|
رسالة لا تنطق عن الهوى
بن جبار محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 22:45
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رسالة لا تنطق عن الهوى
كنت دوما أقول ، لكل زمن رجاله ، و هذا الزمن المغرق في الرداءة ، تتحول فيه الأشياء ،الكلمات ، المعاني ، التاريخ و اليوميات المعاشة إلى مجرد تراكم مادي و وجودي مبهم ، مسطح ، مشوب بالعبث و الفراغ و الجحود ، رجال الأمس من الرعيل الأول، ليس هم الرجال الذين نراهم اليوم بيننا الأوائل ، عاشوا الفترة الكولونيالية وما قبلها بالتأكيد رضعوا من أمهاتهم تراب الوطن و نهلوا من حكايات البطولة و المجد و الشرف و ترعرعوا على الرجولة و المروءة ، تلك القطع الفسيفسائية و الشذرات و الأفكار غير مكتملة الملامح تحولت إلى فصول من البطولــة قل نظيرها ، كانت هذه الأفكار تراودني و أنا أقرأ رسـالة أهل زمورة و لم تمض بعد ستة أشهـر على استقلال الجزائر ، يطلبون و يترجون السماح للأخ رشيد الذي عمل مع قبائل و أعراش مختلفة ، سي رشيد تلك الشخصية النادرة كان جامعا للمتناقضات، كان معدنا خالصا صهر فرقاتهم و تضادهم في بوتقة الثورة رغم تباينهم العرقي و القبلي و الأصل و المنشأ . وضعت هذه الرسالة على مكتبي الزجاجي ، أخرجتها من حافظة الأرشيف و وضعتها بعناية على مكتبي كانت رسالة قديمة مؤرخة بتاريخ 12 جانفي 1963 موجهة بالدرجة الأولى إلى والي عمالة مستغانم لإعادة النظر في أمر تعيين رئيس المندوبية البلدية لبلدية زمورة ، ستة أشهــر كانت كــافية لمعرفة رئيس المندوبية البلدية الذي زاول مهامه مباشرة بعد الاستقلال ، الانحراف و الفساد الإداريين و التفرد بالرأي والثراء السريع لا شك أنها القطرة التي أفاضت الكأس وهي السبب في مطالبة أهل زمورة و عجلت بكتابة هذه الرسالة و طلب استقدام سي رشيد من باليكاو –البرج – لتقلد زمام الأمور بالبلدية ، لأنهم يعرفون طينته و يعرفون شخصيته و هم على دراية بمهارته أثناء الثورة و حكمته في إدارة شؤون الأهالي . لاشك أنها شخصية فريدة من نوعـها ؟ طرحت السؤال على نفسي و أنا أقرأ الرسالة لمرات عديدة لعلها تضيء لي بعض الغموض الذي يلف هذا الشخص ، يبتدئ أهالي زمورة كتابة هذه الرسالة من موقع له دلالة ثورية ، كفاحية ، نضالية لا غبار عليها ، أنه مركز العويدات الجبلي الذي يبدو، أنه لم يحل أو يهمل أو يتخلوا عنه بتلك السهولة التي نفكر بها ، مركز العويدات الذي جمع مجاهدي المناطق المختلفة ليفكروا ويقرروا بفكــر رجل واحد وعقل واحد و قلب واحد ، حيث لا مجال للعروشية و المداخل الشخصية ، كان الهدف هو طــرد المحتــل و إيمانهم الوحيد هو النضال المسلح بوسائل التنظيم و الإدارة و الإمداد و التنسيق و تحصيل المعلومات والتوعية وتطويع الأهـالي في الاتجاه الذي يخدم القضية الوطنية ، كان سي رشيد هو رجل المرحلة الذي وحد ما بين القبائل وصهـر تناقضاتهم في كأس القضية مسويا للصفوف ،يبدو أن العزف المنفرد و الممارسات النشازية لم تظهر تباعا إلا بعد مرحلة بعينها ، و تحديدا