أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراة أحمد - تعالوا إلى كلمة سواء بيننا:















المزيد.....



تعالوا إلى كلمة سواء بيننا:


بشاراة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 22:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعالوا إلى كلمة سواء بيننا:

يتساءل الأخ نضال: هل المسلمون طيبون، هل المسيحيون أطيب؟؟ فيناقش من خلال هذا العنوان مشكلة مزمنة بين أمم ذات كتاب واحد ورب واحد وغاية واحدة أساسية هي عبادة إليه واحد أحد لا إله غيره ولا رب سواه، وشرعة كل أمة ومنهاجها وإن إختلف في الجزئيات والتفاصيل التي تميز ظروف وبيئة كل أمة إلَّا أنهم يلتقون عن هدف واحد ونتيجة واحدة هي حياة في الدنيا مقننة رومنضبطة ثم الإعداد من خلالها إلى حياة أخرى دائمة أبدية إيما سعادة دائمة وإيما عذاب دائم مقيم. ولكن الأخ نظال ساءه إنحراف الكثيرين من هذه الأمم وتركت الأساسيات الجامعة بينهم وإلتفتوا إلى الخصوصيات فبدلاً من التقارب والتفاهم، جنحوا للتباغض والتنافر والتحارب بصورة لا تليق لما يحملونه من شرع وعلم. فرأينا أن ندلو بدلونا لتحليل أصل المشكلة، في ضوء الكتب المقدسة لكل الأطراف المتدابرة لعلنا نجد من يسمع ويعي ويرعوي.

نقول للأخ نضال،، من أراد أن يقطف ذهرة عليه أن يتوقع وخذ الشوك ومن أراد جني عسل عليه أن يتحمل لسع النحل، ويقال قديماً أن من طلب العلا سهر الليالي، فالإصلاحات البينية بين البشر دائماً لها مردودات سالبة تقع مباشرة على المصلح نفسه، فمن لم يُعِدْ نفسه إعداداً متقناً، ويتَّبع سياسة الصبر والجلد وملكة النفس الطويل، لن يستطيع تكملة المشوار الشائك المرهق. نحسب أن سوء الظن والتشكك وغياب التسامح بين الناس هو الذي يحول واحة المجادلة والمحاورة الرحبة إلى حلبة حروب تعسفية ولا أقول بقولك بأنها "حروب فكرية" لأن الفكر أعزل منزوع السلاح، ولكن قد ترتفع حرارته فتنخفض مروراً بالإعتدال، وهذه الحرارة تعطيه طاقة الإستمرار والتفاعل والحركة.


فالمعركة الهوجاء التي لا تعرف منطقا ً أو عقلا ً أو ذوقا ً أو حكمة ً أو احتراما ً للاختلاف أو تقديرا ً للخصوصية أو أي منهج ٍ حضاري ٍ في النقد يضيع ُ صوت العاقل المتأني، كما تقول،، هذه تعتبر معركة "الحماقة" والجهالة البغيضة. التي لا توصل إلَّا للخراب، لأن كل أطرافها مهزومين لأنهم على باطل.

فأنت تتحدث عن الإرهاب الفكري،، وكان الأجدر بك أن تشير أيضاً إلى التعصب الفكري فكلمة إرهاب أصبحت تستخدم في غير محلها،، لأن الإرهابيين الحقيقيين أوجدوا لهم مخرجاً من خلالها بنعت ضحاياهم بها فيصدقهم البلهاء والسفهاء الجهلاء الذين يلتقون معهم في المازوخية أو السادية التي تحركها عنصريات وإحباطات وأحقاد مدمرة.،

فالمسألة ياعزيزي لا علاقة لها بالإرهاب، فحين تُتَّهَمُ في دينك لمجرد أنك ثرت على الباطل وناديت بالحق وتحكيم صوت العقل، يقولون عنك إنك غير مسيحي وأنك تتظاهر بذلك، أو يقولون عنك إنك جبان خائف، أو إنك مهادن للإسلام بإعتباره خصماً إستراتيجباً،، وتتكرر عليك التهم بقدر ما تجود به اللغة العربية من مفردات قد يقولها شخص "كلمةً عابرة" لا يدري معناها ومدلولاتها، فيأتي المغرضون فيتبنوها ويجزموا بصحتها ويبتون عليها الأباطيل قبل ترويجها لإشاعة الفتن والأحقاد المفتعلة، بل ويصدقون أنفسهم ويقنعونها بأنها حقيقة وأنت في قرارة نفسك تصعق من هذا الخيال المريض الذي يتربع في مخيلات المتربصين بكل خير والمعادين لكل فكر معتدل قد يقود إلى المهادنة والسلام بين الناس. وهذه الحالة أنت قد حصرتها وأجملتها في أربع عناصر تدور حول الحقيقة وتحاصرها حتى تحجب ظهورها أو إمكانية الوصول إليها،، فالذي يقول الحق - الذي يعمل أهل الشر على منع ظهوره - لا بد أن يكون منطلقاً من أحد تلك العناصر، فإما أن يكون ضعيفاً، أو مازوخياً مضطرب النفس سادياً، أو أن يكون تقياً يخفي ما يبطن من معتقد يخشى من إظهاره علناً "إتقاءاً" من العواقب، أو أن يكون تفكيره محدوداً. كل ذلك لإبعاد الصفة الحقيقية وهي "الإعتدال"، وصوت العقل، والجرأة وإعمال الضمير الإنساني وتفعيله، لأن الإعتراف بالحقيقة وقبولها يعني بالنسبة لهم الإنهزام والتسليم.


إننا نرى أن قولكم بعدم وجود "خير كامل" أو "شر كامل" هذا إعتقاد غير دقيق،، فما دام أن هناك خير فلا بد من أن تكون له قمة سقفها عاليٌ، وقاع قعره غائر، وبينهما تدرجات متفاوت. فقمته أوسقفه هو أعلى ما يطمع له الإنسان من خير، بغض النظر عن إمكانية بلوغه أم لا،، ويتناقص إلى أن ينعدم تماماً إيذاناً ببدأ تصاعد الشر كقيمة مضادة تتصاعد إلى أن تبلغ مداها، ثم تتناقص شيئاً فشيئاً، إلى أن تنعدم تماماً فيبدأ الخير في التصاعد، وهكذا.. والإعتدال يكون بينهما قواماً. فكلما زاد الخير درجة إنتقص من الشر درجة بنفس المقدار وعكس الإتجاه. ولكن في الحياة العملية يكون الشخص "متوازناً" إما بكونه خَيِّرَاً: بحيث يَتَرَجَّحُ عنده ظهور الخير وإختفاء الشر الذي يظهر ويختفي من وقت لآخر حسب مقتضيات المواقف التي تستدعي ظهوره،، أو بكونه شِرِّيْرَاً: بحيث يترجح عنده ظهور الشر وإختفاء الخير، الذي يظهر من وقت لآخر "متدرجاً" حسب مقتضيات المواقف التي تستدعي ظهوره. فتأتي الأديان "السماوية" في المقام الأول "بإعتبارها معايير منضبطة"،، ثم القيم الأخلاقية الإجتهادية والمباديء والعرف في المقام الثاني لترفع من سقف هذا التوازن،، فتثبت ظهور الخير لفترات أطول إن لم يكن بصفة شبه دائمة، وذلك بالعمل على تسبيط فرص الشر وإضعاف بواعثه ومحركاته بأكبر قدر ممكن إن لم يكن بصفة دائمة. فالخير لا يضمن بقائه وديمومته إلا بقدر مناسب من الشر الذي يلزم للوقوف به في مواجهة الأشرار. وحيث أن هذه الآلية يكون قوامها الأساسي هو الوعي و الإرادة والمنهجية السليمة، فإن هذه ينبغي أن تنشؤها العقائد الصحيحة المتمحورة في الأديان السماوية الصحيحة.

إن إيمانك بتلازم المتضادات التي علمتك إياها الطبيعة كما تقول، فإن غيرك يراها الفطرة "التي فطرك عليها الله خالقك"، فهذا يعني بالضرورة أنك تقبل بهذا التلازم ممن فطر هذه الطبيعة وعلمها، وهو "الرحمن" الذي "علم القرآن" أولاً للكون كله قبل خلق الإنسان من ترابه وطينه، فكان طاريءً على هذه الكون المؤمن، وكان لا بد من تعليمه البيان أولاً حتى يستطيع الصمود أمام علم هذا الكون، فبدأ بديع السموات والأرض بتعليمه الأسماء كلها. كما قال تعالى (الرحمن علم القرآن) أولاً للكون كله كبيره وصغيره،، ثم بعد ذلك (خلق الإنسان)،، ولكي يستطيع معرفة ما حوله من خلق أعطاه خالقه "خلقه" ثم "هدى"،، فأول أدوات المعرفة هو العلم ليفسر به الظواهر التي حوله، لذا (علمه البيان)،، ثم لفت نظره إلى أظهر هذه الظواهر التي تنضح علماً فقال له إنتبه جيداً لما حولك وفعِّل ملكة البيان إبتداءاً من الشمس والقمر لأن (الشمس والقمر بحسبان).

إذاً،، أساس المشكلة التي تقلق البشرية هي تراجع وغياب الحكماء والصالحين والمفكرين المصلحين المعتدلين والمؤثرين، وإبعادهم من دائرة القيادة والسلطان، وبروز الأدعياء والسفهاء والمغامرون في الواجهة، بساديتهم ومازوخيتهم وجهلهم، فتحركت بهم ومعهم النعرات والقوميات والعنصريات البغيضة والتطرف والتنطع الآيديولوجي والتعمق في الإستقطاب، وتجاوز حدود المستطاع والممكن، والمغالاة في الدين ممن لا علاقة لهم بالدين القويم إبتداءاً،، كل هذه التجاوزات الفجة هي التي تتوسط دائرة الشر فتفرز كل من البغضاء والتحاسد والجنوح إلى قلب الحقائق بمعاول الكبر والتعالي والإفتراء والمظالم والإضطهادات بتسليط القوة المادية على القوى الفكرية والأخلاقية والعقدية. فالمشكلة إذاً ليست فقط ترجمة غرئز البقاء والتكامل مع الآخر والإعتراف به،، بل هذه هي الغاية المرجوة والهدف الإستراتيجي الذي ينبغي أن تعمل البشرية كلها لتحقيقه، ولن يتسنى لها ذلك ما لم تكن جادةً في تحليل أصل المشكلة بشجاعة وموضوعية وتجرد،، ثم الإعتراف بالحقائق وتبنيها وتفعيلها سواءاً أكانت معها أم عليها وضدها.

