أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الدكتور لؤلؤة يترجم -غنائيات- شكسبير ويعزّزها بشروح مستفيضة















المزيد.....

الدكتور لؤلؤة يترجم -غنائيات- شكسبير ويعزّزها بشروح مستفيضة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4369 - 2014 / 2 / 18 - 12:57
المحور: الادب والفن
    


صدر عن مشروع "كلمة" في أبو ظبي كتاب "الغنائيات" لوليم شكسبير ترجمة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة الذي قدّم شروحاً وتفسيراتٍ مستفيضةً لكل غنائية على انفراد مُعتمداً فيها على أفضل ما كتبه النقاد البريطانيون والمتخصصون في أدب شكسبير على وجه التحديد أمثال دون باترسن، ستيفن بوث وكاثرين دنكان وآخرين لا مجال لذكرهم جميعا.
ينقسم كتاب "الغنائيات" إلى أربعة أقسام رئيسة وهي المقدمة الرصينة، وتراجم الغنائيات بالعربية، والنصوص الإنكليزية، هذا إضافة إلى الشروحات الوافية التي لم تترك شاردة أو واردة إلاّ وتوقّف عندها الباحث والمترجم عبد الواحد لؤلؤة المعروف بملَكته النقدية المرهفة.
لا بد من الإقرار سلفاً بأن هذا الكتاب يحتاج إلى ثلاث مقالات في الأقل كي نغطي هذا الكم الكبير من المعلومات النوعية التي وردت في المقدمة والتراجم والشروحات الدقيقة التي تنطوي على إحالات نقدية وفكرية وتاريخية تحلّ العديد من الإشكالات المتعلقة بالعاشق والمعشوق والسيدة السمراء التي سرقها المعشوق أو اللص الظريف من الشاعر. كما تسلّط هذه الشروحات الضوء على بعض الاستنتاجات الخاطئة التي حاولت أن تلصق تهمة المثلية الجنسية بشكسبير، ولو كان كذلك لما قصّر حُسّاده ومنافسوه من الشعراء والكُتّاب المسرحيين في الترويج لهذه التهمة وتكريسها كحقيقة دامغة في حياته الشخصية.
تشي المقدمة الشافية التي دبّجها لؤلؤة بإعجابه الواضح بأستاذه الراحل جبرا إبراهيم جبرا الذي ترجم أربعين سونيتة فقط تاركاً البقية الباقية لغيره من المترجمين وحجته في ذلك "أنها تتطلّب الكثير من الشروحات والتعليقات الأكاديمية التي تقتل الشعر فيها"، غير أن لؤلؤة لم يقتنع بهذه الإجابة فتحدّاه جبرا أن يقوم بهذه المهمة كجزء من نشاطه الأكاديمي فقَبِل لؤلؤة بهذا التحدي ولو بعد ثلاثين عاما.
أشارَ لؤلؤة في مقدمته إلى ترجمتين اثنتين فقط للغنائيات وهما ترجمة جبرا وترجمة كمال أبو ديب، وحقيقة الأمر أن هناك ترجمة ثالثة اضطلع بها الشاعر والمترجم المصري بدر توفيق وجاءت تحت عنوان "سونيتات شكسبير الكاملة مع النص الإنجليزي". كما ترجم الشاعر الراحل سركون بولص بعضاً من سونيتات شكسبير مُنتقداً فيها ترجمة جبرا لعدم مراعاته للسياقات اللفظية في هذه السونيتات أو حتى في المسرحيات الشكسبيرية التي ترجمها.
يشيد لؤلؤة بترجمة أستاذه جبرا ويصفها بأنها "أنيقة العبارة، دقيقة في فهم المعنى"، لكنه ينتقد توسّعه في العبارة الإنجليزية المكثفة لكي يجعلها مُستساغة في العربية. وقد اكتفى جبرا بهوامش قليلة عوضاً عن الشروح الطويلة كي يظل تركيز القارئ مُنصّباً على القصائد نفسها، لا على الشروحات والإحالات الجانبية.
يُعرِّب لؤلؤة كلمة سونيت بـ "الغنائية" بخلاف بقية المترجمين العرب الذين يفضلون الاحتفاظ بالاسم الأصلي وحجته الدامغة في ذلك أنها مشتقة من كلمة "Sonetto" الإيطالية التي تعني بالعربية "الأغنية الصغيرة أو القصيدة القصيرة التي وُضعت للغناء".
تعود الغنائية الإنكليزية شكلاً ومضموناً إلى الغنائيات الإيطالية التي وضعها بتراركا، ثم نقلها شعراء إنكليز أمثال سير توماس وايات وإيرل أوف سَري، ثم استعمل هذا النمط سير فيليب سدني إلى أن جاء شكسبير فكتب "154" غنائية مُطوِّراً نظامها البتراركي الذي يتألف من ثُمانية وسُداسيّة إلى ثلاث رباعيات ومزدَوجة في ختام القصيدة، آخذين بنظر الاعتبار أن بتراركا نفسه قد استوحى ذلك من دانته أليغيري الذي كتب عدداً من غنائيات الحُب التي ظهرت في مجموعته الشعرية المسمّاة "الحياة الجديدة". يؤكد دانته بأن الشعر الإيطالي قد وُلد في صقليا متطوراً عن شعر التروبادور الذي كُتِب باللغة الأوكسيتانية في الجنوب الفرنسي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. أن أية دراسة رصينة عن شعراء التروبادور سواء أكانت للدكتور لؤلؤة أم لغيره من الباحثين المنصفين تُبيّن أن الجد الأعلى للغنائية الإيطالية هو الموشّح وقرينه الزجل الذي كُتب بعامية قرطبة في القرن الثاني عشر.
