سعدي عباس العبد
الحوار المتمدن-العدد: 4371 - 2014 / 2 / 20 - 21:42
المحور:
الادب والفن
** قصة قصيرة __ رائحة الجندي
قلت لسلمى ونحن نتمشى على كتف لنهر __ : هناك في الحرب ، يأتي طيفك ، او تجئين انتِ ، لا فرق ، تأتين يافعة ريانة باذخة ، في مقتبل العنفوان ، ترفلين بالتوق والاحلام ، . او هكذا كان يخال ليّ . تجيئين موجة صاخبة ، فيتجمّد الوقت ، يغدو غيمة من الدموع ، غيمة تمرّ عابرة سماء الحرب ... تأتين محمّلة بندى الحدائق وزفير النهر والاشواق والقبّلات .. تأتين رعشة او خفقة مبلّلة بماء النهر والبكاء ، فتتحوّل البرّية إلى بهجة وذكرى ..ألى جنّة في ريعان السحر والجمال ، فتتكاثر نجوم من المسرّات في سماء الوقت ، وقت الجندي الرث الذي ينتظر بلهفة قدوم الإجازة ..خالك هناك في البعيد فراشة هائمة على ازهار الذكريات المورقة بالحبّ والحنان والاحلام .. تأتين عند الليل بلا ادنى نأمة ، بلا خطوات ، كما لو كنت الريح . فتبدّد وحشة البراري ، واغرق برائحتك التي تمسك بذرات الهواء في ليل الملاجىء والسفوح والوديان والمرتفعات ... قالت سلمى
__ : والشتاء .. ماذا عنه ؟ لشد ما اكره ليالي الشتاء الطويلة ، الليالي التي تتناسل ، لتغدو سنينا من الانتظار ، هل كنت تحلم بي في أماسي الشتاء .. شتاء الملاجىء والقصف والرعب . شتاء الموت . ؟ قلت __ : وانتِ .. قالت
__ : احلم كثيرا بقدوم الجندي ....... حبيبي . كنت انتظرك عند حلول كلّ نهار ، اترقب مجيئك بلهفة ، ولكنك لا تجيء ، فامكث انتظر ، لعلك تطّل في لحظة ما ، ولكنك كثيرا ما تتأخر واضافت بنبرة شجية : متى تغادر ، قلت __ : الجمعة .. عند الهزيع الاخير من ليل الجمعة . قالت __ : ستغيب وبغيابك ستتجدّد احزاني .. إلى متى يا الهي .. أهو قدرنا انّ نبقى محلّقين في فضاءات الحروب والغياب ، قلت
__ : أ تحبين ان اكتب اليك من هناك ، عن الوجوه التي امحت احلامها الحرب. عن الشتاءات الطويلة والبرد في الملاجىء عن الذكريات ماذا تفعل بنا هناك ، عن العزلة والظلام ، قالت __ : ولكن كلّ ذلك سيتبدّد عند النهار الاوّل من الإجازة .. أ تعلم ما زلت احتفظ بتلك الرسائل القديمة التي كنت تبعثها من هناك في الايام الاولى من بدأ الحرب
قلت __ : آه .. يا لدفء الرسائل .. رسائل الحبيبات في ليل الحروب ..أ تنوين ان تحتفظي بها ..قالت __ : نعم فقد غدت جزءا من ذكرياتنا ان لم تكن هي الذكريات كلّها . جزء حميم من انتظاري ولهفتي .. اتشمّم فيها رائحتك ، رائحة الجندي
#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