سعدي عباس العبد
الحوار المتمدن-العدد: 4376 - 2014 / 2 / 25 - 11:44
المحور:
الادب والفن
* عن : جبار الغزي ... أو .
** طائر الجنوب يحلّق فوق بارات العاصمة __ استذكارات . 5
** لما بلغت الجنّة ..! اقصد حدائق السمر والضّياع والغناء والعزف على اوتار الخراب ..كان ابو نؤاس في ذلك الصباح الباكر من عام 1982 . ترفل حدائقه بثيابها الخضر المنشورة في حفيف الاشجار .. الاشجار فنادق او بيوتات مؤثثة للعصافير ..وجبار يسكن اسفل تلك البيوتات المحلّقة في الفضاء ...لمحت رهطا من الندماء الصعاليك ..يسكرون تحت فنادق العصافير ..يحيطون متحلقيين حول مائدة جبار المقفرة ..المائدة المفروشة في الهواء الطلق تعلن عن شحتها وفقرها وعوزها ..حيث كان الصعاليك قد اتوا على اخر رشفة من العرق العصرية ..لما اشرفت على مجلسهم الموقّر ! او جنتهم التي وعدّوا بها ..جنّة الصعاليك النبلاء ! تهلّلت اساريّرهم ..ونهضوا دفعة واحدة في موكب من العوز والانيميا ..
موكب او رهط من الحرمان كان قد تدفق نازحا من فنادق رخيصة رثة ومواخير وحجرات وارصفة وشوارع وخرابات وزوايا معتمة ... كانوا قد توافدوا من اركان المدينة السرية الطافح بالفاقة والشقاء ...حالما تطلع جبار في عيوني ..قرأت في نظراته ..نظرات الشريد . الغريب في المدينة ، نظرات اليتيم الجائع المهزوم المحاصر باسوار شاهقة من الحرمان ..ادرك جبار إني سأحيي مائدتهم واحيلها إلى كرنفال من زجاجات العرق ..كان هذا الصباح الرابع في إجازتي الدورية ولم انفق من راتبي . الا مبلغ زهيد ..مبلغ حولته او صرّفته إلى ابطالة من العرق .. سكر جميع الصعاليك ذلك الصباح ، على حسابي ..........
فأحلّنا الجلسة او جنّة الصعاليك إلى صباح من صباحات الفراديس !! لكن جبار لم يطق المكوث في الجنّة المزعومة طويلا ..سرعان ما غادر بنا بعيدا في رحلة حزينة ، رحلة روحه الغريبة ..حيث روى لنا كيف ولدت تلك الاغنية ..عندما صادفته امّه في بغداد وهي في طريقها لزيارة اضرحة الاولياء فعاتبته قائلة : جم عيد مرّ وانت ماجيت ..جم سنة ..الخ ..
من روح تلك الأمّ الرؤوم . الطاعنة بالحنان والخصب بزغت تلك الاغنية تحلق بجناحين من الضّياع والغربة ..اغنية غريبه الروح التي غناها حسين نعمة ..رحل جبار غريبا ..وبقيت غريبه الروح شاهدا على تلك السنوات العجاف التي عاشها بكامل مرارتها واحزانها.
#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