عبد السلام الزغيبي
الحوار المتمدن-العدد: 4412 - 2014 / 4 / 2 - 14:28
المحور:
الادب والفن
النوارس وعشق الحياة..
بقلم/عبد السلام الزغيبي
كنت وأنا طالب في المرحلة الاعدادية بمدرسة امحمد المقريف،وبينما المدرس يتابع الشرح على السبورة، أختلس النظر الى خارج الفصل عبر الشباك الزجاجي الذي يطل على بحر اخريبيش، وأمتع ناظري بمشاهدة منظر طيور النورس، وهي تحوم لا لتقاط الأسماك المتناثرة على سطح البحر، بعد ضربة جولا طينة من أعيال البحر.
وفي كل سفرياتي بالبحر الى الجزر اليونانية، أو الى الموانئ الايطالية عبر ميناء باترا اليوناني، يكون أخر من أراه من مؤاني الانطلاق، بعدما تغيب المباني العالية، والفنار، ورؤس الجبال العالية،هو طائر النورس أو كما نطلق عليه في ليبيا (بوحوام)،ذلك الطائر الذي يتخذ من البحر موطنا له، وملعبا، وملجأ.. فهو طائر مائي يتواجد غالبا قرب الشواطئ، وأول ما أراه كذلك بحرا عندما تقترب السفينة من اليابسة، ليس المنارات أو رؤوس الجبال، او البنايات الشاهقة، بل النورس، ذلك الطائر الجميل الذي يضل يحوم حول وخلف وامام السفينة، بدون كلل أو ملل، يركب الامواج، على شكل مجموعات بالوانها البيضاء المختلطة باللون الرمادي، وقد حطت على سطح الموج، تفرد اجنحتها، تغمسها بالماء ، تنقر بعض ما يطرحه البحر، أو الانسان... فهي تتغدى على الاسماك، أو ما يرميه المسافر على السفينة، أو الصياد على الشاطئ او الميناء..
هي هكذا تلك الطيور، تعيش وتمضي، بغريزتها، تتابع دورتها في الحياة، بالرغم من عصف الامواج وهيجانها، او شدة الريح وغضبها، تعطينا مثلا حيا على تحدي الصعاب وتقلبات الحياة، واخطار الطبيعة.
في هذا المقام، تذكرت قصيدة جميلة للشاعر فاروق جويدة بعنوان( مثل النوارس)، اخترت منها بعض الابيات:
مثـْلُ النـَّوارس ِ
لا أمَلُّ مَوَاكِبَ السَّفـَر الطـَّويل ِ
وَحِينَ أغـْفـُو سَاعة ً
أصْحُو وَأبحرُ مِنْ جَديـِدْ
كـَمْ عِشْتُ أسْألُ مَا الـَّذى يَبْقى
إذا انـْطفـَأتْ عُيُونُ الصُّبح ِ
واخـْتـَنـَقـَتْ شُموعُ القـَلـْبِ
وَانكسرَتْ ضُلوعُ الموْج ِ
فِى حُزن ٍ شديدْ؟!
لا شَىْءَ يَبْقـَى
حِينَ ينـْكسرُ الجنـَاحُ
يَذوبُ ضَوءُ الشَّمْس
تـَسْكـُنُ رَفرفـَاتُ القـَلـْبِ
يَغمُرنا مَعَ الصَّمتِ الجَليـِدْ
لا شَىءَ يَبْقـَى غـَيُر صَوْتِ الرّيح
يَحمِلُ بَعْضَ ريشى فـَوْقَ أجْنِحَةِ المسَاءِ
يَعُودُ يُلقيها إلى الشـَّط ّ البَعيدْ
فأعُودُ ألـْقِى للرّيَاح سَفِينتِى
وأغـُوصُ فى بَحْر الهُمُوم ِ
#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