مباشرة عند استكانة الأشخاص ، هكذا توحي الرســالة ، أنهم يسحبون ثقتهم من المسؤول الأول في البلدية لتعويضه بالرجل الذي عملوا معه عن كثب و تتلمذوا على يديه و تعلموا عنه الحس الوطني و الجدية في إدارة أمورهم و شؤونهم اليومية و الثورية أعضاء مركز العويدات الذين أضحوا يقاومون النسيان و يقاومون وجودهم لإيمانهم باستمرار العمل الثوري و إيمانهم بالمستقبل يفتتحون الرسالة : الجمهورية الجزائرية ، الولاية الخامسة جبهة و جيش التحرير ،المنطقة الرابعة ، الناحية الخامسة ، القسم العاشر . أعدت تلصيق الرسـالة المهترئة ، تكاد أن تتفتت في يدي و تتحول إلى أجزاء منفصلة تستعصي على القراءة و تستعصي على زمن لم تعد فيه المطالب والطلبات و العرائض هي نفسها . أعدت قراءة الرسالة التي أصبحت هاجسي الأول منذ مدة ، فكرت أن أكتب عن الرسالة في مقال أو دراسة تاريخية مسهبة محللا كل الجوانب التي توحي بها و الجديرة بالاستنطاق ، أن أقيد الأسماء الذين أمضوا على الرسالة ، أن أقرأ تلك الشخصية العظيمة التي يطالبون فيها أهالي زمورة انطلاقا من مركز العويدات الثوري، أردت أن أعرف شعورهم بالخيبة في الأيام الأولى للاستقلال و مشاعرهم الثورية وحماستهم الوطنية التي تختلج صدورهم و هم يرون أن الثورة لم تكن سوى حلم لم يتحقق على أرض الواقع بالكيفية التي حلموا بها أو بالتصور المثالي الذي تصوروه إبان الكفاح المسلح ومن المقولات و الأدبيات الثورية التي تتغنى بها الأمهات و الأجداد في الأعراس و الأسواق و البيوت و الوعدات ، كنت أسير بين جنبات بساتين الزيتون و الحمضيات التي بدأت تفقد كثيرا من بريقها و تفقد كثيرا من رونقهــا بسبب السياسات الخاطئة و بسبب قــلة الحب و التنكر ، حب التراب و الوطن و التنكر للتاريخ ، الذي لم يمض عليه سوى خمسون سنة ، يبدو أن داء النسيان يضرب بجذوره في أعماقنا ، داء اليأس الذي آتى على آخـر ما تبقى لنا من أمــل ، داء النكوص ، داء التشاؤم الذي يعشعش فينا و يفكك كل كياناتنا الصلبة التي واجهنا بها ظلمات التاريخ وظلمات المستعمر و ظروف العيش المستحـيلة . كنت أسير و أنا أسرح بنظري في بساتين الزيتون و البرتقال ، حيث الطريق تؤدي إلى مــقر عملي في مكان منعزل عن المدينة الصغيرة ، عادة أن هذه الطريق ، لا يستعملونها المارة كثيرا لأنها لا تؤدي إلى مكان آخـر سوى مقر عمـلي ، كل صباح بعد نزولي من الحافلة ، أسير في ذلك الممر الضيق الطيني المترب ، فجــأة تتراءى أمام مخيلتي هذه الرسالة بكل دلالاتها و كل إشارتها و كل ما تحمله من زخم الحياة ، كنت أقاوم هذا الإغراء الذي سيجهدني لا محالة ، في البحث و الدراسة و المساءلة واليقظة المضنية و مواجهة الذات التي تميل إلى الخمول والبلادة ، كانت الرسالة التي وضعتها في أرشيفي الخاص تحظى بكل أنواع الرعاية التي يمكن للشخص بذل كل مجهوده لشيء عزيز نادر لا يتكرر مرتين ، و أنا أعتقد أن هذه الرسالة لا تتكرر في التاريخ و لا تتكرر من أعضاء مركز العويدات، الذين بدأوا يفقدون آمالهم و تتساقط أسوار