بدونها لن يستقيم عدل ولن يتحقق سلام، وسيراقبها الله ويحاسب عليها: (... إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1)،
إذاً،، المطلوب من كل البشر: تقوى الله أولاً، لضمان تحقيق المساواة الكاملة بين الناس عموماً وحفظ الحقوق كاملة.
ثانياً: بدأ بشريحة الضعفاء والمستضعفين من البشر، وذكر أولياء أمورهم بالتقوى، وأمرهم بأن يأتوا اليتامى أموالهم ولا يطمعوا فيها أو يبدلوا أموالهم الخبيثة بأموال اليتامى القصر أنانية وظلماً وطمعاً، ولا يحتالوا على ذلك بخلط أموالهم مع أموال اليتامى دون تمييز بين المالَيْنِ، وحذرهم من مغبة ذلك الفعل الشنيع،، فقال آمراً إياهم بقوله: 1. (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ...), بالأمر، 2. (... وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ...), فتأخذوا مالهم الطيب وتتركوا لهم مالكم الخبيث، 3. (... وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ...), بخلط المالين معاً ثم الصرف منه كيفما يتفق، فهذا يعتبر قمة الظلم والأنانية والتجني: (... إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا 2)، والله لن يسمح بذلك،
إذاً،، بتركيز وتفصيل أكثر، تناولت هذه الآية شريحة من البشر "ضعيفة" ومستضعفة، أو غالباً ما تكون "مستضعفة" بين الجبابرة والأقوياء، فعمل على مراقبة حقوقهم وحفظها وصيانتها،، بل والتحذير من مغبة مجرد محاولة الإعتداء عليها، لأن حقوقهم تحت رعاية الله تعالى نفسه،
ثالثاً: لمزيد من التركيز على عينة من هذه الشريحة الضعيفة هم الأيتام القصر والتفصيل في أحكامهم التي تضمن لهم حقوقهم وكيانهم وكرامتهم، فحذر الوصي على الطفلة القاصر اليتيمة من الطمع في مالها، وفيها هي نفسها، فكأنما قال له،، إحذر! فأنا الذي خلقتك أعلم ما توسوس به نفسك. قد يتآمر عليك الشيطان مع نفسك الأمارة فتطمع في مال هذه اليتيمة، خاصةً إذا كانت على قدر من الجمال،، فقد تحدثك نفسك أن تحوز على المال والجمال معاً بحجة الزواج "الشرعي" منها،، ولكن لا تنسى أنك تحت رقابة الله تعالى مباشرة، وتذكر مقتضيات "التقوى"، "فهو حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم"، ولا تنسى أن الله تعالى قد أمرك "بالقسط" في اليتامى، ولتكن مصلحتهم هي المحور الأساسي في كل تصرفاتك،
لذا وضع أمامه ضوابط وقيود تحكم تصرفاته وتجفف أمامه منابع الطمع والتحايل، لذا قال له ولأمثاله: فإن آنستم في أنفسكم القدرة على إلتزام ذلك القسط وكان زواجكم منهن لمصلحتهن و(برضائهن التام)، فلا بأس في ذلك ولكن إن شككتم في مقدرتكم على إلتزام القسط، فتحروا الزواج من غيرها فالنساء كثيرات غيرها فمأذون لكم بالزواج من غيرهن من النساء: واحدة أو إثنان أو ثلاثة أو اربعة كحد أقصى، ما دام ذلك سيبعد شبح الطمع والظلم عن تلك اليتيمة، ولكنه لم يترك له باب التعدد مفتوحاً فيتحول ظلمه إلى مدخل آخر لذا وضع له في هذا الخيار مزيد من الشروط فكأنما قال له (التعدد مرهون بالثقة في النفس الكاملة بالقدرة على العدل بين الزوجات)، إذاً ذلك التعدد فقط إن ضمنتم أنكم ستعدلوا بينهن، ،، وإلَّا فليس مسموحاً لكم بالتعدد بل تكتفوا بواحدة فقط، ولكن مع ذلك هناك بديل آخر يكون من ملك اليمين حتى لا يغلق دونه كل أبواب التحصن بالحلال، فلا يجد أمامه طريقاً آخر سوى السفاح والوقوع في الزنا،، لذا الله مفصلا ذلك قال: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ...)،،، فأمامكم الحلول التالية، إختاروا منها ما يناسبكم "بعيداً عن هذه اليتيمة القاصر: 1. (... فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ...), ولكن هناك ضوابط، 2. (... فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ...), لأن الذي لم يعدل جاء يوم القيامة وشقه ساقط، 3. (... أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...), إن كانت مملوكة أو مهداة، كل هذه الضوابط ليست تضييقاً عليكم، ولكن لحماية المجتمع من التظالم والتقاتل، وحدد التعدد بأربعة كحد أقصى ليتمكن الزوج من إدارة شئون الأبناء من تربية وتعليم ومعاش وسكنى ورقابة وتوجيه، لذا قال لهم: (... ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ 3)، فيصعب عليكم تربية الأبناء كثيري العدد وتعليمهم وتهذيبهم وتوفير الحياة الكريمة لهم.
