|
تدمير البحرية التجارية فى مصر .. خطة ممنهجة
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 4394 - 2014 / 3 / 15 - 23:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يرجع إنشاء الأسطول المصرى الى عصر "محمد على" حيث بدأ التفكير فيه بعد أن كلفه الباب العالى تجهيز حملة عسكرية للقضاء على الثورة الوهابية بجزيرة العرب فسارع بتأسيس ورشة لتصنيع السفن ببولاق وذلك فى 1810 وتم نقل السفن الى السويس على ظهور الإبل لحمل الجنود الى الحرب، واتجه بعد ذلك الى الأسكندرية لينشأ بها ترسنة عظيمة لبناء وتجهيز السفن ليصبح بعدها الأسطول المصرى من أقوى الأساطيل فى العالم، وإستطاع أن يحقق إنتصارات واسعة فى حرب المورة باليونان ولم تستطع الدول الإستعمارية من التصدى له الاّ بعدت أن تحالفت مجتمعة للقضاء عليه (الأسطول الفرنسى والروسى والإنجليزى) فى موقعة نفارين البحرية فى اليونان، ليضعف بعدها الأسطول المصرى ويكاد يندثر، الى أن أعاد الخديوى إسماعيل بناؤه من جديد، ومع الإحتلال الإنجليزى لمصر فى 1882 تم إلغاء البحرية وبيعت السفن المصرية مفككة واكتفى بعدد قليل منها لتمارس دورها فى حراسة السواحل ونقل البريد، وقبيل الحرب الثانية عاد الإهتمام بالبحرية التجارية لخدمة الحلفاء فى الحرب واستمر نشاط البحرية التجارية ونموها حتى قيام ثورة يوليو. للحديث عن أهمية النقل البحرى فى مصر يجب التنويه الى انها تمتلك سواحل على البحرين الأبيض والأحمر تبلغ 2420 كم وتمتلك 40 ميناء ( 13 تجارى و6 تعدينى و 6موانئ صيد و 5سياحية بالاضافة ل 10 موانى للبترول)، بينما أدى الفشل فى إدارة منظومة النقل البحرى الى إدراج مصر دوليا فى القائمة السوداء لأساطيل النقل البحرى فى 2010وفقا لتصنيف المنظمة البحرية الدولية imo التابعة للأمم المتحدة بسبب إنتشار الفساد فى التفتيش على السفن وإجراءات الصيانة وإتباع معايير الجودة والسلامة العالمية، وتصاعدت الخسائر المالية للقطاع نتيجة وجود كوادر غير مؤهلة للعمل والإدارة فى النقل البحرى نتيجة تغلب العنصر الشخصى والمحسوبية فى تعيين عناصر للقيادة ليس لدها خبرة من لواءات الجيش والشرطة المتقاعدين، وحتى الدائره التعليمية الأشهر " الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى" تحولت من دورها الأساسى الذى يجب عليها القيام به، حيث أنها أنشأت تحت مظلة الجامعة العربية لخدمة قطاع النقل البحرى للإرتقاء بمستوى العاملين به وتحولها الى نوع من التعليم ذو الطابع التجارى وإصدار الشهادات برسوم مبالغ فيها تفوق أى جامعة خاصة، وتسبب سوء الإدارة فى قطاع النقل البحرى الى إهدار عنصرى الصيانة والتجديد للسفن وتحويلها الى خردة لبيعها فى مزادات وهمية. الشركة المصرية للملاحة البحرية هى أول وأقدم شركة ملاحة وطنية ذات ملكية عامة للدولة بعد ثورة يوليو، وعلامة رائدة لأسطول النقل البحرى فى مصر، حيث تشكلت تلك الشركة من إدماج 3 شركات ملاحية عالمية هى "شركة خطوط البوستة الخديوية" و " شركة الأسكندرية للملاحة البحرية" و " شركة مصر للملاحة" والأخيرة كانت مملوكة لبنك مصر وهى أول شركة وطنية يؤسسها الإقتصادى العظيم طلعت حرب، وقد ساهمت الشركة المصرية بجهود متميزة فى جميع المعارك الوطنية لمصر كقطاع مدنى وكانت الناقل الرئيسى لمعظم الصادرات والواردات المصرية، وقد بدأت عملية تدمير هذه الشركة منذ بدايات الإنفتاح الإقتصادى فى السبعينات حيث سال لعاب كبار حيتان تلك الصناعة والذين يهيمنون على تلك الشركة المصرية للملاحة البحرية منتهزين فرصة الفوضى التى أتاحها لهم نظام السادات ليؤسسوا شركة خاصة باسم " شركة مصر للنقل البحرى" ويتم تحويل العديد من السفن العاملة بالقطاع الى الشركة الجديدة بقرار من وزير النقل والمواصلات فى ذلك الحين وإجبار الشركة الأم على التنازل عن عقود النقل المبرمة مع الهيئة المصرية العامة للبترول فى مجال نقل المحروقات الى تلك الشركة التى أسست شركة لناقلات النفط وتم تحويل سفن نقل البترول المملوكة للدولة الى خردة وبيعها لتلك الشركة المنشأة بقرار مشبوه من حكومة تفكيك وخصخصة القطاع العام، وإجبار الشركة الرئيسية على تأجير سفنها العاملة على خطوط النقل العالمية الى الشركات الجديدة وبيعها لها بأسعار بخسة. هكذا تقلص عدد السفن التجارية المملوكة لشركة مصر للملاحة البحرية عند بدايتها من 200 سفينة تمخر عباب البحار والمحيطات الى 8 سفن فقط، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ولكن تم تغيير طبيعة عمل الشركة وتحويلها من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 الى قانون الشركات المساهمة وتحميلها ديون الشركة الجديدة التى تبلغ أكثر من 90 مليون جنيه تمهيدا لإفلاسها وضمها نهائيا الى تلك الشركة، كما تم تحويل عقد نقل حصة القمح المستورد التى تنقلها الشركة الى تلك الشركة الخاصة، وكذلك البيوع المستمرة لسفن الشركة والعمل الدؤوب على زيادة خسائرها تمهيدا لخصخصة الشركة بالكامل. أذكر فى العهد الذهبى للشركة حيث كان مقرها فى شارع فؤاد بجوار نقطة شريف وكان عمى رحمه الله مديرا لها قبل أن يستولى على إدارتها مجموعة من اللصوص هم وأبنائهم من بعدهم حيث كانت الشركة درّة تاج الإقتصاد المصرى، ومازال ممكنا بعودة هذه الشركة الى مجدها أن تصبح قاطرة إنقاذ للإقتصاد وتعيد الينا المليارات المهدرة على أرصفة الموانى فى مختلف بلدان العالم مستفيدين من الموقع الاستراتيجى المتميز لمصر التى تمتلك أهم ممر ملاحى عالمى وتتجه الدولة الى مشاريع ضخمة كتنمية محور قناة السويس الذى يقوم أساسا على الإستثمار فى مجال صناعة وصيانة السفن وتقديم الخدمات لها وتجارة الترانزيت. إن للفساد أذرعا أخطبوطية تمتد لتحيط بكل كل ماتم إنجازه وتقضى على أى محاولة نبيلة للنجاح وما حال قطاع النقل البحرى وما آل اليه الوضع الاّ نموذجا صارخا على تغلغل الفساد فى جميع مرافق الدولة، فهل يمكن إصلاح ما أفسدته تلك العصابة أم أن الأمر يحتاج منّا للقيام بثورة جديدة تخلع الفساد من جذوره، سؤال أعتقد أن الأمور تفاقمت ولم يعد يجدى اصلاحات جزئية هنا وهناك فقد إتسع الخرق على الراتق وليس هناك من سبيل الاّ الثورة من جديد.
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فنزويلا بين الثورة والثورة المضادة
-
وداعا عبد المجيد الخولى.. شهيد الفلاحين
-
شبه جزيرة القرم ...محورالصراع بين روسيا والناتو
-
فؤاد الشمالى.. شيوعى لبنانى من مصر
-
الدكتور محجوب عمر.. شيوعى مصرى فى صفوف المقاومة الفلسطينية
-
ليبيا فى مفترق طرق
-
حقيقة ما يحدث فى أوكرانيا
-
السيسى .. وإشكالية البطل شعبى
-
زينب الغزالى .. الوهم المتبدد
-
الماسونية ... ذلك البناء الغامض
-
ذكر ما جرى فى مخيّم اليرموك
-
العائدون من سوريا ...الخطر القادم
-
الإخوان والتدبير لأول إنقلاب فى العالم العربى
-
ممتاز دغمش وإرهاب القاعدة فى مصر
-
تلك التسريبات والمؤامرة على الثورة
-
الشيخة موزة ..المرأة التى تحكم إمارة
-
مساهمة فى تجديد الفكر الماركسى -4-
-
ماجد الماجد ..زعيم كتائب عبدالله عزام
-
العثمانيون الجدد ..والخليفة رجب طيب إردوغان الأول
-
الصراع بين كولن وأردوغان ..وعندما يختلف اللصوص
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|