|
الثورة السورية بعد ثلاث سنوات الإشكالية والحل
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 15:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يمثل ضعف البنية السياسية لقيادة كل من المجلس والائتلاف الأساس الموضوعي لكافة الإشكالات الأخرى التي عانت منها المعارضة السورية وما تزال طيلة السنوات الثلاث الماضية . وبعود ضعف هذه البنية ـــ حسب تقديرنا ــ بصورة أساسية إلى : + الطابع التراكمي للمعارضة ، والذي تعود بداياته الأولى إلى النصف الأول من القرن الماضي حيث محاولات الانتداب ( الاستعمار ) الفرنسي الفاشلة اللعب بورقة الأقليات وخلخلة النسيج الاجتماعي والوطني السوري ، وتقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية ، بعضها معارض وبعضها مؤيد . هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى ، فإن خللاً أخر تسلل إلى المرحلة الاستقلالية ، ألا وهو انقسام الصف الوطني سياسياً وأيديولوجياً ودينياً ، وبالذات إلى ثلاثة تيارات كبرى هي : التيار القومي العربي ، والتيار الديني الإسلامي ، والتيار المركسي اللينيني ، حيث اعتبر كل من هذه التيارات الثلاث ، أنه وحده يمتلك الحقيقة ، وأن التيارين الآخرين دخيلين على سوريا بل على الأمة العربية كلها ، ولابد من إزاحتهما عن الساحة السياسية تمهيداً لإزالتهما التامة . ومن المعروف أن هذه التيارات الثلاث قد انقسمت في النصف الثاني من القرن الماضي على نفسها بين متطرفين يشعرون بالاكتفاء الذاتي وبعدم حاجة الوطن والأمة ( ولاحقاً الثورة ) إلى التيارين الآخرين ، ومعتدلين يؤمنون بمقولة " الرأي والرأي الآخر " ، وبمقولة الإمام الشافعي " رأي صواب يحتمل الخطأ ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب " ، وبمقولة الإمام علي " الناس صنفان ، إما أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق " ، وبالتالي فإن الوطن ( ولاحقاً الثورة ) بحاجة إلى جهود الجميع . + التداخل بين القديم والجديد / التراث والمعاصرة / الماضي والحاضر ، وتعود جذورهذاالتداخل عملياً إلى القرن الخامس عشر ، وهو ماأكده ابن خلدون في مقدمته بقوله : " وكأني بالمشرق قد نزل به مثل مانزل بالمغرب ، لكن على نسبته ومقدار عمرانه . وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة ... وإذا تبدلت الأحوال جملة ، فكأنما تبدل الخلق من أصله ، ةتحول العالم بأسره ، وكأنه خلق جديد ، ونشاة مستأنفة وعالم محدث " ( تاريخ العلامة ابن خلدون ، المجلد الأول ، الطبعة الثانية ، مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني ، بيروت 1961 ، ص 53 ) ذلك أن شمس العالم الإسلامي بدأت بالانكفاء الذي انتهى بوقوع معظم أقاليمه تحت قبضة الدول الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين ، ولا سيما بعد وفاة " الرجل المريض " وسقوط الخلافة الإسلامية في مفتتح القرن العشرين . إن هذا التداخل بين الماضي والحاضر ، تسبب ليس في انقسام المجتمع ( وهنا المجتمع السوري ) إلى من يضع قدميه وعينيه في الحاضر ، بينما يتطلع بقلبه وعقله إلى الماضي فقط ، وإنما أيضاً انقسام الفرد / المواطن على نفسه ، بحيث أصبح يعيش حالة من الإزدواجية الأخلاقية والفكرية ، فهو المسلم الذي ينظر إلى مأكله وملبسه ومشربه ووسائل راحته وتسليته وعمله ، فيراها كلها من صناعة غير المسلمين ، من جهة ، وأنه لايستطيع الاستغناء عنها من جهة أخرى ، وتصبح هذه الإزدواجية الأخلاقية والفكرية ، التي يعيشها مواطننا ، وبالتالي مجتمعنا ، أمراً واقعاً ومفروضاً . إن مانجم عن هذه الإزدواجية ، هو مواطن ينصف هويّة ، وبنصف موقف ، ولذلك نراه يتنقل
بحرية ، من حزب البعث إلى حزب الإخوان المسلمين إلى الحزب الشيوعي ، ومن المجلس الوطني إلى الائتلاف ، دونما شعور بالحرج ، أو حتى بالخجل ، ويتحول ــ عملياً ــ إلى إنسان هش ، سهل الكسر ، شعاره الوطني " دولار في اليد خير من عشرة على الشجرة " . + غياب الأساس الوطني الجامع ، الذي يمكن أن تتوافق عليه ، وتلتف حوله كافة أطراف وتيارات المعارضة ، التي أشرنا إليها أعلاه ، إن غياب هذا الجامع الوطني ، سمح لكل طرف من الأطراف الرئيسية الثلاثة في المعارضة ( القومين ، الإسلامين ، الماركسيون ) ، أن يعتبر أيديولوجيته وأفكاره " مكتفية ذاتياً " أي أنها ليست بحاجة إلى " الآخر " ، وهو ماترتب عليه دخول حالة من عدم الثقة بين هذه الأطراف ، ثم تحول حالة عدم الثقة إلى صراع سياسيي وفكري عبثي وغير مبرر . لقد ترتب على غياب الأساس الوطني الجامع 1) الهوة العميقة بين قيادة الثورة ( المجلس والائتلاف ومقرهما تركيا ) وقاعدتها (المجموعات المقاتلة في الداخل السوري ) ، 2) دخول العامل الخارجي على خط المعارضة وهو ماأدى إلى تكوين ال " الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية " على التوازي مع مؤسسة المجلس الوطني ، الذي بقي محتفظاً بوجوده ودوره بالرغم من انضمام عدد كبير من أعضائه إلى الائتلاف . 3) الاختلافات التي شهدناها قبل بضعة أسابيع بين المجلس والائتلاف وداخل كل منهما ، حول المشاركة في مؤتمر جنيف 2 من عدمها ، وحول دعوة طهران للاشتراك في هذا المؤتمرمن عدمها ، وحول زيارة موسكو من قبل بعض أعضاء الائتلاف .