إذاً،، هذه مرحلة أخرى من مراحل التسلسل والتصعيد لمسار التوجيه والترقي في توسيع دائرة الضوابط التي تقتضي التخصيص لكل شريحة من شرائح المجتمع، حتى يسهل معالجة دقائق الأمور المفصلية، ووضع المعايير لمقاومة مطامع النفس والتصدي للأنانية والإستضعاف والتجني على الضعيف والفقير واليتيم والمرأة من أهل الطول والسلطان والجبروت. واضح أنه ليس هناك تنطيط، وإنما تدرج في المعالجات من لدن حكيم عليم. فواضح أن سورة النساء هي محاصرة الرجل من كل ناحية، وكابحة لجماحه حتى لا يصول ويجول ويظلم بأنانية وكبر على من هم دونه وتحت سلطانه وولايته. لذا فهي جديرة بأن تسمى (سورة النساء)، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ثالثاً: بعد أن حَصَّنَ اليتيمة تماماً من طمع الوصي فيها وفي مالها (مذكراً إياه بالتقوى)، عن طريق التحايل بالزواج منها لمصلحته مدعياً أنه يعمل لمصلحتها ليبرر مطامعه،، تناول مدخلاً آخر قد يحاول الرجل ولوجه ليضيع حق النساء عن طريق الزواج دون أن يضمن لهن حقهن الشرعي في "الصداق"، وحتى إن أعطاها صداقها قبل الزواج، حذره الله وأغلظ عليه من مغبة الطمع فيه لاحقاً، فكأنما قال له "إياك أن تأخذ من صداقها شيئاً دون رضاها وعن طيب خاطر منها"، فإن لم ترض هي بكامل الرضى، وتسمح لك هي بأن تأخذ ما خصصته لك، فيحرم عليكم أخذ شيء من صداقها نهائياً،، لذا قال ... مشدداً: 1. (وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ...), عطاءاً خالصاً عن طيب نفس، فيصبح ملكاً خاصا لها لا أحد له حق التصرف فيه غيرها، 2. (... فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا 4)، حينئذ لا حرج عليكم في أخذه وأكله، ولأنه في هذه الحالة يؤصل المودة بين الزوجين عبر عنه الله تعالى بقوله (فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)،
إذاً،، يستمر التسلسل المنطقي والتفصيل المعجز في مناقشة النقاط الحساسة في العلاقات الأسرية بين أقطابها الأساسيين الزوج والزوجة، ووضع المعالجات والحلول في إسلوب رائع يخلب الألباب، ولا يزال منحازاً لجانب المرأة "إنحياز عدل وقسط" ليس فيه جور ولا تحيز ضد الرجل نفسه ولكن ضد مطامع الطامعين والذين لديهم نزعات شيطانية ونواقص إنسانية. على فكرة،،، لو فكرت أي إمرأة في أقصى أمنياتها لوجدتها في سورة النساء هذه، ولعلمت أنها في حصن حصين وتحت رعاية من لا يضل ولا ينسى. قال: (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
رابعاً: تولى حماية أموال الناس غير المأهَّلين لإدارتها لأنفسهم بأنفسهم، لسفه من إفراط ومجون وجنون وغباء وإعاقة وعجز،،، الخ، فمثل هؤلاء يتولى القضاء الحفاظ على أموالهم وممتلكاتهم بتعيين وصي عليهم يكون جديراً بصيانة هذا المال ومشهوداً له بالأمانة والنزاهة، ويكون تحت مراقبة وطائلة القانون (الشرعي) في الدنيا و (مقتضيات التقوى) في الآخرة،، فهذا يتصرف في المال بالطريقة التي يراها أفضل للحفاظ عليه وإخراج الزكاة منه وإستثماره لصالح صاحبه الموصى عليه،، لذا خاطب الله هذا الوصي قائلاً: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ...)، مع مراعات الضوابط التالية: 1. (... وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا ...),،، لاحظ أنه لم يقل "منها", 2. (... وَاكْسُوهُمْ ...), ولا تحقروهم أو تعاملونهم معاملة سيئة، بل: (... وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا 5)،
لأ أظن أن هذا التدرج المعجز في معالجة مشاكل الضعفاء والمستضعفين والمعذورين في المجتمع سواءً في الأسرة أو في المجتمع عموماً، ففي كل مرحلة تتسع الدائرة وتتصاعد الضوابط وتتنوع وفق الموقف والحاجة شاملاً الجوانب النفسية والفكرية وحريصاً على صفو ونقاء العلاقة البينية بين الأفراد والجماعات. فالآن إلى مزيد من المعالجات فيما يلي: خامساً: هذه المرة،، حدد الله تعالى فترة الوصاية على القصر « بالبلوغ » فما أن بلغ الموصى عليه سقطت الوصاية بإنتهاء سببها ومسببها، وبالتالي حذر الله الوصي من أن يتعمد إطالة أمد هذه الوصاية أو يتغافل عنه،، بل يجب عليه أن يتحرى بلوغ القُصَّرِ من وقت لآخر، فمتى ما تأكد له بلوعهم القدرة على إنجاب مثلهم، يدفع لهم أموالهم فوراً ولكن تحت ضوابط وشروط أساسية إذ لا يكفي البلوغ فقط، فلا بد أن يتأكد من أن مع البلوغ هناك (رشد)، وأهلية وقدرة على الحفاظ على هذا المال. لاحظ أنه قد شرع ووضع الضوابط لفاقدي الأهلية في الآية السابقة، فإن بلغ ولم تتوفر فيه الأهلية إستمرت الوصاية بالكيفية التي وردت هناك،، لذا قال: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ...)، وفق الشروط والضوابط التالية: 1. (... فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ...), فوراً دون إبطاء لزوال دواعي الوصاية، 2. (... وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا ...), فإن كان الوصي فقيراً، فليأكل بالمعروف، طبعاً أثناء فترة الوصاية، 3. (... وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ ...), ولكن، يجب أن لا يسرف في الأكل بغرض أخذ أكبر قدر منه مبكراً قبل أن يكبروا القاصر فيصير المال كله لهم ولا يستطيع بعدها أخذ شيء منه، فيسابق الزمن ليستحوذ على أكبر قدر ممكن من مال ذلك القاصر، 4. (... وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ...), ولا يأخذ من مال اليتيم أي شيء، ما دام أنه يملك ضرورياته، وليس فقيراً معوزاً، 5. (... وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ...), في الحد الأدنى بما يحقق أو يوفر الضروريات والأساسيات، 6. (... فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ ...), حتى تبرءوا دمتكم تفادياً للمغالطات والتشككات والإتهامات فيما بعد، فالله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فالله حسبكم: (... وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا 6)،
أذاً،، واضح توجه الترقي في الضوابط والمعايير اللآزمة لتحقيق أفضل الحلول والقواعد التي تحكم عملية الوصاية وكل ما يدور حولها من مقتضيات وإحتمالات، ثم وضع الحلول الناجعة لكل حالة (في إطار العدل والإنصاف والقسط). فمال اليتيم أصبح الآن مصاناً وتسليم الموصى عليه ماله عند بلوغه مقنن ويتم أمام شهود، فلا مجال للتناحر والتدابر ورفع الأمر إلى الحكام.
