أمال جواد
الحوار المتمدن-العدد: 4379 - 2014 / 2 / 28 - 00:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عزيزي القارئ بعد التراجع الحضاري المؤلم في الدول العربية وتحديدا في العراق. وبعد أن كان يصنف من الدول الأوائل في مستوى دخل المواطن, ومن ناحية الخدمات الصحية, والخدمات العامة. كما أن المستوى العلمي للبلد كان يضاهي الكثير من الدول الأوربية, من حيث تطور المؤسات التعليمية والعلمية. ونسبة مستوى الأمية كان أقل من عشره بالمئة. وهذه النسبة قليلة جدا. أثار أنتباهي دور المثقف في هذا التطور التراجيدي كعنصر أستراتيجي أن لم يكن طليعة للمجتمع كما يقال. لذا بدأت أبحث عن مصادر لفهم مايدور تحت عنوان أزمة المثقف العربي. لقد وجدت الكثير من الكتابات التي تعرف الثقافة والمثقف وأسباب الأزمة التي يعيشها المثقف، ولكن الملاحظ أن تعريف مصطلح الثقافة والمثقف يرتبط بالمفهوم الغربي. وكذلك تعليل وتبرير أزمة المثقف العربي ودوره السياسي يسند لمرجعية غربية في أغلب الأحيان. أنا لاأعتقد أن أزمة المثقف العربي ناتجة عن تقمصه لمنتوج المثقف الغربي, وأنما على العكس. الفكر الغربي المفروض يكون مصدر ألهام للمثقف الشرقي. وليس مسخ فكري له ولولا وجود خطأ فكري في شخصية المثقف العراقي لن يحدث تقمص أو مسخ فكري . فبالرغم من القراءة الممتعة والقيمة لهؤلاء المؤلفين قررت أن أبحث الأمر بطريقتي الخاصة, كانسان يعتز بهويته الوطنية, ومعاصر للمثقف العراقي السياسي وشاهد على ادائه للنشاط السياسي داخل أطر ديمقراطية, خارج ضغوطات السلطة نسبيا والتقاليد الأجتماعية في المجتمع العربي وتحديدا العراقي. والسؤال الأول الذي يطرح نفسه هوه ماهية الثقافة ومن هوة المثقف?
البحث عن مفهوم ومعنى المصطلح اللغوي للثقافة والمثقف في قواميس اللغات ليست مهمة سهله. أذ تحت خيمة هذين المصطلحين تدخل عدة مفاهيم. والسبب وجيه لأنه توجد عدة مرادفات لها, ذات تأثير أيجابي و متداخل على تطور الأنسان ككيان وكمنتج ، حيث تتداخل عوامل كثيرة في صقل شخصية الأنسان وهيكلة المنطق وأستنباط الفطنة في فهمه المعرفي. ومن ضمن هذه العوامل, المادة العلمية والمعرفية والمؤ ثرات الحسية مثل الفن والأدب, والعوامل الجمالية في المنتوج الشعبي والمؤثرات الطبيعية . كما أن الرقي الحضاري للبلد يحدد الكم النوعي للتأثير من قبل هذه العوامل. أيضا الأنسان هو من يحدد التطورالحضاري. وتربطهما علاقة دينامكية ديالكتيكية الجوهر. أي الفرد والتطور الحضاري للمجتمع. الناتج المفرز من هذه العلاقة يحدد مصطلح الثقافة والتي يقابلها باللاتينية cultur فأكتفي بتعريف الكلمة من خلال المعنى البيولوجي لهذا المصطلح والذي يعني الأفراز المنتج عن الكائنات الحية. وأستعماله في النص الأجتماعي لأن معنى الثقافة يبقى في كل اللغات يعبر عن ما توصل له الأنسان في مجتمعه من منتوج للمؤثرات الحسية. منها الأدب والفن والعلوم المختبرية والأنسانية. اذن الثقافة هو منتوج تفاعل الفرد والمجتمع من خلال علاقة ديناميكية ديالكتيكية خلال معامل الزمن. وللبحث في في مصطلح المثقف يجب تجريده من كل الأنتمات والخلفيات الطبقية والتاريخية., بعد ذالك يتم التعامل مع المصطلح. فنجد