|
إنتبهوا الى فَرق التوقيت
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 16:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعض المسؤولين في أقليم كردستان العراق ، يُحاولون إقناع أنفُسهم ، قبل إقناع الآخرين .. بأن " جميع " أسباب الأزمة المالية الخانقة ، التي يَمُر بها الأقليم .. سببها الحكومة الإتحادية في بغداد ، ولا سيما ، شخص رئيس الوزراء " نوري المالكي " والمُحيطين بهِ . على الرغم ، من الدَور البالغ السوء ، الذي يلعبه ، المالكي .. في تعميق الخلافات بين أربيل وبغداد .. فأنه في نفس الوقت ، بَطلُ خلق الأزمات ، وتوليد أزمةٍ من جوف أخرى " فهو يدرك ، ان [ الأزمات المتعاقبة ] هي الأوكسجين الذي يتنفس من خلاله نظام الحُكم الذي يقوده !" ، في عموم العراق ، وليس في الأقليم وحده .. فالمحافظات الغربية ، شهدتْ ولا تزال ، نتائج سياساته الخاطئة ، وحتى محافظات الجنوب والوسط ، تشكو من الفساد وقلة الخدمات وضعف الأمن والبطالة والتخلُف . لكن ، رغم كُل سلبيات المالكي .. فأنه ليسَ السبب الوحيد ولا السبب الرئيسي ، في الأزمة المالية في أقليم كردستان .. بل لنُكُن جريئين ونعترف ، بأن إدارة الأقليم ، " أي الحزبَين الحاكمَين منذ 22 سنة ولغاية اليوم " تتحمُل جُزءاً مُهماً من مسؤولية الوضع الراهن . * تطُل علينا ، من خلال وسائل الإعلام الرسمية في الأقليم ، هذه الأيام ، أصواتٌ تُنادي بالصمود أمامَ قطع الرواتب ، أصواتٌ تصيح ، بأن الكُرد مُستعدون لتَحّدي المالكي ، ومُحاربتهِ إذا دَعَتْ الحاجة .. أصوات تّدعي بأننا سنتحمل بدون رواتب لسنة كاملة وليس لشهرَين ! .. أصوات تقول ، بأن الكُرد جاهزون لمُجابهة الجوع والعطش والحاجة ، ولن يَحْنوا رأسهم للمالكي ! . ويوردون ، كبُرهانٍ على ذلك .. ما فعلهُ المعلمون والمُدرسون في سنة 1992 ، حين تطوعوا للدوام بدون مُقابل ، لأشهُر عديدة ، أبان سحب الإدارات الحكومية من قِبل نظام صدام وفرض حِصارٍ مُزدوج على الأقليم الفَتي حينذاك . * أيها السادة ، أصحاب الأصوات الداعية الى " التحّمُل " و " الصبر " ، الداعية الى الصمود بوجه الحرمان والحاجة ، الى الإستهانةِ بقطع الرواتب عن مئات الآلاف من الموظفين والمستخدمين البُسطاء .. أنتُم في أبراجكم العالية ، بُتُم لا تشعرون بالناس ، لا تحسون بنبض الشارع الحقيقي .. أصبحتُم تستسهلون ما يجري .. تتعامون بأن الظروف تغّيرتْ بدرجةٍ كبيرة ... غَدَوْتُم لا ترونَ الفرق الشاسع ، بين ما كان في 1992 ، وما هو كائنٌ اليوم . * أيها السادة .. في خريف عام 1992 ، أخذتُ ثلاث بطانيات ، ومدفأة نفطية ، الى بيت ( ) ، حيث كانتْ عائلتهُ القادمة من وراء الحدود ، في دارٍ صغيرة مُؤجرة ، ويعيشون عيشةً بسيطة ، مثل معظم الناس ، وكان هو مُكّلفاً بواجبٍ رسمي في مكانٍ بعيد . كنتُ ( حينذاك ) مُستعداً للدفاع عن التجربة الوليدة ، دفاعاً مُستميتاً ، مُستعداً للتضحية بحياتي ، في سبيل الكيان الجديد الخارج عن سيطرة حُكم صدام .. مُستعداً عن قَناعة ، حين أجد ( ) بنفسه ، يخدمُ بإخلاصٍ وبتواضع ، وعائلتهُ تُعاني من شظف العيش ، شأنها شأن كُل العوائل الأخرى . أما اليوم ، أيها السادة .. فلقد إنتقلَ ( ) إنتقالةً كُبرى ، وعائلتهُ تعيشُ في قصرٍ حقيقي .. وما عادَتْ همومي ، هي نفس همومهم .. اليوم ، هُم