*******************************************************
الفصل الثاني: الميراث والوارثين، وتحديد أنصبة المستحقين: أولاً: بعد أن ضبط العلاقة المالية بين الأحياء وضمن لكل فرد حقه، كان لا بد من تطوير هذه الضوابط والمعايير لتشمل أيضا مصير المال بعد وفاة صاحبه، وأصحاب الحق فيه، فصاغ الضوابط الشرعية الملزمة للكل فيما يتعلق بالميراث، وبين بأن لكل من النساء والرجال نصيب من ميراث والديهم وأقاربهم المتوفين، قليلاً كان ذلك الإرث أم كثيراً. وقد بين لهم أن الله وحده قد تولى توزيع الميراث للمستحقين، فلا يد لأحد غيره في تغيير الأنصبة التي حددها هو لكل وارث،، لذا قال: 1. (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ...)، من الإرث، 2. (... وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ ...), منه أيضاً، الأنصبة محفوظة كمعايير للتقسيم لا تتغير بتباين مقدار الميراث نفسه، لذا قال: (... مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا 7).
ثانياً: قبل التقسيم هناك شريحة من الناس لا بد من لفت النظر إليهم "مسبقاً"، لأخذهم في الإعتبار عند تقسيم الميراث بين الورثة، حيث سيكون هناك من هذه الشريحة حضور لعملية التقسيم من أناس آخرين غير الورثة، من أقارب وفقراء ومساكين، فإن هؤلاء بالطبع ليس لهم نصيب في الميراث ولا حق "شرعي"، ولكن لفت الله النظر إلى ضرورة إرضائهم بما تجود به نفوس الورثة، على سبيل الصدقة، والتعامل الإنساني الكريم بين الناس، وفي ذلك قال: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ...)، من الآتي ذكرهم: 1. (... أُوْلُواْ الْقُرْبَى ...), أبناء الأعمام والعمات، وأبناء الأخوال والخالات،،، ممن لا ميراث لهم، 2. (... وَالْيَتَامَى ...), الذين لهم نظرة خاصة ووضع فريد في الإسلام، يكفي أن مس رأس اليتيم تعتبر صدقة وعمل صالح،، قال تعالى لنبيه الكريم (فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر، وأما بنعمة ربك فحدث)، 3. (... وَالْمَسَاكِينُ ...), وهو الذي دخله لا يكفي إحتياجاته الأساسية، فمن باب المعروف والتعاملات الإنسانية الكريمة، قال: (... « فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ » وَ « قُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا » 8)، وذَكَّر الوارثين بأنهم قد يتركوا وراءهم أيتاماً ضعافاً، مثل هؤلاء الأيتام والمساكين الذين حضروا قسمة ميراثهم، فإن كانوا يخشون على أبنائهم بعد موتهم فعليهم أن يرعوا هؤلاء الأيتام ويتصدقوا عليهم ليتصدق الآخرون على أيتامهم ومحتاجيهم بعد وفاتهم، لذا كانت هذه اللفتة الكريمة والمواجهة الوجدانية بقوله: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا 9). بعد هذه اللفة الكريمة يأتي دور التقسيم الذي إن لم تذكر قبله لما إلتفت الناس إليها لإنشغالهم بالغنيمة وصليل المال وتزاحم الآمال.
ثالثاً: ماذا لو طمع أحد في أموال اليتامى وأكلها كلها أو بعضها، وما الضمان الرادع من الله تعالى ليخاف هذا المعتدي من عاقبة ظلمه أمام الله تعالى، ويراجع نفسه بنفسه؟؟؟ ... قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ...) ... لن يتركهم الله تعالى يهنئون في الدنيا، لأنها ستعمل كما تعمل النار في بطونهم، ثم في الآخرة من المؤكد أنهم سيصلون سعيرا، قال: 1. (... إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ...), في الدنيا، 2. (... وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا 10)، في الآخرة،
إذاً،، وضع الله الضوابط والمحاذير واللفتات الكريمة قبل أن يدخل في عملية توزيع الميراث على مستحقيه وفق الأنصبة المفروضة من الله تعالى فلا يترك لأحد حق الإحتجاج أو الإعتراض.
رابعاً: ذكر الله تعالى فيما سبق أنه تولى توزيع الميراث بنفسه وفق معايير أعطت كل وارث نصيبه المفروض من الله تعالى، ولكنه لم يفصلها هناك،، فما هي هذه المعايير؟؟؟ قال تعالى مبيناً ذلك: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ ...)، في حالة توزيعكم للميراث بين الوارثين أن تلتزموا بالمعايير التالية: 1. (« فِي أَوْلادِكُمْ »: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ...), 2. (... « فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ »: فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ...), 3. (... « وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً »: فَلَهَا النِّصْفُ ...), 4. (... « وَلأَبَوَيْهِ »: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ « إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ » ...)، 5. (... « فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ »: فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ ...), 6. (... « فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ » فَلأُمِّهِ السُّدُسُ ...), ولا يتم التوزيع على الورثة إلَّا بعد خلاص ذمة المال الموروث من الإستحقاقات التي عليه، لذا قال: (... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ...), ولفت النظر إلى حقيقة غالباً ما تكون غائبة عن الكثيرين ولا يفكرون فيها، قال: (... آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ « لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا » - فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 11)،
إذاً،، تلك معايير تقسيم الميراث بالنسبة للأبوين مع أبنائهم،، فما هي الأنصبة والمعايير التي يوزع بها الميراث في الزوج أو في الزوجة؟؟؟ .... فلننظر ماذا قال الله تعالى في ذلك:
خامساً: تناول الله توزيع الأنصبة المفروضة في حالة ميراث الزوج في زوجته والزوجة في زوجها، فقال سبحانه وتعالى، إليكم المعايير فعليكم إلتزامها والعمل بها وهي كما يلي: 1. بالنسبة لميراث الزوج في زوجته، قال («وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ » ...) وفق الضوابط والشروط التالية: (أ): (... إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ...), تستحقون النصف، (ب): (... فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ...), وذلك بعد خلاص ذمة المال من إستحقاقات عليه: (... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ...) 2. وبالنسبة لميراث الوزجة في زوجها، قال: (... وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ...) وفق الضوابط والشروط التالية: (أ): (... إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ...), إستحقت الربع، (ب): (... فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ...), (... مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ...), 3. وبالنسبة الرجل أو المرأة الذين ليس لهم والدان، ولا أولاد ولا بنات، ويرثهم أقرباؤهم (يورثون كلالةً)، قال فيهم: (... وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ...)، يرثهم أقرباؤهم وفقا للضوابط والمعايير التالي: (أ): إن كان له أخ أو أخت، (... فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ...), (ب): إن كانوا أكثر من أخ أو أخت،، في هذه الحالة يوزع بينهم جميعاً الثلث، قال: (... فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ ...), ولكن لا يتم التوزيع إلَّا بعد براءة ذمة المال من الإستحقاقات التي عليه، قال: (... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ «« غَيْرَ مُضَارٍّ »» وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ 12).