في الحقيقة تعريف المصطلح يكون كالتالي. المثقف هوه الشخص الذي يمتلك قدرة ذاتية للملاحظة, وقدرة ذاتية للتحليل والأستنتاج وايجاد الحلول . هذه المواصفات تمنح الفرد استقلالية فكرية نوعا ما. حيث التفكير هو النشاط الذهني الناتج عن تحفيز معين لربما مشكلة أو سؤال يتطلب حل. اذ الأنطباع وتحليل الأنطباع والأستنتاج, تمنح الشخص قدرة, للتعامل والمعاملة حول فكرة ما ذاتيا أي بأستقلالية تامة. ومن خلال السعة اللغوية للشخص وأستراتيجية التفكير يتم معالجة قضية بالتعاون مع الآخرين في المجتمع من خلال تأدية الحوار. اذن المثقف صفة غير مقترنة بالأكاديمين وعلماء السياسة والأجتماع, لأنها لاتعتمد على المادة الثقافية أو العلمية التي يتمكنها الفرد. وأنما تعتمد على التكامل الفكري للفرد. حيث الفكر يتمثل بالنشاط الذهني الناتج عن أيعاز ما. وهذا التكامل الفكري له أرتباطات فزيولوجية وتربوية أساسية, يتم صقلها من خلال المؤ ثرات الجمالية والروحية ومن ثم تكليلها بالخبرة من خلال التجربة الحياتية والمعرفية. التكامل الفكري يدفع الأنسان للتعمق في دراسة العالم وكشف أسراره من خلال العلوم المادية التجريبية والمعرفية
وهنا يبدأ الخلل الأول في الأزمة أي من خلال تعريف المثقف, تحديده وتحمله المسؤلية والمساهمة في حل المشاكل الأجتماعية والسياسية في الدولة والبناء الحضاري. فقد تم عزل أو تنحية عدد كبير من فئة المثقفين التي كان ممكن أن تلعب دور مهم في البناء, والعكس صحيح, فقد تم توكيل مهمات أستراتيجية لناس لاتمتلك القدرة على الرؤية المستقبلية للمهمة بسبب عدم التمييز بين المثقف والمتلقن. ........... أهم أنعكاسات هذاالخلل هية توليد نوع من عدم الثقة عند المثقف العربي وأجباره على التراجع عن الأدوار الأستراتيجية وأستسلامه لدور المتنحي بسهولة في المجتمع.
عدا التكامل الفكري للمثقف يوجد أيضا خصوصية فكريه قد تطرقت لها دون الدخول في تفاصيلها, وتمثل المحور الأساسي في أزمة المثقف العربي. هو مايسمى بأستراتيجية التفكير. أستراتيجية التفكير تكمن في طريقة التركيز على المادة المطروحة للحوار أو العلاج ومنها الوصول للحل. لفهم أستراتيجية التفكير وأهميتها في معالجة المشاكل الأجتماعية, السياسية والأقتصادة وحل النزاعات والخلافات.. قمت بطرح ملاحظة شخصية أمام المثقف العراقي والمثقف الدنماركي. وكانت الملاحظة تكمن في "الشعور بسطحية المواضيع السياسية والأجتماعية المطروحة من خلال وسائل الأعلام حاليا, مقارنة مع المادة الأعلامية المطروحة للقراءة في السبعينات". .....جواب المثقف العراقي كان كالتالي... أنك مازلتي ترتدي نظارات الشيوعية. وتحليلك للمادة المنشورة من خلال هذه النظارات " .....جواب المثقف الدنماركي كان كالتالي... أتجاه التطور للمجتمع خلال فترة أنقطاعي عنه كان متراجع وليس بنفس أتجاه تطوري الذاتي. من خلال المقارنة نجد أن المثقف العراقي لم يركز على الموضوع أي Objekt وأنما على الشخص ويحوله من Subjekt الى Objekt. أي يتجاوز الهدف المطلوب وصوله وهو المستوى العلمي للمادة الأعلامية. وينتقل لهدف ثاني هذا يعطي أنعكاسات كارثية لنشاط المثقف العربي. ويشل نشاطه كليا في الحوار والعمل الجماعي. كما من خلال متابعتي لأسلوب معالجة المقترحات والآراء في العمل الجماعي, يلاحظ أنه يتم ترجمة أقوال الكاتب أو المتحدث المنافس أو المعارض لخارج أطار الموضوع وتفنيد أقواله دون الدخول لجوهر الموضوع أو الهدف. مما يسبب موقف سلبي للمتحدث او المحاور. ثانيا عدم الأستفادة من التحليل والحلول بالشكل المطلوب.