مناف الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4392 - 2014 / 3 / 13 - 00:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لهروب من الحرية
ثمة آليتان للهروب من الحرية كما يقول اريك فروم عندما تصبح عبئاً وهي تصبح كذلك
عندما تقف عند حدود الحرية السلبية ولا تتطور الى حرية ايجابية .
بمعنى أنها تكون تحرراً من قمع أو استبداد وليست حرية في مبادرة ايجابية أو فعل مستلهم من محض الارادة .
هاتان الآليتان هما الخضوع لسلطة جديدة
أو التماثل مع نموذج سائد .
أتجول في مدينة الميادين التي نزحت الى احدى القرى القريبة منها منذ أسابيع فأقرأ في كل مكان لافتات ذات صبغة اسلامية سلفية ( مقر الدعوة الاسلامية - مركز التعليم الشرعي - حزب التحرير الاسلامي ..............)
وحزب التحرير له ملصقات مكتوب عليها : "حزب التحرير يدعوكم الى اقامة الخلافة الاسلامية " . وهو اعلا نيفتقر الى أبسط ما تتطلبه قواعد الاعلان السياسي ويذكرك بالدعوات الى افتتاح مطعم أو مسبح جديد .
وفي الوقت نفسه تجد مجتمعاً مستغرقاً الى قمة رأسه باهتمامات مغايرة ليس أبرزها الانهماك في كنز الأموال واستغلال حالة الفوضى والغلاء والاكتظاظ السكاني .
لا نكلف أنفسنا مؤونة بحث شاق لتفسير الظاهرة الثانية فمن الطبيعي أن ينصرف عموم الناس الى مصالحهم المادية عندما تواتيهم الفرصة .
ولكن القائمين على صبغ واجهة البلد بالصبغة الاولى منهمكون أيضاً مع غيرهم في تحصيل المكاسب المادية وليسوا مقصرين في استثمار فرصة جني الأموال التي ربما لن تتكرر .
في ظل نظام الاستبداد كان ديدن معظم الناس الخضوع وفي ظل الديمقراطيات الغربية التي تحول فيها الفرد بسبب الليبرالية الجديدة الى محض مستهلك تسيطر ظاهرة التماثل مع النموذج السائد .
أصحابنا هؤلاء وربما لانهم لا يعرفون ماذا يفعلون بهذه الحرية التي غنموها مجدداً يمارسون كلا الممارستين :
فهم خاضعون لسلطة الجشع ومتماثلون مع النموذج التراثي الذي يمنحهم الشرعية في نظر العموم .
تلاقح الآليتين يخلق نموذجاً هجيناً يدفع الى مجهول ويحتاج الى تبصر عميق لتفادي مخاطره التي يصعب التنبؤ بها .
#مناف_الحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