|
نَوروزيات
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعياد " نوروز " أو " اليوم الجديد " هذا اليوم ، كُردياً .. كانتْ مُختلفة عن السنين السابقة .. ففي حين ان كردستان العراق أو أقليم كردستان ، كانَ في السابق ، هو مَحط أنظار جميع الكُرد ومَركز الإحتفالات الرئيسية بالمُناسبة ، فأن ديار بكر أو " آمَد " ، هذه السنة .. قد خطفتْ الأضواء . وأدناه بعض الإنطباعات السريعة ، حول إحتفالات نوروز وتداعياتها : * قبلَ عقودٍ من الزَمن ، كانَ إستذكار إسطورة " كاوة الحّداد " الذي ثارَ على الطاغية قبل 2700 سنة ، يُشّكِل مغناطيساً يجذب الكُرد في كُل مكان ، ويجمعهم في هذه المناسبة ، أي نوروز . لكن ظهور الأحزاب القومية ، وتنافُساتها وصراعاتها ، أدى تدريجياً ، الى إستغلال المناسبة ، لأغراض حزبية ودعائية ضيقة . وهذا الأمر ، بدا بِكُل وضوح هذا اليوم : ففي دهوك وأنحاءها ، كانتْ أعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني ، في أماكن الإحتفالات ، أكثر من العَلَم القومي الكردستاني .. في حين طَغَتْ أعلام الإتحاد الوطني ، في بعض مناطق السليمانية الخاضعة لسيطرة هذا الحزب . والوضع لم يختلف في القامشلي وعامودا وغيرها من المدن السورية ، التي يُديرها " حزب الإتحاد الديمقراطي " المُوالي لحزب العمال الكردستاني ، حيث إرتفعتْ أعلام الحزب وصُور أوجلان . أما في ديار بكر ، فمن بين كُل خمسين عَلماً لحزب العمال وحزب السلام والديمقراطية ، رُبما تُشاهد علماً قومياً يُعّبِر عن نوروز ! . كُل حزبٍ يُحاول " تجيير " هذه المُناسبة لحسابه الخاص . * الإنتخابات البلدية في تُركيا ، موعدها 30/3/2014 أي بعد أيام ، وهي إنتخابات بالغة الأهمية ، ستُقّرِر نتيجتها ، مُستقبل " حزب العدالة والتنمية " أي حزب أردوغان ، وكذلك " حزب السلام والديمقراطية " أي الحزب الرديف لحزب العمال الكردستاني . ولهذا السبب ، فلقد شحذَ السلام والديمقراطية ، كُل جهوده ، من أجل الإحتفال بنوروز في العاصمة ديار بكر .. وأعلنَ انها ستكون " مليونية " ودعا المئات من الشخصيات الرسمية والثقافية حول العالم . واُلقِيَتْ في الإحتفال ، كلمة " عبدالله أوجلان " المُرسلة من سجنه في إيمرلي . لقد إستغلَ حزب السلام والديمقراطية وبالتالي حزب العُمال الكردستاني ، إحتفال نوروز ، خير إستغلال ، للدعوة إلى إطلاق سراح زعيمه أوجلان أولاً ، والدعاية الكبيرة للحزب قُبيل الإنتخابات ثانياً . * لّبَتْ كافة الاحزاب الرئيسية في أقليم كردستان ، دعوة بلدية دياربكر للمُشاركة في إحتفال نوروز . حركة التغيير بوفدٍ رفيع المُستوى / الإتحاد الوطني بالسيدة هيرو أحمد عقيلة ووكيلة الطالباني وإثنين من أبرز أعضاء المكتب السياسي / الإتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ، بشخصياتٍ قيادية مُهمة . أما الحزب الديمقراطي الكردستاني ، فلقد أرسل وزير الداخلية ، لينوب عن السيد رئيس الأقليم مسعود البارزاني . حيث قال بعض المُراقبين ، انه ، رغم الموقع المهم الذي يشغله كريم سنجاري وزير الداخلية ، فأنه ليسَ من شخصيات الصف الأول في الحزب الديمقراطي ، وأن إرسال مبعوثٍ " أمني " كانَ له مردودٌ سلبي لدى أوساط حزب السلام !. * اُلقِيَتْ ثلاثة كلمات مُهمة في إحتفال ديار بكر : كلمة أوجلان الزعيم المسجون / كلمة " جميل بايك " القائد