أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فيصل عبد الرحمن الملّوحيّ - التخلّف والكهنوت















المزيد.....


التخلّف والكهنوت


فيصل عبد الرحمن الملّوحيّ

الحوار المتمدن-العدد: 4411 - 2014 / 4 / 1 - 06:44
المحور: مقابلات و حوارات
    


نخطئ كثيراً عندما نَعزو تخلف الشعوب العربية وترديَها إلى غياب الحريات والديمقراطيّــــــة وتسلط أنظمة حكم استبدادية أوغياب التخطيط والإدارة، فكل هذه الأمورمظاهر لحالة التخلف لا سبب حقيقى مُنتج لها. سبب التخلف والتردي تغلغل ثقافة دينية كهنوتيّــة محرّفة فى نسيج فكر المواطن العربيّ. فما التخلف إلا تخلف ثقافة أي نهج التفكير وأنماطه وطرق المعالجـــــة الذهنية والسلوكيات. من هنا ينبع كل خلل، فلا أمل فى أيّ تقدم بدون مواجهة حقّـــة لموروث ثقافيّ يؤصّل التخف فى منهجية حياتنا, فإغفال أثر الثقافة الدينية الكهنوتيّــــة المحرّفة جدير بالمواجهة. من الأسباب المساهمة أيضاً فى حالة التردي لتُشوّش البوصلة بتصعيد تناقضات وقضايا ثانوية اجتماعية سياسية كأنّها قضايا أولى بديلة, أي أننا نهمل ملعــب الصراع الأوّل إما جهلاً أو خوفاً وهو غالبا جهل لدى العامّة ، و خوف لدى المثقفين.
حضور ثقافة دينية كهنوتيّة محرّفة في المجتمع منهجَ تفكير وسلوكاً وطرق معالجة تجترّ من ماضٍ منحرف مفرداته ونهجه وفكره سيصيب أيَّ حراك فى الواقع بشلل وجمود من اجتراره نمط تفكيره من شرنقة ماض منحرف عن الأصول القويمة ليصير حضور الفكر الكهنوتــــيّ مُنتجا متفردا للتخلف وكل أزمات المجتمع, لذا نؤكد إن أيّ محاولة للإصلاح ستذهــــب أدراج الرياح وستكون حرثا في ماء مادمنا نغفل موطن الداء في تخلـف المجتمع وجموده وما دامت الثقافة الكهنوتيّة تتصاعد وتهيمن على مناهج التفكير وسلوكيات البشر .

قد تتصورون أننا نضخم حضور الفكر الكهنوتيّ حين نعدّه التناقض الأوّل الذى يواجه تطـــور شعوبنا، ولكن كيف نُقوّم فكرا يُبرمج عقولا ويُقولبها على نهج في التفكير والأداء ليتشكـــــل عقل مداخله ومخارجه مقولبة , فأسلوب التلقين المعرفيّ والرهاب الفكريّ من سـؤال ونقــــد سيخلقان حتما عقلية نمطية منبطحــــــــة تهرب من السؤال الذى يُسيء ويُجلب متاعب لتُقبل الأشياء على علاتها. لا حريّة في مواجهتها أو بحثها أو تُحليلها،هناك بطش بمن يخوض فيما يألفه المجتمع. ومادام العقل الكهنوتيّ يبتلع الخرافات بلا توقف ليمرّر تلك الجهالات متعاطيــاً بمنهج الانبطاح والتمرير فسيكون هكذا فى الحياة أسلوبه ونهجه، وما أسهل قتل أيّ ســــؤال ناقـد باحث. لا داعيَ للدخول فى دوائر القلق فالتسليم أفضل لذا نبحث العلـم الماديّ كما نبحـث الموروث أي نُلقّن فنأخذه كما ورد, فهل نتوقع بعدها أيّ فكر مبدع من عقلية تقولبت وأدركت كيف تمرر وتسلم درءاً للمشكلات، هل يحق لنا أن يدهـشنا بعدها أننا شعوب لا تُنتج ولا تُبدع فليس هذا نتاج قصور في موارد مادية بل في عقول سارت على نهج في التربية من الجمـود والقولبة والتسطيح.