أخيراً، وفي نهاية هذا الفصل، الله تعالى - محذراً كل الناس - قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ...)، يجب على الناس الإلتزام بها فلا يعتدوها لأن هناك حساب من عقاب وثواب: 1. (... وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ « يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ » خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 13)، 2. (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ « يُدْخِلْهُ نَارًا » خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ 14).
أكل هذا الإحكام (أوصال مقطعة و "كشكول") أيها الدعي الغبي المسطول؟، أكل هذا التأصيل والتفصيل والتقسيم والتنظيم والترتيب والتسلسل والتغلغل في كوامن النفس الأمارة بالسوء ،،، والمكافأة والتجريم والتحذير والتبشير، والتراحم،،،، خربطة وتنطيط أيها الغر العبيط؟؟؟
********************************************************
الفصل الثالث: التصدي للمشاكل الحساسة التي تعترض الحياة الزوجية خاصة تلك التي تهدد كيان الأسرة وتتعلق بالأعراض، قد فصلها الله تعالى تفصيلاً كاملاً دقيقاً وبين فيها أحكامه العادلة بين الطرفين، حفاظاً على هذه العلاقة التي يريدها الله تعالى في أكمل صورة ممكنة لذا بدأ الفصل بالحديث عن الزوجة كركن أصيل في الأسرة التي هي لبنة المجتمع وعاموده الفقري بقوله: أولاً: (وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ ...)، التهور غير مقبول من أحد،، فهناك ضوابط ومعايير حددها الله تعالى على الرجل إلتزامها والتصرف وفق توجيهاتها،، فقال: 1. (... فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ...), هذه الشهادة (عملياً) يستحيل تحقيقها وفق مواصفاتها الدقيقة التي حددها الشرع، لأنه سيترتب على عدم توفر شروطها في الشاهد تعرضه للجلد ثمانين جلده ، بل ولن تقبل له شهادة أبداً بعدها، 2. (... فَإِن شَهِدُواْ ...): (أ): فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ...), (ب): (... أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً 15)، طبعاً هذا الحكم قد نسخ، بعد أن جعل الله لهن سبيلاً وجاء الحد الثابت بعد ذلك.
ثانياً: بالنسبة للمرضى وضعاف النفوس من الرجال المخنثين "قاتلهم الله"، قال (وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ ...)، أيضاً هناك ضوابط ومعايير وأحكام تعالج هذه الظاهرة الإجتماعية والأخلاقية المتدنية البغيضة، فقال: 1. (... فَآذُوهُمَا ...), 2. (... فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا ...), (... إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا 16). أيضاً هذا الحكم قد نسخ، بعد أن وجاء الحد الثابت لهما بعد ذلك في آية أخرى.
إذاً،، تناول هذه العلاقة الحساسة والمعقدة، سليمها وسقيمها وتجاوزها، فنظمها ووضع الحلول والحدود لها، بكل دقة ووضوح، وقد جاء فيما سبق ذكر التوبة في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)، ولكن ما هي ضوابط وشروط ومقتضيات التوبة هذا؟؟؟ ... فلنتابع تفصيل ذلك فيما يلي:
ثالثاً: وفي التوبة "بصفة عامة"، فبين أن التوبة متاحة ولكن وفق ضوابط وشروط ومقتضيات لا بد من توفرها أولا، لذا: 1. أكدها، قال: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ « لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ » ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ «« فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ »» وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا 17)، 2. ونفاها، قال: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ « لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ» وَ « لاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ » - أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا 18)،
إذاً،، بعد أن تحدث عن الفاحشة المؤكد وقوعها، وبكل أنواعها،، والحلول والحدود اللازمة لعلاجها، كان لا بد من أن يتناولها أيضاً في حالة الشك غير المؤكد. فلنرى ماذا قال تعالى في ذلك فيما يلي: رابعاً: الشقاق بين الأزواج له إنعكاسات سالبة كثيرة وخطيرة، قد تتطور حتى تصل إلى الكراهية التي قد تولد نزعة للإنتقام أو التضييق خاصة من ناحية الزوج على زوجته، فإن ضعفت قيومية ورقابة الله تعالى في نفسه تَمَكَّنَ الشيطان من تلكم النفس الضعيفة وصور لها أنواعاً رهيبة من صور التضييق والإنتقام والتشفي،،، الخ، فكان لا بد من حماية أركان الأسرة بتشريع يكفي لإرجاع الأمور إلى نصابها وكبح جماح الهوى وتواطؤ النفس مع إبليس، فقال لهم إياكم وإتباع هوى النفس، فالمرأة عوان عندكم، وقد إستحللتم فروجهن بإذن الله تعالى، فلا تفتعلوا المآخذ لتسلبوا منها حقوقها، فالله رقيب على ما قد يدور في نفوسكم وقد أحضرت الأنفس الشح وحب المال الذي في الغالب يعمي "البصيرة" لذا خاطب الإيمان مباشرة قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ...): 1. (... لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا ...), كأن تبقوها في عصمتكم حتى تموت ثم ترثوها بإعتبارها ماتت في عصمتكم، 2. (... وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ...), حتى تضطروها إلى فداء نفسها بالمال لتتخلص منكم ومن قبضتكم الظالمة، 3. (... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ...), بأن تتقوا الله فيهن وتصبروا عليهن تقرباً إلى الله، ولكن قد يصعب عليكم الصبر عليهن لسبب أو لآخر، فهناك تحفيز للصبر عليها، قال فيه: (... فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا 19)،
إذاً،، قد يبلغ الشقاق بين الزوجين مداه أو يكون قد كرهها، لأي سبب، لدرجة إستحالة الإستمرار في هذه الحياة الزوجية التوعكة،، فما هي الحلول والبدائل دون ضرر ولا ضرار على الطرفين؟؟ ... فلنرى ما تفضل به الله تعالى على الناس بصفة عامة وعلى المرأة بصفة خاصة فيما يلي:
خامساً: ولكن، ماذا إذا إستحالت المعالجة ولم يستطع الزوج الصبر عليها وتحملها، ورأى أن الحل الأنسب له هو الزواج من غيرها؟ ... في هذه الحالة قال تعالى له ولأمثاله: (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا ...), عند الزواج منهن كمهر وهدايا،،، فلا حق لكم فيه بعد ذلك، ولن تستطيعوا إسترجاعه منها، لأسباب موضوعية ومنطقية، لذا قال: 1. (... « فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا » ..... « أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ؟؟؟» 20)، 2. ثم مستهجناً، سخافة التصرف غير الإنساني، قال: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ ...؟؟؟)، منها مرة أخرى؟: (أ): منطقياً: (... وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ...), (ب): وموضوعياً: (... وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا 21) والله شاهد على ذلك!!!
