أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - كيف يمكن تدارك الأوضاع الاقتصادية الراهنة بإقليم كُردستان العراق















المزيد.....

كيف يمكن تدارك الأوضاع الاقتصادية الراهنة بإقليم كُردستان العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4376 - 2014 / 2 / 25 - 16:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمر إقليم كُردستان في حالة مالية صعبة لم يشهدها إلا في فترات الحصار الاقتصادي المزدوج الذي فرض لفترة غير قصيرة على الإقليم من جانب الأمم المتحدة والنظام الدكتاتوري البعثي ببغداد. وكانت المعاناة شديدة لكادحي كُردستان وصغار الموظفين والفلاحين وعمال الخدمات وباعة المفرد وأصحاب الدكاكين الصغيرة والذين يشكلون القسم الأعظم من شعب كُردستان العراق. وهي ذات الفئات التي بدأت تعاني من قرار رئيس الحكومة الاتحادية ونائبه ووزير المالية الاتحادي بعدم صرف حصة الإقليم من رواتب موظفي الدولة العراقية بهدف معاقبة رئاسة وحكومة الإقليم على عدم التزامها بموقف رئيس الحكومة الاتحادية بإيقاف تصدير النفط الخام من الإقليم مباشرة ودون التنسيق معها.
لا أريد هنا أن أتحدث عن رأي في هذا الصدد فقد طرحته على السادة المسؤولين بالإقليم، وخاصة في موضوع استخراج وتصدير النفط الخام، منذ عدة سنوات. ولكن أود هنا الإشارة إلى إن العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم يمكن أن تتعرض باستمرار إلى أزمات ومشكلات سياسية أو اقتصادية أو اختلاف في وجهات النظر والموقف من تطبيق بنود المادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بالأراضي المتنازع عليها، كما يمكن أن تنشأ حالات أخرى مماثلة للحالة الراهنة التي تواجه الإقليم. ورغم ضرورة وأهمية أن تضع الحكومة الاتحادية وبالتنسيق مع حكومة الإقليم القوانين المنظمة لجميع هذه العلاقات والتي عَرفَت التلكؤ غير المعقول وغير المقبول على مدى السنوات المنصرمة بعد سقوط الدكتاتورية الصدَّامية، فأن الأوضاع السياسية وطبيعة السلطة بالعراق والإقليم والمشكلات القائمة كانت وما تزال تعطل مثل هذا التوجه السليم والضروري لوضع العلاقة على أسس قانونية سليمة وأن لا تكون حمالة أوجه، كما تستوجب رؤية عقلانية وموضوعية من جانب رئاسة وحكومة الإقليم للواقع الكُردستاني وتعقيدات العلاقات مع الحكومة العراقية ودول الجوار ووضع سياسات مدروسة جيداً تأخذ بالاعتبار موازين القوى السياسية القائمة بالعراق والمنطقة والمتغيرة باستمرار على مختلف الأصعدة، وأن تتضمن برنامج اقتصادي اجتماعي يهدف إلى تغيير بنية الاقتصاد الكُردستاني الريعي وتحقيق عملية تنمية اقتصادية – اجتماعية – ثقافية برؤية إستراتيجية ناضجة. إنها الطريقة الوحيدة لمواجهة مفاجئات محتملة من جانب السلطة الاتحادية وبغض النظر عن من هو المسؤول في حصول مثل هذه المفاجئات السلبية.
إن وجود اقتصاد نفطي استخراجي ريعي يميز طبيعة الاقتصاد العراقي واقتصاد إقليم كُردستان العراق يوفر بطبيعة الحال أموالاً طائلة للبلاد من جهة، ويساهم في استمرار التخلف الذي تعاني منها القطاعات الاقتصادية الأخرى كالصناعة التحويلية والزراعة من جهة أخرى, ويقود في الوقت نفسه إلى بروز عواقب سلبية كثيرة من بين أهمها، وهو ما يلاحظ في جميع الدول المالكة لموارد أولية ذات طبيعة إستراتيجية مهمة، نشير إلى ما يلي:
** يخلق حالة مريرة من الاتكالية الشديدة على موارد النفط المالية في تكوين القسم الأعظم من الدخل القومي وإهمال بقية القطاعات الاقتصادية المنتجة للدخل القومي وبالتالي يستمر الطابع المميز له كاقتصاد وحيد الجانب ومتخلف ومكشوف على الخارج.
