عديد نصار
الحوار المتمدن-العدد: 4412 - 2014 / 4 / 2 - 23:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يطلع على الخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة اللبنانية مؤخرا، وبالأخص ما يتعلق بمدينة طرابلس، والتي تتضمن نزع السلاح ومصادرة مستودعاته في جميع المناطق ابتداء من جبل محسن الى باب التبانة ومختلف الأحياء الأخرى، وعلى توقيف المطلوبين والذين صدرت بحقهم استنابات قضائية، وملاحقة المسلحين، يعتقد أنه وأخيرا تم الاتفاق على استئصال اسباب المعاناة التي أخذت من المدينة وأهلها من الوقت ومن الدم ومن انعدام الاستقرار أكثر بكثير ممّا تحتمل، إلى درجة بات سكان طرابلس أمام خيارين: إما نزولهم كبارا وصغارا ونساء وأطفالا الى الشارع لمواجهة الرصاص بصدورهم العارية، أو النزوح.
ولكن التأخر في المبادرة الى تنفيذ تلك الخطة، وتردد أنباء عن تواري أو سفر عدد من المطلوبين أو المتورطين في الأحداث، يطرح أكثر من علامة استفهام وعلامات تعجب عديدة. ولكن عندما نعرف أن القوى والعناصر المسلحة من كل الفرقاء المتورطين في الدم والخراب في طرابلس والذين حولوا المدينة بأهلها ومصالحهم الى رهائن، يحظون بالحصانة التامة والدعم المادي والتسليحي والغطاء السياسي من تلك الجهات نفسها التي توافقت على تشكيل الحكومة وفرضت مندوبيها في تشكيلتها، والتي أقرت تلك الخطة الأمنية ذاتها، يبطل العجب!
فالمهل الزمنية التي فصلت بين الإقرار والشروع في التنفيذ، والتي شهدت ولا تزال تشهد سقوط العديد من الضحايا في صفوف المواطنين وعناصر الجيش وقوى الأمن، يبدو أنها لا تهدف إلا الى الإفساح في المجال أمام الرؤوس الكبيرة من قادة العمل المسلح من كلا الطرفين للتواري، وكذلك لنقل العتاد والسلاح من المستودعات المعروفة الى أماكن ومخابئ جديدة في انتظار الوقت المناسب لعودة التوتير والاشتباكات، بحسب ما تمليه مصالح القوى السياسية – المافيوية المسيطرة ومقتضيات إنتاج وإعادة إنتاج توافقاتها وسيطرتها.
من هنا فلا رهان على إجراءات حكومية تقرها نفس القوى المسؤولة عن الانفلات الأمني والتي بات مصير استمرارها كقوى مسيطرة مرهونا باستمرار حالة عدم الاستقرار لأن ما تمارسه من فساد ونهب مكشوفين بات عاملا موحدا للمتضررين الذين يشكلون غالبية كبرى تُدفع دفعا الى هوة التهميش أو الهجرة، ولأن الاستقرار الأمني سيتيح لهؤلاء إمكانية التحرك والنزول الى الشارع وصولا الى المطالبة بإسقاط تلك القوى المافيوية المسيطرة.
فما جرى خلال الأسبوع الماضي من تحركات لعدد من القطاعات وأهمها إضراب الموظفين واعتصامهم أمام مبنى البرلمان بناء على دعوة هيئة التنسيق النقابية ليس إلا بداية المشوار.
#عديد_نصار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