تتبّعَ لؤلؤة الشاعر جياكومو دا لينتيني الذي يُنسب إليه أول ظهور للغنائية في صقليا والذي كان معجباً، مثل سورديلّو، بغنائيات التروبادور بلغتها الأوكسيتانية المفهومة التي تتمحور حول موضوعات شديدة الشبه بما نجده في الموشحات والأزجال الأندلسية كالحُب الدنيوي، وموقف الشاعر من المرأة. وقد تبنى شكسبير هذا النزوع بعد اطلاعه على ترجمة "وايات" و "سَري"، ثم أخذها عنه "ملتُن" و "جون دَنْ" على امتداد القرن التاسع عشر، ثم أصبح نظم الغنائية نوعاً من إظهار البراعة لدى الشعراء اللاحقين.
قسّم لؤلؤة الغنائيات الـ "154" إلى ثلاثة أبواب مُعتمداً في هذا التقسيم على الموضوعات التي يعالجها في كل باب. فالغنائيات من "1-17" يحثُّ فيها الشاعر صديقَه الحبيب على أن يتزوج كي يُنجب طفلاً يحفظ ذكراه وجماله. أما الغنائيات من "18-126" فتتمحور حول الحُب، وتذلل العاشق للمعشوق، وجمال المحبوب وخيانته، واختلاط الحواس، والقطيعة المُفترَضة، والإلهام، والسهر، والخوف من الشيخوخة والفراق وما إلى ذلك. فيما تتحدث الغنائيات من "127-152" عن الخليلة السمراء التي تمتلك قدراً كبيراً من الفتنة والجمال. أما أبرز الموضوعات التي عالجها الشاعر في هذا الباب فهي عبودية الحبيب والمحبوب، واضطراب الرؤية، والشهوة الجنسية، والعيون القاتلة، وسهام الألحاظ وغيرها من الموضوعات المستوحاة من الموشحات والأزجال الأندلسية. وضمن الباب الثالث أفرد لؤلؤة إطلالة خاصة على الغنائيتين الأخيرتين "153-154" اللتين تُماهيان بين الحُب والشبق الجنسي.
يؤكد لؤلؤة بأن الباحثة المعاصرة كاثرين دنكن-جونز قد توصلت إلى أن هُوية الشاب الإرستقراطي، محبوب الشاعر، هو إيرل أوف بمبروك. أما السيدة السمراء فلم يتم تحديد هُويتها. لا شك في أن السؤال المثير للجدل هو: هل كان غزل الشاعر بالشاب الإرستقراطي الوسيم دليلاً على مثليته الجنسية أم لا؟ غير أن دراسة النصوص لا تعزّز مثل هذه الشكوك والتخرّصات. فالشاعر يشجّع الشاب الإرستقراطي على الزواج كي يُنجب ولداً يديم مواصفات الأب الجمالية. وهذا الأمر يتعارض مع مثلية المتكلِّم. غير أن الأبحاث الأخرى تكشف عن اكتظاظ القسم الأخير من الغنائيات بالإشارات الشبقية تجاه السيدة السمراء. ولكي نطوي سؤال المثلية الجنسية تماماً نستعين بما قاله الباحثان "إنكرام" و "رِدباث" بأن العلاقة بين الشاعر والشاب كانت "عميقة. . مضطربة أحياناً، تنطوي على شيئ من الافتتان الجسدي شبه الجنسي مصدره الشاب، لكن ذلك لا يعني بالضروة حُبّ الذُّكران بأي معنى فظيع". كما ينفي الباحث ستيفن بوث ما يُثبت تهمة المثلية لدى الشاعر.
توقف لؤلؤة عند بعض الهنات اللغوية التي ارتكبها كلاً من جبرا وكمال أبو ديب مُنبِّهاً إلى أن لغة شكسبير قد تغيّرت عبر العصور، ولم تبقَ بعض المعاني على ما كانت عليه في العصر الإليزابيثي، فكلمة "pen" كانت تعني "ريشة" الرسّام وليس "قلماً"، و "brave" "الجميل"، وليس "الشجاع"، و "bail "، يضمّ" أو "يغلّق" وليس "يكفل"، و "hue" الهيئة وليس اللون، و "argument"، "موضوع" القصيدة وليس الجَدَل، و "modern"، "المُبتَذَل" وليس "الحديث. ومن بين الهنوات التي اقترح تعديلها لترجمة جبرا نذكر "بقلمك القديم"= "بريشتك القديمة"، "هول الإساءة"= "عبء الإساءة"، "مطلية بالعسجد"= "المذهّبة"، "التراب الثابت"= "الأرض الصلبة"، "سيّدها"= "زوجها"، "يكفل قلب صديقي"= "يضم قلب صديقي". أما الأخطاء التي وقع فيها كمال أبو ديب فهي تقرب من الثلاثين خطأً نذكر منها "النهار الشجاع" = "النهار الجميل"، "خبأهم الموت" = "طواهم"، "كوارس" = "جوقات"، "عار الزندقة" = "عار النغولة"، "أشهبان" = "كامدان"، "طاعوني" = "مصيبتي"، "مبتلاة بالترقّب" = "السهر". يتساءل لؤلؤة في خاتمة مقدمته عن السبب الذي دفع أبو ديب لأن يترجم السونيتات بأسلوب شعر التفعيلة؟ وهل أن القارئ العربي بحاجة إلى شعر موزون ومقفى مُترجَم عن لغة أجنبية؟ يعتقد لؤلؤة أن ما يحتاجه القارئ العربي هو الصور الشعرية وما تنطوي عليه من استعارات ومجازات في قصائدهم شرط أن تُترجم بأسلوب نثري واضح لا لبس فيه، فالأوزان الشعرية العربية المُقحَمة في هذا المجال تدفع المُترجم إلى التوسّع في التفسير على حساب النص الأصلي، وإرضاءً لتفعيلات البحور العربية، وهو ما فعله فيتزجيرالد وأحمد رامي في ترجمة "رباعيات الخيّام"، لكنهما ابتعدا عن الأصل إرضاءً للوزن والقافية. بقي أن نقول في خاتمة هذه المراجعة إلى أن ترجمة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة هي الأولى من نوعها في الدقة والإتقان، على الرغم من صدور ترجمات سابقة لها، كونها تتيح للقارئ أن يطلّع على هذه المقدمة الفاتحة للشهية، وأن يقرأ الغنائيات بنصوصها العربية والإنكليزية وأن يستزيد من الشروحات المستفيضة لكل غنائية على انفراد.








