غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 18:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استمعت هذا اليوم إلى إعادة لبرنامج أ ل م للأستاذ الفقهي الرائع يحيى أبو زكريا من قناة الميادين اللبنانية, لنفهم مبدأ الجزية الإسلامية التي فرضها محاربو داعش, بمدينة رقــة السورية على المواطنين السوريين المسيحيين المعتصمين بهذه المدينة المنكوبة, والتي تسيطر عليها حتى هذه الساعة قوات داعش هذه... دعا السيد أبو زكريا كلا من شيخ مسلم وكاهن مسيحي مسؤول عن هذه الرعية المحاصرة.. وأستاذ أردني خبير في الفقه الإسلامي وبالجمعيات الإسلامية الجهادية المختلفة والتي تقاتل على الأرض السورية...ناداه السيد أبو زكريا بالدكتور موسى عبداللات...
إني أستغرب لقب دكتور الذي قدم بـه الإنسان... حيث أن لقب دكتور يحمل معاني الفكر والحكمة.. وكلمات هذا الإنسان وأجوبته لم تحمل غير الكراهية والحقد والحرب واحتقار الآخر... كأننا ما زلنا أيام الجزية... خمسة عشر قرنا إلى الوراء.. من التخلف الصحراوي والحقد المعتم على كل غير مسلم ســـنـي. إذ أنه حلل الجزية وما تفرض داعش على مسيحيي الرقة الفقراء المنكوبين المغتصبين المحاصرين. وكان يجعر محللا محرما كأنه وزير خليفة أو أمير مجاهدين.. ولم يتمكن من كبت شتائمه ضد الرئيس بشار الأسـد, ونظامه العلوي, وضد رئيس وزراء العراق ونظامه الشيعي.. محللا كل التفجيرات والقتال ضدهما.. كأنه جــاء داعية تحليل حــرب, ضد هذين الرئيسين ونظامهما, أكثر مما جاء لتحليل الصحة الفقهية لدفع الجزية بهذه السنة 2014 المفروضة زورا وبهتانا وبمعدن الذهب على المواطنين السوريين المسيحيين في الرقة, أو دخولهم القسري بإسلام داعش.. أو قتالهم.. يعني قتلهم جماعيا.. مما يؤدي ــ كعادة داعش ـ أو غيرها من التنظيمات القتالية الإسلامية الغريبة على الأرض السورية... إلى مجازر غير إنسانية جماعية...
ألا يدعو كل هذا, وهذه التصريحات الجائرة الخطيرة, لم تعد منمقة ملمعة مخففة... إنما واضحة قاصمة حربجية قاتلة.. ولم تعد كما بدأت من ثلاثة سنوات سابقة.. تحدثنا عن الديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد وإعادة حكم الشعب للشعب... إنما أضحت واضحة.. تفجير الجمهورية السورية.. وإقامة خلافة إسلامية.. لا تؤمن بالمواطنة.. إنما إمـاء وطائعون.. خلافة تقطع كل الرؤوس التي تعلو أو تعترض أو تختلف.. أما بالفكر أو بالدين.. ولا تقبل أية شريعة غير شريعة داعش أو النصرة أو القاعدة أو جند الإسلام.. ولا تقبل على الاطلاق.. على الاطلاق أية طريقة تفكير أو عقيدة أخرى.. ناقضة كل النقض فكرة المواطنة والتعايش المشترك والذي يدوم ــ رغم بعض المنغصات والسلبيات ــ من خمسة عشر قرن حتى اليوم...
