أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة البنية















المزيد.....


استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة البنية


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 09:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يبدو ان النقد الغربي الحديث القى بثقله على النقاد والمفكرين العرب الى الحد الذي اصبح معه هذا النقد نموذجا يحتذى على مستوى التنظير خصوصا , مما وصمه بالتجريد والابتعاد عن الواقع , ولنا في هذا المجال اكثر من نموذج عربي اقتصرعلى التنظير لمقولات النقد الغربي , ولعل ابرز هذه النماذج كتاب الدكتور زكريا ابراهيم : (مشكلة البنية) الذي جاء على غرار كتاب الأمريكية اديث كيرزويل : (عصر البنيوية من شتراوس الى فوكو) والذي ترجمه الى العربية الدكتور جابر عصفور , ومن الجدير بالذكر ان كيرزويل استعرضت في كتابها المذكورافكار البنيويين الاعلام: شتراوس والتوسير ولوفيفر وريكور والان تورين وجاك لاكان وبارت وفوكو , وقد سار كتاب الدكتور زكريا ابراهيم على النهج ذاته فأستعرض في كتابه افكار كل من: سوسير وشتراوس وفوكوه وجاك لاكان والتوسير .
والملاحظ ان الدكتور زكريا قد استبعد كل من لوفيفر وريكور والان تورين وبارت واضاف سوسير . ويبدو ان السبب في ذلك يعود الى ان لوفيفر يمثل الجناح المعارض للبنيوية , اما ألان تورين فهو يرفض ان يطلق عليه صفة بنيوي ، وعلى هذا الاساس ذاته وضعتهم كيرزويل في كتابها ، اما سوسير فان ادراج الدكتور زكريا له ضمن كتابه يتماشى مع الرأي القائل : بأن كتابه (علم اللغة العام) يعد من صميم البنيوية .
ولم يسلم التنظيرعند الدكتور زكريا من عدم وضوح الرؤية فقد ذهب الى ادراج فوكو في كتابه كما فعلت الكاتبة الامريكية على الرغم من ان فوكو انقلب على البنيوية واتجه الى ما بعد البنيوية (التفكيك) قبل ان يؤلف الدكتور زكريا كتابه بسنوات طويلة, بل ان فوكو حتى في كتبه التي عرضها كل من كيرزويل والدكتور فؤاد زكريا لم يكن بنيويا خالصا فالرجل من اول امره حاول تفكيك البنى الثقافية لا التأكيد عليها , وذلك واضح في اعتماده على المنهج الاركيولوجي (الحفر او التنقيب) لغرض اكتشاف (( ان الممارسات العلمية في العصور الثقافية تصاحبها معتقدات خاصة )), ومن اجل ذلك درس فوكو الطب والجنون والعلاج النفسي من اجل التفكيك البنى المعرفية التي حكمت نظرة المجتمع الاوربي للسجناء والمجانين في العصور الوسطى ، حينما جعل الجنون انحرافا معرفيا لذلك أقصى المجانين رافضا ان يتعرف على ذاته من خلال تلك الصورة ، وكأن نظرة المجتمع آنذاك كانت نظرة مركزية تعتمد على احادية التعامل مع الاخر رافضة الالتفات الى نفسها
ويتضح الارتباك اكثر في التنظيرعند الدكتور فؤاد زكريا في كتابه المذكور في استعراضه لمؤلفات فوكو : (تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي, ومولــــد العيادة, والكلــمات والاشياء ) , فمن المعلوم ان فوكو يستعمل الادوات التفكيكية حينما يعرض للجنون في كتابه (تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي) واصفا تعامل المجتمع مع المجانين وطريقة العرض الذي اتبعها بأنها ليست تاريخية على الرغم من وجود الملامح الزمنية في تحقيب النظرة الاوربية للجنون , وعلى الرغم من تسمية كتابه (تاريخ الجنون) ، لكن يمكن القول ان فوكو اراد من عرضه يبين ان الجنون او (التعامل مع المجانين) قد ساهم في رسم صورة الواقع الثقافي الاوربي في القرن السابع عشر , أي ان فوكو حاول من خلال كتابه ان يكشف بأن الثقافة الاوربية لم تتعرف على نفسها الا عن طريق الغاء الآخر ، فهي حينما اعطت الجنون معنى الانحراف واللاعقلانية والشذوذ انما ارادت ان تثبت عقلانيتها وإيجابيتها ، بمعنى اخر ان دراسة المرض عند فوكو تعد مثالا صالحا لتفكيك المنظومة المعرفية للغرب الاوربي انطلاقا من التسليم بان العقل يمثل قوة التحكم في الذات في حين يمثل الجنون العجز عن التحكم . ولذلك فإن المجانين عدّوا خارجين عن نطاق العقل , ويجب معاملتهم معاملة قاسية لان المجتمع في القرن السابع بحاجة الى العقلاء العاملين والمثمرين . هذه النظرة للمجانين كانت على الضد في زمن الاقطاعية الاوربية حينما كان ينظر الى الجنون بوصفه اداة تسلية للملوك والحكام ، وما يريده فوكو من هذه المقارنة بين التعامل مع المجانين في زمن الاقطاعية والقرن السابع عشر هو ان الجنون كان يخضع للبنية الثقافية للمجتمع ، ويضيف فوكو مثالا اخر ان المجتمع الاوربي بعد الثورة الفرنسية وتشريعاتها الانسانية نظر الى الجنون بانه شكل من اشكال (اللا انتاجية) .
