|
نظام في جثة: الثورة مستمرة..!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 17:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لايختلف اثنان، على أن الوضع الذي وصلت إليه الثورة السورية العظمى، غارق في أبشع صور مأساويته، وذلك لوجود بون شاسع، بين البدايات، التي انطلقت منها، وحاضرها الأليم، بسبب الاتجاهات الإجبارية التي مرت بها، وهوما لايحسب في عداد فشل روح الثورة، الشعبية، الأفقية،العارمة، لأبناء المكان، بحيث كانت منطلقها: مدن وبلدات وأرياف البلاد، كلها، وإن بنسب متفاوتة، بين هذا العنوان وذاك، تبعاً لعوامل تتعلق بطبيعة هذا الحي، أوذاك، في هذه المدينة، أوتلك، لاسيما أن النظام اشتغل، على ملفات كثيرة، الطائفي منها، بل والأقلوي، ليقدم نفسه، بأنه راعي جميعهم، ناهيك عن بطانته، وبعض المحيط الافتراضي الذي استطاع أن يفعل أجزاء كثيرة منه، وهوماتم مع الصيحات الأولى التي رددتها أفواه الشباب، وهي تفضح الواقع، وتفضح آلة القهر، مستشرفة مستقبلاً مشرقاً، عاماً، في ظل ضالَّة الحرية المفقودة، والديمقراطية التي كانت-هي الأخرى- مجرد، خرافة، نادى بهما النظام، ضمن نسق من الشعارات الخلبية، من دون أية ترجمة من لدنه، في إطارتزويرالتاريخ، بأبعاده، الثلاثة:ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً.
لاداع، هنا، للغرق طويلاً، في سرد، ما آل إليه وضع البلاد، حيث أنه الوحيد، من بين عناوين ثورات المنطقة، من حيث حجم ماتعرضت له، من دمار، وإبادة، فقد هُجِّر، خلال ثلاثة أعوام، من عمرها- وهوعمرأطول ثورات المنطقة، نصف سكانها، بل نال الدمارثلاثة أرباع مدنها، كما أنها تكبدت حتى- الآن- مليون ضحية، من قتلى، وجرحى، وهووضع يبلغ- أقصى المأساة- بيدأنه-برمته- لا علاقة له بقوة أوضعف النظام، من جهة، وبصناع الثورة، من جهة أخرى، وإنما هوبسبب الأصابع الخفية، الظليلة، وغيرالظليلة، التي تدخلت في الشأن السوري، سواء من وراء الكواليس، أو على المنصة الميدانية، مباشرة، وقد كان دورالنظام، لايتجاوز صنيع المنفذ لما تخططه له، تلك الأيدي، وقدوصل الأمر- ببعضها- أن بات يقاتل عنه- وكالة- كما أن غرف عملياته، على طول البلاد، وعرضها، تعجُّ بعدد من الجنسيات، غيرالسورية التي تتحرك، على إيقاع إيماءات، وإشارات، صناع الحرب الكبرى. لقدكان أكبر- تحد- للثورة السورية، ليس استدراجها، نحوالعسكرة، بعد أن بات من ينشق من صفوف الجيش، يكره، على الدفاع عن ذويه، بيد أن الأمرلم يتوقف- هنا- عندما حاولت بعض الجهات، من ضمن الثورة، تفكر- بالخطوة التالية- لئلا تكتفي، بهيمنتها على أولى واجهات المعارضة، ولاباستمالة بعض رؤوس هذا الجيش، وهم يسيرون- تحت سطوة بعض الشعارات الانفعالية، وليتمَّ فتح الباب على مصراعيه، أمام مجموعات مسلحة، أعد النظام، بعضها، وفتح المجال، أمام بعضها الآخر، كي يزيد عددها عن الألف، بعد سنتين، من تزويرحالة الانشقاق العسكري، التي كانت أكثراستهدافاً، وكان الضابط البطل حسين هرموش، مجهول المصير، ضحيتها الأولى، بعد أن تعرض لمؤامرة مدبرة- مطلوب من الحكومة التركية أن تكشف عنها- إذ غاب اسم الرجل من قوائم اللجان الإنسانية، والحقوقية، والدبلوماسية، وحتى على طاولة" جنيف2" التي كان يجب ألا تبدأ قبل الكشف عن مصيره، والسعي لإطلاق سراحه-ونأمل أن يكون حياً يرزق رغم صعوبة وضعه- حيث تم خذلان اسمه، وصنيعه، ودوره، وريادته التي كان من الممكن أن تقصم ظهر الآلة العسكرية. واعتبرخطفه طعناً لمصداقية المعارضة، والدولة المضيفة- رغم فتحها الأبواب أمام اللاجئين- و كانت معبراً لابن الثورة الحقيقي، كما أنها كانت إحدى بوابات الإرهابيين الذين دخلوا البلاد، وكانوا الأشرَّعلى الثورة، والسوريين، على الإطلاق. إن ما أربك، بل خلخل، الثورة السورية، بعد مجرد أشهرمن بدئها،وبشكل، تصاعدي، ليس قوة الدعم الإقليمي، الدولي، وحده، وليس خذلان الضميرالعالمي، الذي لم يفرض