إننا نعتقد أن إنسان العصر الأول .... وإنسان العصر الأخير، هو الإنسان نفسه، تماماً كما خلقه الله تعالى فهداه النجدين،، فجعله سميعاً بصيراً،، ثم وضع أمامه وتحت تصرفه وإختياره كل "المتضادات" متلازمةً، حول شقي دائرة السلوك المتأرجح ما بين الخير والشر. فكلما خطى المختار خطوة في الخير سقطت عنه خطوة بنفس المقدار من الشر،، وبالمقابل، كلما خطى خطوة في الشر أسقط عن نفسه خطوة مماثلة وبنفس المقدار من الخير. فالمشكلة تكمن في فهم هذه المتضادات فهماً صحيحاً، كفهمنا لتعاقب الليل والنهار وإختلافهما، ثم في إيجاد الإرادة الحرة لحسن أو سوء الإختيار،، هنا يتدخل العلم والجهل، والحكمة والسفه، والصدق والكذب،،، الخ. وهذا الإختيار هو المعيار الضابط للسلوك والأخلاق. إذ أن قيمة الأخلاق في كل مجتمع أو أمة تفسرها أعراف وثوابت متفاوتة وقد تكون متناقضة متضاربة، ولكنها في مجملها تدور حول "العقيدة" كأساس لتلك ألثوابت، بغض النظر عما إذا كانت عقيدة صحيحة أم غير ذلك. فمنهم من قدس الله الواحد الأحد، ومنهم من قدس حجراً نحته بيده وهو يعلم أنه لا يضره ولا ينفعه،، ولكن هذه قناعته وهذا إختياره، فإتخذه وفق مبرراته، فإن إتفق عليها كل أو أغلبية المجتمع، صارت ثوابت وأعراف تضبط حركته.

إن القول بعدم الإستطاعة للتميز بأن أحداً أعلى من الآخر بسبب معتقده أو دينه أو إلحاده أو نمط حياته،، هذا قول غير صحيح ولا منطقي إن كنت حقاً تريدنا أن نصل معاً إلى قواسم مشتركة توصل إلى إيجاد حل جذري للمشكلة المتشعبة أو على الأقل توصيفها بمستوى مقبول ومبرر. لسبب بسيط،، لأنه لا يعقل أن يستوي "المعتدي الظالم" مع "المعتدى عليه المسالم". وحيث أن الإعتدال هو الغاية النهائية التي يتحراها الجميع، فإن كانت نقطة الإعتدال في المستوى الأفقي فإن المسالم هو الأقرب إليها من المعتدي،، وإن كانت في المستوى الرأسي فإن ذلك المسالم يكون في علوه الأقرب لنقطة الإعتدال من المعتدي. هذا لأن المعتدي قد خرج من دائرة خصوصيته وإختياره إلى دائرة خصوصيات وإختيارات الآخرين. أما إن إنعكس إختيار كل فرد لدينه ومعتقده على نفسه دون أن يتضرر به الآخرون بتدخله في خصوصياتهم أو معتقداتهم عندها يستوي الناس كلهم ولا يحق لأحد أن يفرض سلطانه على الآخرين، لأن التمييز بينهم ليس من صلاحيات البشر وإنما هي من أخص خصوصيات الله تعالى التي لا يسمح لأحد التدخل فيها، فالكل له حق إختيار نمط حياته كما يريد على أن لا تتخطى حقوقه لحقوق الآخرين.

لا يا صاحبي، ليس الأمر بهذه البساطة التي تقول بها، على الرغم من أنني أشد على يدك وأقدر لك هذه الصرخة الإنسانية التي نحسبك جاداً فيها والله أعلم بالسرائر، ولكن أعتب عليك قولك "بالتعميم"، وهذا نتاج طبيعي للأسلوب الثوري الذي يتسم بالإنفعال والمبالغة رغم الدرجة العالية من الصدق الذي لن يكون كافياً بدون حكمة وتبصر. الحرب قيمة إنسانية طبيعية أيضاً لها قمة وقاع، فقمتها هي مقاومة الحرب التي يفرضها المعتدي لتغليب جانب الشر على جانب الخير، فيخوضها المدافع عن نفسه وعن المظلومين غيره، لغاية سامية هي الوصول إلى الإعتدال، والقضاء على الظلم والظالمين، فهذه لها طرفان متضادان تماماً: طرف حرَّكَتْهُ المطامع في ما عند الآخرين بثقافة الظلم والجور والطمع والخلق المتدني،، هذا شر مركب ويسعى إلى شرٍ أسودَ. وطرف آخر، ليس له بُدٌّ من أن يخوض حرباً فرضت عليه ولم يتسبب فيها ولم يسعَ إليها، ولكنه لا يستطيع أن يتفاداها أو يتقاعس عنها، لذا يدخلها بثقافة الصدق والعدل والأمانة والتقوى، وبروح الفداء والتصحية بنفسه لتوفير حياة سليمة لغيره. فالأول المعتدي هو القاتل، أما المدافع المعتدى عليه فإنه يقيم الحد وميزان العدل وليس قاتلاً حتى إن وقع منه القتل، لأن قتله عدل وفيه حياة وإحياء للكثيرين من الضعفاء والمغلوبين على أمرهم، ثم تنقية المجتمع من آفة الظلم والظالمين. فالدين هو المحرك والضابط لمنهجية الحروب، فالمعتدي غاب عن وجدانه الحق والعدل لخلو قبله من المرجعية الدينية الصحيحة، والمدافع والمضحي بنفسه من أجل الآخرين كان للدين في وجدانه حضوراً ظاهراً، هو الذي أضفى على أدائه في الحروب الوقوف عند حدود الضرورة القصوى بدون إسراف في القتل.

إن عبارة "وحش" بداخل المعتدين من البشر، فيه كثير من الظلم للوحش حقيقةً،، لأن الوحش من الكواسر، لا يقتل من أجل القتل والإنتقام والتشفي والإبادة الجماعية والتمثيل بالضحية وتعذيبها، ولكنه يتصرف وفق النظام الغذائي الحياتي الذي أذن له به الله تعالى،، فحين يصطاد فريسته إنما يفعل ذلك لضرورة البقاء، وهو يقتل بقدر الحاجة فقط لنفسه ولغيره من المخلوقات التي دونه في القدرة على الإصطياد فيحول حياةً واحدةً إلى حيوات كثيرة، ولا يقتل القطيع كله أو يسرف في القتل كما يفعل الإنسان. فالقاتل من أجل إحقاق الحق وإقامة العدل "للضرورة"، يمكن أن تنطبق عليه صفة الوحش. أما المعتدي الذي يستمتع بالقتل وينتشي برائحة الدماء ومنظر الأشلاء البشرية ويسعد كثيراً بقتل ضحاياه الأبرياء بالسحل والقنص والحرق،، فهو من هؤلاء الذين بداخلهم "الشيطان" وعفاريت الجن، وبالتالي،، رجاءاً إعادة النظر في هذه المقارنة غير المنصفة فالخير موجود وكذلك الشر. هناك يهود كثيرون ونصارى مثلهم قد أشاد القرآن بهم ونصرهم وأيدهم وفضلهم على العالمين، وهناك آخرين منهم قد فند شرهم وخبثهم وضلالهم فلم يكن هناك بد من أن يدمرهم الله تعالى تدميراً. أما الإسلام فله مباديء دقيقة ومثالية في ثقافة وأخلاقيات وضوابط ومحاذير الحروب.

جميل منك أن تلفت إنتباه الناس إلى الطريق الصحيح على أن ينظر كل طرف إلى عيوبه ونواقصه هو أولاً قبل أن يبحث عنها في غيره، فإن لم يفعل يكون حقيقةً أعمى كما قُلتَ، متعامياً عن "الشيطان" أو الوحشب الذي بداخله والذي تحركه الأهواء والأحقاد والمطامع والتنطع الذي يدل على فساد الطوية. ولكنني أختلف معك تماماً في قولك بأن الدين لن يجعل من الشخص إبن آدم، فالإنسان لا يكون آدمياً إلَّا إذا حمل في جوفه ديناً سماوياً منزلاً من الله تعالى،، فالدين عند الله الإسلام الذي يتضمن (الحنفية، واليهودية، والنصرانية، والإسلام), بشرط أن تكون تماماً كما أنزلها الله تعالى "وفي فترة صلاحيتها" أن تختل في وجدانه، أو تتعارض مع سلوكه يخرج تماماً من دائرة بشرية "آدم" إلى جنية وعفريتية "الشيطان". فأول هذه الأديان السماوية قد بشر بآخرها وأقام الدليل عليه وأمر بإتباعه،، فمن حَكَّمَ هواه وأسقط هذا من دينه لم يقبله الله تعالى منه ويكون في حقيقة أمره "خادعاً لنفسه"، و "مخادعاً لغيره". فقولك بأننا جميعاً مثل بعضنا البعض هذا تعميم مجحف ومخل،، لن يوصلنا إلى إلى حل للمشكلة لأننا بذلك إنما ندور ونلتف حولها دون الدخول إلى صميمها وسبر غورها وكشف مكنونها وعلاج سقمها. فدعني أطرح عليك سؤالاً مباشراً على سبيل المثال،، بإعتبارك مسيحي ومفكر وباحث عن حل لمشكلة مزمنة وترغب في التعجيل بفك طلاسمها على ما يبدوا،، حسناً – هل المسيحيون جميعاً مُوَحَّدُوْنَ في عقيدتهم ويتبعون لدين واحد وكتاب مقدس واحد ومرجعية واحدة لا يشذ عنها أحد، وخطابهم واحد؟؟ فإن كانوا كذلك،، فما هو المبرر لتعدد الأناجيل والطوائف المسيحية والإنقسامات التي بين مكونات الطائفة الواحدة، ثم التناحر فيما بينها,,,؟ إذاً والحال كذلك فلن تجد من بين المسيحيين بكل طوائفها من يوافقك على عبارة: "جميعنا مثل بعضنا البعض". فالمصداقية والشفافية تقتضي الإعتراف بهذه الحقائق وعدم تجاهلها وأخذ الواقع في الإعتبار حتى يستقيم المسعى ويثمر.

