أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الموت على سرير الآلهة _ قصة قصيرة ح1














المزيد.....

الموت على سرير الآلهة _ قصة قصيرة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4405 - 2014 / 3 / 26 - 22:05
المحور: الادب والفن
    


الموت على سرير الآلهة

لا تطاوعني الكلمات فهي تشعر بأنها عقيمة , وإذا حبلت ستلد هواء في شبك , سأغلق أبوابي وأسدل الستائر وألتحي همي فليس بعد هذا العمر من عمر ... أدخن أخر سجائري وأحرق بقايا صورة رسمتها مذ كان عمري عام ... خمسون وأكثر مضت لم أجد في النهاية غير صحن السجائر ممتلئ بكل أنواع الآهات المحترقة .. سأكتب وصية للرب ليقرأها بدلا عني أحد ممن سيستقبله في مملكته لأنني قررت أن لا أمر بدربه بعد ما خاصمني العمر كله ... أعرف مكاني جيدا لذا لا تسلموا أوراقي لأحد فقط أسقوني قليلا من الماء بعد الرحيل .
هذه أخر الكلمات المدونة في دفتر ذكريات أبو محمود والتي عرفت أنها له من قبل أصدقائه لأنها تحمل ذلك النفس الإنساني الفريد مذ خرج قبل 56 سنه متظاهرا في أحداث العام 52 شاب يافع ممتلئ الصدر بطول فارع كأنه نخله نشوى لم يجتاز مرحلة الدراسة المتوسطة نضجت رؤيته السياسية مبكرة كأنها ولادة أمل متسارع الخطى مدفوع بحماسة حب الوطن لتنتهي ليلته موقوفا في مركز شرطة العبخانه ,إنها المرة الأولى التي تستضيفه شرطة بغداد.
الليلة البارحة أسر لصديقه الأردني الحاج محمد أن ما يجول في خاطره الآن هو الحلم العودة لبغداد محمولا على جنح نسر جبلي من تلك النسور التي كانت تعج بها قصص والدته وهي تنقل أبطالها من مكان لمكان وتحارب الشر والطغيان من فوق القصر الصحراوي التي لا تسكنه إلا النسور المقاتلة,مددت قدماي ووضعت رأسي في حضن أمي وهي تقص لي حكاية الشاطر حسن وأستغرق في تفاصيلها وألبس كل الأزياء والألوان وأحمل كل المشاعر وأنا أعيش مع الشاطر حسن ظله أمشي حيث يذهب أقاتل معه وعندما أتعب أطلب منه أن يحملني فوق كتفه ويذهب بي تحت ظل شجرة .... أغفوا لأصحو على دفء المكان وأمي بوجهها المنير توقظني من أحلامي الشتوية كي أذهب باكرا للمدرسة.
أصداء تضج وضجيج الصدى يلف شارع الرشيد منددة بالعدوان على قلب الأمة ...نموت وتحيا مصر .. مصر يا بهية ... أنت الأمة العربية ,ما زلت أتذكر تلك الصرخات لا تهدأ تذكرني وتجرني لسنوات الخمسينات والستينات وبغداد تلتهب يوميا كأنها جرح العرب المدمي ,ما ينشف الجرح حتى تنكشه حوادث فلسطين ...النكسة المدوية عشتها بمرارة الفاقد سننتصر ولكن متى لم يعد هناك طريق ,سددنا حتى الزواريب الداخلية أقفلنا الشبابيك والشرفات صارت حواجز بين الناس,المجاري الداخلية لم تعد مسكن للجرذان نزل الكثيرون ليحجزوا أماكن إقامة , وحدهم النبلاء الفاسقون يفترشون الطرقات العريضة والمسابح تغسل لحوم مستوردة .. بيضاء شقراء من كل الأجناس المناضلة لتهز عالمنا العربي الساكن على وقع الهزيمة ... العربي من نشوة الخمرة اليومية برى السماء بلون الورد الجوري .. والتراب كافور اليتامى الذين يسقطون في شوارع العواصم العاهرة بدين الملوك عفوا والرؤساء الأشاوس .. بلاد العرب أوطاني ... بك ............ أوصاني.
جدتي هي التي علمت أمي فن الحكاية عندما سافر من باعت كل شيء كي تكسب رضاه وهو شاب تاركا طفل وطفلة في عهدتها دون راع في زمن الصيهود والقحط واليباب تقضي الليل بسف الحصر القصبية وحياكة شباك الصيد والغزل أحيانا مع قصص تقضي أمسيات ثقيلة طويلة كأنها دهور في سرد ما تخزنه من حكايات وقصص مليون ليلة وليلة تقارع الخوف به والشوق والرغبة لأنيس يستر لها حنينها لرجل وليس لذكريات ذهبت يعيدا في مخيلتها وصاحبها لم يعد ولن يعود ... الحجاز منه جاء الناس للعراق وقت ما كان العراق عراق السواد ذهب ليعمل ويأت بالذهب كما يقول قتلننا تلك السنون هكذا تحدق جدتي أمي ... يروي أبو محمود قصة الأمس.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن وعلم الله ج3
- الزمن وعلم الله ج2
- الزمن وعلم الله ج1
- سرك الحب
- الفلسفة الافتراضية وجه أخر لعالم جديد ح2
- الفلسفة الافتراضية وجه أخر لعالم جديد
- لك أخي الراحل _ كلمات للراحل د محمد بديوي الشمري
- غير أني لا أتذكر _ قصة قصيرة
- أشتراطات التغيير والعمل السياسي في العراق ح2
- أشتراطات التغيير والعمل السياسي في العراق ح1
- امرأة من حرير _ قصة قصيرة
- الهوية الفكرية للمجتمع العربي ح3
- الهوية الفكرية للمجتمع العربي ح2
- الهوية الفكرية للمجتمع العربي
- الحب الأول _قصة قصيرة
- الإسلام وواقع المسلمين ج2
- الإسلام وواقع المسلمين
- من يمنحني روح
- الدين بدالة التدين أفتراق في الجوهر والمضمون ح2
- الدين بدالة التدين أفتراق في الجوهر والمضمون ح1


المزيد.....




- بوتين يستضيف قمة في قازان لإظهار عدم عزلته المفروضة من الغرب ...
- محمد بن زايد يدون باللغة الروسية: الإمارات مهتمة بتعزيز العل ...
- لماذا ينبغي على الأطفال مشاهدة التلفاز مع الترجمة النصية؟
- طفل روسي يلقي التحية ويتحدث باللغة العربية مع الشيخ بن زايد ...
- روسيا تدخل اللغة العربية إلى امتحان الدولة الموحد
- السنوار.. أديباً ومؤلفاً ومترجماً وفناناً!
- “عيش مع الطبيعة” تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات 2024 ...
- الفنانة ميرنا بامية تقدّم معرض -حامض- في باريس
- -قازان- من أقدم وأجمل المدن الروسية.. إليكم جولة على أهم معا ...
- الفيلسوف إيمانويل تود الذي يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الموت على سرير الآلهة _ قصة قصيرة ح1