أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راشد الأحمد - لا أُريد لأحد أن ينقذني














المزيد.....


لا أُريد لأحد أن ينقذني


راشد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4412 - 2014 / 4 / 2 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


راشد الأحمد

بهذه الجملة التي تفتح الآفاق أمام كلّ الاحتمالات، يُسمّي الشّاعر السّوريّ /عارف حمزة/ مجموعته الشّعريّة الجديدة ،بين صفحاتها مآسٍ ،بنزعة غريبة عجيبة ،وجمل لغويّة فيها من المواربة الكثير الكثير ،يلكزُ قلب الكلمة،ويربت مؤخّرتها لصنعِ جملته ،الكلمة هنا تتكلّم من تلقاء نفسها ،هذا العمل هو عمله السّابع ،صادر عن دار الغاوون في بيروت ،يرسم فيها ألواح تشكيليّة من الحالة الإنسانيّة، لتخرج من الشّوارع ،والفروع الأمنيّة ،وسطوح الأبنية ،وأخرى على شكل بندقية تواجه طفل ،وغيرها الكثير من اللوحات بحالات عديدة، وشخوص مختلفة ،تجتاز نفسها بشكل أكبر من الحالة في تجربته الشّعريّة ،التي تظهر فيها الموهبة بدرجات أكثر من تفاصيل اليوميات ،كما اعتدناه في الكثير من الأعمال النثريّة ،ومن وهج الحكايات الّتي ينسجون حولها في زمن التعليب الأنثوي ،بلعبة باتت روتينيّة ؛استطاع حمزة أن يضيف بأدواته الخاصّة إضافات كثيرة ،ليس بالوجع الذي يعم على القصائد ،كما في عمله السّابق /قرب كنيسة السّريان/ فهنا الحوار بين سطور القصائد نفسها ،يجعلك تشارك الحوارات التي تبدو لغزاً بألف حل ،بعد أن يضعنا أمام عدّة تأويلات وخيارات ،فتارةً تظن أنّه يقصد شعار على لافتة للمظاهرة ،كعنوان جمعة من جُمَع الله ،وتارةً أُخرى تجده يقود ثورة ،كما هنا عندما يقول:
نصف قمر
نصف قمر يسطع الآن فوق مدنٍ
لم يبقَ فيها أحد.
نصف قمر يؤلمني
كانشطار وجهكِ بفأس.
تحت هذا النصف من القمر الضعيف
حملنا أولادنا إلى الأَسِرّة
بينما حملهم الآخرون
إلى القبور!!
-----------
ملوكٌ الجهاتِ الأربع
أيتّها الجَدّة
لقد انتهينا للتوّ
أبناؤك الأربعة
الذين جعلتِهم ملوكَ الجهات الأربع
لقد انتهينا
من دفنِهم للتّو.
يلبّس حمزة قصيدته المرسوم الشّرعيّ السّياسيّ ،والحالة الاجتماعيّة والإنسانيّة ،محدّداً اتجاهه ،ليس من موقف جهة سياسيّة ،بل من الحالة الإنسانيّة ،تظهر بشكل واضح من الجزء المكتوب كملحق ،مسيّف على الغلاف ،أسفل العنوان بجملة تقول:يوميات الثورة السّوريّة ،فنرى بصماته على كلّ التفاصيل في سوريا ،ينبش ذاكرة الوطن ليخبرنا عن الموت تارةً ،وتارةً ما هو أشدّ من الموت ،فترى مشهداً تراجيدياً ،بلقطات سينمائيّة قريبة بعيدة ،وأخرى من زاوية ملطّخة بالدم ،مع وجود ضحيّة في مكان الجريمة تستطيع أن تراها ،وتلامسها دون أن تدرك عمّا سيحدث بعد لحظات ،وبالتفاتك يمنةً ويسرةً سترى يداً مقطوعة هناك ،وهُنا قلب يمشي وحيداً بلا جسد ،وطفلةً كانت على إحدى الشّرفات تتلوّى ،ولكن بالتفاتتك صارت تحت الأنقاض،والكثير الكثير من الأحداث ،وهو في الطريق المؤدّي إلى المنزل.
في الطّريق إلى بيتكِ
وأنتِ تنظرين إلى شجرة محترقة
إلى جثّة
عندما يرتجُّ جسدكِ بسبب حصاة صغيرة
أو كبيرة
في الطّريق إلى بيتك
وأنتِ تتأمّلين يداً مقطوعة
أتمنّى لو كنتُ مكانها
هذا المشهد الحي يجعل من الحوار - في أغلب الظّن - رعب وهول لما يحصل من دمار ، وهو وحيدٌ لا يجد أنيساً ولا جليساً سوى نسخة من الصّورة الّتي على الجدار ،الجدار الذي نجا من القصف ،فيجمح أمام الصّورة ،وينقل لنا ما جرى من حديث ،وماذا تمنّى في تلك اللحظة بإصرار يرفض فيها النّجدة .