** يحول النخب الحاكمة إلى فئة طفيلية تعيش على موارد النفط المالية وهي التي تقوم بخلق فئة واسعة من موظفي الدولة التي تعتمد بدورها على رواتب الحكومة المتأتية من الاقتصاد الريعي والتي تساهم في تكريس هذه السمة في الاقتصاد الوطني.
** إن التضخم في أجهزة الإقليم قد نشأ لأسباب كثيرة، ولكنها في المحصلة النهائية أصبحت مجهدة جداً لاقتصاد الإقليم ومعرقلة لأشغال الناس ومثيرة للمشكلات الجديدة والمستنزفة لنسبة عالية من الدخل القومي أو الميزانية السنوية.
** وتنشأ بجوار هذه الفئة وتتداخل معها عضوياً الجماعات الفاسدة التي تعيش على نهب موارد البلاد من الباطن والمهربة للأموال صوب الخارج وتساهم في منع تطوير الاقتصاد الوطني وتقلص من قدراته على الاستثمار الرأسمالي وتحقيق التراكم الرأسمالي البدائي المنشود. إن هذه الفئة ليست فاسدة فحسب، بل ومفسدة لموظفي الدولة والمجالات الأخرى.
** كما إن فئة الكومبرادور التجاري التي اغتنت من خلال الاستيراد الواسع النطاق وإغراق الأسواق بالسلع تلحق أضراراً فادحة بالتنمية الصناعية والزراعية وتتصدى للتنمية الصناعية والزراعية وتساهم في التفريط بالموارد المالية المتأتية من النفط الخام.
** كما نشأت فئة عقارية وأخرى مقاولة تساهمان معاً في تحقيق الكسب العالي ورفع أسعار شراء الدور والشقق السكنية ورفع أسعار الإيجارات مما تتسبب في زيادة معاناة الكادحين من هذه الظاهرة التضخمية. وهنا نعيش فقدان الرقابة على النوعية والمواد المستخدمة في البناء وغيرها مما يجعل الأبنية معرضة للخراب بسرعة عجيبة.
** وفي مثل هذا الاقتصاد يواجه المجتمع إفراطاً لا مثيل له في البذخ الاستهلاكي، سواء بإقامة المشاريع، أم في بناء القصور الفارهة والفاخرة والمكلفة غالياً والتي لا تتناسب مع حاجات السكن وتتعارض مع حاجات التنمية الوطنية، أم في اقتناء السيارات الحكومية ذات الأسعار العالية جداً والصرف المستمر عليها وتبديلها بسرعة ومنح الكثير منها لكبار الموظفين مما يزيد من مصروفات الدولة والإقليم.
إن اقتصاداً من هذا النوع يشبه بناءً كبيرا بني على أرض رملية سرعان ما تعصف به الرياح ويسقط على ساكنيه. إن رئاسة وحكومة ومجلس نواب إقليم كُردستان العراق بحاجة إلى تغيير إستراتيجيتهم الاقتصادية والاجتماعية وبنيتها التعليمية والثقافية، إضافة إلى ربط التنمية بالتعليم والبيئة منذ الآن. إن من واجبهم الوطني الاستماع إلى المستشارين المخلصين منهم والمختصين في الجانب الاقتصادي والاجتماعي وأن تكون لديهم إذن صاغية لما يقوله هؤلاء المستشارون.
لا اعتقد بأن المخلصين من أبناء إقليم كُردستان المختصين بالشأن الاقتصادي والعارفين بقضايا التنمية وغير المتبنين لنظرية اللبرالية الجديدة ومنهجها الاقتصادي المؤدلج لا يقدمون النصح للمسؤولين السياسيين غير المختصين بالشأن الاقتصادي، إذ من غير الممكن أن لا يتحدث الدكتور فرهنك جلال، العالم الاقتصادي والعليم بأهمية الصناعة وضروراتها ودورها في اقتصاد العراق والإقليم لا يقدم مثل هذا الاستشارة الضرورية للمسؤولين وكان مستشاراً هناك وربما ما يزال، على سبيل المثال لا الحصر.
