أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - لمَ لستم سعداء؟















المزيد.....

لمَ لستم سعداء؟


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 10:59
المحور: الادب والفن
    


وضعت في فنجان القهوة قليلاً من الفودكا فوجدت أن طعمتها أصبحت ألذ
شكرت نفسي على هذا التفكير المبتكر مع باكورة صباح يوم عمل جديد، الله كم أحب العمل، الاستيقاظ باكراً والعمل شيئان لا يعادل متعتهما في الحياة إلا جولة حماسية على سرير سكارليت جوهانسن على أن تكون الجولة معها شخصياً.
ارتديت ملابسي والسرور يشع من عيني (شعاً) مبينا، في الحقيقة مباهج الحياة كثيرة لكن من أبهجها على الإطلاق ارتداء الملابس كي تذهب إلى وظيفتك ثم تقضي ساعات ثمانية برفقة أشخاص تراهم يومياً ذات القدر من الساعات.
رحت أغني، ولم لا، فالفرح يغمرني من كل صوب لمجرد أن أغلق الباب خلفي وامتطي مصعد العمارة خاصة إن ترافق وجودي داخل المصعد مع شخص هندي نبيل يضع من العطور ما لا أنفك شم ولا أحاسيسك أدركت وهذا ما حدث معي صباح اليوم (الجميل) بالذات حين توقف المصعد عند الطابق العاشر ودخل رجل تفوح منه رائحة (مبولة).
نظرت إلى نفسي في مرآة المصعد ثم تذكرت دروس الطاقة الإيجابية التي من الواجب أن أتمتع بها، حاولت أن أحبس نفسي قليلاً، لكن المصعد توقف عند الطابق الثامن ومن بعده الخامس ربما كي أغرق بتفاصيل رائحة العطر الهندية هذه، لا أعتقد أن رائحة التواليت العمومي الذي كان موجوداً في ساحة الشيخضاهر أبشع من رائحة هذا العطر.
راجعت موقفي من الرجل ورحت أستنشق العطر الذي ملأ عبقه غرفة المصعد رابطاً بين هذه المصادفة السعيدة وحياتي السعيدة على العموم، ربما يريد الإله أن ينقل رسالة إلي من خلال هذا العطر المجروري الهندي.. ما هي هذه الرسالة يا حازم؟ فكر ثم أجب.. لا تستعجل.. الأمور لا تحدث عن عبث.. هذه اللحظة مكتوبة في لوح القدر منذ مليارات السنين.. ستكون في المصعد وسيدخل رجل هندي يضع عطراً رائحته كرائحة البول لسبب وجيه وعليك ببحثك عن الحقيقة أن تدرك الغاية النبيلة من ذلك.
وصلنا إلى الطابق الأرضي دون أن أفهم الرسالة.. وعندما ركبت سيارتي الأثرية نظرت إلى وجهي المحتقن فلاحظت ازرقاقاً ناتجاً عن حالة الاختناق التي كادت أن تصيبني مع مطلع هذا النهار الجميل ثم بدأت رحلتي اليومية الرائعة صوب مكان العمل.
على أثير راديو مونت كارلو كان الجيش العربي السوري يشن أعنف الهجمات على النساء وأطفال المدارس والمعاقين والعجزة والمساكين مستخدماً الدبابات والطائرات والغاز الكيماوي لقتل الشعب البريء المسالم الذي يأكل القط عشاه حيث أن هذا الشعب العاري الصدر والذي لا يمكن أن تجد في يده سوى أغصان الزيتون وأفلام السيكس لا يمكن أن يموت برصاص المسدس العادي بل يحتاج إلى جيش جرار وغازات وأسلحة دمار شامل.
غيرت محطة الراديو الحرة هذه وبينما كانت تتقلب الموجة كنت أسمع مقتطفات ذات الشأن المتصل من قبيل: (إسرائيل تعالج ثوار سوريا المسلمين) طبعأً يجب أن تعالجهم.. قلت لنفسي.. لا بد أن تعالجهم كي يسقطوا النظام ومن ثم يتفرغوا لمحاربة إسرائيل وتحرير بيت المقدس ونتنياهو يشيد بالمجاهدين المسلمين الموجودين في إحدى مشافي صفد لتلقي العلاج بعد رصاصات غادرة من الجيش السوري. الله الله الله.. إيه الجمال ده.. إيه المنطق ده.. إيه الحلاوة دي.. إيه الطعامة دي.