عندما يُصعّد الفكر الكهنوتيّ الخرافيّ ليمنهج فكر إنسان يحيا فعاليات القرن الواحد والعشرين بكل إنجازاته المعرفية والعلمية وتكون مفهومات الخرافة صاحبة البناء الذهنيّ والكلمة العليا فمن المحال في هذا المناخ الذي يفتقد المنهج العلميّ وتعشعش فيه الخرافة أن نحظــــى بغير التخلف. ولا نتوهم أنّنا باستحضار تقنية الغرب واستعمالها نتمكّن من مسايرة الحياة، فالأمر لا يزيد عن استهلاك، ولا أمل في أن تتطور عقلية تعيش خرافاتها وأوهامـها ولا ان تتحضر.. فرق هائل فى التفكير بين منهج علميّ ومنهج كهنوتيّ.
لا تكتفي الأمور بالتسليم بالفكر الكهنوتيّ بل بعقلية تجمدت لا تستطيع أن تخرج من حالــــــة الفطام لتعبد النص البشريّ وحرفه وكلمته بلا أيّ قدرة على إدراك علاقة النص بالتاريخ,جاء النص البشريّ فى زمانه ومن الخطأ إخضاع الواقع له فهذا يعني عدم العناية بحركة المجتمع فيحـلّ الجمود والتخلف ويجد له مكاناً فلا وعي ولا إدراك بتاريخية نص البشر.

إذا عشنا واقع إنسان قديم كانت هكذا مفرداته و معارفه وسلوكياته وشرائعه و تطوره فنحــن نُحضر نمط تفكير زمن قديم بكل مناخه الفكريّ وسلوكياته. كيف نتطوّر ومازالت ثقافة البــدو والعبيد حاضرة في ثنايا ثقافتنا تفرض روحها ونهجها لتصبغ نفسها بأشكال أخرى؟هنـــــــاك انسلاخ حقيقيّ عن الواقع ومتطلباته وحالة تماهٍ فى موروث بشريّ قديم نرضع منه مواقـــف ورؤى لا تدرك مدى جمـودها وتحجرها.
نعزو انعدام الحرية والديمقراطية إلى هيمنة أنظمة الحكم وتسلّطها وهذا غير دقيق,فالاستبداد والوصاية منهج سلوك وتفكير تعيش فى داخل المواطن العربيّ منهجَ تعاطٍ وسلوك يمارســـه على من تطوله يداه, فلا احترام لحرية الآخر فى فكر وتعبير وهذا نتاج ثقافة كهنوتيّة أحاديّة إقصائيّة تعسفيّة تعادي أيّ فكر مغاير مترصدة متحفزة مصادمة. ( كما تكونوا يولّ عليكم )

لا تعرف ثقافتنا البائسة معنى الحرية، بل تُدرك جيداً مفردات الخوف والوصاية والاستبداد لتتغلغل فى مورثاتنا خالقة إنساناً مهلهلاً متخلفاً، الخوف عنده ناموس حياة لا يعرف العيش بدون سوط وإرهاب سيف سامحاً للآخرين بانتهاكه. نحن نرفض حرية الآخـــر حتى إنْ دارت فكرة داخل جمجمة دماغه, فهل يمكن بعد هذا أن نتصور احترام أيّ حريّــــة بعدها؟ فإذا كانت حرية فكر لا تؤذينا ننال منها بهذه القسوة والهمجية فهل سنسمح بأي ظهور آخر للحرية؟
الفكر الكهنوتيّ منبع لا ينضب لتأسيس فكرة الاستبداد والوصاية من خلال فلسفة تفرّد الفكرة وسحق أيّ فكرة معارضة لتفرز تراثاً يفيض بتقديس طاعة ولاة الأمور ونبذ الخارج بعنــــف. سنخرج ببحث أدبيات الفكر الكهنوتيّ المحرّف بحمولة كبيرة من الاستبداد المُمنهج يجـــــــــد سبيله ختاماً فى شباب يرفض حرية الفكر للآخر .
هل نخبنا المثقفة والسياسية غبيّة أم انتهازيّة حين تغض الطرف عن الكهنوتيّة، بل تتحالــف معها فى مواجهة نظام الحكم رغم أن هذه التيارات فاشية تعلن في كلّ آن على الملأ إنكارهــا للحريّة؟ ماذا نتوقع بعد أن تحتضن الفاشيَّ وتجعل له موطئ قدم؟ فلتتجرع الذل والقهر!