وفضلا على ما تقدم فان فوكو طالما اكد على ظروف تكوين البنى الثقافية وشروطها اكثر من تأكيده على تلك البنى ذاتها وهذا من صميم التفكيك ، ومن هنا يمكن ان نفهم تأكيده على ظروف ظهور اللغة او الطريقة التي يوصف بها الجنون بوصفه حالة خارجة عن العقل الذي طالما توهم بأنه يعي تكوين تلك اللغة او ذلك التعامل ، وهذه النقطة تمثل نقطة البداية عند فوكو في التفرقة بين المتضادات التي ساهمت في تكوين الثقافة الاوربية : (عاقل / مجنون , متحضر / بدائي , سوي / شاذ) . وانطلاقا من رفض فوكو لهذه الثنائيات , تماشيا مع تفكيكيته فأنه وجد في الجنون معنى ايجابيا بالنسبة للثقافة الادبية بوصفه دلالة او قيمة لغوية ، فضلا عن ان مضامينه قد تكتسب معنى ما , انطلاقا مما يشجبه المجتمع ويقصيه جابناً مستبعدا اياه تماما بوصفه جنونا .
ويواصل فوكو هذا المنهج الاركيولوجي في كتابه (مولد العيادة) ايضا ليؤكد مرة اخرى ان لغة الطب هي الاخرى مرهونة بظروف المرحلة الثقافية فلم (( يكن للانسان الغربي ان يصبح في نظر نفسه ـ انسان علم ـ اللهم الا بعد انفتاحه تماما على واقعة فنائه الخاص , وهكذا نشأت عن خبرة الجنون كل النظريات السيكولوجية ان لم نقل امكانية علم النفس كما تولدت عن تفسير الموت في الفكر الطبي دراسة الطب بوصفه علما للفرد)) .
ثم يحاول فوكو في كتابه (الكلمات والاشياء) ان يصوغ منهجا للتفكير الفلسفي بعد ان اصيب ـ منذ ارسطو ـ بأحادية التفكير او مركزية العقل وذلك من خلال تأكيده على المنهج الاركيولوجي في دراسة العلوم الانسانية لغرض ابراز مكان المعرفة او دائرتها المكانية (أي) تلك التنظيمات او الاوضاع التي عملت على ظهور الاشكال المتنوعة للمعرفة ..... فنحن هنا لسنا بازاء تاريخ بالمعنى التقليدي لهذه الكلمة بل نحن على الارجح بازاء اركيولوجيا .
وعلى الرغم من ان الدكتور فؤاد زكريا في عرضه لفلسفة فوكو على انها بنيوية، لكنه يعود في الفقرات الاخيرة ليذكر بعدول فوكو عن البنيوية دون ان يذكر الاتجاه الذي عدل اليه فيقول : (( وليس من شك في عدول فوكوه ـ في كتبه المتأخرة ـ عن استخدام مفهوم (الابستيمية ) شاهد على رغبته في التخلي عن اتجاهه البنيوي السابق من اجل العمل على تجاوز كل من الانسانية والبنيوية على سواء)).
وفضلا على ما تقدم فان الدكتور زكريا يصف في احدى الفقرات فلسفة فوكو بانها : (لافلسفة ) تهتم بالتساؤل عن اللغة اولا , ولا يوجد هناك انسان خارج اللغة فالإنسان عند فوكو قد مات حينما استيقظت الفلسفة من سباتها المعرفي ، وهكذا نجد ان فوكو في هذه الفقرات تفكيكيا ضد البنيوية ، لا كما عرضه الدكتور فؤاد زكريا بوصفه بنيويا ، ويمكن ان يؤشر ذلك كله غياب التمييز بين المناهج النقدية عند مفكر كبير مثل الدكتور زكريا الذي لم تتضح عنده ملامح التفكيك فما يبدو بسبب غياب الجانب التطبيقي في عمله .
وبخصوص مرجعيات الدكتور زكريا ابراهيم فان القارئ لا يتبين له بوضوح مصادر الدكتور زكريا في كتابه ، فالكتاب يخلو بشكل تام من الاشارات التوثيقية على الرغم من المؤلف كثيرا ما يذكر اقوال رواد المنهج البنيوي وعلى هذا الاساس فنحن (( لا نستطيع ان نتبين بدقة ما اذا كانت ملاحظاته النقدية عنهم من مصادر تجاربه الخاصة او نتيجة لقراءاته فان مرجع ذلك يتصل بمنهجه في التأليف وعادته في التخفيف من الاشارات التوثيقية )) .
مصادر:
1ــ مشكلة البنية , د زكريا ابراهيم .
2ـــ تحليل الخطاب الادبي , د محمد عزام .
2ــ اشكاليات الخطاب النقدي العربي المعاصر , دعلي حسين يوسف .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة وما بعد الحداثة والتداخل المفاهيمي بينهما .
- الممارسة النقدية العربية ومشكلة التنظير
- من البحث عن النقد الى البحث عن الهوية المنهجية
- النقد والآيديولوجيا ... في النقد العربي المعاصر
- قراءة في كتاب نظرية البنائية في النقد الادبي
- في مصطلح الاجراء النقدي
- على حافة الحرف (نص)
- ادعاء (نص)
- فوكو بوصفه قارئا
- الحقيقة بين المنطق واللغة
- خصوصية التفكير الفلسفي
- فكرة الالوهية عند الفلاسفة
- في الادب المقارن ....اثر الإسراء والمعراج في المعري ودانتي
- في قصيدة النثر ... سؤال الهوية ..
- الطبيعة الإنسانية بين الفلسفة والأدب....... صورة الذات الشري ...
- النص ومستويات التحليل الاسلوبي
- مراحل الانتقال الكبرى في التاريخ الحضاري
- فعل المثاقفة بين السلب والايجاب
- في نقد النقد ... محاولة تصنيفية
- من المشكل إلى الإشكالية ... مسيرة مفهوم .


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة البنية