أنطونيوس نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 4409 - 2014 / 3 / 30 - 01:36
المحور:
الادب والفن
1.
لو كان هذا الوجهُ القسيم لميِّت؛ لكان حقيقاً به أن يصيرَ نهراً من موسيقى صامتة، تتطهر مدينتُنا في لُججِه من أوضارِ ثرثرتها وطَمْثِ أناشيدها العسكرية..
2.
لو كانت هذي الأصابع النحيلة لميِّت؛ لكان جديراً بها أن تصيرَ نِبَالاً مشحوذةً، تبصقها أطلالُ أقواسِ قُزَحِنا، في وجهِ أربابٍ لم يَعُدّْ في حَوْزَتِها من الطوافينِ ما تتصدَّق به على صعاليك مدينتِنا الظمأى..
3.
لو كانت هاتان العينان -المكتظتان بهسيس النجوم- لميِّت؛ لكان حريّاً بهما أن يصيرا ثقبين غائرين، في جسدِ فُلكٍ لم نزل نُرَمِّمه بعظامِ أرواحِنا على وقع زغاريدِ السياطِ الرشيقة: كاظمين أنفاسنا المقرَّحة؛ لئلا تخمش بأنينها طلاءَ وقفته البليدة فيتناثر حطاماً وصريراً يُزعج نوحَ مدينتِنا في سُباتِه الأبدي..
4.
لو كانت هذي الأثداء لميِّت؛ لكان لائقاً بها أن تنزفَ في جوفِ الرُضَعاءِ رماداً، فرُضَعاؤنا اختبروا لذوعةَ الفِطام وهم محضُ أمنيةٍ تتجلى فراشاً مؤتلقاً على حدقاتِ أمهاتهم وتنسكبُ لُهاثاً واجفاً في حناجر آبائهم، رُضَعاؤنا تبلسمت شفاههم المُغمَضةُ -غيرُ النضيجة- بلُعابِ الحنظل وهم في قيد الرحم، ميلادهم لم يكن إلا إجهاضاً مؤجلاً يمنحهم رءوساً صلدةً تَصلُح لغدٍّ هو ظلٌ مهترئ لبارحتِنا يَغُصُّ ببراغيثِ الأمل السَعْرَى، رءوسٌ صلدةٌ بما يكفي كيلا تتهشَّم –سريعاً- حينما يَمُرُّ السيد في موكبه ليداعبهم؛ فما نخشى –نحن أرقاء مدينتِنا- من سوى أن تتسخَ بيادتُه الباسمةُ بنثيراتٍ من دهن أمخاخ رُضَعائنا وأوسمتُه المصقولةُ بشظايا من جماجمهم المُزغَّبة..
#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