وسام طيارة
الحوار المتمدن-العدد: 1244 - 2005 / 6 / 30 - 07:38
المحور:
الادب والفن
نزار قباني.. الجنتلمان الدمشقي
بين الحكمة والمحاكمة
وسام طيارة
انشرح صدري عندما علمت أن إحدى شركات الإنتاج السورية العريقة والتي قدمت أضخم واهم مسلسل عربي عرى الصهيونية العالمية واثار حربا وجدلا على المستوى العالمي ، اضافة الى العشرات من المسلسلات الهامة ، ستقدم من خلال مشهدية بصرية وثقافية مسلسلا عن شاعر الامة العربية الكبير نزار قباني الحالم العاشق الذي ترك ارث كبيرا من الفسيفساء على مسرح الشعر العربي والعالمي .. نعم لقد كان نزار علما من اعلام الادب والشعر وكان ملكا لجماهيره ومحبيه وعشاقه ، ولم يكن في يوم من الايام ملك نفسه ، لان روحه كانت مفعمة بالالق والعشق تفوح منها رائحة الياسمين الدمشقي والورد الجوري ، لقد امتزجت كلماته في عروق ودماء الكثيرين واصبح جزء لايتجزأ من نسيج حياتهم ، وانا هنا لااريد ان افسد تلك السطوة التي لازالت ترتسم في قلوبنا وعيوننا وعقولنا عن ذاك الامبرطور الذي حكم بكلماته المطرزة بالحب عقول وقلوب محبيه ، وانما اردت ان انبه الى ان هناك من يحاول في الغرب وبعض الدول الاخرى منذ زمن طويل ان يضع العقبات و يقف حائلا امام الاقدام على تنفيذ أي مشروع ثقافي عربي يعكس الوجه الحضاري المشرق للابداعات العربية بكافة الوانها واطيافها ، و لا اخفيكم بانني صعقت مؤخرا مع الاسف ببعض الاخبار التي قراتها في بعض وسائل الاعلام ، والتي صرح بها " ورثة نزار قباني "والتي تطالب بوقف تصوير مسلسل عن سيرة حياة " الشاعر الكبير نزار قباني " لان كاتبته" يولا بهنسي " حسب تلك التصريحات انقصت اجزاء من سيرة حياته ، وكان من المفروض ان يحكم العقل في هذا الموضوع و ان يفتح حوار بين الكاتبة وورثة الشاعر حتى لاتصل الامور الى الاساءة الى" نزار قباني" في وسائل الاعلام لان سيرة نزار مملوكة جماهيريا كما هو معروف ولايحق لاحد ان يتطاول عليها وان أي عاشق لنزار يمكن ان يغوص في بحره ويستخرج اللالىء الثمينة وان ينشرها بالطريقة المناسبة لعشاق نزار ، و ان سيرته كما اسلفنا ملك للشعب وليس لورثته فقط وان استكمال هذا المشروع الكبير ، سيفتح الباب واسعا لتكريم مبدعين اخرين بعيدا من الاقتراب من النواحي المادية الصرفة فيما اذا كان هناك شىء من هذا القبيل " موضوع الخلاف " .. واذا اردنا الابتعاد ايضا عن كل هذه الهرطقات فان من المعروف ان الراحل اعطى لكل عاشق له " كرت بلانش " لتشريح ابداعاته وتقديمها برؤية بصرية وايمائية قريبة من العشق السرمدي الذى كان يتحلى به هو نفسه ، ولم يقف نزار في يوم من الايام حاجز امام نقاده ومعاصريه بل كان يحاورهم من خلال الية حوارية حضارية برغم اختلافه معهم ، لم يرد يوما حتى على الد منافسيه او نقاده بل كان يستمد حيوية ابداعاته من منهم وبهذا رسم للجميع لوحة ناصعة البياض بدبلوماسيته الشفافة وعقله المفتوح ، لقد سجل نزار قباني للتاريخ ابجدية شعرية فتحت ابواب الابداع لمعاصريه وشكلت لديهم دفعا تزاحميا لقراءة مابين سطور الحياة ،، ولاشك بان حضارة كل امة من الامم تتمثل واجهتها بالدرجة الاولى بحضارتها و مبدعيها ومثقفيها وعلمائها ، لقد قطع الغرب اشواطا طويلة من التقدم والازدهار بفضل ذهنيته المنفتحة المواكبة للابداع ولا زلنا في العالم العربي نضع كل اشكال العوائق امام التقدم ، لقد كرم الغرب مبدعيه ولازال المستشرقون يجوبون الارض عرضا وطولا يفتشون عن اثار اجدادهم ويسجلون أي معلومة عنهم اعترافا بجميلهم ، ولا زلنا نحن نقف بوجه بعضنا البعض متمسكين بانطوائية العقل غير قادرين على تجاوز نزعة " الانانية والفهم المغلوط " اننا لانزال مع الاسف ونحن في القرن الواحد والعشرين نحاول " محاكمة " عقولنا بشيء من الاستخفاف والتملق ، ولم نصل الى الان الى مرافعة جادة وشفافة لتطوير ذهنيتنا والارثقاء بها ، اننا نحاول ان نستصرخ ذاتنا بقليل من الحكمة الناضجة ، لكننا نبتعد بنفس الوقت عن الحوار والمحبة والارتقاء ، ان مشكلتنا تكمن في ارادتنا وتحرير ذهنيتنا من الشوائب التي لازالت عالقة فيها برغم ان شاعرنا الكبير نبهنا الى كل هذه التداعيات ودعانا الى المحبة والتسامح والتصدي لدعاة الفكر المتحجر ، و ان محاولة تصدى احدى شركات الانتاج الوطنية لسيرة " امبرطور الشعر " هي بحد ذاتها فتح ثقافي رائع اتجاه تكريم رائد كبير من رواد الادب والشعر، ترك بصمة مؤثرة على صعيد الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية ، لكن على مايبدوا ومن دون قصد ان من يريد ان يحاكم نزار قباني اليوم هم ورثته وليس غيرهم .. ضاربين بعرض الحائط )مكانة والدهم الجماهيرية وارثه الجميل (.. ومن هنا ومن على هذا المنبر الإعلامي المتميز ندعو الجميع إلى الترفع عن الأساليب غير الحضارية وفتح حوار مفعم بالمحبة والمسؤولية وفاء لروح نزار قباني الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ، وحتى لا نترك أي منفذ للمتربصين بمبدعينا ..؟؟؟
#وسام_طيارة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