|
العراق صدمة للغرب
حسن الحاج ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1249 - 2005 / 7 / 5 - 07:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الغرب هو الذي صنع صدام حسين !صحيح أن الاتحاد السوفييتي هو الذي زوده مدفعيته ودفاعاته الجوية ولكن الولايات المتحدة وأوروبا هما اللتان حولتا حاكما مطلقاً, عديم الشأن, خطراً يهدد العالم, إذ وضعتا بين يديه كل شيء, من الأسلحة الكيميائية إلى الصواريخ القادرة على حمل قذائف غير تقليدية, فضلاً عن القدرة على صنع قنبلة نووية. فقد وصل بعض السلع الأوروبية إلى صدام حسين بينما كان مسؤولوا الجمارك يغطون في نومهم , كما تلقى سلعاً أوروبيا0 هنا أحمل الغرب المسؤولية في جعل صدام حسين قوة مرعبة في الشرق الأوسط أخرى ،باستخفاف وتآمر من دول أوروبية عطشى إلى النفط العراقي أو طامعة في الكسب التجاري. وتتحمل حكومة الولايات المتحدة المقدار نفسه من المسؤولية . فهي تعاملت قصداً مع العراق في الحقول التجارية حتى لا يخسر حربه مع إيران. فأمريكا كانت ترفض أن تسيطر حكومة آية الله الخميني الإسلامية الأصولية على الشرق الأوسط . إلى ذلك ،سعى المسؤولون التجاريون الأمريكيون ،بجهد ، وراء السوق العراقية بعدما أذهلهم حجم المبادلات التجارية بين العراق وأوروبا . أما اختصاصيو وزارة الخارجية الأمريكية المعروفون برفعة " خبرتهم " بالثقافة العربية ، فقد اخطأوا في الحساب حين اعتبروا صدام حسين "قوة معتدلة "يمكن التعامل معه . وفي ما يأتي سجل مرعب لعشر سنين من الاسترضاء. 1980 في 17 سبتمبر (أيلول) بدأت حرب بقصف عراقي لإيران بطائرات "ميغ" سوفيتية الصنع ،وسرعان ما ردت إيران بطائرات فانتوم "ف – 4 "أمريكية الصنع . وأعلنت فرنسا أنها ستحترم تعهداتها ببيع العراق أسلحة بقيمة 1,6مليار دولار ،وستعيره خمس طائرات "سوبراتندار" في انتظار تسليمه الطائرات المتفق عليها . كذلك أكدت فرنسا وايطاليا ،وهذا هو الأهم.
م ، التزامهما مساعدة صدام على تطوير قدرات المفاعل النووي "اوزيراك" المعد للأغراض "السلمية".وأوردت جريدة "لوموند" الباريسية أن "الحكومة الفرنسية لا تستطيع المجازفة بإغضاب هذا البلد المصدر للنفط ." 1981 أواخر مايو (أيار ) أعرب علماء فرنسيون عن قناعتهم بأن مفاعل "اوزيراك" العراقي الذي قارب الانتهاء ، يمكن إنتاج أسلحة نووية.ووعد الرئيس فرنسوا ميتران ،بعد أسبوع على ذلك ،بتزويد المفاعل وقود يورانيوم . وفي7 يونيو (حزيران ) قصفت طائرات إسرائيلية مفاعل "اوزيراك " حارمة بالتالي صدام حسين من الحصول على القنبلة التي سعى إليها.وعلى الأثر عرضت المملكة العربية السعودية تمويل إعادة بناء المفاعل .وكان الرئيس جورج بوش ،بصفة كونه آنذاك نائبا لرئيس الولايات المتحدة ،احد القادة الغربيين الذين ابدوا "أسفهم " للغارة الإسرائيلية . 