أحجارهم واحدة تلو الأخرى ، و تتعرى سوءاتهم و تتزلزل يقينياتهم و تخمد حماستهم و سكنهم اليأس و الهزيمة وتتآكــل وطنيتهم أو يستعجلون الموت وهم يعايشون زمن الكفر بالوطن و زمن اللعنات التي طالت الجميع كوباء أستوطن جميع النفوس . كانت الرسالة بما تحمله من إرهاصات و تخوفات لم تنطق بها ،بقيت في ظلال الكلمات تستعصي عن الفصح و الجهـر خشية من زحف الانهزامية التي تتسلل من مسام اللغة و الكلمات ، القوم لم يعرفوا الانهزام يوما ، عذبوا ، عزلوا ،جاعوا، تشردوا ، أهينوا ،تركوا أزواجهم و فلذات قلوبهم ، تحملوا المشاق ، سهروا الليالي ، خطروا بأنفسهم ، سلكوا طرقا شاقة ، سكنوا الجبال و الوديان و الغابات ، تخلوا عن حياة الرفاه ، لم تغريهم ثروة ولا مال ، فقط آمنوا بالوطن . كنت أسير الخطوات الأخيرة قبل أن تطأ رجلي عتبة مقر العمل ، كانت تلك الكلمات تتساقط علي كالمطــر ، أصبحت أكثر تصميما من ذي قبل أن أعود الآن إلى البيت و أعيد قراءة الرسالة مرة أخـرى ، لعل الرســالة تفصح بمكنون لم أكن قد توصلت إليه من قبل ، ربما الرسالة تقاوم الحاضـر أو تغلق أبوابها في وجه المتلقي أو أفلت شعلتها أو نورها في وجوهنا ، لأننا لسنا أهلا لها أو مستويات الوجود تختلف عن تلك الذي عايشها الرعيل الأول من الرجــال ، على خلاف رئيس البلدية زمورة المعين على رأس البلدية الذي لم يروق للأهالي في أول ستة أشهر الذي زاول مهامه و شهدت أول الإنحرافات في الجزائر المستقــلة . دخلت إلى مقر عملي ، بداية بالطقوس الصباحية في تفقد الوجوه وإلقاء التحيات ،قراءة المراسلات الإدارية التي لا طعم لها ولا رائحة تعيد نسخ نفسها حسب المواسم و الشهور ، ركنت في مكتبي و أنا متعب بهواجسي التي حفرت في وجهي ثغر غائر ،تكاد الابتسامة تختفي من محياي لا أحد يعلم سواي ، أن الرسالة تسبب لي القلق والانشغال الوجداني ، سأعود بعد الانتهاء من العمل مساءا و أخرجها و أضعها على مكتبي و أضع اللومبادير الأبيض الكاشف و أقرأ محتواها كلمة كلمة و أقرأ ما بين السطور و تحت السطور و أدقق جيدا في تاريخهــا و الأسماء التي وقعوا على الرسالة و طلباتهم وآمالهم و خوالج أفكارهم و تنهداتهم و مخاوفهم و مراميهم و تلك اللحظات الزمنية التي حررت فيها الرســالة ، كنت أعلم أن هذه الرسالة ليست كالرسائل ، يكتبها إنسان عادي يطلب فيها أو يلح فيها على أمر من شؤونه الخاصــة ، تكتب بعجــالة أو على الرصيف أو حتى في مركز البريد ، أن أحس أن هذه الرســالة ، كانوا الأخــوة يداومون على النشاط الثوري بجدية و تفان ، أيضا كتبوا هذه الرسالة بإنتباه و تيقظ و جديــة ومشاورة و حماسة و تجرد ، رسالة لا تنطق عن الهوى . مطلب الرسالة أو مضمونها ، بسيط بساطة حياتهم و أهدافهم وتوقهم إلى حياة أفضـل ، حياة كريمة للأجيال ، هؤلاء محررو الرسـالة عندما مسكوا بالقــلم وخطوا تلك الأسطر القليلة ،كانوا يفكرون في أولئك الأيتام و الثكلى و الجوعى و المشوهين و المعوقين و المجانين الذي دمرتهم الآلة الجهنمية ، كانوا يكتبون و يفكرون في