ندفن رؤوسنا فى الرمال حين ندير ظهورنا لتأثير ثقافة كهنوتيّة متفردة وحيدة في تردي حال المرأة وانتهاك حريتها وكرامتها والتحقير من شأنها حين يكون المدافعون عن حقّ المرأة في التعليم كمن يولولون على ظهور الإجحاف انصرافاً عن الأسباب التي أنتجتها وذلك إما جهلاً بأن ثقافة الكهنوت هي منتج كلّ انتهاك وتردٍّ وهو الأكثر ترجيحاً، وإمّا خوفاً من الدنوّ, فلا مفردة من انتهاك المرأة خارج دائرة الكهنوتيّة المُمعنة في قسـوتها وتعسفها وعنصريتها.


هل نتوقع أن نخرج من مستنقع التخلف وفي رؤوسنا ثقافة كذب ونفاق وازدواجيـــة التي لها موطئ قدم في ثقافتنا الكهنوتيّة بمفردات وصورتُطلق من نص بشريّ مقدس؟ هل تقــــــــــدر مجتمعات تفتقد الصدق crédibilité véracitéوالشفافية والوضوح على مواجهة التحديات وكشف مكامن ضعفها وهوانها، أم سياسة دفـن الرؤوس في الرمال هي الحاضرة: كل الأمور جيدة، نحن أفضل شعوب الأرض لنتماهى بها فى برك العفن.هل تستطيع ثقافة تشرنقت ونبذت الاندماج بالآخر والتعايش معه والتلاقح به على تقديم شيء غير ثقافة التبجّح؟

الكهنوت منذ البدء تعبيرعن هويّات جماعات بشرية لخلق حالة خاصّة ومفارقة وتمايز. وإن تتبعت تاريخ أيّ كهنوت نجده يرتبط ببيئته الحاضنة لها و يعبّر عن رؤاها وهويتها وسماتها، إن كانت هويات الشعوب الاجتماعية لا تُستقبح لكنها ستضحى قبيحة باعثة لفرقة ونعـــرة إذا صاحبت منظومة الكهنوت لأن الهويّة حالة استنفار وتحفز ضد الآخر ومشروعاتــــه لتصوغ نفسها في فكر متعنّتdogmatique=dogmatic تحتكر الحقّ والتقدّم وتخلق حول نفسها شرنقة صلبة ترفض الآخر وتتوجس منه، بل تناصبه العداء. ولتحافــظ على هويتها تخلق في النفوس هلعا phobie من العدو لتوحيد جماعتها وتجييشها، وهذا ما نراه واضحا في تراثين كهنوتيّين حُرّفا اليهوديّة والإسلام، ففيهما الآخر المغاير: كافر مشرك وثنيّ صليبيّ مسلـــــــم يهوديّ, أمّا كهنوت النصرانيّة فيتمحور الآخر العدوّ في صورة شيطان فلا غرابة في التعصب والتزمت والصراعات الدينية المذهبية فهي نتاج طبيعـــــــــــيّ لرؤية قديمة للهوية تقوم على التنافر لا التعايش وقد استثمرت هذا الأمر القوى الطبقية التى تبغي الهيمنة وتمرير مصالحها باستثمار حالة هوية كهنوتيّة على مدار التاريخ لنجد مصالح فجّة تترجـــــــــم ذاتها فى هوية كالحروب الصليبية وما زلنا نجد استثمارها اليوم لتمكّن للتسلّط العالمــــــــــــي بإثارة نزعات وهويات دينية لمواجهة بعضها بعضا أو لشرذمة الأمة فى نعراتها.
الصراعات الدينية المذهبية في مجتمعات العرب نتيجة منطقية طبيعية لحضور فكر كهنوتــيّ، فالإرعاب والصراع السنيّ الشيعيّ مثلا نتاج ثقافة إقصاء عنيفة تتمدد وتضرب كل الدوائـــــر بلا جامح، أو هناك من فتح لها الباب فقط ، ثمّ قامت بتنفيس عنف كامن فى النفوس.وماحدث في العراق مثال حيّ. لقد أدركت الولايات المتحدة أن في عمق ثقافة الكهنوت مذهبية أساسها نبذ الآخر و كراهيّته، فرفعت الغطاء فقط عنه، ودعت الأمور تأخذ مجراها بيد أهله لا بيدها.