1982 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية شطب اسم العراق من لائحة الدول التي تدعم الإرهاب في مقابل تقليص الرئيس العراقي مساندته للإرهاب مثل طرده من بغداد "أبو العباس " الذي يعتبر احد كبار الارهابين . ويعني هذا الإعلان السماح لصدام حسين بشراء أجهزة كمبيوتر أمريكية وطائرات تجارية إضافة إلى سلع أخرى كما يؤهل العراق للحصول على قروض يضمنها دافعو الضرائب الأمريكيون، أي الدولة بما فيها ضمانات مؤسسة اعتماد السلع في واشنطن في هذه الفترة باشر صدام بناء قواعد جوية تحت الأرض ذات تكاليف مذهلة0 1983 أجرى عملاء عراقيون مشاورات هادئة مع اختصاصيين في الاستثمار في سويسرا وفرنسا0 وبناء على توصية من هؤلاء، بدأ العراق شراء معدات من مصانع أوروبية متخصصة في التكنولوجيا العسكرية0 وهذه المهمة تولتها، بالطبع، وزارة الصناعة والتصنيع الحربي العراقية0 ولم تكن هذه جولة صدام ((التسويقية)) الأولى0 فمنذ العام 1981 وشركة كارل كولب الألمانية المتخصصة بالتجهيزات المخبرية و الطبية، تبني للعراق ستة مصانع لإنتاج((مبيدات الحشرات)) في منطقة سامراء0 وفي خريف العام 1983 أعلن صدام أنه بات في أماكن هذه المصانع إنتاج أسلحة كيميائية0 1984 صرف العراق 14 مليار دولار سنويا على شراء سلاح من الخارج بسبب حربه مع إيران وأبدت شبكة سرية من "مرتزقة تكنولوجية "أوروبيين كانوا يعملون على تطوير صواريخ حربية لمصلحة الأرجنتين و مصر,حماسة للحصول على حصتها من هذه الأموال0 وحرصها منها على عدم الكشف عن نشاطاتها"العراقية" عمدت شركات أوروبية مثل"مسرشميت-بومولكاو-بلوم"الألمانية,و"سنيا"الايطالية إلى تكليف موظفين سابقين لديها تأسيس شركات وإدارة أعمال تجارية لانجاز بعض الصفقات مع العراق0 وقد أرسلت واشنطن مذكرات احتجاج رسمية إلى الحكومة الالمانيا,بعد تلقيها تحذيرات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية حول هذه الشبكة الجديدة الرهيبة التي تدعى"كونسن" 0 لكن ريتشارد بيرت مساعد وزير الخارجية الأمريكية لم يلاحق هذه القضية جديا كما لم تحرك الحكومة الالمانيا,من جهتها,أي ساكن0 وفي فبراير(شباط)من ذلك العام أكدت الولايات المتحدة إن العراق استخدام غاز الخردل ضد القوات الايرانية0 وفي نوفمبر (تشرين الثاني)أعلنت الولايات المتحدة,بعد التجديد للرئيس رونالد ريغان,إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع العراق0 1985 تحرك عملاء العراق في أوروبا من ضمن خطة تقودها شبكة"كونسن"للحصول على الصاروخ "كوندور2" القادر على حمل رؤوس نووية0 وبدعم من صدام حسين انشأ مارشال و0ويلي السفير الأمريكي السابق في عمان هيئة الأعمال الأمريكية – العراقية لتشجيع الاستثمارات الأمريكية في العراق,وانضمت إلى هذه الهيئة قرابة سبعين شركة رئيسية. وفي سبتمبر (أيلول )سعت شركة "الكترونيكس اسوشيتس انك "في نيوجرزي إلى الحصول على ترخيص لبيع العراق جهاز كمبيوتر شبيهاً بذلك الذي تستخدمه الولايات المتحدة في مركز تجارب صواريخ وايت ساندس في نيومكسيكو . وزعمت أن الجهاز سيستخدم في أبحاث حصراً. ونالت الشركة موافقة وزارتي الصناعة والخارجية على الصفقة، رغم معارضة وزارة الدفاع, على أن يشحن الجهاز إلى العراق في العام 1987 بواسطة شركة مسر شميت الألمانية . وفي أكتوبر (تشرين الأول )قتل ضباط فلسطينيون ، تابعون لأبي العباس ، ليون كلينغهوفر (وهو أمريكي مقعد ) على متن الباخرة السياحية "اشيل لورو ". ولجأ أبو العباس الذي يحمل جواز سفر عراقياً، إلى بغداد . وعلى رغم هذا الحادث أبقت الولايات المتحدة العراق خارج لائحة الدول المساندة للإرهاب. 