صحيح ينبغي على الناس الإستحاء على دمهم ليس شوية، بل كثير، وأن ينظروا ليس فقط في عيون بعضهم بعضاً أو القول بعبارات التسامح والمجاملات. ولكن ينبغي أن يسبق ذلك خلق أرضية مشتركة تجمع ولا تفرق، على شرط أن لا يكون ذلك "نفاقاً" وذراً للرماد في العيون. لأن هذا ليس هو الحل المطلوب تبنيه والسعي إلى تحقيقه،، لأنه كالتخدير الذي يسبق إجراء عملية جراحية، ما أن يزول أثره حتى يهجم الألم بقسوة وحدة. فإذا شَخَّصْنَا أصل المشكلة، وإلتزمت كل الأطراف بضرورة القضاء عليها بإرادة حرة صادقة، عندها لن يحتاج أحد أن يقول للآخر أنا آسف سامعني حقك علي.

دعنا نتتبع مقترحك للتشخيض ونتائحه من وجهة نظرك ثم رؤيتك لنوع وطبيعة الحل/الحلول،، وحيث أنك قد بدأت بالمسيحيين بإعتبارك مسيحيٌّ وليس لك هدف آخر سوى الخروج بالإنسانية من المأذق الذي هي فيه من الخلافات والتناحر غير المبرر، فهذه نحسبها بداية طيبة وفي الإتجاه الصحيح.

أولاً: أنت تناولت نماذجَ للتناقض الكبير ما بين الخطاب الديني المسيحي الذي دائماً ما يؤكد على فرضية (المحبة)، وبين واقع المسيحيين المتعارض تماماً مع هذا الخطاب،، حتى في العلاقات الإنسانية المسيحية البينية، التي تدهورت "كما تفضلت"، حتى بين الأهل والأرحام، حيث بلغت ذروتها من التدهور وسياسة الإختصام مع أخص الأقارب والمعارف،، وتأكيدك بأن "الأخ لا يكلم آخاه، ،، والفشل المروع للكثير من الزيجات التي يخفي ظاهرها الخادع باطنها المأساوي المحبط كما تقول ، تماماً كمنسأة سليمان، التي نخرها السوس فأمات كل روابط المحبة والود والرحمة بين الزوجين بدرجة أصبحت كارثية بلغت حد (الخروج عن الدين بدون قناعات كافية والدخول في دين آخر "نفاقاً")، فقط لغرض التخلص من زيجة فاشلة يصر الدين على إستمرارها بدون مبرر.

والمعروف أنَّ المرأة المسيحية التي يموت عنها زوجها تُحْرَمُ من الزواج من غيره مرة أخرى فلا تجد أمامها من خيار ثالث، إما الحرمان أو الإنحراف، الذي قد يكون الخيار الأقرب والمتاح في الغالب، فصيحتك هنا تقول (أين هذه المحبة؟) في ظل هذا الواقع المفتعل؟ن .... نعم، أنت محق فيها.

النموذج الثاني لمخالفة الواقع للخطاب الديني المسيحي المعلن (المحبة)، أنت تتساءل، لماذا يصب المسيحيون وابل الهجوم على المسلمين على المواقع الإلكترونية بكل وحشية،، بل وعدم التفريق ما بين مسلم معتدل وآخر متطرف، وحتى الذي يقولها بوضوح أنا ضد الإرهاب؟ فقد لمست لب القضية وأحد عناصر تفاقم المشكلة المتصاعدة، والتي بلغت حد الإساءة إلى إله محمد نفسه الذي هو إله موسى وعيسى وإله الخلق كله، وهم يعرفون هذه الحقيقة، ولكنهم يتجاوزونها إلى تحكيم الأهواء وإرضاء النفس الأمارة بالسوء والإنتصار للباطل.
وإنتقادك لنواقض (المحبة) كان واضحاً وجريئاً، فحقيقةً الذي يحمل المحبة كنيشان على صدره أمام الناس ثم يرميه في الصندوق عندما ينتهي من عملية التفاخر العبثية، إنما حقيقةً يدلل على عقلية مزدوجة تسعى إلى إكتساب صفة المستوى العالي من الرقي والحضارة والتقدم، ولكن الواقع يقول بعكس ذلك،، فهذا هو النفاق حقاً وحقيقةً،، يقول الشاعر: (لا تنه عن خلق وتأت بمثله * عار عليك إذا فعلت عظيم).

أيضاً إنتقادك لخصلة التربص بالآخرين والمكائد، وتحري الشماتة في السر وتأييد أي مصيبة تقع على المسلمين من ضربة وغيرها، ثم إلتزام الصمت في العلن دون إصدار أي إدانة للمعتدي، ومع هذا وذلك رمي المسلم بما ليس فيه من الهمجية والتخلف والجهل، وإثارة الفتنة بين الرجال والنساء منهم بإدعاء إضطهاد المرأة في الإسلام، وتعدد الزوجات وغير ذلك من المفاهيم المغلوطة التي تقول بعكس الواقع تماماً، والمكائد عبر المنابر الدولية وإستغلال النفوذ لإصدار القرارات المجحفة التي قد تترتب عليها عقوبات دائمة تصل إلى إنتشار الفقر والمرض والجوع في بلدان وشعوب بأكملها،،، الخ. ويكفيك موضوعية أنك وصفت هذه السلوكيات المتناقضة تماماً مع (المحبة) التي هي الخطاب الرسمي للمسيحية. ولم تجد لها أقل من عبار "تفاهة وإنحطاط فكري". ولكن لي سؤال مباشر لك... هل هذه التفاهة والإنحطاط الفكري، هما من أصل النصرانية؟ بمعى هل يعقل أن يصدر عن أنبياء الله الكرام المكرمين موسى كليم الله وعيسى عليهما السلام مثل هذا السلوك الشاذ؟؟ فالذي يصدر عنه مثل هذا السلوك الشائن هل في نظرك يستحق أن ينسب إلى اليهودية الحقة والنصرانية السمحة التي نزلت على عيسى عليه السلام؟

يا أخ نضال الربضي، جميل منك أنك تثور بهذه الطريقة على الممارسات الخاطئة بين بني آدم وتنتقد كل من يتسبب في قلق ومضايقات للآخرين المسالمين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم آمنوا بمفاهيم معينة رجحت عندهم، وإنعقدت قناعاتهم بأنها مقدسة بغض النظر عن صحتها أو غير ذلك. فالإنسان حر في إختيار ما يناسبه وما يريده حرية مطلقة لا يحدها سوى حرية الآخرين أو التعدي على خصوصياتهم ومقدساتهم. هذا مبدأ عام يجب على كل الناس إلتزامه وإحترامه وعدم التسبب في إنتهاكه أو تعريضه للخطر. ولكن المسألة ليست بهذا القدر من البساطة التي تتحدث عنها،، إنك تثير موضوعاً كبيراً هو أساس مصيبة المصائب التي أوقع الإنسان فيها نفسه بنفسه. فهل يمكن الحل بعبارات ثورية في فقرتين من مقال عابر الأولى "... نبدأ بالمسيحية ..." والأخرى "... دور المسلمين الآن...؟)، طبعاً ليس هذا تقليل لمحاولتكم أو إستخفاف بها لا سمح الله، ولكننا نعمد إلى شحذ الهمم ولفت النظر إلى أن الموضوع كبير وحساس ويستلزم قدر كبير من الإخلاص والصبر مع النفس الطويل وعدم التراجع عن نقد الذات "وليس المقدسات"، وإيجاد العذر للآخرين،، الخ. لا يأ أخي المسألة أكبر من ذلك بكثير، ولكن الحل ممكن وسهل للغاية إذا وجدت الإرادة. بيد أن بلوغ هذا الحل مع سهولته – في ظل الجهل والعنصرية والتعصب القائم الآن بين الناس – يجعله من رابع المستحيلات إن لم يصدق الناس في توجههم للتغلب على الصعاب التي تعترض سبيله.

يجب أن يعترف الجميع بأن الدين ليس خلافات ثقافية أو أدبية أو سياسية يمكن الوصول فيها إلى تنازلات من هنا أو من هناك،، خاصة فيما يتعلق "بوحي الله تعالى"، وأوامره ونواهيه وقوله عموماً "ما أن يثبت أنها منه". ثم الأنبياء والرسل والملائكة. فهذه الأمور "مقدسات" دونها المهج والأرواح والدنيا بكاملها. فالذي يتهاون في ثوابته ومقدساته يهون عليه ما دونهما. وبالتالي، لا يعقل أن تحل عبر البرلمانات وورش العمل للتعديل والتبديل في أصل وثوابت الدين "الثابت عن الله تعالى"، وبالتالي فإن أساس مشكلة الناس مع الإسلام والمسلمين أنهم يتعاملون معهم كأنهم يملكون حق مخالفة القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة،، وكأنهم يتوقعون "في يوم من الأيام" أو "في عصر من العصور" أن يجتمع المسلمون ليناقشوا أو يراجعوا شيئاً من القرآن ولو حرف واحد أو حتى حركة من حركات الضبط والإعراب. هذا وهم سيظل عالقاً بأذهان السذج من الناس إلى أن تقوم الساعة. فالقرآن الكريم (كلام الله المقدس) الذي سيظل كما نزل على نبيه محمد إلى أن يسترده الله تعالى كما أنزله،، لذا واهم من ظن أنه سيأتي يومٌ يدخل في معادلة مساومة أي كان نوعها. فكل ما جاء بهذا الكتاب بكامله منهج المؤمن لن يستطيع بشر ولا جن أن يغير فيه شيئاً ولو إجتمعوا كلهم على هذه الغاية المستحيلة المنال. ليس هذا تعسفاً أو إنغلاقاً كما قد يظن البعض،، وإنما لأن هذا القرآن الكريم ضمن حقوق كل المخلوقات التي من بينها البشر والجن،، هذين الثقلين الوحيدين الذين أعطاهما الله حرية الإختيار وقضى حسابهم عليه. ولكن هذا التيقن من صحة القرآن الكريم يفرض على المسلمين عبئاً إضافياً هم "للأسف الشديد" لم يعطوه قدره وإستحقاقاته،، ألا وهو: (يجب عليهم فهم القرآن "تدبراً"، ليقدموا جواباً بل أجوبةً لكل سؤال يطرأ لدى الآخرين من القرآن الكريم مباشرة"،
أما سلوك المسلمين وسوء فهمهم لهذا القرآن الفهم الصحيح، وإلتزامهم بتطبيق ما ورد فيه، فهذا هو الذي ينبغي بل يجب النظر فيه بعمق أكبر في المقدار والنوعية من النظر اللازم للأديان الأخرى، لأنه الدين الخاتم والمهيمن والشامل المتضمن كل الأديان السماوية،،، وتصحيحه وتقويمه حتى ينسجم معه وبالتالي لن تجد في الكون ما هو أصح ولا أنسب منه. فالمسلم المؤمن حقاً يعرف أن "التوراة" نور من الله وكتاب مبين، أنزله الله على أحد أنبيائه ورسله أولي العزم من الرسل (من العيار الثقيل)، وكذلك الحال مع عيسى عليه السلام، والإنجيل فهؤلاء الأنبياء والرسل جميعاً في صف التكريم والتبجيل والإكرام لدى المسلم لا يستطيع أن يفرق بين الله ورسله،، ولكن التفريق شيء والتفضيل شيء آخر وقد إختص الله تعالى به نفسه ولم يتحه للبشر ففضل الرسل بعضهم على بعض،، وأيضاً الكتب السماوية التي أنزلت إليهم كلها من عند الله تعالى الذي نزل القرأن على محمد، وكلام الله كله لا تفضيل لبعضه على بعض، وبالتالي الله وحده هو صاحب الحق في أن يقول في كتبه ورسله وخلقه ما يشاء فهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

