|
المريض بالسيدا بين الإندماج والتهميش
محمد الجلالي
الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 00:02
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تقديم :
تعتبر سوسيولوجية الصحة إحدى الفروع الهامة في علم الاجتماع العام، تهم بدراسة مختلف العوامل التي يتأثر بها الجسد البشري في علاقته بالظروف المحيطة به؛ إذ أن دراسة الحالة الصحية للإنسان بالاعتماد على التجارب العلمية المحضة وبالنظر إلى الجسد البشري من الناحية البيولوجية فقط أصبحت أمورا متجاوزة إذ لابد من اعتماد مقاربة جديدة تنظر للصحة والمرض كظواهر اجتماعية تبنى وتعرف ثقافيا وفي سياقات ثقافية محددة ، فمع عجز الطب الحديث في علاج مجموعة من الأمراض والتي كانت تعتبر في السابق امرض يسهل الإمساك بها والقضاء عليها باعتماد بعض الأدوية . كان لابد من التفكير في حلول جديدة لتجاوز هذا المشكل ، هنا تدخل علم الاجتماع بوصفه "علم امبريالي" وبنا لنفسه فرعا وسمه" بسوسيولوجية الصحة" حاول من خلالها ربط الفرد المريض والمرض بمختلف العوامل الخارجية المحيطة به ( وضعية العائلة،المجتمع ككل...) وبالتالي أمكننا القول بعيدا عن النزعة الفردية الذاتية ان تجربة الصحة والمرض لا تعاشان في فراغ ولا في المطلق بل تخضع لمجموعة من المتغيرات . وما دامت الأمراض التي تصيب الإنسان عديدة والإحاطة بهذه التعددية مهمة صعبة ان لم نقل مستحيلة سنقتصر على مرض واحد وهو فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) وبالضبط موضوع" المربض بالسيدا بين الاندماج والتهميش". من خلال الإجابة على الإشكالات المبينة في المحاور. I-تحديد المفاهيم : -;- تعريف السيدا. 1-التعريف الطبي : السيدا أو ﭬ-;-يروس فقدان المناعة المكتسبة السيدا : كلمة تعني s مجموعة أعراض و id فقدان المناعة و A المكتسبة . يعمل هذا الفيروس على تدمير الجهاز المناعاتي للإنسان وتعطيل وظائفه بمهاجمة الخلايا اللمفاوية. T4 2-التعريف السوسيولوجي: السيدا ظاهرة طبية ناتجة عن مرض وبائي ينتقل من شخص مصاب لآخر عن طريق الممارسات الجنسية الغير المحمية والأدوات الحادة الغير المعقمة وكذا عن طريق الحمل والرضاعة ؛ وكلها علاقات اجتماعية وهذه العلاقات الاجتماعية تسمح بالحديث عن السيدا كظاهرة اجتماعية إذ تفصح التمثلات المغربية عن الأمراض المنقولة جنسيا(السيدا...)أنها بناء ثقافي واجتماعي أكثر مما هي مرآة للمنظور الطبي.فالإنسان العادي كما يقول عبد الصمد الديالمي لايفسر الفيروس بالفيروس بل يربطه بعوامل أخرى : كالبرد والفساد الأخلاقي فمثلا يرى احد المبحوثين من طرف هذا الأخير ان السيدا هي" الجنس خارج الزواج "فالسيدا هنا هي بمثابة عقاب الاهي على ارتكاب الخطيئة (تفسير ماورائي). -;- تعريف الاندماج: نقصد بالاندماج في هذا العرض ان يكون المجتمع قابلا للمصاب بالسيدا وتفهم وضعه كمصاب دون إقصائه من شبكة العلاقات الاجتماعية اليومية التي تشبع حاجة الفرد للانتماء. -;- تعريف الإقصاء: ينص التعريف الإجرائي للإقصاء والذي نحاول توظيفه في هذا العرض على " يعد الفرد مقصيا ومستبعدا اجتماعيا إذا كان لايشارك في الأنشطة الأساسية للمجتمع الذي يعيش فيه".بمعنى استحالة المشاركة في مختلف ميادين الحياة التي ينظر إليها بوصفها ضرورية في المجتمع فالإقصاء إذن يعني غياب شبكات العلاقات الاجتماعية التي تؤدي إلى حدوث صعوبة في الاندماج والمريض بالسيدا أكثر عرضة لكي يتعرض للإقصاء والنبذ والتهميش. ∆-;-- نفترض أن المريض بالسيد ا يتم تهميشه وإقصاؤه من طرف المجتمع . إذن ما مظاهر التهميش للمصاب بالسيدا؟ ما الأدوار التي يقوم بها المريض بهذا المرض لكي يتجاوز التهميش؟ ما تمثلان المجتمع للمريض بالسيدا؟ وكيف يمكن تطوير إستراتيجية لإدماج المصابين بهذا المرض داخل المجتمع؟