1986 باعت بريطانيا من العراق كل مخزونها من الألبسة العسكرية الخفيفة الصالحة للصحراء . وفي الخليج بعد أربع سنوات ، ارتدى الجنود العراقيون اللباس الملائم ، بينما كانت القوات البريطانية تتقلى في ألبسة مموهة ثقيلة في انتظار توافر ألبسة جديدة . 1987 في 17 مايو (أيار)أصيبت الفرقاطة الأمريكية "ستارك"خطأ بقذائف طائرة عراقية من صنع فرسي مما أدى إلى مقتل 37 أمريكياً.وأكدت الخارجية الأمريكية وأكدت الخارجية الأمريكية آنذاك أن العراق قدم اعتذاراً وعرض تعويض الضحايا والأضرار التي لحقت بالسفينة .(بعد ثلاث سنوات، وعلى أثر الاجتياح العراقي للكويت، اعترف أحد المسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية بحياء. انه لم يتم تحويل قيمة هذه التعويضات.) وكانت السلطات المختصة في ألمانيا الغربية باشرت التحقيق في علاقات العراق مع شركات ورجال أعمال ألمان ، فيما واشنطن توقع اتفاقاً تجارياً مع بغداد لزيادة تعاملها التجاري معها . وصرح أحد المسؤولين الأمريكيين أن "هناك شعوراً متزايداً بأننا يجب أن ننال حصتنا من الغنائم ." وفي أغسطس (آب) أعلن العراق إطلاق صاروخ متوسط المدي . 1988 اغضب الأكراد الذين يسعون إلى الاستقلال عن العراق ،صدام حسين فأمر في 16 و 17 مارس (آذار) بضرب بلدة حلبجة ،أحد معاقلهم ، بالغازات السامة ، فقتل قرابة 5000 شخص ،فيما لجأ أكثر من 70 ألفاً إلى تركيا ،كثيرون منهم يعانون جروحاً ملتهبة . وطالب عضواً مجلس الشيوخ كلايبرن بل وجسي هلمز بفرض حظر على العراق ، لكن الإدارة اعتبرت ذلك خطوة سابقة لأوانها ، فبادرت إلى وقف أي إجراءات قد يقوم بها المجلس . في هذه الأثناء كان مصرف التصدير والاستيراد الأمريكي يؤمن مشتريات عراقية لمواد مبيدة للحشرات .وأعرب مسؤولون في المصرف عن اعتقادهم أنه من المستبعد أن تستخدم بغداد هذه المواد لإنتاج أسلحة كيميائية . وفي 17 يوليو (تموز) انتهت الحرب العراقية ـ الإيرانية من دون ظهور منتصر واضح . وفي أكتوبر (تشرين الأول)اثار البروفسور غاري ملهولهن من جامعة ويسكنسون ، حفيظة ألمانيا الغربية بإعلانه في بون أمام لجنة التحقيق في النشاطات النووية إن الحكومة الألمانية قصرت في التحقيق في مسألة تصدير مواد نووية إلى العراق . لكن السفارة الأمريكية سرعان من أنقذت الحكومة الألمانية الغربية من هذا الموقف المحرج ، بتوجيهها رسالة رسمية إلى الخارجية الألمانية تفيد إن الولايات المتحدة "لا تملك معلومات عن تحويل مواد نووية من ألمانيا إلى العراق ، أو عن خطة للقيام بذلك ." 