#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناهج البحثية عند الدكتور علي الوردي
- رؤىً مستقبلية للنظام الصحي في العراق
- الأفلام المجسّمة وتعزيز الوهم البصري العميق
- بؤر المهمشين والخارجين على القانون والحالمين بمستقبل أفضل في ...
- الآمال الكبيرة لكيوان مجيدي
- قراءة نقدية في فلم -رمضان في الأطراف- لفتحي الجوادي
- البنية المجازية في فلم -فتاة عُرضة للخطأ- لكونراد كلارك
- السينما العالمية من منظور ناقد عربي (3-3)
- دليل السينما العربية والعالمية 2013 (2-3)
- قراءة نقدية لدليل السينما العربية والعالمية 2013 لمحمد رضا ( ...
- العدالة الانتقالية وآليات تطبيقها
- سطوة الواقع وسحر الخيال العلمي المجنّح
- معرض استعادي في -بيت السلام- للفنان شاكر حسن آل سعيد
- د. علي علاوي يستقرئ العلاقة بين مفهومي الأخلاق والسياسة
- السيد مضر الحلو وقراءته الجديدة للتراث
- سماحة السيد حسين إسماعيل الصدر ومفهوم المساواة بين الناس (2)
- سماحة السيد حسين إسماعيل الصدر ومفهوم الحوار مع الآخر (1)
- مهرجان الظفرة السابع يحظى باهتمام إعلامي عالمي
- مهرجان الظفرة. . توثيق الماضي بعيون معاصرة
- كنوز العراق الخفية


المزيد.....




- الجزيرة 360 تطلق برنامجها الساخر -الشبكة-
- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الدكتور لؤلؤة يترجم -غنائيات- شكسبير ويعزّزها بشروح مستفيضة