أهذا خربطة وأوصال مقطعة وكشكول أيها السَطَلِيُّ المخبول المهبول؟؟؟
********************************************************
الفصل الرابع: كان لا بد من تحديد النساء اللآتي يحل للرجل الزواج منهن واللآتي يحرم عليه الزواج منهن إما حرمة دائمة (كالأم والأخت بالنسب أو الرضاعة، والعمة والخالة وأُمِّ الزوجة وزوجة الأب ...)، أو حرمة مؤقتة (كأخت الزوجة التي في عصمته)، وقد فصل الله في هذا تفصيلا دقيقاً محكماً، حيث قال:
أولاً: التحذير من زواج زوجات الأب من حرائر أو إماء، قال: (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً 22)،
ثانياً: المحرمات من النساء، اللآتي يحرم على الرجل الزواج منهن، قال: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ...): 1. (... أُمَّهَاتُكُمْ ...), من النسب (اللآتي ولدنكم)، 2. (... وَبَنَاتُكُمْ ...), من أصلابكم، 3. (... وَأَخَوَاتُكُمْ ...), إما الشقيقات، أو من أب أو من أم، 4. (... وَعَمَّاتُكُمْ ...), أخوات الأب، 5. (... وَخَالاتُكُمْ ...), أخوات الأم، 6. (... وَبَنَاتُ الأَخِ ...), 7. (... وَبَنَاتُ الأُخْتِ ...), 8. (... وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ...), إذا ثبتت الرضاعة وتوفرت شروطها كاملة، 9. (... وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ ...), أيضاً إذا ثبتت الرضاعة وتوفرت شروطها كاملة، 10. (... وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ...), 11. (... وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي فِي حُجُورِكُم ...)، وفي ذلك تفصيل من حيث الدخول بأم الربيبة أو عدم الدخول بها، قال: (أ): (... مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ ...), فهذه يحرم الزواج بها، (ب): (... فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ...)، هذه لا يحرم الزواج منها، 12. (... وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ...), هذه الحرمة دائمة، 13. (... وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 23)، وهذه حرمة تستمر ما دامت إحدى الأخوات في عصمته، إذ يحرم عليه الجمع بين الأخوات في عصمته (كضرائر), 14. (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...), لأنها في عصمة زوج آخر، كل هذه التفاصيل هي: (... كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ...)، بشروط دقيقة وفي إطار الشرع، ووفق الشروط والضوابط التالية: (أ): (... أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ...), (ب): (... فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ...) ........... (... إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا 24)،
ثالثاً: ماذا سيكون حال المعسر الذي ليس له القدرة على تمويل زواجه من الحرائر؟ وكان عنده ملك يمين أو أهديت له أخرى؟؟؟ وما هو التشريع الذي يعالج مثل هذه الحالات؟؟؟ قال تعالى: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ...)، فهناك بدائل أخرى: 1. (... فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ...), ولكن هناك ضوابط وشروط: (أ): (... فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ...), (ب): (... وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ « مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ » وَ « لاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ » ...), (ج): (... فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 25)،
رابعاً: بين الله تعالى الغاية من كل هذا التشريع في الفصول الأربعة التي عرضناها كما فصلها الله تعالى، فحصر هذه الغاية في الآيات الثلاث التالية، 1. («يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ » وَ « يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ » وَ « يَتُوبَ عَلَيْكُمْ » - وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 26)، 2. (وَ « اللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ » وَ « يُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا » 27)، 3. (« يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ » - وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا 28)،
إذاً،، هذا الجزء من السورة الكريمة غطى كل التشاريع التي تحتاجها البشرية لتستقيم الحياة وتحفظ الحقوق تحت رقابة ومتابعة وتوجيه من لا هوى له ولا مصلحة ولا محاباة، ومن يملك النواصي والمهيمن على كل شيء، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
أهذا أوصال مقطعة وكشكول وخربطة وتنطيط؟؟؟ هل هذه القارئة التي إستفتت إبليس ألم تقرأ هذه الآيات من قبل؟ حتى إن كانت أميَّة لا تعرف القراءة ولا الكتابة فهذه ليست حجة سيقبلها منها الله تعالى، لأنه القائل في سورة القيامة: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16), (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ 17), (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ 18)، (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ 19)، (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ 20). فهل قرأت القرآن بثقة في أنه من عند الله أم كانت تقرؤه بتشكك وعدم إكتراث خاصة وأنها أكدت بأن تشككها طال أمده ولم تجهد نفسها لتسأل أهل الذكر فوقعت في أهل المكر والشر.