1989 علم إن فرع مصرف " بانكا نازيونالي دل لافورو"الايطالي في اتلانتا ، وفر للعراق في الفترة بين فبراير (شباط 1988)ويوليو (تموز)1989 قروضاً سرية وغير قانونية بقيمة 3 مليارات دولار ، وان قسماً من هذه القروض حول إلى شركات بريطانيا وامريكية والمانيا غربية في مقابل تكنولوجيا عسكرية مفيدة صدرت إلى العراق ، فيما حول القسم الاخر إلى المصرف المركزي العراقي . كذلك تبين إن العراق منح قروضاً ائتمانية ، بكفالة الدولة ، بقيمة 750 مليون دولار عبر مؤسسة اعتماد السلع . وبذلك اصبح العراق واحداً من اكبر عملاء هذه المؤسسة ، اذ هو طلب قروضاً ، و حصل عليها ،بضمانات تتجاوز قيمتها مليار دولار خلال السنتين الماضيتين . وفي اكتو بر (تشرين الأول) قررت المؤسسة الموافقة على قروض مضمونة قيمتها 500 مليون دولار0 من جهة أخرى,تابع الكونغرس الأمريكي قضية الغازات السامة, وفي ديسمبر(كانون الأول) اخذ قرارا يلغي حق العراق في الحصول على مساعدات من مصرف التصدير و الاستيراد0 وكانت فرنسا في ذلك العام بين اكبر المشاركين في معرض بغداد الدولي0 1990 في يناير(كانون الثاني) نقض الرئيس الأمريكي جورج بوش قرار الكونغرس بوقف مساعدات مصرف التصدير والاستيراد للعراق، مبررا ذلك بالحفاظ على " المصلحة القومية ". وفي فبراير (شباط )، أوردت إذاعة "صوت اميريكا" اسم العراق في عداد الدول ذات النظام البوليسي . وللحال أوعز وزير الخارجية الأمريكية جايمس بايكر إلى سفيرة بلاده في بغداد ابريل غلاسبي ، للاعتذار رسمياً إلى الحكومة العراقية عن تصرف "صوت اميريكا". وفي الشهر نفسه حصل العراق على إذن بشراء معدات للتصوير غاية في التطور من شركة "انترناشيونال ايماجنغ سيستمز" ميلبيتاس بكالفورانيا . وكان عملاء صدام ذكروا في طلبهم الأول عام 1985 أن هذه المعدات ستستخدم "في عمليات التحريج وتحليل التربة ورسم الخرائط ." وقد حذر ستيفن براين ، المسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية ، من أن هذه المعدات ملائمة أكثر للاستطلاع الجوي وتحديد أهداف القصف الصاروخي. وعلى رغم هذا التحذير فقد منحت وزارة التجارة عملاء صدام إذناً بتصدير معدات التصوير تلك إلى العراق. واستمر العمل بهذا الأذن حتى اجتياح القوات العراقية للكويت وفرض الحظر التجاري الشامل عليه . وازداد ولع صدام حسين بالقتال ، فحذر السعودية والكويت بان عليهما شطب ديونهما على العراق والبالغة قيمتها 30 مليار دولار ومنحه 30 ملياراً إضافية ، متوعداً إياهما بالانتقام في حال عدم استجابة طلبه . وفي 28 مارس (آذار) قبضت إدارة الجمارك البريطانية على خمسة أشخاص بتهمة محاولة تهريب مكثفات كهربائية مصممة لتفجير أسلحة نووية ، تصنعها شركة في سان ماركوس بكاليفورنيا .وقد ساهمت هذه الشركة في نصب فخ محكم لعملاء العراق . وكان من بين الذين قبض عليهم على عاشور داغر من شركة "يوروماك"وهي شركة بريطانية يشك في أنها واجهة للعراق . وبعد أسبوع على اعتقال المهربين ، أعلن صدام حسين متبجحاً عبر التلفاز العراقي : "نحن لسنا في حاجة إلى القنبلة الذرية ، لأننا نملك السلاح الكيميائي المزدوج." وفي ابريل (نيسان)طلب الرئيس جورج بوش من صدام حسين الكف عن التصريحات المثيرة ، وحمل خمسة أعضاء من مجلس الشيوخ بقيادة زعيم الأقلية فيه روبرت دول رسالة مخففة إلى صدام .