|
عندما تسحب السعودية والبحرين سفيريهما
حسن محسن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 17:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
في حوالي نهاية سنة 2011، خلصت لجنة تحقيق محايدة شكلها ملك البحرين نفسه للتحقيق في المظاهرات التي قامت في بلاده مطالبة بالإصلاح، إلى أن قوات الأمن البحرينية لجأت إلى استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية مما تسبب في موت مدنيين، وأن قوات الأمن تعمدت بث الرعب بين المواطنين وإتلاف الممتلكات، وأن التعذيب مورس على المعتقلين بشكل متعمد بهدف انتزاع الاعترافات أو للعقاب والانتقام، ومن ثم استخدمت الاعترافات المنتزعة بالتعذيب في المحاكمات لاحقاً، كما أن جهات إنفاذ القانون مارست عمليات القبض دون إبراز أوامر القبض ودون اخبارهم بالسبب. وخلص التحقيق الذي تم تقديمه إلى ملك البحرين نفسه إلى أن أنماط سلوك تقوم بها الجهات الحكومية ضد فئات معينة [يُقصد التمييز الطائفي بين أطياف الشعب البحريني] تندرج ضمن تصنيف التعذيب وفق معاهدة مناهضة التعذيب، وأنه على عكس مما ادعته الحكومة البحرينية فإنه لا دليل إطلاقاً على ضلوع إيران في الحركات الاحتجاجية التي عمت البلاد. أما المملكة العربية السعودية فحدث ولا حرج، إذ يكفي الإنسان أن يذهب إلى أي موقع يتعلق بحقوق الإنسان ليُصطدم بما يحدث هناك إلى حدود التقزز. هاتين الدولتين، بالإضافىة إلى الإمارات العربية المتحدة التي سجنت في سنة 2011 مجموعة من مواطنيها بسبب مطالبتهم من خلال عريضة مكتوبة بالديموقراطية ومجلس نيابي منتخب كامل الصلاحية، سجنوهم تحت عذر بأنهم بمطالبتهم هذه قد (أهانوا رئيس الدولة)(!)، قررت هذه الدول اليوم أن يسحبوا سفراءهم من قطر بسبب بنود المعاهدة الأمنية بين هذه الدول، ومنها "عدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد" والتي حتى اللحظة لم تطبقها قطر. وأضاف البيان الصادر من هذه الدول الثلاث "حرصها على مصالح كافة شعوب دول المجلس، بما في ذلك الشعب القطري الشقيق الذي تعده جزءاً لا يتجزأ من بقية دول شعوب دول المجلس"(!). هذه الدول، التي هي جزء من الدول العربية المنكوبة من أولها لآخرها، تتحدث عن "الشعوب" في قرارها هذا (!).
أنا أعلم مقدماً أن الذهنيات والنفسيات الطائفية والفئوية والعنصرية التي تشمل كل سكان هذا الوطن العربي بكافة أديانه الثلاثة وغيرها، وطوائفه التي لا أول لها ولا آخر، والتي يتقزز منها ويأنف أي إنسان سوي، والتي صمتت متعمدة، أو بالغت وكذبت متعمدة، لتشويه الحقيقة عن ما حدث ويحدث في البحرين والسودان وليبيا وسوريا واليمن والجزائر ومصر ولبنان والعراق من جرائم ضد الإنسانية تحت تبريرات سخيفة متهافتة، حقيقتها الصراع الديني المتبادل أو الفئوي، لم يفدها أي شيء مما قرأت أعلاه من التاريخ القريب، إلا ربما مناسبة لممارسة عقد النقص التي تعاني منها. وأنا أعلم مقدماً أنه عندما يتغير المعيار الأخلاقي، وبالتالي الموقف، في قضية متشابهة إنسانياً بسبب الانتماء الديني أو المذهبي فإن هذا الإنسان لا أخلاق له أصلاً، وأنا أعلم مقدماً أن أغلبية سكان الوطن العربي، الباقون فيه أو المهاجرون منه، متناقضون في قيمهم ومبادئهم إلى حدود الفضيحة، هذا بالإضافة إلى حقيقة تشوه "الضمير" لديهم وبالتالي هم فاقدون السلطة الأخلاقية ليتحدثوا عن "الشعوب" وحقوقها وثوراتها ومطالبها، ولكنه غثاء نُجبر أعيننا على المرور عليه في الصحف ومواقع الانترنت. أنا وغيري نعلم ذلك مقدماً، بل نعرفه منذ البداية، إلا أن الأمل يبقى في المخدوعين الذين يمشون وراء هؤلاء من دون تفكير أو نقد أو وقفة “أخلاق” مع أنفسهم ومِن ثم مع من يمشون وراءهم. لهؤلاء، ولمن يؤيد ما فعلته هذه الدول الثلاث اليوم، أقول:
ألا يفهم الحمقى أن إطالة عمر أي نظام ديكتاتوري قمعي طائفي لسنوات أخرى قادمة لا يعني أبداً، أبداً، أن النظام سوف يبقى للأبد؟!