الشيء الذي شجعني لمناقشة طرحك هذا معك هو فكرتك وتوجهك الإيجابي في محاولتك لجمع الناس حول قاسم مشترك بينهم ونبذ الخلافات بإعتبارها خصوصيات صاحبها مخير في الإحتفاظ بها مهما كانت درجة قبولها لدى الآخرين ما دام أنها لا تتخطى الخصوصية وتمس أو تتداخل أو تتعارض مع "المساحة المشتركة" للجميع. أقول ذلك من حيث المبدأ،، ولكن هناك حقائق دامغة لا بد من إبرازها والتوافق حولها أو على الأقل تفهمها وتقديرها من كل طرف نحو الأطراف الأخرى،، والكون ليس حكراً فقط على المسلمين والمسيحيين واليهود، بل إن حتمية الإختيار الحر لا بد من أن تفرز شرائح مختلفة في توجهها ومعتقداتها ومفاهيمها. لذا فإن فكرة التسامح تقتضي أن يتقبل كل فرد الآخرين على علاته حتى إن كان على ضلال واضح وبين، فليس هناك آلية أفضل من تبادل الأفكار والتناصح والحوار الذي يحترم عقل الإنسان، ويترك ما بين العبد وربه لربه ولا يتدخل فيه. سأوضح الفكرة من خلال مناقشتك للمآخذ التي يرمي بها المسيحي أخيه المسلم، من خلال دور المسلمين في تحليلك فمثلاً: أنت تقول الآتي ... أولاً:
1. لماذا لا يستطيع المسلم أن يقبل أن للمسيحي مسيحيته غير التي يعرفها المسلم؟
2. لماذا يريد المسلم من المسيحي أن يعترف بمحمد وقرآنه وتحريف إنجيله وفي كل صغيرة وكبيرة يقفز أماما "إنجيلك محرف"، "أنت كافر"؟
3. لماذا يهاجم المسلم عقيدة المسيحي بمناسبة وفي غير مناسبة وبعد ذلك يقول له أنا أحبك أنا أتمنى لك الخير والهداية؟
4. لماذا يكون المسلم سعيداً في سره عندما يتم تهديم كنيسة أو إضطهاد مسيحي في مصر أو سوريا، أو العراق ويصمت في العلن؟
5. لماذا يريد المسلم أن يفرض على المسيحي قوانين الإسلام والجزية في وطنه الذي يعيش فيه منذ آلاف السنين؟
6. لماذا يعتبر المسلم الرجل المسيحي قليل النخوة لأنه يعامل زوجته بطريقة حضارية ويعتبر زوجته مشروع لعوب جاهزة لإستقبال أي رجل لأنها لا ترتدي حجاباً؟
7. ثم تقول أخيرا،، ما هذه التفاهة و الانحطاط في التفكير؟

هذه سبعة ملاحظات لا يسعني إلَّا أن أشكرك وأقدر لك جرءتك في عرضها بهذه الطريقة، وأنا أؤكد لك "جازماً" إن كان ما قلته في هذه النقاط السبع صحيحاً، وثبت حقيقةً أنَّ الدين الإسلامي "بصفة عامة" والقرآن الكريم "بصفة خاصة" يؤيد هذا السلوك ويسكت عنه أو يتجاهله أو لم يضع له حدوداً وعقوبات صارمة على من يرتكبها، يكون الأخوة المسيحيون محقين في مهاجمة الإسلام ومحاربة المسلمين،، أما إن كانت الحقيقة غير ذلك الإدعاء "الباطل" فهذا لا يعفي المسلمين من المؤاخذة، وتحمل المسئولية كاملة أمام الله وأمام الأمم، لأن المخلصين من علمائهم سكتوا عن التصدي لهذه المفاهيم والمآخذ التي لربما لمسها العامة من سلوك المنتسبين للإسلام مع غيبة معالجتها من القرآن الكريم الذي يزخر بالمعالجات والضمانات الكافية لطمئنة هؤفاء المخدوعين، فإستغلها المغرضون لتأكيد تشككهم، لذا كان يلزم على المسلمين تصحيح هذه المفاهيم من القرآن مباشرة وليس من إجتهادات الأفراد والجماعات عبر المؤلفات وكتب التفسير والسيرة والتاريخ. على أية حال، عرضكم لهذه النقاط والشبهات بهذه الصراحة يعني أنكم تريدون أيقاف هذه المهازل. وأنا أثمن على ما قلته وأزيد عليه ما هو أكثر من التفاهة والإنحطاط الفكري إن ثبت فعلاً أنَّ الإسلام يدعوا إلى مثل هذه الخلق المتدنية والروح المريضة والأفق الضيق (الذي يتنزه الإسلام والقرآن والمؤمنين عنه تماماً) ولكني لا أنفيه عن "الغثاء من المسلمين" .. ولكن ماذا سيكون موقفكم إذا ثبت لكم بالدليل القاطع والمادي بأن الإسلام على النقيض تماماً من هذه المآخذ التي سنثبتها على غيره من الأطراف الأخرى أيضاً بنفس المعايير. وبعد الفراغ من تفنيد هذه النقاط السبع،، أسمح لي بأن أضع بالمقابل فقط سبع مآخذ من سبعين مأخذاً كلها ضد الإسلام بغير وجه حق حتى تكتمل الصورة ويستقيم الميزان وتتضح الرؤيا للجميع.

أولاً: عن قولكم بأن المسلم لا يستطيع أن يقبل أن للمسيحي مسيحيته غير التي يعرفها المسلم، هذا قول مجافٍ تماماً للصحة، فهذا من الإدعاءات التي يحاول أعداء الإسلام وصمه بها حتى يسوغوا فرية "الإرهاب" التي إبتدعها إما المخبولون أو المازوخيون " ليخدعوا أنفسهم بها، والمسلم الذي ينكر هذه الحقيقة يكون قد كَذَّبً القرآن الكريم عامداً، فهلك وأهلك. فالقرآن كله يؤكد على هذه الحقيقة ويقيم عليها الأدلة والبراهين والشواهد. فهل لدى المسلم مرجعاً فوق القرآن الكريم؟؟؟ إذن فلنستمع معاً لما يقوله القرآن ثم أحكم بعد ذلك...

قال تعالى لنبيه الكريم بوضوح في سورة المائدة (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ ...)، يعني،، هؤلاء اليهود وقد أنزل الله عليهم حكمه في التورة،، قال: (... وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ...), وهم لم يحكموك إلَّا لغاية في أنفسهم وليس بحثاً عن العدل عندك، بل يبحثون عن حكم أخف مما لديهم في التوراة، وهم لا يعلمون أن الحكم الذي لديك هو نفسه الحكم الذي لديهم وهو "رجم الزاني"، وما أن وقفوا على هذه الحقيقة إنقلبوا على أعقابهم، لم يقبلوا منك الحكم،، قال: (... ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَٰ-;-لِكَ - وَمَا أُولَٰ-;-ئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ 43). ثم يقول له صراحةً: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ - يَحْكُمُ بِهَا «النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا» - « وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ » - بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ - فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ « وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا » - «« وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ »» 44)، فالحكم الذي كتب في التوراة كامل شامل لا يحتاج إلى زيادة ولا إلى تعديل كما ظنوا، وهو نفسه حكم الله تعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ « النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » « وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ » « وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ » « وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ » « وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ » « وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ » - فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ - « وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ » 45). هذا فيما يتعلق باليهود، ثم يأتي دور النصارى، قال فيهم: (وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ-;- آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ « مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ » - « وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُور »ٌ -- « وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ » « وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ » 46)، ثم أكد على أن على أهل الإنجيل أن يلتزموا حكم الله الذي عندهم والذي أوحاه الله تعالى لعبده ورسوله عيسى ابن مريم عيه السلام،، قال في ذلك: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ « بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ » - «« وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ »» 47)، ثم يأتي دور المسلمين، قال فيهم: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ...)، وليس كما يدعي المبطلون،، وقد جاء: (...« مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ » ...)، كل الكتاب الذي سبقه من توراة وإنجيل،،، (... وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ...)، بإعتباره شاملاً لكل ما نزل من توراة وإنجيل، لأنه "منطقياً" هو آخر الكتب السماوية للبشر إلى أن تقوم الساعة،،، لذا قال له إذا حَكَّمَكَ أهل الكتاب في قضاياهم: (... فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ - « وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ » ...)، فهم يريدونك أن تسقط عنهم حداً من حدود الله، فلا تفعل فإما أن يقبلوا حكمك أو يَحْكُمُوْا بالتوراة والإنجيل على أنفسهم بأنفسهم، فهم لا يحتاجون حكمة بالضرورة، وفي ذلك قال له: (... «« لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا »» -- وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً -- « وَلَٰ-;-كِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ » -- « فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ » -- إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 48)، ثم لا يزال يحذر النبي من مغبة تحايلهم للوصول إلى غايتهم عبر النبي، فيقول له: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ « وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ » « وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ »...), فهم لهم أساليبهم في الخداع والإلتفاف حول الحق ولهم تجارب وخبرات كبيرة في هذا المجال عبر القرون،، لذا قال له: (... فَإِن تَوَلَّوْا ...), ويئسوا من بلوغهم مبتغاهم منك، وإنصرفوا عنك: (... فَاعْلَمْ « أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ » - وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ 49). فأين المسلم من كل هذا السياج المنيع، وأنى له أن يخترق هذه الآيات البينات التي أحكمها الله تعالى كما ترى، ثم فصلها تفصيلا معجزاً؟ أليس في هذه الآيات البينات ضماناً كافياً لإستحالة إختراقها من أي مخلوق مسلم كان أو غير ذلك؟؟؟ فإذا جاءت شرذمة من شياطين الإنس يدعون بأنهم مسلمين "بشهادة خلفيتهم التي كانت مسلمة" وإرتكبوا حماقات ومقاسد وحرابة بإسم الإسلام،، فهل من العدل والعقل وصم الإسلام والمسلمين بهذه الجرائم التي شرع الإسلام الحدود الرادعة لمرتكبيها، بل والمحرضين عليها، بل الساكتين عنها؟؟؟

