جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4379 - 2014 / 2 / 28 - 11:56
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تلبيس السلبيات بلباس الايجابيات
يحاول الانسان في السياسة و الاقتصاد و التجارة و الدين و غيرها تلبيس مفردات او نصوص سلبية او شبه سلبية بلباس ايجابي لاجل الوصول الى غاية دون ان يحس المقابل باستغلال و انتهاك اللغة و هي طريقة ذكية تخدع الانسان العادي بسهولة. الامثلة كثيرة في التجارة في اعلانات و دعايات السلع لاجل بيعها و في السياسة تقوم الاحزاب باستغلال اللغة المظلومة باستمرار لاجل الفوز بالانتخابات و تعطي وعود مزيفة. الظاهر ان هذه الطريقة تنجح اما لبساطة الانسان نفسه او لانه لا يعيش على الامال.
عندما استلم رونالد ريغن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة تكلم بافراط عن اهمية الحرية و عدم قيام الحكومات بسلبها و لكنه كان يعني فقط حرية رب العمل في فصل العامل و حرية المأجر في طرد المستاجر.
و اليوم اصبحت لغة الاقتصاد ضبابية و مشكوكة فيها فمثلا عندما تقول شركة بانها تحاول اعادة تركيب الشركة بكلمات رنانة مثل re-structuring و re-engineering فانها قد تعني احالة عدد من العمال على البطالة او التقاعد برواتب سيئة و عندما تستعمل كلمة empowerment الايجابية و التي تعني اعطاء الصلاحية و المسؤولية و التخويل فانها قد تعني طرد قسم من مدراء اقسام الشركة لان الموظف الان يستطيع اتخاذ القرارات بنفسه و بالتالي يتحمل مسؤولية الاخطاء و ينجر الى العمل ساعات طويلة بسب زيادة ثقل و كثافة العمل على حساب صحته و حياته العائلية.
لقد باع الاسلام لنا بنفس الطريقة مفردات سلبية بلباس ايجابي فمثلا كلمة (فتح: نصر من الله و فتح قريب) كانت تعني في الاصل (قرار او حكم شرعي او قضائي) تطورت تحت التأثير الحبشي (قارن الاثيوبية فتح بمعنى الحكم) و الصابئية (فتح بمعنى امر قضائي او دعوى او محاكمة قضائية) و (الفتاح ) هو الحاكم او الشخص الذي يتخذ القرار النهائي (الله) و هذا يفسر عبارات مثل (يا فتاح يا رزاق) لتتطور الى (الفتح) عكس (الغلق) و تلبيس الغزوات و الحروب الاسلامية و انتهاكات الثقافات و الاديان و اللغات بفتوحات سلمية بريئة و كانما ابواب الشعوب المجاورة كانت مفتوحة على مصراعيها للمسلمين ليدخلوها بكل سهولة و سلام لاخراجها من الظلمات الى النور. امثلة تحويل (الظلمات الى النور) بعبارات رنانة كثيرة في الاسلام.
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