واعتذر دول إلى صدام عما صدر عن "صوت اميريكا" ، ناقلاً إليه رغبة الرئيس بوش في علاقات أفضل بين البلدين .ولدى عودته ، أبلغ دول إلى بوش أن صدام "قائد تستطيع الولايات المتحدة إن تتعامل معه ." وفي مايو (أيار) اكتشف مدققو الحسابات في مؤسسة اعتماد السلع أن عمولات قد دفعت لبعض العراقيين (وصفوها ب"مخالفات هامشية")أدت إلى رفض طلب قرض جديد بقيمة 500 مليون دولار يغطى بضمانات إضافية . وأكد بول ديكرسون مدير المبيعات في المؤسسة ، انه "لا يمكن اعتبار هذا الأمر تعليقاً" لحق العراق في الإفادة من هذه الضمانات ، وأن هذه قد تستأنف "عندما تتضح الصورة لدى محققينا ." وأعلن ألن فريدمان في صحيفة "الفاينشال تايمز " أن العمولات ساعدت في توفير مورد مالي بقيمة 100 مليون دولار لتمويل عمليات الشبكة المسؤولة عن مشتريات السلاح الأوروبي للعراق . وفي السنة 1993،قد يواجه الأمريكيون مشكلة ديون عراقية هالكة تقدر بملياري دولار ، من تلك التي ضمنتها مؤسسة اعتماد السلع . وفي يونيو (حزيران) انتاب الهلع نانسي كاسيبوم ، عضوة مجلس الشيوخ ، من جراء تقرير يفيد أن العراق قد عذب أطفالاً أكراداً وإعدامهم وذلك تهويلاً على أوليائهم من اجل إخضاعهم . وهي سعت إلى إنهاء إفادة العراق نهائياً من مؤسسة ضمان السلع . واعترفت كاسيبوم بأن " هذا الأمر قد يؤذي مزارعي القمح في كانساس ، ولكننا مضطرون في بعض الأحيان إلى اخذ مواقف جادة في سبيل مبادئنا ." ولكن جون كيلي ، مساعد وزير الخارجية ، عارض هذا الموقف نيابة عن إدارة الرئيس بوش وقال إن القيود الاقتصادية لن تساعد الولايات المتحدة في تحقيق "أهدافها" وفي منتصف يوليو (تموز) كان صدام حسين يعبئ جيشه . وفي 23 منه كشفت أقمار التجسس الاصطناعية حشداً عسكرياً عراقياً يقدر بقرابة 30 ألف جندي على حدود العراق مع الكويت. وفي اليوم التالي عبرت الولايات المتحدة عن قلقها مما يدور في المنطقة بإجراء مناورات بحرية مشتركة مع قوات دولة الإمارات العربية المتحدة . وفي الخامس والعشرين من الشهر نفسه استدعى صدام حسين السفيرة غلاسبي محتجاً على هذه المناورات ومدداً بعمليات إرهابية ضد المصالح الأمريكية . فرت غلاسبي بامتداح "الجهود الفائقة" للرئيس العراقي من اجل إعادة بناء بلده . وسألته عن الحشود العراقية على الحدود "بروح الصداقة وليس بقصد المواجهة ." وبين 27 و28 يوليو حذرت المخابرات الأمريكية الإدارة بأن العراق يستعد لغزو الكويت. وفي 29 منه بدأا لعراق تشغيل راداراته ، وهذه إشارة إلى معركة وشيكة . وفي 30 منه تجاوزت الحشود العراقية على الحدود المئة ألف جندي . وقد غادرت غلاسبي بغداد إلى واشنطن في زيارة طويلة مقررة ، مطمئنة إلى نتائج حديثها مع صدام . وأثناء جلسة تحقيق في مجلس الشيوخ ، سأل لي هاملتون ،عضو المجلس ، جون كيلي ، مساعد