نورالدين المباركي
الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 14:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدقة التي اتسمت بها كلمة رئيس الحكومة السيد مهدي جمعة وهو يُشخص عناوين الأزمة الاقتصادية في تونس ، غابت عند حديثه عن المخارج التي تراها حكومته للخروج من هذه الأزمة ، فقد اكتفى بعناوين كبرى وبدعوته " الجميع" للتكاتف و العمل اليد في اليد و ضرورة العمل و الانتاج.
قد يكون السيد مهدي جمعة مازال يبحث عن كافة المخارج الممكنة ، ارتباطا بالأوضاع الدولية والإقليمية ، وبدور حكومته ومدة عملها وما يمكن أن تقوم به في أقل من عشرة أشهر ، لكن ذلك لا يُبرر "العموميات " في طرح المخارج ، لأن المهمة الرئيسية للحكومة الجديدة هي ضبط مسالك الخروج من الأزمة وليس فقط تشخيص و تعداد المصاعب الراهنة في الاقتصاد الوطني وأيضا لأن أداء الحكومة سيُقيم لاحقا على قاعدة : ماذا انجزت ؟ وليس كيف شخّصت؟.
ليس من المبالغة في شيء التأكيد أن المُهمة صعبة وأشبه ما تكون بتدخل جراحي دقيق لا يحتمل التأخير و الفشل، وقبول الحكومة الجديدة القيام بهذه المهمة يُعبّرُ في حدّ ذاته عن ارادة قوية ، لكن الارادة وحدها لا تكفي في مثل هذه الأزمات ، الأمر يتطلب أيضا مناخا يشجع على العمل و أدوات و آليات ووقتا كافيا يساعد على الانتهاء من العملية.
أهم ملامح المناخ العام في البلاد في هذه الفترة ، حالة التوافق و الدعم الذي تجده حكومة السيد مهدي جمعة من أغلب الأحزاب السياسية و المنظمات المهنية ، لكن هذه الحالة متحركة وغير ثابتة لأنها مرتبطة بمحطات قادمة ( الانتخابات) ، وأيضا بكل خطوة ستخطوها الحكومة ومدى التزامها بخريطة الطريق التي تمثل حالة التوافق الكبرى بين الفاعلين السياسيين الاجتماعيين .
أما عن أدوات و آليات العمل فلا تبدو الخيارات المتوفرة للسيد المهدي جمعة وحكومته كثيرة : الرفع من الانتاج والاستثمار ، التوجه للتداين الخارجي ، سياسة تقشفية ..الخ وهذه مسائل غير مرتبطة بارادة الحكومة وحدها أو بخططها ، هي مرتبطة بالمناخ العام بالبلاد و بالعلاقات الدولية وشروط الهيئات المالية العالمية و بالحد من التهديدات الارهابية .
و تبقى مسألة الوقت الممنوح للحكومة لانجاز مهمتها ، معظلة حقيقة و موضوعية ، هل ستتمكن من " القيام بكل شيء في وقت محدود" .المنطق العلمي و العملي يستبعد ذلك ، لكن المنطق السياسي سيدفع الى ذلك ، لأن تحديد مدة عمل حكومة السيد مهدي جمعة كان سياسيا بامتياز.
ستكون مهمة السيد مهدي جمعة صعبة و اشبه بـ"المهمة المستحيلة" ، وهذه حقيقة لا بد من الاستعداد لها من الآن
#نورالدين_المباركي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