محمّد نجيب قاسمي
الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 13:29
المحور:
الادب والفن
حَديثُ لُبْنانَ
حدَّثنَا حُطَيْفَةُ قال: " كُنَّا بأرْضِ لَبنانْ ،نَقْطِفُ الزَّهْرَ منْ كلّ ِ بُستانْ. ونَشُفُّ الأُذْنَ بأعْذَبِ الأَلْحَانْ. فطابَ لنا المُقامُ بيْن الخِلاّنْ وقلْنا : " ليس – واللَهِ – في الدُّنْيا أعزُّ من هذا المكانْ. .وبيْنَا نحنُ بيْن طرَبٍ ولْهْو ،في غيرِ نَصَبٍ ولا سَهْو، إذْ صُبّتْ على رُؤوسِنا جَهَنّم منَ القنابلْ، نزلت علينا كَوَابِلْ. فانتشر حولنا الدّمارْ، وخُرّبت الكثير من الدّيارْ .وكان حال النّاسِ بَيْنَ شَهيدٍ وجَريحْ، وقلّما لمحْتَ منْ هوَ سَالِمٌ صحيحْ .وعَلا الدُّخانُ والغُبارْ، وصَاحَ الرّجالُ بالثّارْ .وسرْعان ما حلّ بالمكان مُسْعِفُونَ ومنْقذونْ ، بالمهارةِ مَشْهُورُونْ .وَجَاءَ المُصَوِّرُونَ والمُرَاسِلُونْ. ونُقِل الخبرُ إلى كُلّ الدّنيَا عبْر أقْمَارِ فِي السَّمَاءِ العُلْيَا."
ثُمَّ أضَافَ حُطَيْفَةُ ،وَقَدْ اِسْتَرَدّ أَنْفَاسَهْ بَعْدَ أَنْ تَخَلَّلَ الْحَدِيثَ لُهَاثَهْ: " وَ خَرَجْتُ ِمنْ بَيْنِ الرُّكَامِ جَرِيحَا ،أحْمُدُ اللَهَ عَلَى نُهُوضِي صَحِيحَا. وَلَمْ يَكُنْ يَشْغُلُ الْبَالْ، غَيْرُ تَرْدِيدُ السُّؤَالْ عَنْ صَحْبِيَ الْكِرَامْ، إِنْ كَانَ حَلَّ بِهِمْ الْمَوْتُ الزُّؤَامْ.وَبَعْدَ لَأْيٍ وَمَشَقَّهْ لَمَحْتُ رَفِيقًا لِي فِي أَحَدِ الْأَزِقَّهْ .فَتَنَاوَبْنَا الْبُكَاءْ عَلَى أُمَّةِ الْمَدْحِ وَالْهِجَاءْ وَقُلْنَا هَذا وَاللهِ مِنْ ضُعْفنَا أمَامَ الأَعْداءْ واِنْشِغالِنا بِحُروبٍ تَافِهةٍ بَيْننَاَ.
قال الرّاوي: عَجِبْنا لِحديثِ حُطَيْفَهْ فلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يشْحَذُ للْحرْبِ سيْفَهْ. ثُمّ تنادَيْنا للِّقاءْ والاسْتِعدادِ لِلْهَيْجَاءْ .وأعْدَدْنا خَرِيطَةَ طَرِيقْ أوّلُها نَشْرُ العِلْمِ فِي كُلّ فَجٍّ عَميقْ وآخرُها حكْمٌ رَشيدْ يجْعَلُ الفَرْدَ سيّدًا لا عبْدًا من َ العَبيدْ.
#محمّد_نجيب_قاسمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