كما أن البدوي الأمي البسيط في البادية الذي لا يعرف سوى (السماء والأرض والجبال وإبِلِهِ)، قد إعتبر الله هذه الآيات الأربعة فقط كافية لتُقِيْمَ عليه الحجة إن لم يعرف الله بها ويتقيه. أنظر إلى قوله تعالى في سورة الغاشية لنبيه الكريم: 1. (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ 17)؟ ... فالبدوي بلا شك خبير في خصائص الإبل وتميزها عن غيرها من الأنعام، 2. (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ 18)؟؟ ... إذ يكفيه فقط أن يرفع رأسه لأعلى لينظر إليها متأملاً، فيعرف بها ربه ، 3. (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ 19)؟؟؟ ... فإذا أجال ببصره حوله رأى عظائمها في كل إتجاه وهي أوتاد شامخة راسخة، 4. (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ 20)؟؟؟ ... فهو يقف عليها، ويعرف الكثير عنها وعن كنوزها،
إذاً،، هذه الآيات فقط "عند الله تعالى" تكفي لإقامة الحجة عليه، فقال لنبيه الكريم، إن لم يؤمن بعدها دعه وشأنه ولا تشغل بالك به ودعه لمصيره الذي إرتضاه لنفسه، وقد إنتهت مهمتك التي كلفك الله بها إلى هذا الحد، لذا قال له: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ 21)، (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ 22)، (إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ-;- وَكَفَرَ 23)، فهذا لا شأن لك به وخارج مهمتك: (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ 24)، فهو أدرى به وبحاله ومآله، ولن يفلت من قضة ربه: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ 25)، (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم 26).
********************************************************
الفصل الخامس: تناول الله تعالى المعاملات بين الناس ومقتضياتها لضمان متانة العلاقات والتفاعلات بين الناس بمنتهى الثقة والود والأمن والأمانة والسلام ،،، الخ، فبدأ توجيهه لهم بالمعاملات المالية التي تدور أغلب مشاكل الناس بينهم حولها وبها:
أولاً: الله تعالى،، مخاطباً الصفوة من البشر، قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ...): 1. (... لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ...), 2. (... وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ...), لأن هذه الأعمال ستجعل حياتكم جحيماً: (... إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا 29)، وقد حذرهم من مغبة ذلك فقال: (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ « عُدْوَانًا وَظُلْمًا » - فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا - وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا 30)،
ثانياً: أضاف إليهم مزيد من التفصيل والترغيب، قال: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ...): 1. (... نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ...), 2. (... وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا 31)،
ثالثاً: ثم حذرهم، قال: (وَلاَ تَتَمَنَّوْا « مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ » ...)، لا حسد ولا غبطة، فلكل منكم نصيبه وحظه المكفول له فلا ينظر إلى ما في أيدي غيره، لأنه: 1. (... لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ ...), 2. (... وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ...)، فلا تنظر إلى ما في أيدي الناس بالحسد أو بالغبطة، فالذي أعطاهم هو الله، فلماذا لا تسأل الله بدلاً عن الحسد؟، لذا قال لهم: (... وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا 32)، بالإضافة إلى كل ذلك: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ - « مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ » وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ « فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ » - إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا 33)،
رابعاً: حدد مسئولية الرجل تجاه أهل بيته، وألزمه بالقوامة على النساء "تكليفاً"، لا يستطيع التملص منه أو إيكاله لغيره، قال في ذلك (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ...)، بشيئين إثنين: 1. (... بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ...), 2. (... وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ...)، فهناك نوعان من النساء، فبعضهن مطيعات يخشين الله تعالى ويتقينه، وأخريات ميالات للنشوز والعصيان والتمرد، فلكل نوع منهن لها تشريع يتناسب مع سلوكها: 1. (... فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ...) 2. (... وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ...)، فهناك معالجات يجب أن تتبع بنفس التسلسل الذي أورده الله في الآية لإعادتها للسلوك القويم الذي يوفر التراحم والتوادد: (أ): (... فَعِظُوهُنَّ ...), فإن لم تجد العظة نفعاً وتحل المشكلة أو تغير من مفهوم المرأة، فجربوا معها الحل الثاني، (ب): (... وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ...), لعل في هذا الهجر هزة عنيفة لكرامة المرأة فتجعلها تراجع نفسها مرة ومرات عديدة، وفي ذلك توجه أسرع نحو الحل، فإن أخفق هذا الحل، لم يصبح أمامه بُدُّ من اللجوء إلى الحل الأخير الذي غايته ليس الإهانة أو الإيذاء ولكن تحريكاً للموقف وإخراجه من حالة الجمود التي قد تنتهي بالطلاق في الغالب، لذا قال: (ج): (... وَاضْرِبُوهُنَّ ...), ولكن بشروط وضوابط مقيدة، فإذا أفاد أي من هذه الحلول الثلاثة، يجب على الزوج عدم التمادي في باقي الحلول، بل عليه أن يتوقف ما دام أنها قد تراجعت عن موقفها وإنصلح أمرها، قال تعالى في ذلك: (... فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ « فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً » إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا 34).
أما إذا إحتاج العلاج تدخل طرف خارجي للإصلاح بين الزوجين، وكانت هناك خشية من أن يتطور الخلاف إلى ما لا تحمد عقباه،، كان لا بد من وضع ضوابط وشروط يتحلى بها ويلتزمها الحكم، قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا ...)، فأبحثوا عن حكمين، أحدهما من أهلها والآخر من أهليه من الموثوق في حكمتهم وأمانتهم وعدلهم، على أن يكون الحكمين من الذين يحرصون على إصلاح ذات البين بين الزوجين، وأن تكون لديهم القدرة والحكمة الكافية والتنزه عن الهوى الشخصي، قال: (... فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا ...), هذين الحكمين إن كانا جادين ومقدرين للمهمة التي أوكلت إليهما، وكانا حريصين على الإصلاح، وفق الله بينهما وأوصلهما لإتفاق يكون لصالح الزوجين المتأزمين معاً دون ضرر ولا ضرار ولا تحيز، لذا قال عنهما: (... إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا - « يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا » - إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا 35).