رفقاءهم الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف ، لا أحد يستطيع استشفاف قلوبهم وهم اليوم يواجهون مصيرا آخــر ، الانتكاسة ، الخطر المحدق مع ولادة وطن فتي ، لا قبلة له ولا اتجاه له سوى بذل المزيد من الحب للشهداء و مزيدا من الإحترام للوطن و مزيدا من الحرقـة و الحزن و مزيدا من الدموع ، وضع بن علي بن عيسى حروفــه على ورقة الرسالة و هو مقتنع أن الكتابة لن تغير من الواقع شيئا و لكنها استمرارا للعهـد الذي قطعوه على أنفسهم ، رعاية بستان الوطن الذي شذبوا أشجاره و سقوه بعرقهم وبدماء الشهداء ، لكن المسؤولين الجدد بزغ عليهم عهدا جديدا ، لم يحملوا من معاني الوطن إلا النزر اليسير ، امتثلوا لإرادة أخرى غير إرادة الشهداء ، أستخلفوا الحاكم العسكري أو المدني الفرنسي على رأس البلدية ، استخلاف لا معنى له سوى شغل المنصب بدلا من شغوره . وضـع بن علي بن عيسى الكلمات الأولى ، الأكثر أهمية و أكثر دلالة ، نحن مجاهدو مركز العويدات كأنه يقول نحن سلطة اعتبارية ثورية وضعنا السلاح و لكننا لا نتورع في رفع القلم في وجوهكم ، نندد بالوضــع الذي آلت إليه الأمور ، ما نعايشه اليوم في الجزائر المستقـلة و نراه في بلدتنا ليس من القيم الثورية و ليست من الحكمة و ليست من الأهداف التي ناضلنا و جاهدنا لأجلها ، سيدي الوالي ، يا ممثل الحكومة ، أنقذوا هذا الوطن من براثن أشباه الرجال ، أنهم يحولون مسار الثورة في اتجاه مجهول ، يختطفون مسارنا ومصيرنا ، تحركوا قبل أن يستفحل الداء ، نحن نعلم أكثر من غيرنا أن حسنا الوطني و الثوري يشعرنا أننا سننحرف عن المسار ، نحن لا نستطيع أن نتعايش مع هكذا وضع الذي يسير في اتجاه أسوء ، يا ممثل الحكومة هذا ليس زمن التقاعس ، تداركوا الأمــر قبل أن يستشري ، لم تمــر سوى ستة أشهــر فقط ، يمكن أن تصحح الأمــور بعجالة و نخرج بأقل الأضرار ، سيدي ممثل الحكومة لقد طفت القبلية و العروشية و الفردانية إلى السطح مثلما كانت ذات مرة ، طفى الشقاق و النزاع والتفرقة و المصلحة الشخصية في الآن تعشعش في مكاتبنا ، في مصالحنا ، في إدارتنا ، تحركوا قبل فوات الأوان .
#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أتركوا الجزائر لشبابها
-
بإسم الدين ، لا خير في أمة أخرجت للناس
-
وزارة الثقافة الجزائرية و الغزو الوهابي
-
ماذا تنتظرون من الجماعات المتأسلمة ؟
-
تونس بخلفية سلفية
-
بين الولاء و الكفاءة
-
صداع إنتخابي
-
الهوية كقضية مؤجلة..
-
هل نحن فعلا بحاجة لأعظم و أكبر مسجد في العالم ؟
-
نيل أمسترونغ في أبعد من مرأى العين
-
المدخل الصحيح للعلمانية
-
فلاسفة الأنوار الوهابيين
-
فرحت فرحتان
-
عندما يصبح الإلتجاء الى القضاء مضيعة للوقت
-
أسوء اللحظات تلك...
-
حديث عن الرجل المناسب..
-
المناضل الفذ : في ذكرى هاشمي الشريف
-
أزمة إنسانية في الأفق : الأشرفيون يموتون عطشا
-
مغالطات التي تبناها و آمن بها و أستسلم لها الكثير
-
أمورنا.. سمن على عسل !
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|