ثانياً: وقولك بأن المسلم يريد من المسيحي أن يعترف بمحمد وقرآنه وتحريف إنجيله وفي كل صغيرة وكبيرة يقفز أماما "إنجيلك محرف"، "أنت كافر... الخ. نؤكد لك يا عزيزي أنَّ هذه كلها مغالطات وإدعاءات يعرف اصحابها ومروجيها أنها إتهامات سخيفة يحاولون بها تشويه صورة الإسلام والمسلمين لتبرير إتهاماتهم المفبركة وإدعاءاتهم المغرضة التي تعوضهم عن فشلهم الذريع في أن يخترقوا هذا الكتاب المتين برغم أن مكرهم لتزول منه الجبال، ولم يعلموا أن إزالة الجبال، بل إنطباق السماء على الأرض أهون من إختراق آية واحدة من هذا القرآن الكريم لأنه موثق بالآيات الكونية مثل الشمس والقمر والنجوم و(الحروف المقطعة في فواتح بعض السور) التي سيأتي الحديث عنها لاحقاً إن أمد الله تعالى في الآجال. الآن فلننظر معاً إلى ما جاء في سورة آل عمران عند قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ «« تَعَالَوْا إِلَىٰ-;- كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ »» ...), دعونا من الإختلافات في التشريع الخاص بنا والخاص بكم، ولنلتقي عند الثوابت التي تجمعنا معاً وهي توحيد الله تعالى، الذي هو إلهنا وإلهكم، فلنلتزم معاً، بأهم وأول الثوابت لدينا معاً وهي، أولاً: (... « أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ » ...), ثانيا: (... « وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا » ...), ثالثاً: (... « وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ » ...), هذا هو الميثاق الذي عرضه الله تعالى على أهل الكتاب، ولا خلاف فيه بين موسى وعيسى ومحمد (ولكن الخلاف والتخالف هو بين السفهاء من أبتاعهم)، فليس هناك ما يبرر رفضهم لقبول هذا الميثاق إن كانوا صادقين وانْ كانت حقاً غايتهم هو الله كما يزعمون، لذا قال له: (... فَإِن تَوَلَّوْا ...), ولم يقبلوا بهذا الميثاق، فعليكم بأنفسكم ولهم ما أرادوا بإختيارهم ويتحملون تبعته أمام ربهم،، فقط ليس أمامكم سوى إعلامهم وإشهادهم بأنكم على هذا الميثاق إلى قيام الساعة،، لذا قال له: (... « فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ » 64).

الآن أنظر معي إلى أسلوب الحوار الراقي بتذكير أهل الكتاب بالثوابت التي عندهم والتي تكفي ضماناً وتشجيعاً لقبول الميثاق،، فقال لهم محاوراً: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ « لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ »...), ما علاقتكم به وليس هو أحد أنبياء التوراة لأن دينه الحنفية التي سبقت التوراة، فما هي حجتكم في ذلك،، قال: (... « وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ » - أَفَلَا تَعْقِلُونَ 65)؟ مقبول جداً ومنطقي للغاية أن تحاججوا فيما لكم به علم بغض النظر عن درجة المصداقية والشفافية في هذه المحاججة،،، فقال لهم: (هَا أَنتُمْ هَٰ-;-ؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ...), ولكن أين المنطق في أن تحاججوا فيما لم ولن يبلغه علمكم؟ قال: (... « فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ » -- وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 66). إعلموا الحقيقة من رب إبراهيم حيث يقول مؤكداً جازماً: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ...), خارج دائرة أهل الكتاب كلهم، لا هو تابع لموسى ولا لعيسى، (... « وَلَٰ-;-كِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا » ...), ويؤكد لكم جازماً بأنه أيضاً بعيداً كل البعد عن المشركين،، قال: (... وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 67). إذن إبراهيم كان حنيفاً مسلماً وحفيده محمد هو أيضاً حنيفاً مسلما على دين جده "صاحب الإصطفاء الوسط (الثالث) من الإصطفاءات الاربع على العالمين والإصطفاء الخامس الملحق "على نساء العالمين". قال تعالى (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ 1« لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ » 2« وَهَٰ-;-ذَا النَّبِيُّ» 3« وَالَّذِينَ آمَنُوا » -- وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ 68),
أما تحريف التوراة والإنجيل، فهذا ليس فيه إجتهاد لا من المسلمين ولا من الصحابة ولا حتى حديث عن النبي حتى يمكن القول بتضعيفه أو التشكك فيه وإنما هذا قرآن مباشر من عند الله تعالى خالق الخلق وهو أعلم بخلقه، والغريب في الأمر أن كتابكم المقدس كان الأسبق، بل الأكثر تحديداً وتأكيداً وتوصيفاً لهذا التحريف من القرآن نفسه،، ولكن هذه القول يلزمه الأدلة والبراهين من كتابكم المقدس بجانب القرآن الكريم الذي أشار إلى وجود ظاهرة موثقة لدى أهل الكتاب.

تذكر معي الإتفاقية التي تمت ما بين النبي ومشركي قريش في صلح الحديبية، وقد روى الإمام أحمد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدأ يُمْلي شروط الصلح، وعلي بن أبي طالبـ رضي الله عنه ـ يكتب، فأملاه النبيـ صلى الله عليه وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: أما الرحمن فوالله لا ندري ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا فكتبها كذلك، ثم أملى ـ صلى الله عليه وسلم: (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فوافق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، وقال: والله ، إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله). ليست المسألة بهذه السذاجة والصحالة "إعتراف بمحمد"، هذا الإعتراف لا يقدم ولا يؤخر في صدق رسالته لأن الذي يعتفر بمحمد أكبر من ذلك وأوثق بكثير.

أنظر إلى دقة القرآن في هذا الموضوع، وكيف أنه لم يخصص أو يحدد مكان التحريف في التوراة والإنجيل، وإنما إكتفى بالتعميم والإشارة،، وبالتالي فإن العمل به وفيه شبهة يكون غير مقبول عند الله تعالى، وما دام الله تعالى قد أوجد البديل وإرتضاه، وحفظه من إمكانية العبث والتحريف لكتاب الله وكلامه مرة أخرى، كان الأجدى والأولى بالعقلاء إلتزامه خاصة وأنه لم يكن مفاجئاً لهم أو مجهولاً لا هو ولا نبيه الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، أما من حَكَّمَ هواه وتحدى إرادة الله تعالى وإرتضى لنفسه الخداع وأراد أن يفرض عبادة على الله لا يرتضيها ولا يقبلها منه، كالذي أراق ماءه من أجل سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءاً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه أجره. مثلاً،، قال تعالى في سورة النساء: (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا ...), لاحظ الدقة في التحديد،، لم يقل "الذين هادوا كلهم"، بل إستثنى منهم بقوله "من الذين هادوا"، ماذا فعل هؤلاء المعنيين؟ قال: (... « يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ » ...), وهذا الفعل معلوم للقاصي والداني الذي يتم عبر "حساب الجمل"، بمساعدة جدول (أبجد هوز...)، ثم أنظر ماذا يقولون للنبي عندما يلقوه؟؟ (... « وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا » ...), ليس عصياناً فحسب، بل إستفذاذاً وسخرية بأنهم قد سمعوا ما قاله لهم ومع ذلك عصوه،، ولم يقفوا عند هذا الحد، بل قالوا له إسفذاذا وتهكماً وسخريةً: (... « وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ » ...), شتم وإساءة مباشرة مغلفة بقولهم له: (... «وَرَاعِنَا» ...), كل ذلك القول البذيء إنما هو: (... « لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ » « وَطَعْنًا فِي الدِّينِ » ...), فشتان بين هذا التجني وبين الرفض المعتدل كإختيار حر، كأن يقولوا ما هو أفضل وأخير لهم،، قال: (... وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا « سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ » - « وَانظُرْنَا » -- لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ - وَلَٰ-;-كِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا 46). وأنظر معنا أيضاً قوله تعالى للمؤمنين في سورة البقرة، مبيناً لهم إستحالة سعيهم لجعل هؤلاء المعاندين يقبلون الإيمان، وقد برر لهم أسباب هذه الإستحالة المؤكدة من الله تعالى فقال: (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ ...)؟ فهذا مطمع بعيد المنال،،: (... وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ...), إنتبه هنا أيضاً للإستثناء الواضح، إذ إنه "لم يقل كلهم"، وإنما قال "فريقاً منهم فقط"،، ولكن ما الذي يفعله هذا الفريق المستثنى من بني إسرائيل؟؟؟، قال إنهم كانو: (... يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ - « ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ » مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ - وَهُمْ يَعْلَمُونَ 75). لاحظ أن القرآن يعطي كل ذي حق حقه ويفند بكل موضوعية ويبرر حكمه وفق المنطق والعدل.

