|
حماس، أسئلة في فضاء مفتوح..!!
حسن خضر
كاتب وباحث
(Hassan Khader)
الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 15:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المُتوقع أن تبت اليوم (الثلاثاء) محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة، في القضية المرفوعة والداعية إلى تصنيف حماس منظمة إرهابية. ولا نعرف ما إذا كانت المحكمة ستصدر حكماً بهذا الشأن، أم أنها ستقرر تأجيل النطق بالحكم، وربما ترد القضية، أو تحيلها إلى محكمة أخرى. هذه الأمور تخص القضاء، والخبراء في القانون، وهذا ما سنسمع عنه الكثير في قادم الأيام. بيد أن هذا كله لا يحول دون إمكانية التفكير في هذا الأمر بالمعنى السياسي. فسواء حكمت المحكمة، أو لم تحكم، فإن في مجرد رفع قضية كهذه، ما يعني أن الحصانة المعنوية والأخلاقية والسياسية (والقومية)، التي تفترض حركات فلسطينية مسلحة قاتلت إسرائيل، أنها حق من حقوقها، أصبحت موضع نظر وخلاف. ولأمر كهذا تداعيات بعيدة المدى. ولم يكن لحق مُفترض من هذا النوع، حصلت عليه منظمات فلسطينية مختلفة، في عقود مضت، حتى أصبح تحصيلاً للحاصل، في بلدان عربية مختلفة، أن يجابه تحدياً قانونياً وقضائياً كهذا، لولا خصوصية اتسمت بها حركة حماس، وما تزال. فهي الفرع الفلسطيني لحركة الإخوان المسلمين، بمعنى أن مصيرها يرتبط، صعوداً وهبوطاً، بمصير الحركة الأم. وبقدر ما استفادت، وتستفيد، من هذه العلاقة، فإن عليها دفع الضرائب المُستحقة ومنها: تسديد فواتير ما ترتكبه الحركة الأم في كل مكان آخر من أخطاء، أيضاً. كان الدرس الأهم، الذي استخلصته الحركة الوطنية الفلسطينية، بعد عقود من التجربة والخطأ، أنها يجب أن تكون مستقلة تماماً، وألا تدين بالولاء السياسي والأيديولوجي لأحد، وألا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية. وهذا ما فشلت حماس في إدراكه. وعلى الرغم من الكلام الفارغ على شاشة الجزيرة القطرية، والسياسة التركية الإخوانية، وأوهام الاحتواء الأميركية، والفوز في انتخابات ديمقراطية، في بلدان ما بعد الربيع العربي، إلا أن الإسلام السياسي، وحركة الإخوان المسلمين أبرز عناوينه، لا يحظى بشعبية واسعة في العالم العربي، ويُجابه تحديات كثيرة منها فقر سياسته الاجتماعية، وغموض أهدفه السياسية، وما يثيره من خلاف واختلاف، ونزاع وصراع، في كل مكان ظهر فيه. وإذا كانت أشياء كهذه مجرد ملاحظات تفتقر إلى دليل في الماضي، فهي ما يمكن أن نراه على الأرض، اليوم، بعد صعود الإخوان في أكثر من بلد، وسقوطهم السريع في أكثر من بلد، بما في ذلك، وفوق ذلك، في مصر نفسها. بيد أن هذا كله لا يمكن فهمه، في الحالة الفلسطينية على نحو خاص، دون أن نضع في الاعتبار أمرين أساسيين هما: ما أعقب سقوط حكم الإخوان في مصر من أعمال إرهابية، واقتران اسم حماس بأعمال تمس السيادة والأمن المصريين، في سياق الإطاحة بمبارك، وفي عهد الإخوان، وما تلاه. وما يفاقم من هذين الأمرين أن حماس تدير أنفاقاً تحت الأرض على الحدود مع مصر. وهذا ما لا يمكن التسامح معه في نظر المصريين، حتى لو لم تكن حماس جزءاً من الإخوان المسلمين. والمهم، في سياق