العسكري في جبال قنديل / كلمة حزب السلام والديمقراطية . المُحتوى الأساسي ، في رسالة أوجلان ، كانَ ، التركيز على إستمرارية عملية السلام بين الكُرد والحكومة ، ولكن بشرط ان تقوم الحكومة في الفترة القادمة القريبة ، أي بعد الإنتخابات ، ب " تقنين " عملية السلام بين الطرفَين ، من خلال تعديل بعض بنود وفقرات الدستور . الإنطباع السائد حول رسالة اوجلان ، انها كانتْ ( مُعتدلة أكثر من اللازم ) ، حيث كانَ البعض يتوقع ، ان تكون حازمة وقوية ! . رسالة " جميل بايك " ، بالمُقابِل ، كانت بلهجةٍ مُختلِفة ، وأكثر صرامة .. إذ وردَ فيها : ان حزب العدالة والتنمية أي حزب أردوغان ، لا يُؤمِن بالسلام ، بل أنه يُعرقل كُل الجهود الرامية الى ذلك . قالَ البعض : من الطبيعي ، أن تكون صياغة رسالة جميل بايك ، المُقاتِل المًسلَح ، أكثر حِدَةً من رسالة أوجلان القابع في الأسر منذ سنوات طويلة ! . كلمة حزب السلام والديمقراطية ، الذي يحكم أغلب البلديات المُهمة في كردستان تركيا منذ الإنتخابات السابقة ، كانتْ في الوسط من رسالتَي أوجلان وبايك .. ركزتء على التعايش بين جميع المكونات وأهمية إدامة السلام ، ولكن ضرورة ، ان يتم التفاوض ، ليسَ بين الإستخبارات التركية واوجلان في سجن إيمرلي ... بل بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني مُباشرة ! . أظهرَتْ الكلمات الثلاثة ، ما يلي : وجود إختلاف ، بين توجهات أوجلان / بايك / دميرتاش . فأما أن يكون ذلك نوع من " توزيع الأدوار " بينهم ، من أجل الحصول على فُرص مُناورة جيدة ، في التفاوض مع الحكومة التركية . أو هنالك بالفعل ، إختلافات حقيقية بين هذه الأطراف ، وفي هذه الحالة ، فأن أردوغان أو غيره ، لن يتوانوا ، عن إستغلال هذه الثغرات والنفوذ منها ! . * أكثر ما أثار إنتباهي ، في هذه الإحتفالات ، هو ( الدَور البارز للمرأة ) في ديار بكر .. مقابل التهميش في الأقليم . فالتي قرأتْ رسالة أوجلان : إمرأة عضوة في البرلمان . التي ألقتْ كلمة حزب السلام والديمقراطية ، هي الرئيسة المُناوبة للحزب ، إمرأة . ومُرشحة حزب السلام ، لمنصب رئيس بلدية العاصمة ديار بكر في إنتخابات 30/3 ، خلفاً للقيادي البارز عثمان دميرباش ، إمرأة . هذا عدا عن مئات القياديات البارزات ، والمطربات والفنانات والناشطات ، كُلهن في جانب ، والنساء المُقاتلات في صفوف حزب العمال في قنديل وسوريا ، في جانبٍ آخر . وبالمُقابل ، فأن إهمال وعدم إشراك ، النساء .. في أقليم كردستان ، في المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة ، وعدم ترشيح أي إمرأة لأي منصب وزراي في الحكومة القادمة ، وإزدياد العنف ضد النساء ، وإقتراح مشاريع قوانين تُزيد من تكبيل المرأة .. كُل هذا .. يُشكل فارقاً جوهرياً ، في كيفية النظر والتعامُل مع المرأة ، هُنا في الأقليم من قِبَل الأحزاب الحاكمة ، وهناك في تركيا وسوريا ، من قِبَل حزب العمال وفروعه ! . * لعبَ " شفان بروَر " دوراً مهماً في إذكاء الروح الثورية ، لدى الشباب الكُرد في العراق وتركيا وسوريا وإيران ، منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي ، من خلال أغانيه وأناشيده الثورية اليسارية .. " أحد أصدقائي اُعدِمَ من قِبَل الأمن في العمادية في 1977 لأنه كان يحمل شريط كاسيت لأغاني شفان " . شفان بروَر ، كان بمثابة " فيكتور جارا " لكُرد تركيا . قبلَ أشهُر ، ذهبَ " شفان " مع السيد رئيس الأقليم البارزاني ، الى مدينته " ديار بكر " بعد غياب 36 سنة . رحبَ به أردوغان وعانقه . اليوم هنالك صورة ضخمة لأردوغان وهويضع إحدى يديه على كتف شفان واليد الاخرى على كتف المطرب إبراهيم تاتلس ، في المدن الرئيسية : دياربكر / وان / الجزيرة وغيرها . دعاية مجانية لأردوغان . من المُؤسِف جداً ، أن لايُدعى " شفان بروَر " الى إحتفالية نوروز في ديار بكر .. حيث ان حزب السلام والديمقراطية الذي يدير البلدية ويرسل الدعوات .. تجاهَل شفان ، وإعتبرهُ داعماً لأردوغان سواء أكانَ ذلك صحيحاً أم لا ! . * أكثر من عشرين سنة ، من الحُكم الشُبه مُستقل في أقليم كردستان .. ولم تفلح الأحزاب الحاكمة ، في تهذيب الإحتفالات والإرتقاء بالمراسيم الى مستويات رصينة . فليلة أمس مثلاً ، أي 20/3 عشية ليلة نوروز .. إشتعلتْ سماء المدينة بإطلاقات الرصاص والألعاب النارية والمفرقعات المدوية .. إبتدأتْ في حوالي السادسة عصراً . وإستمرتْ بشكلٍ مُتقطع حتى الواحدة بعد منتصف الليل ! . في فوضى صاخبة ، ولدتْ تلوثاً ضوضائياً كبيراً . فيُفترَض بالحكومة ، ان تُحّدِد وقتاً لهذه الفعاليات ، مثلاً من السادسة حتى التاسعة ، وتفرض عقوبات جدية على المُخالفين ، حفاضاً على البيئة وراحة المواطنين . كذلك ، حبذا ، لو إرتقَتْ وسائل الإعلام عندنا ، بحيث لايكتفي مُراسلوها المتجولون في أماكن تواجد العوائل المُحتفلة ، بأسئلةٍ ساذجة وسخيفة وسمجة ، كُلها عن الأكل والملابس ! .. وكأن كُل الحياة متوقفة على المعدة والكَساء . أليستْ هنالك أسئلة ثقافية وبيئية وتسلية راقية وتوعية مدروسة ؟؟! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكَي تُحّقِق حلمكَ ، يجب أن تستيقِظ
-
- أبطال - الساحة السياسية اليوم
-
زيارة البارزاني الى ( وان ) ، بين مُؤيِدٍ ومُعارِض
-
أُذُن الحِمار
-
ماذا يفعلونَ في بغداد ؟
-
سيدتي .. لا أملكُ غير كلمات
-
إنتبهوا الى فَرق التوقيت
-
رُبَّ ضّارةٍ .. نافعة
-
إنترنيت يشتغل ب - الكباب - !
-
أحد أسباب أزمتنا المالية
-
- كِذبَة نيسان - والدعاية الإنتخابية
-
لا حَميرَ في أقليم كُردستان
-
أزمَة الرواتب في أقليم كردستان
-
قَبْلَ ... وبَعدَ
-
الإنتخابات .. إذا جَرَتْ
-
على هامش الأزمة المالية في الأقليم
-
همومٌ كُردستانية
-
أوضاعنا المُتأزمة
-
مَنْ س ( يلوكِلْنا ) بعد إنتخابات نيسان 2014 ؟
-
- لعبة - تشكيل حكومة الأقليم
المزيد.....
-
بشخصيتين.. دنيا سمير غانم -عايشة الدور- في رمضان
-
لماذا لم يُبعد السجين الأردني في إسرائيل عمّار الحويطات إلى
...
-
سوريا: تنصيب الشرع -الجولاني- رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل
...
-
تعيين أحمد الشرع رئيسا لسوريا في المرحلة الانتقالية
-
تركيا تعلن مقتل 3 من مواطنيها بغارة إسرائيلية على الحدود الل
...
-
إعلام مصري يبرز -لاءات- السيسي الحاسمة على مقترح ترامب
-
إيطاليا تواجه اتهامات بالتنصل من التزاماتها الدولية بعد الإف
...
-
الرئيس الألماني يحذر من ارتداد بلاده إلى -عصر مظلم-
-
الدفاع الروسية: إسقاط 4 مسيرات أوكرانية فوق القرم وبيلغورود
...
-
كينيدي جونيور: أنا داعم للسلامة والتقارير الإعلامية حول اللق
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|