وأنظر معي إلى ما جاء عن المنافقين في سورة المائدة، حيث يقول تعالى فيهم لرسوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ « لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر»ِ - مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ...)، وهؤلاء المنافقين، وقد قدمهم على غيرهم من أعداء الإسلام والمسلمين، فهم أشد خطراً وضرراً على المسلمين، وأيضاً: (...« وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا » ...)، إنتبه هنا أيضاً جيداً للتبعيض،، إذ لم يقل "كل الذين هادوا" وإنما قال "من الذين هادوا"،،، ما الذي يفعله هؤلاء المنافقين والمستثنين من الذين هادوا؟؟؟، قال عنهم إنهم: (... « سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ » « سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ » ...), إذاً مع إستماعهم للكذب وتصديقه يسمعوه لقوم آخرين لم يأتوك بعد، تحريضاً منهم لهم، وآليتهم في هذه الخسة المركبة أنهم: (... « يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ » ...), بإستخدام جدول أبجد هوز وحساب الجمل، الذي يزورون به الحقائق ويخدعون به الناس،،)... ومنهجهم في ذلك: (... يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰ-;-ذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا..), ولكن كل هذا لن يفيدهم شيئاً إلا إهلاك أنفسهم وما يشعرون، فقال لنبيه بعدم جدوى محاولاته لإنقاذهم من إهلاك أنفسهم، قال: (... وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا - أُولَٰ-;-ئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ - لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ - وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 41). لأنهم هم الذين إختاروا لأنفسهم هذا الطريق ولم يفرضه الله عليهم ولكن جاراهم في إختيارهم وصرفهم على الصراط المستقيم ليقضي أمراً كان مفعولاً.

فهل القرآن قال عن التحريف بما لم يقله أهل الكتاب أنفسهم عن التوراة والإنجيل؟؟؟ فإذا قالوا هم بالتحريف وأثبتوه وحددوه بالنص، علماً بأن تفصيلهم وتأكيدهم هذا قد جاء في القرآن بالتعميم فقط دون أن يفصل أو يذكر أحداً أو آيةً بعينها، فلماذا يُحَمِّلُوْن القرآن والإسلام وزر حقيقة ثابتة ومؤكدة لدهم هم أنفسهم،، والتي أثبتوها بطريقة تجعل التشكك عاماً وليس محصورا بإستثناء كما فعل القرآن الكريم. إذن يلزمنا هنا الإتيان بالأدلة والبراهين من الطرف الآخر بعرض بعض النصوص من كتابكم المقدس لتكتمل الصورة وإسقاط الشبهة المفتراة نهائياً.


( 36 - أما حمل الرب فلا تذكروه من بعد، فإن كلمة الإنسان تكون حمله، إذ قد حولتم كلام الإله الحي، رب القوات إلهنا.)،
وفي سفر أشعيا 28: (7- وهؤلاء أيضا ضلوا بالخمر وتاهوا بالمسكر: الكاهن والنبي ضلا بالمسكر وغرقا في الخمر. تاها من المسكر وضلا في الرؤيا وترنحا في آتخاذ القرار** 8- كل الموائد آمتلأت من القيء القذر فلم يبق مكان.). وفي أرميا6: (13- لأنهم من صغيرهم إلى كبيرهم يطمعون جميعا في المكاسب من النبي وحتى الكاهن يأتون الكذب جميعا ** 14- ويداوون كسر شعبي بآستخفاف قائلين: "سلام سلام" ولا سلام.).
وفي أرميا8: (8- كيف تقولون: (( نحن حكماء وشريعة الرب معنا؟ )) إنَّ قلم الكتبة الكاذب حولها إلى الكذب. ** 9- سيخزى الحكماء ويفزعون ويؤخذون. ها إنهم نبذوا كلمة الرب فأية حكمة لهم؟)،

وفي سفر ارميا23: (9- على الأنبياء: قد آنكسر قلبي في داخلى ورجفت كل عظامي وصرت كإنسان سكران وكرجل غلبته الخمر بسبب الرب وبسبب كلمات قدسه ** 10- لأن الأرض آمتلأت من الفساق وناحت بسبب اللعنة ويبست مراعي البرية وصارت مساعيهم شريرة وبسالتهم ظالمة ** 11- لأن النبي والكاهن كافران وفي بيتي وجدت شرهما، يقول الرب** 12- لذلك يكون طريقهما كمزلقة فيدفعان إلى الظلام ويسقطان فيه لأني أجلب عليهما شرا في سنة عقابهما، يقول الرب ** 13- فني أنبياء السامرة رأيت الغباوة: تنبأوا بالبعل وأضلوا شعبي إسرائيل ** 14- وفي أنبياء أورشليم رأيْتُ ما يُقْشَعَرُّ منه: الفُسْقَ والسُّلُوكَ في الكَذِبِ شَدَّدُوا أيْدِيِ فِعْلَةِ الشَّرِّ لئلا يُرْجِعُوا كُلَّ واحدٍ عن سُوْئِهِ فصاروا كُلّهُمْ كسدوم وصار سكانها كعمورة ** 15- لذلك هكذا تكلم رب القوات على الآنبياء: هاءنذا أُطْعِمُهُمْ مرارةً وأسقيهم ماءَ سُمٍّ لأنه من أنبياء أورشليم «خرج الكفر إلى كل الأرض» **16- هكذا قال رب القوات: لا تسمعوا لكلام الأنبياء الذين يتنبأون لكم ويخدعونكم. يتكلمون برؤيا قلوبهم لا بما يخرج من فم الرب.

وفي مزامير56 فاندايك: ( 5- الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.).
طبعاً ليس لنا تعليق على كل هذه النصوص التي بكاملها تدور إما حول التحريف المؤكد أو تصور البيئة المناسبة للتحريف،، فالمنطق والعقل أن نترك لكم أنتم تفسير ما جاء في كتبكم. فقط أريد أو أشير إلى كلمة "كفر" التي وردت كثيراً في النصوص السابقة وغيرها، بجانب كلمة "تحريف".

بينما من ناحية القرآن،، فهو يتعامل مع أهل الكتاب كُلٌّ حسب عمله وموقفه ومستوى إيمانه وتصرفاته الشخصية، ولكنه لا يعمم على الإطلاق ولا يضع كل البيض في سلة واحدة،، ولتأكيد ما ذهبنا إليه، تدبروا معنا الآيات التالية، حيث يقول تعالى "منصفاً" لبعض أهل الكتاب في سورة آل عمران محدداً مقاصده بمنتهى الدقة: (لَيْسُوا سَوَاءً ...), بل هناك من هم ملتزمون بنقاء الإيمان وصادقون في عبادتهم لله وورعهم، لذا قال في هؤلاء: (... مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ « أُمَّةٌ قَائِمَةٌ » « يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ » 113)، ليس ذلك الفضل والورع فحسب،، بل: (1« يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » 2« وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ » 3« وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر »ِ 4« وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ » - « وَأُولَٰ-;-ئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ » 114)، ما رأيكم في هذه الآية الكريمة التي تصف هذه الطائفة من أهل الكتاب، فترفعهم إلى أعلى درجات الصالحين؟؟؟ بل ويطمئنهم الله على حسن العاقبة لهم عنده فيقول: (« وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ » - « وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ » 115).
فإن كان المسلمون كما يدعي المدعون بأنهم ضد أهل الكتاب ولا يريدون لهم الخير،، فماذا يفعلون بهذه الآية وأمثالها التي تصورهم بهذه الدرجة؟ وإن كان بالإمكان العبث بكتاب الله تع الالى مع تربصهم بأهل الكتاب كما يدعون،، فلماذا يبقي المسلمون على مثل هذه الآية الكريمة وأمثالها التي هي في صالح أهل الكتاب مائة بالمائة؟؟؟

وأنظر معنا أيضاً في سورة المائدة، حيث قال: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا « الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا » - « وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ-;- » - ذَٰ-;-لِكَ بِأَنَّ « مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا » « وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ » 82)، بل ويحفظ لهم القرآن لحظة صفاء بينهم وبين أنفسهم لم يرهم فيها أحد من الخلق، ولكن الله تعالى وثقها لهم وإمتدحهم في قرآن يتلى عبر السنون والقرون إلى أن تقوم الساعة، قال فيها عن هؤلاء القساوسة والرهبان المؤمنين حقاً: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ ...)، من آيات القرآن الكريم،: (... « تَرَىٰ-;- أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ » ...), لأنه مصدق لما معهم من التوراة والإنجيل، فكل هذا قد "أنزل" و "نزل" من مشكاة واحدة، لذا: (... « يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ » 83). فأنا أستاءل محتاراً حقيقةً!!! (ما الذي يمنع أن تتكرر نماذج من القسيسين والرهبان اليوم، فترق قلوبهم لما هو مصدق لما بين أيديهم من كلام الله) بدلاً عن العوم بعكس التيار، والدخول في المناكفة والمكايدة التي يتزعمها زكريا بطرس وزمرته،، محاولة يائسة منهم للي عنق الحقيقة حتى كسرها؟؟؟
أليس هذا هو التوازن والعدل عينه؟؟؟ ليس هناك تعميم، وإنما تفصيل وتصنيف ووصف لا يترتب عليه حكم ولا إضطهاد ولا ملاحقة ولا عقوبة، ولا إستخفاف أو إستهجان أو سخرية،،، ولا إخفاء لمكرمة تستحق الثناء والإشادة والذكر، فالعرض في القرآن للتذكير فقط وللمعرفة وإعطاء الفرصة للمختارين بأن يصححوا إختيارهم أو يؤكدوه أو أن يبقوا على ما هم عليه ويتحملوا مسئولياتهم أمام ربهم يوم البعث، فقط المطلوب منهم الحد الأدنى،، وهو التصرف الحضاري وترك الخلق للخالق.

السؤال المهم هنا: هل هناك أي آية أو حديث أو سابقة جاء فيها أن الله تعالى أو نبيه الكريم أو الصحابة أو المسلمين فرضوا على أي كائن من كان من أهل الكتاب أو المشركين الإعتراف بالنبي محمد "قهراً"؟؟؟ إنني أتحدى بأن يأتيني أياً كان بما يؤكد هذه الفرية المضحكة. أمَّا إنْ إدعى أحد من الجهلاء والمدعين العلم بأن المطلوب من الناس الإعتراف برسول الله دون إختياره يكون قد دلس وشطح وإدعى باطلاً. فالنبي محمد معترف به ليس فقط من البشر والملائكة والجن، بل أيضاً من الظواهر الطبيعية التي لا يختلف حولها إثنان، وسنأتي إلى هذه الحقائق العلمية لاحقاً لإسكات كثير من الأصوات النشاذ، عندما نستدعي كل من الشمس والقمر للإدلاء بشادتيهما بدلالة "يس" على صدق رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين وإمامهم وبدلالة إسميه "أحمد" و "محمد".

