عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4397 - 2014 / 3 / 18 - 06:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بين المجتمعات المتصاهرة ثقافيا حدود ولكن التداخل العضوي والمؤثر في صياغات المعرفة والفكر أكبر من هذه الحدود ,لذا لا يمكن أن نجد اليوم أمة أو مجتمع خالص تماما ومتطابق حرفيا بين هويته الثقافية وهويته القومية,وهذا يؤشر لنا أن معنى تحديد الهوية على اسس ثقافية يبدو سهلا طالما أن المعيار هنا مطاط وقابل على البسط والمد,لكن البحث لا يريد ان يختار هذا المحدد,يريد أن يبحث عن مؤشر يعط للمجتمع والأمة شخصية مميزة ليس من خلال هذا المقسم البسيط بل يريد أن يتبنى صياغة يمتزج بها ما هو إنساني مشترك بالخاص دون أن يلغي عوامل التواصل مع الآخرين.
مثلا عندما نقول فكر عربي أو ثقافة عربية لا بد أن نعط لهذا المفهوم ذائقة ذهنية ترشدنا إلى جملة من الخصائص منها ما هو تأريخي وبيئي وثقافي وأيضا معرفي له علاقة بالوعاء الذي يمكن ان نصب به خلاصة الفكر ونعني به اللغة العربية التي لا بد أيضا أن نحرجها من المنطق البصري وتحريرها من قيود سيبويه كي تتفاعل مع الهوية الحضارية للفكر العربي,هذه الميزة التي يجب ان بسعة المثقف العربي كما تسعى المؤسسة القيادية له على تجذير الشعور بروحيتها وتعويد الحس الثقافي والفكري العربي على أن هويتنا هي هوية ملونة تستند إلى ركيزتين أساسيتين هما العمق الحضاري وليس التاريخي والوسطية وليس التوسط التي فرضتها البيئة والطبيعة الإنسانية,الفكر العربي ليس روحيا خالصا ولا ماديا متخلي عن جوهر الإنسان الملتصق بعالم الروح,وسطيا في خياراته يقبل التجديد والحداثة ويتعامل معها على أنها منجز إنساني لا بد أن يسخره ويستفيد من منهجيته في المعالجة لكن لا ينسى ان هذه الحداثة والتجديد لم تولد من فراغ حضاري بل هو تراكم إنساني مر الزمن مع عقل الإنسان على بلورة ملامح الحاضر المتجدد.
الركيزتان يمنحان الفكر قيمة ويرسمان للهوية وجود صادق وحقيقي يقود إلى التخلص من العنصرية القومية ويحافظان على المنطق الواقعي لنا كعرب,فلسنا شعبا نقيا ذا أصول واحدة , وليست لغتنا جوهر ثابت لم يختلط ولا يخالط روح لغات ومناهج لغوية,نحن أمة وسط وأمة نتاج ظروف ومتغيرات صاغت ملامحها الكثير من التفاعليات الحضارية الإنسانية دينية وأخلاقية ومعرفية تشعبت جذورها في محددات زمنية ومكانية متنوعة وأستفادت في صياغة وجودها من منابع وروافد عدة , كما هي أيضا ساهمت وصاغت وأردفت ثقافات وفكر وخصائص أمم أخرى,هذا واقع المنطق التأريخي والحضاري ولا عيب فيه,العيب أننا ننكر ونستنكر الكشف عن مصادرنا الثقافية والفكرية ونتغنى بمساهماتنا كأننا أمة تعط ولا تأخذ.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