التداعيات السياسية للقضية المرفوعة في محكمة الأمور المستعجلة، أن البت في القضية، واعتبار حماس منظمة إرهابية، يخلق وضعاً إشكالياً بالنسبة للسلطات المصرية، فهي لا تستطيع التعامل مع منظمة وصمتها محكمة مصرية بالإرهاب، بطريقة طبيعية من ناحية، ولا تريد تعريض المواطنين الفلسطينيين في غزة لمصاعب ومتاعب إضافية من ناحية ثانية. ونقطة التماس، هنا، هي المعبر على الحدود المصرية مع قطاع غزة. وعلى صعيد آخر، في مجرد البت في القضية، ما يعني أن علامات استفهام كثيرة تُضاف إلى كل كلام محتمل عن المستقبل السياسي لحماس في غزة، وفي فلسطين عموماً. ولن يكون هذا المستقبل مفتوحاً على احتمالات مختلفة دون التفاهم مع السلطة الفلسطينية، والاحتكام إلى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، لن تُمكّن حماس، على الأرجح، من البقاء في سدة الحكم في غزة، ولكنها ستمكنها من البقاء في المشهد السياسي الفلسطيني، باعتبارها فصيلاً بين فصائل أخرى كثيرة. الانتخابات البرلمانية التي جاءت بحماس إلى المجلس التشريعي وقعت قبل ثماني سنوات. وقد انتهت مدة التفويض منذ أربع سنوات. وعليها، كما على بقية الفصائل الفلسطينية، الحصول على تفويض جديد من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. وعندها (لا قبلها) لكل حادث حديث، كما يُقال. مسألة أخيرة تتمثل في حقيقة أن كل خلاف بين منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا النظام العربي أو ذاك، غالباً ما أسهم في تكتل الفلسطينيين حول المنظمة. كان هذا في الماضي. وفي الحاضر، تحاول السلطة الفلسطينية الحفاظ على علاقات إيجابية مع كل من يقبل التعامل معها من العرب والعجم. وهذه السياسة تحظى بقبول واسع لدى الفلسطينيين. حماس لا تمثل منظمة التحرير، ولا السلطة الفلسطينية، وفي حال خلافها مع مصر، لن يتكتل الفلسطينيون حولها، فهم غالباً مع مصر، لذا لن تجد دعماً خارج الدائرة الضيقة للمنخرطين في صفوفها، والأنصار التقليديين. وهذا يُقلل من أوراقها التفاوضية، ومن مصادر قوتها. الورقة الوحيدة القوية في يد حماس هي مصير الفلسطينيين في قطاع غزة، وهذه الورقة تخدمها، بالتأكيد، ولكن هل تخدمهم، وهل يخدم شقاء الفلسطينيين في مكان ما قضيتهم في كل مكان آخر؟ أسئلة كثيرة، وإجابات مُعلّقة في فضاء مفتوح.
#حسن_خضر (هاشتاغ)
Hassan_Khader#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهلاً، يا نجلاء، في البيت..!!
-
خلاف حماس والأونروا..!!
-
في جينات العرب مضادات حيوية..!!
-
الكلام الفارغ عن الرأي والرأي الآخر..!!
-
شطارة السوق والتسويق..!!
-
جزء من المشكلة لا الحل..!!
-
خطوة في الاتجاه الصحيح..!!
-
تشيك بوينت تشارلي..!!
-
هديةٌ لمحمودنا ومِنه..!!
-
أحمد فؤاد نجم..!!
-
صورة الجلاّد المقدّس..!!
-
الإعلام هو الحل..!!
-
حاضر غزة مستقبل ليبيا..!!
-
صورة جانبية لمحمد مرسي..!!
-
فتّش عن المرأة..!!
-
حجاب اللغة..!!
-
الصليب، والكنيسة، والكهنة، والنبيذ..!!
-
قرب النافذة، والضوء قوي..!!
-
على باب حارة الأرمن في القدس..!!
-
كش ملك..!!
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|