********************************************************
الفصل السادس: السلوك القويمة في المعاملات العامة والخاصة بين البشر وربهم من جهة، وبين البشر وبعضهم بعضا من جهة أخرى: أولاً: قال تعالى في تحديد الحقوق، في إطارها العام: 1. (وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ...), 2. (... وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ...), 3. (... وَبِذِي الْقُرْبَى ...)، 4. (... وَالْيَتَامَى ...), 5. (... وَالْمَسَاكِينِ ...), 6. (... وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى 7. (... وَالْجَارِ الْجُنُبِ ...), 8. (... وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ ...), 9. (... وَابْنِ السَّبِيلِ ...), 10. (... وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ...), لأن الله رقيب عليكم ويريد التواضع وعدم التعالي بين الناس، ويمقت الكبر والخيلاء، قال: (... إِنَّ اللَّهَ « لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا » 36),
ثانياً: تحدث عن خصلة قبيحة هي غلظة القلب وغياب الرحمة من الشخص والإحساس بمعاناة الآخرين من الضعفاء والمساكين والمحتاجين، فحذر عن البخل و نفر من البخلاء مشجعاً التراحم والتكافل ومساعدة الضعيف والفقير والغارم، فقال مهدداً ومشنعاً بالبخلاء في أنفسهم ثم يأمرون غيرهم بالبخل أيضاً، تضييقاً على المحتاجين، قال: 1. (الَّذِينَ « يَبْخَلُونَ » وَ « يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ » وَ« يَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ » - وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا 37)، 2. (وَ « الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ » وَ « لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ » - وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا 38).
ثالثاً: ثم تناول الترغيب والترهيب حتى يلتزم الناس بتطبيق ما شرعه عليهم، فقال: 1. (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ « لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ » وَ « أَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ » - وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا 39)؟ 2. (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ – وَ « إِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا » وَ « يُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا » 40)، 3. (فَكَيْفَ « إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ » وَ « جِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا » 41)؟؟ ..... (يَوْمَئِذٍ « يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ » وَ « لاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا » 42).
إلى هنا غطت السورة كل المعاملات بين البشر مع بعضهم البعض بكل أنواع العلاقات، وحفظت لكل فرد أو جماعة حقوقهم كاملةً وألزمتهم بما عليهم من حقوق للآخرين، سواءاً أكانت العلاقة عامة أو خاصة، بتفصيل مزهل بعد إحكام لم يسقط أي حق لأحد ولم يسمح لأي أحد التحايل على أخذ أو هضم أو بخس حقوق الآخرين.
إنني هنا أتحدى (تحدياً مفتوحاً)، أن يستطيع أحد (أياً كان) بأن يأتي بصاحب حق من البشر أغفلته هذه الجزئية من هذه السورة الحريمة أو أن يأتي بأي شخص عليه حق لأخرين مادي أو معنوي لم تتضمن هذه الآيات القلائل من هذه السورة تشريعه بكامل تفاصيله في هذه الجزئية، بل وأتحدى أن يسطيع أحد من الإنس والجن أن يأتي بأعدل وأدق وأوثق مما ورد بهذه السورة العظيمة، خاصة فيما يتعلق بإنصاف المرأة والضعيف والمعذور.
*****************************************************
المحور الثاني: لإثبات عدم صحة فرية التنطيط من مكان لمكان الذي إدعته القارئة وأمن عليه صاحبنا وتبناه: هنا في هذا الجزء عبارة عن فتوى من المؤمنين سألوا منها النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه الفتوى متعلقة "تحديداً" بالنساء فجاء التنزيل بهذه الآيات البينات: الفتوى في النساء: سبق أن بين الله تعالى حكمه في يتامى النساء، في قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ-;- فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ-;- وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰ-;-لِكَ أَدْنَىٰ-;- أَلَّا تَعُولُوا 3), وقد ناقشناها بالتفصيل فيما سبق،، وهو حكم الله الذي لا يتغير أو يتبدل. ولكن هناك حالات (خاصة)، فيها إشكالية على الناس خاصة وأنهم قادمون من جاهلية لهم في ميراث يتامى النساء والمستضعفين من الولدان نظاماً ظالماً جائراً متسلطاً، وقد أبطله الله بهذه الآية. ولكن الصحابة كانوا قد إستفتوا النبي في المسائل التي من بينها هذه الحالات الثلاثة الخاصة التي كانوا في الجاهلية لا يورثون أصحابها، واليتيمة تُعْضَل. فأنزل الله تعالى قوله: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ...... 127)، فما هي القصة وكيف عولجت هذه الإشكالية وما رد الله تعالى على المشتفتين؟؟؟ أولاً: لقد كان الرجل في الجاهلية، الذي تكون عنده يتيمة، يُلْقِي عليها ثوبه، فإذا فعل بها ذلك، لن يقدر أحد أن يتزوجها أبدا، ويتحكم في مصيرها حسب هواه ومصلحته: فإن كانت جميلة ورغب فيها، تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة عَضِلَهَا، بأن يمنعها من الزواج من غيره إلى أن تموت، فيرثها.