2-مظاهر التهميش للمصاب بالسيدا. o الصعوبات التي تعترض الحاملين للفيروس عديدة تعكس في غالب الأحيان معاناة هذه الفئة من التهميش والإقصاء والنبذ والتحقير من طرف مختلف المؤسسات الاجتماعية. * علاقة المريض مع نفسه. الإعلان عن حمل الفيروس يؤدي إلى ردود فعل من طرف الشخص المصاب ، ردود الفعل هاته لها علاقة بحمل مرض معد وقاتل.وهنا تراود الشخص مجموعة من الأفكار : -الحياة قصيرة . -المستقبل قريب . -العلاقات مع الآخرين ومع الذات تهدمت. الأمر الذي يدفعه لطرح مجموعة من الأسئلة: -كيف لي أن أتحدث عن مرضي؟ -كيف أعيش حياتي الجنسية وأنا مصاب بالسيدا؟ -كيف يمكن أن يكون لي أطفال أو كيف أحقق حلم الأبوة ؟ إنها النهاية‼-;-‼-;- بالنسبة لغالبية المرضى إن تدهور الحالة الجسمية أمر يصعب تحمله؛ فمجرد الانشغال بمراقبة التغيرات التي تحدث في الجسم يمكن أن يعرض الشخص لأمرض أخرى ( القلق. العزلة...) فالمريض يستعد أوليا لكي ينعزل عن المجتمع من خلال الصورة التي كونها عن ذاته. *-علاقة المريض بالمجتمع والعائلة.
أنجزت الباحثة الفرنسية ايمانويل كاكرEmmanuelle cakir دراسة في المغرب معنونة ب"التكافل الاجتماعي ومشاكل وصم الأشخاص المتعايشين مع السيدا بالمغرب"،حاولت من خلالها إبراز الصعوبات التي تعترض المصابين بالسيدا في ظل سيادة أنماط ثقافية تتداخل فيها الأمية والجهل. وقد خلصت هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج تدل على أن المجتمع المغربي ينظر المصاب بالسيدا نظرة سلبية تؤثر عليه مما يؤدي إلى تعقد الوضع وتهرب المريض من مواجهة الموقف نتيجة الخوف من : رفض الأسرة ، رفض المجتمع...مم يؤدي بالفرد إلى العزلة والانغلاق على الذات وكذا الإحساس بالدونية وعدم الانتماء ويصرح احد المصابين " أخبرت صديقا كنت اعتبره مقربا لكن تغير بعد ذلك وندمت الآن على ذلك". فغياب الوعي بخصوصية المرض وكيفية انتقاله والوقاية منه وتجنبه يزيد من تعميق الأزمات النفسية والاجتماعية التي يعيشها المصاب. وتتجه أغلب البحوث المُنجزة في هذا الصدد إلى التأكيد على أن علاقة المريض بأسرته تختلف باختلاف المستوى المستوى التعليمي لكل أسرة ، فالوعي بالمرض وبكل خصوصيته يخفف من نبذ وإقصاء الأسرة للفرد المصاب كما تبين أن القدرية تلعب دورا كبيرا في التكيف الفردي والاجتماعي مع المرض . في حين أن عدم وعي الأسرة بخصائص المرض يؤدي إلى الإقصاء والتهميش من خلال مجموعة من السلوكات : كالسب ،والشتم ، نتيجة الخوف من العدوى ،فالمجتمع إذن مازال يدين الحاملون للفيروس مما يجعلهم يعيشون في صمت دون الإعلان عن مرضهم حتى لايلحق العار ربهم وبأسرهم *-علاقة المريض بالطبيب. إن سيادة الزبونية والمحسوبية وكذا انتشار ثقافة الرشوة وتعامل الطبيب مع المريض كآلة يجب إصلاحها يؤدي بالمريض إلى تكوين صورة سلبية عن ذاته تدفعه للانعزال وتزيد من معاناته. -خاتمة من خلال الخصائص التي تحدثنا عليها لعلاقة المريض بالسيدا بالعلاقات الاجتماعية يحق لنا طرح إشكالات جديدة يمكن ان تكون موضوعا لمحاولات جديدة في البحث من قبيل :كيف يمكن إدماج المصاب بالسيدا دون ان يحدث ذلك اثر على المجتمع؟وما دامت الممارسة الجنسية حق مشروع وغريزة قارة في الإنسان فهل يمكن للمصاب ان يتزوج بشخص أخر مصاب؟ وكيف يمكن تفعيل ما تقوم به وسائل الإعلام والمنظمات الغير الحكومية للتوعية والتحسيس والتخفيف من حدة هذه الظاهرة؟ هل الخطاب الديني وحده كافي لتجاوز هذه المعضلة؟
#محمد_الجلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعرفة والسلطة في تصور ميشيل فوكو
-
من الفعل الإجتماعي إلى الفعل الإستهلاكي
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|