يتمثل الحل الذي يقترحه الكاتب للخروج من هذا الاستعصاء الذي وصلت إليه الثورة السورية في ضرورة تلافي الخطأ والخلل في بنية القيادة السياسية للثورة ، سواء في حالتها الأولى (المجلس ) أو في حالتها الثانية ( الائتلاف ) ، وذلك بواسطة تكوين سياسي وعسكري جديد من عناصر كفوءة وثورية يقود الثورة إلى الانتصار بأقصر وأسلم وأسرع الطرق ، وأقلها تكلفة بشرية ومادية . ويقترح الكاتب أن تتكون هذه القيادة السياسية والعسكرية الجديدة من العناصر الثورية المعتدلة أيديولوجياً ، في كل من التيارات السياسية والحزبية التالية : 1) الجيش الحر ، 2) القوميون ، 3) الإسلاميون ، 4) اليساريون ، 5) الليبراليون ، 6) الكورد غيرالإنفصاليين ، 7) مستقلون . ويرى أن على القيادة الجديدة مراعاة الأمور الهامة التالية : ــ تمتين العلاقة بين القيادة السياسية والقاعدة المقاتلة بشقيها المدني والعسكري ، ــ حصر حمل السلاح ــ بالجيش الحر ، بشقيه ( المنشقين والمتطوعين من الثوار ) ، ــ إخضاع القيادة العسكرية للجيش الحر للقيادة السياسية الجديدة ، ــ تعيد القيادة السياسية وبالتشاور مع كبار الضباط في الجيش الحر ،هيكلة هذا الجيش ومهامه وتشكيلاته على غرارالقواعد والأعراف العسكرية المتبعة في كافة جيوش العالم ، ــ تضع القيادة الجديدة ، ميثاق وطني جديد ، بالاعتماد على كافة ادبيات المجلس والائتلاف السابقة ، وأيضاً على الدراسات النظرية والميدانية التي وضعتها مراكز البحوث الموالية للثورة ، ويكون أساساً لكل من " اليوم الحالي " و " اليوم التالي " ، ــ إعادة الحياة المدنية الطبيعية ، والإدارات المحلية إلى نشاطاتها التقليدية في المناطق المحررة ، ــ الاهتما م الخاص بالإعلام ، وكسب الرأي العام السوري والعربي والإسلامي والعالمي للثورة ــ إنشاء مكتب علاقات عامة من عناصر ثورية شابة ، كفوءة ونشيطة وذات خبرة ، ــ إنشاء مكتب مالي من عناصر كفوءة ونزيهة وذات خبرة . ( ملحق : مخططان توضيحيان )
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خواطر حول ثورة 18آذار 2011
-
رسالة أخوية إلى الائتلاف
-
الأسد المالكي السيسي .. تعددت الأشكال والمضمون واحد
-
من وحي مؤتمر مونترو حول سورية - السبب الحقيقي لانقسام المعار
...
-
مؤتمر جنيف 2 والانتصار الممنوع
-
الثورة السورية بين المجلس والائتلاف
-
العروبة والإسلام والطائفية
-
خواطر حول: إشكالات صندوق الاقتراع ، والثورة السورية
-
مقترحات محمد الزعبي لوفد المعارضة الذاهب إلى جنيف
-
الثورة السورية ومؤتمر جنيف2 - أمران أحلاهما مرُّ
-
العلاقة بين العرب والغرب جدلية السيد والعبد
-
خاطرتان حول الأسد والربيع العربي
-
جنيف 2 وإشكالية الحوار بين المعارضة والنظام السوري
-
مرة أخرى دفاعاً عن نظرية المؤامرة
-
الأزمة الراهنة في أمريكا من منظور يساري أمريكي
-
دير شبيجل تسأل وبشار الأسد يجيب
-
سوريا والألوان الثلاثة
-
قراءة محايدة لبعض أدبيات المعارضة السورية
-
عمّو أنا عايشة؟ ، عمّو أنت عايشة
-
الضربة الأمريكية المتوقعة بين القبول والرفض
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|