ألا يفهم الحمقى أن المشكلة الأساسية لأي نظام قمعي يتولاه مستبد تحت شعار الطائفة أو العِرق أو العائلة بأنه لا يخطر على باله أبداً أن يفكر بمصير أبنائه الذين سيخلفونه على هذا الكرسي الملطخ بدماء شعبه ثم ليتفاجأ أبناؤه من بعده بأنهم مع كرسي أبيهم مهددون في كل لحظة بمصير أي ديكاتور؟!
ألا يفهم الحمقى أن أوطان الطغاة هي أوطان لا مكان فيها لـ “إنسان”، ولكنها أوطان “المشوهون”، وكل المدافعين عن هكذا أوطان تحت تبريرات المذاهب أو الأعراق هم ممسوخون أخلاقياً؟!
ألا يفهم الحمقى أن القيم الأخلاقية الإنسانية هي مجردة من المذهب والعقيدة والدين بالضرورة، ومتى ما أدخلوها في مواقفهم سوف يتحولون حتماً إلى كائنات لا أخلاق لها؟!
ألا يفهم الحمقى بأنهم يستطيعون أن يضعوا المطالبين بالإصلاحات وثائرين على الاستحواذ والاستبداد رهن الاعتقال ولكن كيف لهم أن يعتقلوا ثورة تشتعل في النفوس، يكبر عليها الصغار ويشيب عليها الشباب ويموت عليها الكهول والعجائز؟!
ألا يفهم الحمقى أن الإصرار على التقسيم الديني أو الطائفي أو العرقي لأي مجتمع لم ينجح أبداً في التاريخ حتى في مجتمعات الأنبياء، فمن باب أولى أن يفشل في مجتمعات الاستبداد والتفرقة الطائفية والمذهبية؟!
ألا يفهم الحمقى أن الشحن العِرقي أو الطائفي أو الديني في سبيل مصلحة قصيرة المدى لنظام قمعي استبدادي طائفي قد تنجح على المدى القصير، لكن آثارها على المدى المتوسط والطويل قد يُسقط النظام الذي شجعه ومعه جمهوره الذي اصطف معه وبرر له؟!
ألا يفهم الحمقى أن كتابة التاريخ اليوم قد خرجت وإلى الأبد من أيدي المنتصرين الطائفيين العِرقيين ليتولى كتابته أصحاب الضمائر الحية الجالسون بعيداً عنهم وعن بؤسهم الأخلاقي وتشوه ضمائرهم؟!
ألا يفهم الحمقى أن “التاريخ” كـ “نص” سوف يُدين كل ممسوخ أخلاقياً، مشوه الضمير، الذي يدّعي تفوقه الديني أو المذهبي أو العِرقي حتى يضطر أبناؤه وأحفاده أن يخجلوا من انتمائه لهم؟!
ألا يفهم الحمقى؟!
وأنا أعلم مقدماً بأن “الحمقى” لم يفهموا ولن يفهموا.
اسحبوا سفراءكم، وإن كانت قطر ليست بأفضل منكم بكثير، ولكن ما عساكم أن تفعلوا لها غير هذا. ولو كنت مكان قطر، لأعلنت انسحابي من هذا المجلس الفاشل جملة وتفصيلاً، ولا أمل فيه إطلاقاً.
#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تزوير مسيحية يسوع – 25
-
تزوير مسيحية يسوع – 24
-
تزوير مسيحية يسوع – 23
-
تزوير مسيحية يسوع – 22
-
تزوير مسيحية يسوع – 21
-
تزوير مسيحية يسوع – 20
-
تزوير مسيحية يسوع – 19
-
تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الثاني
-
تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الأول
-
تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الثاني
-
تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الأول
-
تزوير مسيحية يسوع - 16
-
تزوير مسيحية يسوع - 15
-
تزوير مسيحية يسوع - 14
-
تزوير مسيحية يسوع - 13
-
تزوير مسيحية يسوع - 12
-
تزوير مسيحية يسوع - 11
-
تزوير مسيحية يسوع - 10
-
تزوير مسيحية يسوع - 9
-
تزوير مسيحية يسوع - 8
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|