يعني فكرة القاعدة بنشر الإسلام بالسيف والقنبلة بالعالم كله.. هو الذي يظهر على السطح بكل وضوح... رغم التعسيل والتجميل الذي كان يحاول نشره دعاة الأخوان المطبلون المجملون المعسلون منذ عشرات السنين, المتسللون إلى وسائل الإعلام العالمية, المشتراة بالأموال السعودية والقطرية... كالسيد طارق رمضان حفيد السيد حسن البنا, مؤسس الأخوان المسلمين في مصر, والذي يحمل الجنسية السويسرية التي تساعده على نشر الإسلام (المعتدل) المعسل.. بينما بالتجمعات الإسلامية التكفيرية الخاصة جدا, تختلف دعواته وخطاباته, داعيا إلى عودة أوروبا للإســلام.. بدءا من اسبانيا والاندلس.. ودخولا من مدينة Poitier الفرنسية التي منع وقاوم فيها الأمبراطور الفرنسي آنذاك Charlemagne والتي انتصر فيها على قوات الأمير الأندلسي عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي بتاريخ 25 أكتوبر 732 ميلادية... مما ثبت أقدام هذا الملك شارلمان وعائلته سنينا طويلة بكل أوروبا تقريبا... ولكن ذكرى Poitiers ما تزال عالقة بأحلام من يخططون لأسـلمة العالم كله... مما يدفع الإسرائيليون والجمعيات الصهيونية العالمية إلى تحصين فكرتهم العنصرية الخاطئة, أن دولتهم اليهودية, ويهودة إسرائيل هي الخط الدفاعي الوحيد.. ضد الامتداد الإسلامي (الإرهابي) العالمي.. ومع هذا ما من أحد يجهل أنهما يتعاملان معا من فوق الطاولة وتحت الطاولة.. بجسور مختلفة.. خدمة لمصالحهم البراغماتية وتحالفاتهم المصلحية.. حسب العرض والطلب.. كعلاقات قطر المفتوحة معها.. وعلاقات السعودية (المستورة) مع إسرائيل... إذ أن علاقات الأمير بندر بن سلطان مع المخابرات الإسرائيلية, لم تكن مخفية عن أي من وسائل الإعلام العالمية... منذ سنوات طويلة.
*************
نعم لقد شطحت وابتعدت عن موضوع جزية داعش المفروضة على المواطنين السوريين المسيحيين, بمدينة الرقة السورية.. علما أن هؤلاء هم أقدم سكان هذا البلد, تاريخيا, وقطعا قبل وصول الإسلام إلى سوريا... ولا أظن أن أجدادهم دفعوها لكائن من كان قبلهم.. وبحصارهم اليوم, من قبل داعش وتفقيرهم وتجويعهم.. سوف يضطرون إلى الأسلمة تحت سيف داعش على رقابهم.. ولست أدري فيما إذا كانت الجمعيات المختلفة لحقوق الإنسان, والتي كل مبادئها النظرية تدعو لحرية المعتقد, سوف تعترض دوليا وتدعو الناتو الذي يحرك كراكوزاتهم ودعاتهم ومطبليهم ونادبيهم المحترفين, إلى الدفاع عن المواطنين السوريين المحاصرين المهددين بمدينة الرقة.. وسوف ترسل مراسيلها لحمايتهم.. بدلا من إرسال التقنيات الحربجية الحديثة إلى المقاتلين الأجانب الذين يضطهدون ــ ضد جميع القوانين الإنسانية ــ هؤلاء المواطنين المسيحيين في الرقة... ويضعون أرواحهم بخطر عاجل!!!...
وأنا أشـك من زمن طويل, بأن الحكومات الغربية, وحكام الولايات المتحدة الأمريكية (قشة لفة) تهمهم الحريات أو الديمقراطية أو الخوف والحرمان الذي يهيمن على حياة المواطنين السوريين, من أية طائفة كانوا... كل ما يهمهم هو البترول والغاز وسيطراتهم الاستراتيجية ومصالحهم الرأسمالية... وأهـم مصالحهم وارتباطاتهم هي ديمومة دولة إسرائيل وتوسعها وهيمنتها الحربجية... ولو كان ذاك على حساب تشريد وتجويع وهولوكوست جديد للملايين من سكان الشرق الأوسط...
هذه هي القاعدة الرئيسية التي لم يفهمها العربان والمسلمون... بخلافاتهم وتجزيئاتهم العقائدية الإثنية والدينية والعشائرية... والتي تشكل أقوى ســلاح وأرخصه بيد من لا يــريــدونــهم أن يتطوروا.. وألا يصلوا إلى أية تقنية أو فهم أو حضارة... وأن يستمر السيد موسى عبداللات بالدفاع عن مبدأ الجزية.. وما يتفرع عنها من غــبــاء تاريخي وفكري...
***********
على الهامش
رجاء إلى المفكرين والأحرار.. أو من تبقى منهم في العالم العربي :
طالعوا المفكر والكاتب والمفكر السياسي والإعلامي الحر البلجيكي Michel COLLON على موقعه Investig’Action... قد تفهمون بعض الشيء من مؤامرات الاستعمار ــ الغربي ــ الصهيوني الذي يحاك على سوريا والمشرق وأوكرانيا...من عشرات السنين.. والذي يتآمر مع ألد أعداء الحرية والديمقراطية من أجل مصالحه الرأسمالية... وليس من أجل حريات الشعوب... ولا أي شــيء أخر... نقطة على السطر............
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