ثالثاً: أما سؤالكم "لماذا يهاجم المسلم عقيدة المسيحي بمناسبة وفي غير مناسبة وبعد ذلك يقول له أنا أحبك أنا أتمنى لك الخير والهداية؟". نقول في هذا وبالله التوفيق،،، طبعاً ولا شك في أن ما ذكرناه في النقطة السابقة يكفي تماماً للإجابة على هذا التساؤل، ولكن هذا لا يمنع من أن نلقي الضوء على حقيقة هامة لا بد من أن يعرفها الناس كلهم حتى يعطوا كل ذي حق حقه. إنَّ قدر المسلم هو ميراث الحمل الثقيل الذي حَمَّلهُ الله تعالى لنبيه الكريم بقوله: (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً...). ومن هذا الحمل الثقيل هو (إقامة الحجة على البشر) بعد إعلامهم بمراد الله منهم (أوامر ونواهي)، وأقام الأدلة المادية المقنعة لمن أراد أن يقتنع،، بحيث لن تكون لأحد حجة إن لم يطعه فيما أمر. وبعد أن إكتمل المنهج الذي يريده الله للبشر والجن، والذي لن يكون بعده منهجاً ولن يقبل المناهج التي سبقته بعد ذلك، ثم تَوَفَّى الله نبيه الكريم بعد أدائه المهمة التي أرسل من أجلها وشهد الله له بكمال وإكمال الدين وإرتضاه للبشر، كان على المسلمين مواصلة ميراث النبي وهو حمل لواء الدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله "إلزاماً وتكليفاً، وليس تخييراً"، وحيث أن الله سبحانه وتعالى قد حَمَّلَهُ عبء التبليغ للناس كافةً،، ليس لإجبارهم أو لخداعهم أو لزيادة عدد المسلمين،،، كل هذا لا يعني عن المسلم شيئاً،، ولكن الأهم من ذلك كله هو "تبرئة الذمة أمام الله تعالى"، ثم "إقامة الحجة على كل من عرف الإسلام ولم يسلم"، وإلَّا بالمقابل ستقام الحجة على كل من قصر من المسلمين في تبليغ الناس "كل الناس" الدعوة إلى الإسلام بالتي هي أحسن،، "دون فرض أي وصاية على أي أحد من الناس" ولا سلطان لديهم لقهر أو إجبار أو السخرية من أو إستفذاذ أو تحقير أحد مهما بلغت درجة كفره وفسوقه. لأنه من حق كل إنسان على المسلمين كلهم أن يأخذ فرصته كاملة في التعرف على الدين الإسلامي كما هو،، "كأحد الخيارات المتاحة للفرد"، لذا يجب أن تكون معرفته به كاملةً، وخالية تماماً من الغبش والضبابية. ثم تنتهي مهمة المسلم الداعية عند هذا الحد ولا يزيد على ذلك بأكثر من النصيحة في إطار والنذارة والبشارة الودودة، وأن لا يستعجل أحداً أو يجبره، فهو ليس وكيلاً عن الله تعالى وليس له القدرة على الدفاع عنه وليس لديه القدرة على هداية نفسه فما بالك بهداية الآخرين؟؟؟ فأنظر إلى هذه الآيات بتدبر،، لعلك تجد ما يؤكد ما ذهبنا إليه أنفاً. قال تعالى في سورة النساء: (إِنَّا « أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ » « كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ-;- نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ » - « وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ-;- إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ-;- وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ » - وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا 163)، (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ - وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ-;- تَكْلِيمًا 164)، كلهم كانوا: (رُّسُلًا - «« مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ »» -- «« لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ »» -- وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 165).

دعني أقول لك حقيقة، ويمكنك أن تسأل عنها من تعرف من المسلمين،، وأحسبك تعرفها ولكن قد تجهل سرها. إن أهم شيء يحرص عليه المسلم والمؤمن، وآخر أمنية يتمناها في هذه الحياة هي (أن يوفقه الله تعالى - عند إحتضاره - أن يتلفظ الشهادتين، وأن تكونا آخر كلمات ينطقها لسانه قبل مفارقة روحه جسده) إلى بارئها، ومع ذلك لا يجوز لأحد من الذين حوله – على شدة حرصهم - أن يقول له ("قل" أو "أنطق الشهادتين") بصريقة مباشر،،، بل يكتفي الحضور بالتلفظ بهما بصوت مسموع للمحتضر، فإن وفقه الله تعالى لها وإستحقها، نطقها حسناً للخاتمة، وإلَّا،، يكون الله تعالى قد صرفه عنها فأنى لهذا أن تبلغ حنجرته وتلمس شفتيه؟؟؟. فإذا كان ذلك كذلك،، فكيف يعقل مثل هذا أن يجبر أحداً على الإسلام؟؟؟ إذن حين يحرص المسلم على دعوة الآخرين للإسلام فهذا له سببان، أولهما "تبرئة ذمته أمام الله تعالى"، وثانيهما "بدافع الحب والخشية عليه من عاقبة الشرك أو الكفر يوم القيامة"،،، وغير هذين السببين "ليس له مصلحة أخرى غير ذلك"، إلا إذا كان يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً، وهذا حقيقة ليس في عداد المسلمين المؤمنين ولكنه في عداد المنافقين منهم،، فهل رأيت داعية يتقاضى ممن يدعوه للإسلام أجراً أو رسماً أو شكراً؟؟؟ ولكن،، بالطبع هناك البعض من الدعاة أو المحسوبين عليهم، ليسوا مؤهلين لهذه المهمة الدقيقة الحرجة التي لها رجالها ونساءها،،، أو قد يكونوا ذوي علم ودرجات أكاديمية عالية،، ولكنهم لا يملكون ناصية الحكمة والقدرات الذاتية للدعوة أو مهارات الحوار مع الآخر ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة المخلصة، وجداله بالتي هي أحسن. ثم التعجل والملاحقة بعد الدعوة بطريقة تنفر عنه الناس. قال تعالى (لا خير في كثير من نجواهم إلَّا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس).

رابعاً: تتساءل بقولك (لماذا يكون المسلم سعيداً في سره عندما يتم تهديم كنيسة أو إضطهاد مسيحي في مصر أو سوريا، أو العراق ويصمت في العلن؟ هذا يا أخي إدعاء باطل لا يقبله عقل ولا منطق ولا واقع. "فلماذا يعادي من خَيَّرَهُ اللهُ فإختار لنفسه ما يراه مناسباً له ولتطلعاته؟؟؟" ولماذا يجرأ على هدم كنيسة أو معبد أو بيع أو صلوات؟؟؟ فإن وقع مثل هذا الفسوق والضلال والسفه من شخص إدَّعى الإسلام،، رد عليه الله تعالى ورسوله بالقرآن والسنة بقولهم له بل أنت عدو الله ورسوله، لأنك تهدم بيوتاً يذكر فيها اسم الله،، ليس هذا إدعاءاً منا ولكنه مؤصل وموثق بكتاب الله الأزلي المبين،، ويكفي أن تتابع معنا بعض الآيات البينات، مثلاً في سورة الحج قال تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم - «« بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ »» - « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ » - لَّهُدِّمَتْ: 1« صَوَامِعُ » 2« وَبِيَعٌ » 3« وَصَلَوَاتٌ » 4« وَمَسَاجِدُ » - يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا - وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ - إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ 40). ودفع الله الناس بعضهم ببعض غايته في الأساس هي حماية كل دور العبادة (من الصوامع ،،،،،، إلى المساجد)، لأنها، كما قال الله في هذه الآية "يذكر فيها اسم الله كثيراً"، فكيف يأذن الله بتهديم بيوت يذكر فيها اسمه كثيراً؟؟

وإنْ شخص بلغ به الحمق والخسران لفعل مثل هذه الجريمة النكراء، ولا أستبعد أن يوجد مثل هؤلاء الحمقى المجرمين،، فما ذنب الإسلام والقرآن والنبي الكريم، والمسلمين في هذا السلوك الفردي الذي يمقته الله ورسوله والمؤمنون ويستنكره كل عاقل. وليته يعرف كيف سيلقى الله تعالى يوم القيامة، وكيف سيبرر فعلته هذه أمامه؟؟؟ فبالله عليك بالمنطق والعقل الذي أنت من البداية دعوت إلى تحكيمه،،، هل الأفضل للمجتمع المعتدل "الشخص الملتزم بعبادته في الكنيسة" أم "المرتاد للنوادي الليلية ودور الفسوق والضلال" أو "الذي يعربد في الطرقات ويعاكس المارة ويتجنى عليهم"؟؟؟ إعلم أن المسلم مطلوب منه صيانة دور العبادة وحمايتها كلها، ليس تفضلاً منه ولكنه واجب عليه ملزم. فالذي تراه من مروجي ومحركي مشاحنات حول الدين إنما هم ألد الأعداء لأديانهم وأديان غيرهم من الفسقة المفسدين.