وزير الخارجية ، عما ستفعله القوات الأمريكية في حال تعرض الكويت لغزو عراقي ،فرد كيلي أن ليس للولايات المتحدة أي التزامات إزاء الكويت . وقارن المحللون لاحقاً جوابه بنفي دين اتشيسون ، وزير الخارجية الأمريكية عام 1950 ، لالتزام الولايات المتحدة أي مسؤولية تجاه كوريا الجنوبية وذلك عشية غزو كوريا الشمالية لها . وفي أول أغسطس (آب) حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الإدارة، مجدداً، من أن العراق سيغزو الكويت، وحتى انتهاء ذلك، النهار، لم تكن وزارة الخارجية أتت أي عمل يذكر وإن، على الأقل ،إنذار السياح الأمريكيين بضرورة مغادرة المنطقة . وفي 2 أغسطس (آب) اجتاح العراقيون الكويت . لقد تباطأت دول العالم في إدراك حماقاتها .وفي وقت كانت القوات البريطانية تتجمع في السعودية، كانت الشركات "الواجهة" العراقية تواصل عملياتها في لندن . واصطفت السفن الحربية الفرنسية إلى جانب السفن الأمريكية في الخليج، فيما رفضت باريس طلب واشنطن معلومات عن المعدات الفرنسية الصنع التي استخدمها العراق للتشويش على طائرات "الاواكس" الأمريكية . واستمرت ألمانيا في بيع العراق التكنولوجيا الدقيقة حتى فرض الحظر الدولي عليه. وأوقف رجال الجمرك في مطار فرنكفورت ، بعد مرور أحد عشر يوماً على الإجتياح ، شحنة إلى العراق تتضمن أجهزة لبرنامج تطوير الصواريخ . وكانت الشحنة مرسلة من شركة "ه.ه.ميتالفورم." في صناديق عليها ملصقات تشير إلى أنها "قطع غيار لصناعة الألبان." وفيما الولايات المتحدة تعبئ القوى لأكبر مواجهة عسكرية منذ حرب فيتنام ،كانت وزارتا الخارجية والتجارة الأمريكيتان تسعيان إلى الحصول على إذن لشركة"آي بي ام"لتصدير"سوبر"كمبيوتر لشركة برازيلية معروفة بعلاقاتها مع العراق . واستمر كثيرون على اعتقادهم أن صدام "معتدل"بصرف النظر عن اجتياح الكويت أو عدمه. وكان ثمة مسؤولون أمريكيون ،في وزارة الخارجية خصوصاً،يشعرون ، كما تقول جين كيركباتريك ، المندوبة السابقة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بالحاجة إلى "مداراة الزعماء العرب الأقوياء." وبعد شهر على اجتياح صدام للكويت،أعلن ريتشارد مورفي الذي كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى خلال معظم فترة الحرب العراقية ــ الإيرانية "أنني لا أزال أؤمن بأن العراق كان يمكن أن يتحول دولة نستطيع تبادل العلاقات المفيدة معها." وعندما بدأت الجيوش تتجمع لمواجهة صدام حسين أعرب هانز هينوكوبيتز الخبير في شؤون الشرق الأوسط والمقيم في لندن ،عن وجهة نظر مختلفة "لقد أغمضنا عيوننا لان بعض الشركات كانت ترغب في الربح المادي ولان صدام كان أداة مفيدة في مواجهة إيران . إن صدام هو وحش مرعب خلقه الغرب
تمت بعون الله
#حسن_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
-
ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني
...
-
مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
-
أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|