أضعُ صورتكِ
على الجدار الوحيد في بيتي.
ثمّ أجلسُ على ركبتيّ المتقرّحتين
يدي مقطوعة كما تعلمين
وقلبي يضخّ الدم إليها ولا يعود.
أجلسُ
وأنظر إلى صورتكِ
ثم أتمنّى
أن أُصابَ بالتوحّد.
ينتقي حمزة مادته من وقائع وأفكار ورسائل تركها له الحرب ذكرى مؤلمة حتّى في سردها ،فينتقل من الحرب الّتي لم تترك حتّى الذّكريات التي كانت على جدران المنازل ،ليرصد المأساة الحقيقيّة بين السّجين والجلّاد راسماً الظّلم والقهر وأشكال التعذيب في لفتة كطريقة حوار ،فالقصيدة هنا ارتجالية عاطفية ،ذات مقاصد وجدانية ،الأمر الذي يمنحها شحنة تراجيديا ،تنبثق ،من قوة الفكرة كمجاز ،ورمزيّة اللفظ و الإيقاع ،وهو تعبير صريح في مواجهة طغيان الحبّ والغياب والظلم والانتظار ،وهنا احتمال آخر كما في هذه اللوحة عندما يقول :
أنت في السّجن أعرِفُ .
وأعرفُ ما معنى تعليق قدميك بالسّقف
أو ثقب كفـّك بسيجارة
أو حشركم في زاوية
ثم اختطاف أحدكم من العتمة
بيدٍ معدنيّة
كدجاجة من قن .
تقولُ زوجتك بأنّك لم تمتْ
رغم أنها رأتكَ في المنام
تلوّح لها بمنديل أبيض
مثقوب بالأحمر
وسطر أحمر يبلّل عنقك.
« الدم يُفسد المنام» . تقولُ لنا
وتبكي.
تفاصيل مدهشة ،أفكار جهنَّميّة ،وقصص متناثرة يختارها حمزة لمادته المليئة بالصّور والمشاهد ،التي تقودك في نهاية كلّ قصيدة الرّجوع إلى العنوان ؛سرد تفاصيل الرّعب التي يسردها مع حبيبته ،يسيطر على الكثير من اللوحات ،في كلّ لوحة نجد حدثاً جديداً مختلفاً عن السّرديّة التي سبقتها بألم ومعانات وموضع جديد ،ولكن هذا لا يعني أنّه لم يحسب حساب هذه الغلطة التي ينتظرها النقّاد بفارغ الصّبر ،كي يرسموا حولها علامات الاستفهام ،بأدواتهم النقديّة في مواربات التكرار القاتل للنص كجزء ،وللعمل كشكل متكامل، بدءاً من لغز عنوان العمل ، وغلافه - لباسم صبّاغ الذي نقلها بحرفيّة المتمكّن للبوتريه،والرّسم الزّيتي،واختيار أرضيّة المعكوس السّلبيّ - مروراً بالنصوص وعناوينها وصولاً إلى الفهرس .
عندما تنظرين إلى أصابعكِ
وتظنين
أنّني بخير ...
رائحتي التي لا تتخلصين منها
بعد الجنس
بعد السفر
بعد النوم
بعد القلق
بعد الحيض
بعد شهوة الحيض
بعد الصباح
بعد الطعام
بعد المساء
بعد رأي أحدٍ ما في خصركِ
بعد صلاتكِ
بعد رفضكِ
بعد قبولــكِ
بعد حبلك بالطفل الأخير
بعد موتك ثم حياتك من جديد
بعد مئة عام ....
رائحتي التي
لا تتخلصين منها .

راشد الأحمد
كاتب وناقد وإعلاميّ
سوريّ
twitter: @rashedalahmad2
facebook : rashed.alahmad



#راشد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وكالة خزنة نيوز...!
- المجرم محمد زادة حالة شعريّة لا يمكن صنعها..!
- التّحايل السّياسيّ بابا بَطْني توجعني...!


المزيد.....




- دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
- مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك ...
- مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
- مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب ...
- انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني- ...
- الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج ...
- -شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
- مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا ...
- هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راشد الأحمد - لا أُريد لأحد أن ينقذني