الحظرالجوي، والملاذات الآمنة، وحتى الحدود الدنيا، من الإغاثة، للمنطق المنكوبة، بل ما جمع النظام، وواجهة المعارضة، في جبهة واحدة، وهودعم تشكيل الإرهابيين، في تواطؤ فاضح، لأسباب عدة، منها جهل بعضهم، ممن تنطعوا للصفوف الأولى من المعارضة، بالإضافة إلى التقاء بنية كليهما، رغم تناقضهما على صعيد الموقف على سدة الحكم. حيث أن النظام، وجدفيهم خيرسند له، و كانت خسارته في استقدامهم أقل بكثيرمن استفادته منهم، لاسيما أن ما يتكبده من عتاد ليعوض من الجيب الروسي، وما يتكبده من مال، إنما يتعوض، من الجيب الإيراني، وما يتكبده من آدميين، مساقين رغم أنوفهم، أومتطوعين، ممن لم يتوانوا عن نعت أنفسهم ب" شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد"، هم من أرحام أمهات لاعلاقة لهم بهن، وجدانياً، وأخلاقياً، حتى وإن تم حسبانهن- مجازاً – على أنهن تعنينه، وقد كان من شرورهؤلاء مواصلة خطف الآدميين، وقتلهم، وسرقة أموال الناس، وأداء أدوارقطاع الطرق، في استنساخ وحشي السلوك، وهوما وجدناه مع بعض" صوامع الحبوب في منطقة الجزيرة- على سبيل المثال- بل وملاحقة الناشطين، والإعلاميين، واعتقالهم، بل تغييبهم، جنباً إلى جنب، مع آلة عنف النظام، وما اختطاف الأب باولو، ورزان زيتونة- كمجرد أنموذجين فقط- إلا دلالة على الدورالكارثي الذي كلف به، هؤلاء، ممن لايعرف حتى أمراء حربهم الصغار، مايقومون به، بحيث يتم التباس هويتهم، لاسيما عندما ندرك طبيعة دوريهما، المتناقضين، في مسرحين هما: سوريا والعراق، بل إن مايعري دورهما، العدائي، هوابتعادهم عن أهم بؤرالنظام، والتوجه إلى المدن المحررة، والعمل على تجاوزإجرام النظام،فيها، كي يشعرمن فيها ب"نوستالجيا" إلى الاستبداد الأسدي، في عقوده الماضية. إن هؤلاء الإرهابيين، وهم الوجه الآخرللنظام، منصهراً في دعامات سانديه له، وراء محاولات تشويه"الثورة"لاسيما أننا بتنا- نجد- كثيرين، من منظري ثقافة" الجبن" بضم الجيم، في إحدى قراءاتها، وفي كسرها، في قراءة أخرى، بات أحدهم يرفع-عقيرته، بنيوتنية-وكأنه كاشف قانون الجاذبية، صارخاً: أنا من كنت، قد نظرت لذلك...!" ، من دون أن يعترف، هو والنظام، أن كل"نظريات" هؤلاء، كانت كاذبة، لولا استعانة النظام، ب" العضلات المستعارة"، والتي كان من حصيلتها، إصدارثقافة"البراميل" ال"تي إن تية"، بالموازاة، مع أعلى وتيرة، للتدخل الأجنبي، لصالح النظام الدموي السفاح. ونحن، فيما إذا وضعنا، المقدمات، والنتائج، أعلاه، أمام أعيننا، رغم كل قتامة الواقع، واستفزازيته، مادام أنه مجبول بالدم، والأنين، والعويل، ورائحة تفسخ النظام التي يعوض عنها، بنشررائحة تفسخ جثث الضحايا، إلا أن المواطن-السوري- المنتمي إلى إيمانية، أويقينية، أوحتمية نجاح الثورة، لايتورع عن الحفرفي "صخرالمستحيل" بأظافره، و صون إرادته العالية، وإزميل روحه، العارية، من دون أن يرفع يديه، مستكيناً، وهوما يدعونا لفتح نوافذ التفاؤل، واثقين، أن كل محاولات"خلط الأوراق" لن تجدي، لإنقاذ النظام، من سقوطه المحتوم، وبناء سوريا الجديدة. 14-3-2014
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثقافة والتأصيل القيمي
-
سلوكيات غيرثقافية:
-
ثلاثية الدم والانتفاضة والثورة: إعدام مثقف إعدام قضية...! -ر
...
-
ثقافة الخديعة
-
-شبيحة بقمصان الملائكة و الثقافة والإعلام.....-
-
تل معروف: لقدعرفتهم تعالي اسم لك الإرهابي..!
-
الصورة والأصل
-
رابطة الكتاب: عشرسنوات على التأسيس -شهادة ذاتية-
-
ماذا وراء تحطيم مراقد الشيوخ الخزنويين الكرد
-
كرد وعرب عشية الذكرى العاشرة الانتفاضة آذار:
-
زلة الشاعر
-
الرصاصة
-
المثقف في أدواره: ماله وماعليه..!
-
المثقف: ماله وماعليه:
-
سقوط أداة الحوار:
-
موت شجرة الأكاسيا
-
صناعة المثقف
-
جنيف2 وانعدام الأفق
-
في حضرة الشعرالمحكي
-
اللغة الصحفية
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|