أضر تصعيد خطاب الكهنوت وجعله هوية وانتماءً بالمصالح، وجاء بما يناقض ما تأمّلوا. إن عاديت اليهوديّ ليهوديّته فسيعادي العربيَّ لعروبته وإسلامه، وسيحضرمافي تراثه من عداء وعنصرية فجّة، ويُسوّغ لجماهيره استعطاف الشعوب, أي أنّ استنهاض فكر الكهـنوت يُسهّل للاستعمار تأجيج صراع من هذه الزاوية فيمرّر مصالحه وهيمنته.

الحياة عند الظلمة صراع مصالح وغايات، و الخطط والوسائل يُسخرونها لبلوغها، فمـــــــن يرغب فى الهيمنـــــة والاستغلال فلن يعتمد قوته المتغطرسة وحدها، بل سيستفيد من أخطاء الجانب المُستهدف وسيئاته أيضاً، لهذا يُستثمر في المجتمع حضور فكر كهنوتــــــــــــيّ كفيل بتجميده وشرنقته وخلق حالة من الشلل تقوضه، كما يستثمر الغرب حالـــة الكهنوت في ديار الإسلام ويحتضن رموزها دوماً بلا تحفـــظ لا لأنه يجلب له النفط كما نتـوّهم, فالنفط فى باطن الأرض لمن يشتريه، ولن يشربه القيّمون عليه ولن يستطيعوا إخراجه،لكنه أراد من رعايتهم إبقاء المجتمع العربيّ في حالة متخلفة بمساندة فكر كهنوتيّ مهيمـن، فحكم بإعدام شعب حين كبّله بجمود فكـريّ ثقافيّ يمنع الإنسان من التطور والإنتاج ، وتكون خطّة الغرب وغاياته من تصعيد فكر الكهنوت في المجتمعات خلق غيبوبة وانفصام عن واقعها وتشويش بوصلتهـــــــا لتغيب عن استنهـــاض ذاتها وتنمية إمكانياتها ومواردها و استغلالها، والبقاء فى أسر تخلف لا تبارحـه فلا تقدر على مواجهة قرار و لا صنعه، وتقدم الطاعة العمياء وتبقى أسيــــــــــرة مصالح الغرب ورغباته، لا تقدر على تحدٍّ إلا بصراخ على منابر المساجد، ولا مانع أن تعيش أوهامك المريضة فتلعن الغرب وتنعته بالكفر، فأنت يا حبّي تلعب في ملعبي متجرعا تخلفك .