أقترح على مسؤولي الإقليم أن يبادروا بتشكيل هيئة (بورد) صغير من سبعة علماء اقتصاد واجتماع من أبناء وبنات شعب كُردستان الحريصين على تقدم الإقليم وحمايته من إجراءات انتقامية أو عقابية محتملة محلية أم إقليمية، لتقديم المشورة السريعة أو لإعداد برنامج لبناء الصناعة الوطنية بالإقليم وكذلك المشاريع الزراعية والبدء بتنفيذها والتي تستغرق فترة غير قصيرة لإنجازها ولكن البدء بها ضرورة ملحة لا يمكن الابتعاد عن التنمية الصناعية والزراعية أو إهمالهما، إذ لا أعرف حتى الآن ما هي الاستشارة التي قدمها المستشار والخبير الدكتور طالب مراد والدكتور أنور عبد الله وآخرون غيرهما إلى المسؤولين في القطاع الزراعي والذين عملوا سنوات طويلة بأربيل لهذا الغرض، إذ ما يزال هذا القطاع بعيداً جداً عن المشاركة في إشباع حاجات الناس بالإقليم من المنتجات الزراعية. أو أنهم يتحدثون، ولكن ليس هناك من يسمعهم بأذن صاغية جادة!
لست في هذا المقال أمام مهمة تقديم نموذج مناسب لتنمية الإقليم، كما ليس في مقدوري ذلك، بل هي مهمة وزارات التخطيط والاقتصاد والصناعة والزراعة والموارد المائية والتعليم.. التي تمتلك مستلزمات وضع مثل هذا النموذج والمشاريع الاقتصادية الإنتاجية، وهي مهمة مجلس الوزراء بالإقليم وهو قادر على ذلك إن أراد وصمم على ذلك. وبدون ذلك سيبقى الاقتصاد الكُردستاني في مهب الريح وعرضة للتأثير السلبي عليه وعلى معيشة الشعب الكُردستاني، كما سيبقى بانتظار حصول عواصف من هذا النوع الذي أصر عليه رئيس الوزراء ونائبه ووزير ماليته.
25/2/2014 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب الأزمة المالية الراهنة في إقليم كردستان العراق
- هل عبر مقتدى الصدر عن حقيقة وطبيعة نوري المالكي؟
- من يزرع الريح يحصد العاصفة: العراق الراهن نموذجاً!!
- القتل بالجملة والاغتيالات مستمرة بالعراق المستباح
- هل لعقلاء العرب والمسلمين من مصلحة في نفي الهولوكوست ومحارق ...
- نيرون روما وبشار سوريا رضعا الجريمة والعهر السياسي!
- مرة أخرى حول العلاقة بين المثقف والسلطة!
- الجمهورية الثانية بالعراق - الفصل الأول حزب البعث العربي الا ...
- هل من دور للمثقفات والمثقفين في الحياة السياسية العراقية في ...
- المثقفون والهوية الثقافية الوطنية العراقية!
- شرطة المالكي تهين كل مثقفي العراق بالإساءة للشاعر عبد الزهرة ...
- قراءة في كتاب -أحاديث برلينية حول قضايا أوروبا والإسلام وفي ...
- المالكي وعسكرة العراق!
- لتتوحد جهود الشعب والجيش لدحر قوى الإرهاب، ولكن لا ينبغي إفل ...
- برنامج التحالف المدني الديمقراطي والموقف من الملاحظات التي ت ...
- وستنقضي الأيام والخير ضاحك يعم الورى والشر يبكي ويلطم للشاعر ...
- إلى متى تغوصون بدماء بنات وأبناء الشعب العراق أيها القتلة ال ...
- ولوج هادئ وودي على خط النقاش الحامي في عمٌان
- برنامج التحالف المدني الديمقراطي يجسد شغف الشعب بالحرية والد ...
- مانديلا الموحد للشعب والمالكي المفرق للصفوف


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - كيف يمكن تدارك الأوضاع الاقتصادية الراهنة بإقليم كُردستان العراق