|
جورج حاوي
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 1241 - 2005 / 6 / 27 - 11:17
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
باسم جورج حاوي، الشهيد الذي رجل منذ أيام ترتبط مرحلة كاملة من صعود اليسار اللبناني الذي كان هو أحد أبرز وجوهه، أو لعله بالأحرى وجهه الأبرز، فالشاب جورج حاوي الآتي من بيئة عمالية، من عائلة عرف أهلها باحتراف مهنة البناء، الى الحزب الشيوعي اللبناني ناضل في صفوف منظماته الطلابية والشبابية قبل أن يصعد الى الصفوف القيادية الأمامية للحزب، خاصة بعد مؤتمره الثاني في عام ٨٦٩١ الذي انتخب قيادة شابة كان هو وكريم مروة وآخرون من أبرز وجوهها. المراجعة الفكرية والسياسية التي أجراها هذا المؤتمر وديناميكية القيادة التي انتخبها لعبتا دوراً حاسماً في تحويل الحزب من اطار نخبوي صغير الى قوة جماهيرية وفكرية وسياسية مؤثرة في حياة لبنان وفي إطار حركة التحرر الوطني العربية وفي الحركة الأممية المناهضة للامبريالية والاستعمار والمناهضة من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلم العالمي. كان جورج حاوي دينامو الحزب في هذا المجال بفضل كفاءته القيادية وخبراته ومهاراته في العمل السياسي ومقدرته على نسج التحالف مع القوى السياسية الأخرى، وكان لمرونة الحزب وسعة أفق قيادته أبلغ الأثر في نجاحه في مجالات عدة، على خلاف الكثير من الأحزاب النظيرة في البلدان الأخرى التي مالت الى التقوقع في إطر ضيقة. حين اندلعت الحرب الأهلية في لبنان كان جورج حاوي لصيقاً بالراحل الكبير كمال جنبلاط، ومساهماً في صوغ ما عرف في حينه بالبرنامج السياسي للحركة الوطنية اللبنانية الذي نشد الاصلاح السياسي الجذري والقضاء على النظام الطائفي وفتح طريق التطور الديمقراطي للبلد. كان هذا البرنامج طموحاً ومتجاوزاً بكثير للسقف الذي تسمح به التوازنات الداخلية والدولية حينها في ظل وجود قوي ومسلح للمقاومة الفلسطينية في لبنان.. وسرعان ما جرى الانقضاض على هذا المشروع ودخل البلد نفق الحرب الأهلية الفوضوية التي تضافرت على صب النار على أوارها قوى عديدة في المنطقة وخارجها، واجتاحت القوات السورية لبنان بتوافق عربي - دولي اكيد، ودفع كمال جنبلاط حياته ثمناً لمشروعه الوطني، حيث أدى غيابه الى فراغ مدو في الحياة السياسية اللبنانية وضعف في اداء الحركة الوطنية. تلاحقت الاحداث في لبنان واجتاحت القوات الاسرائيلية أراضي البلد أكثر من مرة، قبل أن تنفذ اجتياحها الأكبر غداة التوقيع على اتفاقيات كمب ديفيد. كان جورج حاوي بالذات هو، ورفيقه محسن ابراهيم، هما من أطلقا النداء الأول لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي سددت أولى الرصاصات نحو جنود العدو عندما كانوا في بيروت، وجرت ملاحقة المحتلين حتى الجنوب، من خلال عمليات نوعية سقط فيها مئات الشهداء من مناضلي ومناضلات الحزب الشيوعي، وبرزت فيها أسماء لامعة لمقاومين شجعان مثل الشهيدة لولا عبود والأسيرة سهى بشارة وأنور ياسين وسواهم المئات. الحزب الذي ظلَّ جورج حاوي على رأسه عقداً ونصف عقد من السنين تأثر مثل سواه من الأحزاب اليسارية بالتطورات الدولية الحاسمة بسقوط الاتحاد السوفيتي وبضغوط صعود الاتجاهات الطائفية والمذهبية مجدداً بعد اتفاق الطائف وتقاسمها للحصة السياسية على جري العادة، بحيث أن الحزب الذي دفع الثمن الأكبر في النضال الوطني والاجتماعي وجد نفسه محاصراً من أكثر من جهة، للدرجة التي منعت معها قيادته في دخول مطار بيروت لاستقبال رفات شهداء الحزب وأسراه المحررين لحظة عودتهم في عملية التبادل الأخيرة. دور جورج حاوي السياسي لم ينته باستقالته من موقع الأمين العام لحزبه. لقد ظلَّ شخصية سياسة كبرى يحسب لها الحساب. الذين وضعوا القنبلة الفاجرة القاتلة تحت مقعد سيارته كانوا يستهدفون أموراً عدة مرة واحدة: الانتقام من دور طليعي كبير للرجل في الماضي، تعطيل دور كبير منتظر منه في الحاضر، وأخيراً إبقاء البلد في حالة الفوضى وحمام الدم. والقاتل المحترف يختار ضحيته بعناية دائماً.
رئيس المنبر الديمقراطي التقدمي في البحرين
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تغيّر الشكل وظلّ الجوهر
-
هذا القانون.. لماذا؟
-
ما هو مشترك بين الشعب
-
الذاكرة التي هُشّمت
-
فقدانــــــــــات العائــــــــــد..!
-
لا فسحة للحلم
-
!هل نسمع العراق؟
-
مربى تشيخوف
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|