ثانياً: كانوا في الجاهلية أيضاً لا يورِّثُون المستضعفين (من الصغار ذكوراً وإناثاً)، فيأكلوا أنصبتهم في الميراث، فنهى الله عن ذلك وبين أن لكلِ ذيْ سهمٍ سهمُهُ، وبالمعايير التي حددها الله في أول السورة آية 3،
ثالثاً: خصلة عدم قيام الوصي لليتامى بالقسط،، فالرجل إذا كانت في حجره يتيمة فإنه يحل له تزويجها. فتارة يرغب فيها ليتزوجها هو نفسه، وفي هذه الحالة أمره الله عز وجل أن يمهرها أسوة بأمثالها من النساء، فإن لم يفعل فليعْدِلْ إلى غيرها من النساء مثنى وثلاث ورباع،، وتارة أخرى يكون ألرجل راغباً عنها لدمامتها في نظره، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها بمنعها عن الزواج من غيره، خشية من الأزواج أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها. ولمعالجة كل هذه الإشكاليات والمظالم كان إستفتاء الصحابة للنبي صلى الله عليه وسليم إن كان هناك تشريع إضافي أو مختلف مع التشريع السابق، فرد الله تعالى عليهم بقوله: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ-;- عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ...)، وهو الحكم الذي مر بكم في صدر السورة نفسه، وتفصيله كما يلي: 1. (... فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ ...), يجب عليكم ألَّا تعضلوهن، فليتزوجن من غيركم من الرجال ويتصرفن في ميراثهن كيفما يشأن ولا سلطان لكم عليهن أو على ميراثهن. 2. (... وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ ...), في هذه الحالة، أمهروهن أسوة بأمثالها من النساء، 3. (... وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ ...), أدفعوا لهم أموالهم عند بلوغهم ورشدهم، 4. (... وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ-;- بِالْقِسْطِ ...), فلا تجعلوا مهرها بأقل من مهر أمثالها من النساء، مطلوب منكم أن تتقوا الله فيهم وتحسنوا إليهم: (... وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا 127) ... وهذا بمثابة تحفيذ لهم وتشجيع لفعل الخيرات وامتثال الأمر وأن الله عز وجل عالم بجميع ذلك ، وسيجزي عليه أوفر الجزاء.
إذاً،، الرد على الفتوى من الله تعالى أكدت لرسول الله وللمؤمنين المستفتين، أن الحكم هو نفسه الذي جاء في صدر السورة لا تبديل ولا تغيير، فاليتيمة حقها محفوظ ومصان وكامل، وكذلك المستضعفين من الولدان صغار السن كل له ميراثه كاملاً كما حدده الله تعالى سلفا.
في حالة تأزم العلاقة الزوجية، ولكن هذه المرأة الخوف من نشوز الزوج أو إعراضه، وقد تقدم أن نشوز الزوجة آلية علاجه (الوعظ، فالهجر، فالضرب، ثم التحكيم)، فكيف يكون علاج إحتمالية نشوز الزوج أو إعراضه؟؟؟
أولاً: قال تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ « خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا » ...), فما هي الإحتمالات التي تتوقعها الزوجة منه؟؟؟ 1. إما طلاقها، وقد تكون الطلقة الإخيرة لها، وبعدها ستبين منه، ولا رجعة لها، 2. أو الزواج عليها من إمرأة أخرى، وهذا معناه وجود (ضرة) منافسة لها فيه، فما هي الوسائل المتاحة لديها لمجابهة هذا النشوز أو الإعراض التي أصبحت كل القرائن تشير إلى دنوه ووقوعه في أية لحظة؟؟؟ ... يقدم الله لها الحل الأمثل في قوله: (... فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا « أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا » وَ « الصُّلْحُ خَيْرٌ » - وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ - وَ « إِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ » - فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا 128),
ثانياً: من المؤكد فإن أوثق الخيارات عند الرجل الناشز أو المعرض هو اللجوء إلى الزواج من أخرى خاصة إذا كانت أخريات في مخيلته ويتمنى الإرتباط بإحداهن، وقد يصده طلاق الأولى وجود روابط تصعب عملية الطلاق مثل الأبناء وظروف المرأة الإجتماعية،،، الخ، ولكن الله تعالى لم يتركه قبل أن يبين له أهم التداعيات التي سيواجهها عند ترجيح خيار التعدد، فكأنما قال له: (وَ « لَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ » - فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ – وَ « إِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ » - فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 129). فحذره من إحتمال إخفاقه في العدل بين الزوجات، ومخاطر هذا في الدنيا والآخرية، وفي نفس الوقت حفزه لمراجعة النفس والسعي في مراجعة والتفكير في خيار ألصلح مع تقوى الله.
إذاً،، حتى في حالة ميول الرجل للنشوز أو الإعراض، كان الله في جانب المرأة وحريصاً على مصلحتها، فنصحها بأنه ليس هناك أمامها أفضل من السعي للصلح ومحاولة إرضاء زوجها حتى ولو فدت نفسها بشيء من المال أو العروض،، وفي نفس الوقت قال للرجل نعم من حقك أن تطلق أو تعدد، ولكن إحذر من مغبة الفشل في العدل بين الزوجات، ثم قال له (لماذا لا تجرب الصلح وتتقي الله؟) فهو أفضل الخيارات الآمنة بالنسبة لك. ثم ترك الخيار لكل من الزوجين كل منهم يختار الذي يراه أنسب له ولكن كلاهما لن يجدوا أفضل من الصلح الذي إقترحه عليهم الله تعالى وترك لهم الخيار بحرية. ثالثاً: ماذا إذا إختاروا الفراق ولم ينجح الصلح ولا الفداء؟؟؟ ... ما هو الإجراء الشرعي المترتب على هذا الخيار؟؟؟ ... قال تعالى: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا 130), فلكل منهما أن يبحث له عن زوج آخر بالنسبة للرجل فوراً وبالنسبة للمرأة بعد قضاء عدتها الشرعية.
قال تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا 131), (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً 132), (إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا 133), (مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا 134), (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا 135),
صدق الله العظيم
تحية طيبة للقراء الكرام
بشاراه أحمد
#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء9:
-
التقديم والتأخير - إن كنت تدري فتلك مصيبة:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء8:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء7:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء6:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء5:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء4:
-
العلم - والأخلاق وآداب الحوار:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء3:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء2:
-
سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء1:
-
هؤلاء هم الرجال الذين أسسوا الدولة الإسلامية:
-
على الحكيم أن يكون عارفاً ... كي لا يسقط:
-
براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الثالث:
-
هل للاسلام إله غير اله اليهود:
-
تصحيح مفاهيم خاطئة (جزء 1):
-
براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الأول:
-
فّلْنَعُدْ إلَىْ رُشْدَنَاْ وَنُحَكِّمْ عُقُوْلَنَاْ:
-
الجُبُّ والجَّيْبُ والحِجَابُ في أدبيات الكَذَّابَ:
-
تعليقنا على: بين اسلام مكة واسلام المدينة:
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|