استثمر الغرب تصعيد حضور الكهنوت استثماراً جيداً فى كل الأحوال لشلّ قدرة المجتمـع على النهوض ليبقى في يدها, ففكر الكهنوت كفيل بتقويض المجتمع وشلّ إبـداعه ويتمكّن بمنهجه المتشرنق الإقصائيّ من سحق أيّ فكر حر، ومناهضة قوى الوعي ومحاصرتها كيلا تشكـــــل خطرا في المستقبل على مصالح الغرب، ويستثمر حالة الشطط الكهنوتيّ بخلق عدو لجماهيـر الغرب فهاهو العدو الوحيد بعد رحيل العدوّ الشيوعيّ، وهاهو الخطر الذى يجب مواجهته. ومن السذاجة توهم أن الغرب يكتوي بنار الحيّات التي رعاها، بل يريد وجود هذه المناوشات والخربشات لتستمر ميزانيات الدفاع ومصانع السلاح في إنتاجها وتنجز أعمالا جانبية كغزو العراق وتقوم التيارات الجهادية بالدور المنوط بها بغباء منقطع النظير لخلق حالة مزيفة عن خطر الإسلام, فمريدوها عمي يحرقون أصابعهم بلا مقابل، رغم أن قادتهــــــم القابضين على آبار النفط واعون لما يقومون به .

استهتر المثقفون والسياسيون، فلم يواجوا فكر الكهنوت في مظهره الاجتماعــيّ لا السياسيّ، المعبّرعن ضيق أفق ليس في صالح الأمة، وغفلوا عن حرث مُمنهج لتمرير مشروع كهنوتيّ يتحرك للقضاء على أيّ إنجاز في القرن الماضي الذي هيمن فيه العملاء.

مواجهة تراث الكهنوت المهيمن صراع في الواقع مع التخلّف، أدواته للسيادة والاستغـــــلال تشويه وعي الجماهير بصرفها عن قضاياها الحقّة وتمييع آلامها بتشتيتــــــــــها في اتجاهات أخرى لتزداد الأمور تعقيداً وتشوهاً، مجتمع العرب كأيّ مجتمع في العالم يتحرك فى أحشائــه صراع أعمى فقد بوصلته يُميّع ويُجهّل ويُدفع في صراع خائب طائفي ّ مذهبي أو يزيد في هذه المسالك الغبية التي تخلق عداوات بلا معنى. لا تهدف مناهضة تيارالكهنوت لتأسيس مشروع حضاريٍّ فقط بل لإجهاض كلّ قوى التخلّف ومن يمسك بخيوطها فى الداخل والخارج .


- رؤية استشرافية .

لا تتوقف المشكلة على جهل بقطب الصراع فحسب بل لغياب مشروع ثقافيّ محـــــــــدّث بديل لمشروع الكهنوت ، لأسباب عدة:
أولها: لا وجود لطبقة اجتماعية تتبنّى المثقف وتفرز مثقفين يؤسّسون للمشروع ويؤكدونه ليعتمد المشروع العربيّ المحدّث نخبا رضعت ثقافة الغرب ومفهوماته، فكانت أشبه بنخـــب قاعات ( صالونات) لم تساهم بفاعلية في تأسيس واقع عربى جديد، كلّ ما حدث أن ظهـــرت محاولات خجولة و تهاوت سريعاً أمام ثقافة كهنوت خرجت من القمقم .

من رحم التجارب القاسية لابد ان نخوض ما خاضه الآخرون لنخط من أول السطر بالرغم أن الإنسان يُفترض به أن يتعلم من تجارب الآخرين ونضالهم و ألا يبدأ كذلك بإعادة التجارب من بداياتها فهو كائن ذو تاريخ، لكننا نفتقد هذا لانعدام تاريخ نضاليّ لنيل الحريّــة ولأنّنا نتوجس من ثقافة الآخرين وتجاربهم ثقافتنا المتشرنقة التى تنبذهم تتحكّم بنا, فلا بد أن ندخـــل دوائر الصراع من بداياتها بوضع ثقافتنا على محكّ متطلبات العصر لنسقط منظومة الثقافة الفكريّــة الفاشية, ولا مشكلة في الإخفاق والتعثر والوقف ثانية لإكمال التحدّي بصراع حيّ مع ضرورة وجود بنيات ثقافية محدّثة جديدة تواكب الصراع لتبنى..لابد ان تدقّ الفكـر المستنيرة أدمغتنا الصلدة بعنف فلن نتغير بمداهنة وتخدير وتسويف. لن يجديَ تحدٍّ خجول وخــــــوف.. لابد من تحدي ثقافة الكهنوت البائسة وفضحها ووضعها على محك الواقع، ولن نخرج من عنـــــــــق الزجاجة إلا بحراك تنويرى بديع.