عمليا لايوجد حوار وأنما كلام متوازي أي لايلتقي بكل الأحوال أن كان معاكس أو بنفس الأتجاه. وهذا يعني مشكلة المثقف هوه فقدانه لآلية العمل الجماعي, والتي تشمل آلية الحوار....آلية التعاون....آلية التكامل. لذا نشاط المثقف يقتصر على المستوى الفردي والنظري هذا هو السبب الذي لم يسمح للمثقف العراقي أن يلعب دور في صناعة الرأي العام وصياغة الوعي الجماعي ولاالتأثير في ديناميكية التطور الأجتماعي ورسم ملامح التاريخ مقارنة مع دور المثقف الفرنسي أو الأوربي. ولم يستطع أن يشكل سلطة رمزية لها وزن أستراتيجي كي يمكنه من أقامة علاقات مؤثرة مع السلطة السياسية. السياسية. فأزمة المثقف ليس لأنه أسير ثقافة أنتجها المثقف الغربي، جعلته يعيش خارج الزمن الثقافي العربي. وأنما لأنه لايجيد أصول العمل الجماعي.لأنعدام الهدف المشترك في الحوار مع المجتمع. حيث من خلال الهدف المشترك يتم أستقطاب وتبلور الفكر الجماعي للوصول لهذ ا الهدف فأذا أراد المثقف العراقي أن يلعب دوره الأساسي في المجتمع عليه تحديد هدف واضح للمجتمع ومفهوم يدخل ضمن الطموح المعقول للمواطن وبنفس الوقت يربط المثقف بهدفه السامي. مثال على ذلك حالية كلمة وطن ممكن أن تجسد كل تبعيات العملية السياسية. حيث موضوع الوطن يتضمن الأنتماء للوطن, الهوية الوطنية ,الأمن السلام البناء الرفاه والخ. فالسياسي يعمل من جانبه للوصول لهذا الهدف, المدرس يعمل من جانبه, والمتدين يعمل من جانبه والأديب يعمل من جانبه. والمثقف يصل هدفه أيضا السامي من خلال الرفاه الأقتصادي, الأجتماعي والعلمي. لأنه هدف الجميع.
لكن أين المثقف من هذا الهدف الآن؟ غير مسموع وغير مرأي لأنه لايمتلك هدف واضح. حيث تركيز المثقف حاليا أكتشاف الأخطاء و تخطيء المنافس, بحيث يصعب على المواطن أن يجد الهدف في حملة المثقف.
. عندما يحدد الهدف الجميع تلتف حوله حتى المعارضه. مثلا على ذلك, عندما كانت المنافسة شديدة بين اليسار واليمين في الدنمارك, وكان المرجح خسارة اليمين وفوز اليسار. لأن المثقف كان يركز حول هدف محدد هو الوطن ورفاه المواطن. ولكن المفاجئه كانت عندما قدمت الأحزاب برامجها للأعلام. برنامج اليمين كان نفس برنامج الحزب الأشتراكي الديمقراطي المنافس لهم. وهكذا فاز اليمين في الأنتخابات لتلك السنة.
مع تحديد الهدف ستتجسد المعارصة واضحة أمام المثقف والمواطن في المجتمع. وهذا من صالح المثقف لأثبات وجوده وتثبيت دوره في التفاعل الأجتماعي. عندما يحدد المثقف الهدف. تبدأ المؤسات بتوجيه برامجها ونشاطاتها بأتجاه الهدف. وبهذه الطريقة يصل المثقف لهدفه من خلال المجتمع. أتمنى لعزيزي القارئ أن يستفيد من هذه المادة. وأتمنى للمثقف أن ينهض بدوره في هذا المجتمع الذي أنتظره حقبات زمنية متتالية.
#أمال_جواد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