على أثير راديو سوى كان النظام السوري هو السبب في تسلخات شفاتير ميشيل أوباما وانتكاسات حلمتي جيسكا سيمبسون وإرهاصات العلاقة المضطربة بين المطربة العاطفية بيونسيه وعشيقها المطرب العاطفي الزنجي كما تم التأكيد على عنصرية النظام السوري وتدخله السافر في الوضعية المناسبة لهما، كما تم التأكيد على أن القاعدة والجيش الحر والجماعات الإسلامية المكونة من مرتزقة ثمانين بلداً لا يمارسون العنف أو التقتيل أو التقطيع أو الإجرام نهائياً.. هم مجرد كائنات تحب السلام والأغصان والورود والربيع وخاصة أغنية الربيع لفريد الأطرش لكن النظام المجرم الكافر لا يحب فريد الأطرش ويفضل عليه عبد الحليم حافظ.
راديو البي بي سي نقلت مباشرة لمجزرة مروعة ارتكبتها قوات النظام قبيل انعقاد جلسة لمجلس الأمن سيتم خلالها طرح مشروع قرار لإدانة النظام السوري، لكن الإدانة بحاجة لمجزرة.. ويا سبحان الله.. هذا النظام المجرم العميل الكافر.. لا تحلو له المجازر إلا قبيل انعقاد جلسة لمجلس الأمن..
اطفأت الراديو فهذه السعادة كثيرة علي كمواطن سوري مغترب.. أشعلت سيجارة وفكرت مجدداً بدروس الطاقة الإيجابية.. يجب أن أكون إيجابياً.. رحت أتأمل الطريق لكني أحفظها عن ظهر قلب فماذا سأتأمل ؟ هذا عدا عن كونها طريق إسفلتية لا شجر على جوانبها.. حسناً تخيل الشجر وأنت في طريقك إلى العمل.. تخيل جدولاً تبحر فيه على متن مركب صغير إلى عملك.. ابتكر يا أخي.. الأشجار والأنهار في الجنة.. حاول أن تتخيلها.. مهلاً مهلاً.. دعك من الحور العين الآن.. فأنت تتوجه إلى العمل.. تخيل النساء يأتي في وقت آخر وليس الآن أيها الذكي..
بعد ثمان ساعات عدت أدراجي مستمتعاً كما كنت صباحاً.. الحياة حلوة يا زملاء.. كلها نقاء وصفاء وصدق وراحة بال.. فلم أنتم لستم بسعداء.. إننا نعيش في عصر الثورة المباركة.. ثورة الحرية والديمقراطية ومواكبة تطورات القرن الحادي والعشرين بالتمر واللبن وجهاد النكاح والمنكوحين تركياً وأمريكياً، إنه عصر الثورة المشرق بتغريدات التكبير والتصفير والتزمير، سيكون عندنا مركز أبحاث فضائي وسنطلق عليه (مركز أبو قتادة للفضاء) وسنبني مشافي الحرائر الطاهرات اللواتي ما مسهن سوى من اشتراهن في مخيمات الأردن وتركيا ولبنان على مرأى ومسمع أزواجهن وإخوتهن المجاهدين المؤمنين في سبيل القضية العادلة.. قضية الوطن الحر المستقل التابع فقط لله والسعودية وقطر وتركيا وفرنسا وبريطانيا وبالتأكيد الأونكل سام.. فلم أنتم لستم بسعداء؟ لمَ؟
تعبت من فائض السعادة اليومي
أريد أن أنام قليلاً لأرتاح قليلاً.. اذهبوا ومارسوا السعادة كما ترغبون.. هللوا للديمقراطية الآتية من الشيشان وأفغانستان وتعلموا يا جهلة.. لا تكونوا عبيداً للديكتاتورية.. سبحوا باسم ربكم الذي خلق خمسمائة ألف مجاهد جاءوكم من كل مزابل الأرض ليحرروكم من الجهل والعبودية.. هيا ماذا تنتظرون.. السعادة أمامكم فالتقطوها..
آه يا شعب السبحات واللحى والصوم المزيف والنفاق
آه يا أمّةً ماضيها شقاق وحاضرها شقاق ومستقبلها غارق في البصاق.



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق النحل
- عَزفٌ مٌنفَرد على أوتَارِ رُوح
- أنا حازم شحادة
- المُقَامِر
- دعوةٌ للاعتذار
- أشبَاح
- شَيءٌ مِنَ البحر
- جلجامش
- المُعَاتِبه
- دكتوراه
- صعود المطر
- مطرُ الشام
- في صلنفة بين الأغنياء
- رِهَانُ الشِّعر
- في بيتِ لميا
- قصيدةُ حُبٍّ لدمشق
- يا ماريا
- تركتُ يدَ أمّي لأَجلِك
- كلُّ البلادِ بلا حضوركِ كالملاجئ
- مسعد يا تنور


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - لمَ لستم سعداء؟