بالرغم من كل الإحباطات والمصاعب التى تمر بها المنطقة العربية تحت تأثير تصاعد الفكر الكهنوتيّ أتصور أن الحالة فى النزع الأخير فما الحضور القويّ للتطرف إلا حلاوة الروح كما نقول أي لابد ان تصل لأقصى درجات مقاومتها قبل أن تنهار ولكن لا نفهم أن الأمور تتحرك نحو الحسم في مدى منظور بل سيستغرق ذلك وقتا يعتمد نضوج المجتمع وإدراكـــه للتناقض الرئيس الذي عليه مواجهته، ولن يجلب تصعيد الكهنوت في الحياة العامة إلا مزيداً من تخلف وتدنٍ. أتصور ان المجتمع العربي سيصل لفهم ووعي يجعلانه يضع الإسلام في مكان صحيح ليصبح إسلام حياة.
ليس تصحيح مسار الدين تفاؤلا مفرطا ولا أمانيّ لا أرض لها تقف عليها بل تستمد حضورها من فضح الكهنوت وإفلاسه عن تقديم شيء مع إدراك باطن للجماهير وأن الإسلام البعيد عن الكهّان كفيل بالخروج من مستنقع تخلفها مع بروز تحديات الواقع التي لن ترحم المتخاذليـــن الواهمين لتضع الجميع على المحك فإما التحدي وإما الانقراض.
هناك أمل فى حركة تنويرية عربية تتحرر من وطأة فكر الكهنوت، لكنْ لن تكتمل إلا بجعل هذا الفكر على مائدة الصراع مناقضاً رئيسا لا سبيل للحرية بدون الخوض فيه ووضعـــــــــه على المحك ليرافقه وجود قوة فاعلة تتمثل في علمـــــــــــــاء و مثقّفين ورأسمالية وطنية وعمال وفلاحين تدرك عدوها المتمثل في رأسمالية طفيلية وطغمة عربية حريصة على فكر الكهنوت وتغلغله في المجتمع ضامنا وجودها بتغييب المجتمع وشلّه وتشتيت فكره وجهوده لذا لابد أن ندرك حتمية الصراع مع القوى المتخلّفة وأدواتها التي يمثّلها الكهنوت فبدون هذا تصبح كل محاولات الإصلاح السياسيّ الاقتصاديّ الاجتماعيّ بلا طائل وضحــكا على الذقون و حرثا في الماء وفي أفضل الأحوال تشتيت الرؤى للبقاء في مستنقع التخلف– عندما نقول: إنه لا سبيل للتحرر من التخلف والبؤس إلا بمواجهة قوية لفكر الكهنوت وعدّه مناقضـــاً رئيسا فهو يعني ببساطة وضع كل طغمة ومطمح غربيّ ومواجهته أيْ تحطيم أدواته و شلّ سلاحه عن الفعل.

دمتم بخير



#فيصل_عبد_الرحمن_الملّوحيّ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعدد الأجناس في بلاد الشام


المزيد.....




- -ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف ...
- ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم ...
- الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
- مخاطر الارتجاع الحمضي
- Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
- تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق ...
- الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو ...
- اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق ...
- مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
- الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فيصل عبد الرحمن الملّوحيّ - التخلّف والكهنوت