على تَلٍ وأنا في وادٍ ! . رُبما يشفق البعض منهم ، على البُسطاء الذين لم يستلموا الرواتب منذ شهرَين .. رُبما يتصدقون بين الحين والحين ، بِبعض الفُتات ، على مسكينٍ هُنا أو فقيرٍ هُناك .. لكنهم ، قطعاً .. لايشعرون بالمُعاناة الحقيقية ، لذوي الدخل المحدود الذين إحتاروا بقوتهم اليومي ! . * أيها السادة .. لنتصارح .. أرى ، ان الغالبية العُظمى من الذين بَنوا قُصوراً ضخمة ، خلال السنوات الماضية .. قصوراً تبلغ مساحاتها وحدائقها ومسابحها ، آلاف الأمتار المُربعة .. في حين لايجد الآلاف من الشباب المتزوج حديثاً ، شقة صغيرة تأويهم . المئات من التافهين ، الذين يستهترون بصرف مبالغ خُرافية من العُملة الصعبة ، على موائد القمار ومحلات المجون .. في الوقت الذي ، لايتوفر الكثيرون ، على ثمن علاجهم أو أطفالهم . في هكذا مُجتمعٍ ، إختّلَتْ فيه الموازين بِحّدة .. ليذهب أصحاب الملايين .. أصحاب القصور الضخمة .. أصحاب الفلل والمزارع والمسابح .. ليذهبوا ، لمُحاربة المالكي .. أما انا فلن أذهَب .. لأني لا أشعرُ بأن هذه معركتي ! . في 1992 .. حين كان المسؤول ، بسيطا متواضعا ، وعائلته تعيش مثل عائلتي تقريباً .. حين كانتْ المبادئ حيةً .. كنتُ مُستعداً للتضحية بكل شئ ، من دون مُقابِل ، من دون إنتظار مُكافأة او مَكسَب . اليوم .. إختفتْ هذه الظروف .. هذه الشروط ، فلستُ مُستعداً ، أن أصارع ، لا من أجل المالكي ولا من أجل الطبقة الحاكمة ... فالمالكي ، يسير حثيثاً على خُطى صدام .. والطبقة الحاكمة ، تسبح في مُستنقع الفساد ! . أيها السادة : إنتبهوا الى فَرق التوقيت ، بين 1992 و 2014 .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رُبَّ ضّارةٍ .. نافعة
-
إنترنيت يشتغل ب - الكباب - !
-
أحد أسباب أزمتنا المالية
-
- كِذبَة نيسان - والدعاية الإنتخابية
-
لا حَميرَ في أقليم كُردستان
-
أزمَة الرواتب في أقليم كردستان
-
قَبْلَ ... وبَعدَ
-
الإنتخابات .. إذا جَرَتْ
-
على هامش الأزمة المالية في الأقليم
-
همومٌ كُردستانية
-
أوضاعنا المُتأزمة
-
مَنْ س ( يلوكِلْنا ) بعد إنتخابات نيسان 2014 ؟
-
- لعبة - تشكيل حكومة الأقليم
-
- حركة التغيير - بحاجة الى بعض التغيير
-
أينَ حّقي ؟
-
هل هنالك أمل ؟
-
بين هَورامي والشهرستاني ، ضاعتْ الأماني
-
الأزمة المالية في الأقليم .. حّلها سَهل
-
حَج أنقرة وعُمْرة طهران
-
المواطن العادي .. ومَلف النفط
المزيد.....
-
شاهد ما كشفته صور حطام طائرة ركاب ومروحية في نهر شبه متجمد ب
...
-
حماس تعلن مقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف ونائبه مروان ع
...
-
ترامب: -لا ناجين- من حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية ف
...
-
أبو عبيدة يُعلن مقتل محمد الضيف وعدد من القيادات العسكرية لـ
...
-
واشنطن.. لحظة اصطدام طائرة أمريكية بمروحية عسكرية ومقتل 64 ش
...
-
مقابلة الكلب -رامبو- بمصر
-
من قائد -تنظيم إرهابي- إلى رئيس انتقالي.. احتفالات في دمشق ب
...
-
خلال لقاء مع حماس.. إردوغان يأمل في نجاح المرحلتين الثانية و
...
-
-حياتي ليست أقل قيمة-.. غضب في الأرجنتين من خطط ميلي لإلغاء
...
-
مقتل 6 أشخاص بهجوم روسي بمسيرة على بناية سكنية في سومي شمال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|