خامساً: في الحقيقة هذا السؤال قد أدهشني أن يصدر من شخص خبرنا عنه – من خلال طرحه – أنه أكبر من ذلك السؤال الساذج،، دعني أحول هذا السؤال لك أنت مرة أخرى لتجاوب عليه، فأقول لك: في إعتقادك: ( لماذا يريد المسلم أن يفرض على المسيحي قوانين الإسلام والجزية في وطنه الذي يعيش فيه منذ آلاف السنين)؟ حسنا،،، دعني أساعدك ببعض الأسئلة الجانبية ،
1. من ذلك المسيحي الذي فرضت عليه القوانين الإسلامية؟ هذا كلام يلوكه الجهلاء والمغرضين لشيطنة الإسلام والمسلمين،، وبالونات من الدعاية الكيدية التي يثبت بها السفهاء والمحبطين وجودهم المنكر من الله تعالى الذي قال عنهم "أموات غير أحياء".
2. هل أبداً نمى إلى علمك أن المسيحي في مصر أو في سوريا أو في العراق أو أي بلد إسلامه يدفع "الجزية"؟؟؟، وهل فقد المسيحيون صوابهم في مصر وهم يطالبون بعودة الشرعية ويقفون ضد اليساريين والليبراليين الذين من "الناحية النظرية" من منظور خطابهم الرسمي، هم حماتهم من الجزية المفتراة؟؟؟ يا أخي لا يتم دفع الجزية في مصر، حيث أن نصارى مصر يتم تجنيدهم للدفاع عن وطنهم بجانب المسلمين أخوانهم فى الوطن ويشاركون في كل الخدمات ويؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية ويقومون بإلتزاماتهم المالية كحق للمواطنة من ضرائب ورسوم خدما،،، شأنهم في ذلك شأن الآخرين من مسلمين وغيرهم، فلم تعد هناك إلتزامات مالية نحو الوظن يدفعها المسلم ضمن نظامه المالي الإسلامي الذي يفرض عليه الزكاة، حتى يتم التحصيل عبر الجزية. والجزية هي إلتزام مالي مفروض من قبل كل أنبياء الله ورسله، إن شئت راجع كتابكم المقدس ستخدها هناك مؤكدة وإن قارنتها مع الجزية في القرآن وجدتها الأخف والأكثر حصراً على حالات محددة للغاية وليست معممة على كل غير المسلمين بدون أي ضوابط كما يظن أو يدعي البعض، وقد فرضت في الأساس لحماية حقوق وإحتياجات فقراء المجتمع، الذي جعل الإسلام لهم حق في أموال الأغنياء ليعود على الفقراء الوساكين وأصحاب الضوائق المالية،، وبالتالي حين تكلم عن مصارف الزكاة لم يقل لفقراء المسلمين ومساكين المسلمين،، وإنما قال عنهم مطلقاً (إنما الصدقات للفقراء والمساكين ... الخ). فالجزية هي لدعم هذا الصندوق الإجتماعي، بجانب الخدمات العامة التي يستفيد منها كل أفراد المجتمع، وليست عائداً للمسلمين على حساب غيرهم. ولدقة الشرع لم يأخذها من غير المسلمين تحت مسمى "زكاة" لأنها جزء من الدين الإسلامي،، وحيث أن غير المسلم "لا يعترف بالدين الإسلامي" ولم يرتضيه لنفسه، إذن لا بد من إستعمال الآلية التي إعتاد عليها في دينه وهي الجزية.

سادساً: تتساءل بقولك (لماذا يعتبر المسلم الرجل المسيحي قليل النخوة لأنه يعامل زوجته بطريقة حضارية ويعتبر زوجته مشروع لعوب جاهزة لإستقبال أي رجل لأنها لا ترتدي حجاباً؟) نقول لك وبالله التوفيق،، أولاً المسلم لا شأن له بحجاب المرأة غير المسلمة المؤمنة "تحديداً" لا من قريب ولا من بعيد، ولا يؤاخذ المسلم الآخرين غيره إن "شربوا الخمر" أو "أكلوا لحم الخنزير"، رغم أن هذا محرم في الإسلام،، وإذا قتل مسلم خنزيراً لغير المسلم، عرَّض نفسه للعقوبة ثم تغريمه ثمن ما قتله، أما شرب الخمر إذا أدى إلى سكر أخل بالسلوك العام وتسبب في مشاكل للآخرين تدخل الإسلام شأنه في ذلك شأن أي سلطة محلية في كل مكان في العالم، فحاسبه على هذا الخلل ولكنه لن يحاسبه عليه من حيث الحل والحرمة رغم أن هذه الأشياء محرمة في أصل التوراة والإنجيل. أما المسلم المخمور سيطبق عليه حد شرب الخمر بجلده. مرةً أخرى،،، المسلم ليس وكيلاً عن الله تعالى، وليس مدافعاً عنه،، فهو عبد مأمور له إنْ أمره بفعل شيء فعل منه ما يستطيع دون إفراط أو تفريط،، وإن أمره بترك شيء تركه على الفور،، ولم يطلب الله منه أن يراقب حجاب غير المسلمة أو يخوض في عرضها. ولكن هذا لا يمنع من أن الديانة المسيحية بعهديها القديم والجديد يفرضان على المرأة "الحجاب" لدرجة أن المرأة التي لا تغطي رأسها "يحلق شعرها" عقاباً لها. فإن أردت أن تعرف من الذي يرتدي الحجاب بصورة أكثر إلزاماً وتشديداً، فما عليك إلَّا أن تذهب إلى موقع Google Image، ثم تكتب أحد الكلمات الثلاثة التالية فقط (veil, muffler,´-or-wimple)، ثم أنظر إلى صور النسوة اللتي يرتدين هذا الزي، هل هن مسلمات أم كتابيات من النصارى واليهود؟؟؟ هذا إذا كانت الصور كافية لقناعتك،، أما إذا أردت أن تعرف المزيد عنه فأنت تعرف كيف تبحث في الشبكة العنكبوتية عنها وستجد ما يغنيك عن السؤل.

سابعاً: ثم تقول أخيرا،، (ما هذه التفاهة و الانحطاط في التفكير؟) ... فهل وجدت من بين القليل الذي عرضناه عليك من كتاب الله شيئاً فيه أي "تفاهة أو إنحطاط"؟؟؟ ولكن بإستثناء كتاب الله وسنة رسوله الكريم،، فأنا أقول بما تقول من أن سفهاء الطرفين من المنافقين الكفرة، ومن المشركين عبدة البشر والأشياء والحيوانات،، والملحدين الذين أوهموا أنفسهم بعدم وجود الله خالق كل شيء مع شهادة كل الخلق بوجوده وقيوميته وهيمنته وسلطانه، فهؤلاء سلكوا طرقاً إختاروها لأنفسهم،، هم سائرون فيها إلى أن يبلغوا نهايتها وسيلقون عندها ما يستحقونه ولا يظلمون نقيراً.

الأمراض التي يعاني منها المغالين الضالين من المسيحين والمسلمين واليهود التي تقول عنها، والاختلاف في العقائد و الاشتراك في التفاهة و السفسطة والانحطاط الفكري و التعصب،،، هذا دليل أكيد على ظلمة وظلام الجهل الذي يدلل عليه عادة التعصب والتنطع والجدال في الله بغير علم. ولكي تضحك من قبلك ثم تبكي حتى يجف الدمع من مآقيك،،، دعني أذكرك بحقيقة أظهر من الشمس وأقرب من حبل الوريد، ألا وهي (أولاً: المسيحيون المتقاتلون الآن مع المسلمين الحاليين المعاصرين بهذه الشراسة علماً بأنهم لم يبتدعوا قصة "تحريف التوراة والإنجيل"، وإنما هو وحي نزل من عند الله ربهم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً،، فما ذنب هؤلاء سوى أنهم آمنوا بدين ربهم الذي ثبت عندهم بأنه الدين الحق،، فما المطلوب منهم، هل يتركون دينهم إكراماً لغيرهم؟؟؟،، وثانيا: المسلمون المتقاتلون مع أهل الكتاب الحاليين المعاصرين،، إنما إتبعوا الدين المسيحي المتوارث عندهم منذ أكثر من عشرين قرناً خلت،، وليسوا هم الذين إبتكروا قصة "صلب المسيح وتأليهه وتأليفه من لاهوت وناسوت"،،، وقد إنعقد إيمانهم بما بلغهم من أسلافهم،، فما المطلوب منهم؟ أمطلوب أن يتركوا دينهم "قهراً" وبدون قناعات ترجح القناعات التي لديهم؟؟؟). هؤلاء وأولئك "ما قدروا الله حق قدره"،، تحركهم أهواءهم وأمراضهم النفسية من مازوخية وسادية،،، كل هذه النعرات العصبية والحماقات الدامية يفعلونها "بغضب الله تعالى" ويدَّعون إنها حباً في الله ولكن هيهات.

أليس الأجدى التقارب بين المعتقدين عبر الحوار الجاد ليس لصالح الله تعالى،، فهو مستغنٍ وشديد المحال، بل لصالح أنفسهم إن كانوا حقاً ينشدون رضاء الله والقرب منه، فلن ولن ولن يقبلهم بأدنى ثمن في دم مسفوك إلا بالحق، والوحيد الأوحد صاحب هذا الحق هو الله ذاته.

الإرهاب الآن أصبح ثقافة البشر، بل هو الخيار الأول لهم،، وقد صور ذلك جلياً الأدب الذي كان في السابق يتبنى التغني بالجمال والقيم العالية من شجاعة وكرم ومروءة وبسالة وفداء، التغني بجمال الطبيعة وشقشقة العصافير وزقزقة الطيور، وهديل الحمائم وخرير المياه، ووشوشة النسائم، ورقة الزهرة وعبق ريحها، وحلو رحيقها، وصفاء النفوس والحب الحقيقي بين الأزواج والأرحام والأقارب والأصحاب والجيران ،، أما الآن نرى التعطش للدماء والدمار، والكيد والشجار، والظلم والإيثار والتدمير وإزدواجية المعايير، والتمتع بمشاهدة تدفق الدماء وتمزق الأشلاء في أفلام الرعب ومصاصي الدماء، ومشاهد الرعب لآثار سادية الإنسان وعشقه للعنف والمشاهد المرعبة للإنتهاكات والجاسوسية والتنصت على البشر والتدخل السافر في شئون البلاد والعباد الداخلية والخاصة بصلافة وكبر وتعالي، والتصفيات الجسدية وفظاعة الأسلحة الفتاكة والدمار الشامل والتفنن في التعذيب البدني والنفسي الذي يستحي منه الشيطان نفسه ويستجير ويتبرأ،،، الخ،

إن المعتدين الساديين والحاقدين الذين يرمون المسلمين والإسلام والقرآن والنبي الكريم بالإرهاب هل يعلمون تماماً أنهم لكاذبون ومعتدون، وإن لهم من وراء هذا الخط الإستراتيجي قهرهم وإضطهادهم وإزلالهم،، ولم يتركوا لهم سوى أحد خيارين إما الإنسلاخ عن دينهم وهويتهم وإعلان الخنوع والطاعة العمياء "صراحةً"، ثم الخوض مع الخائضين والتكذيب بيوم الدين والقبول بالعيش والرضى (بالعالم الثالث)، والإنصياع التام للعقوبات الإقتصادية لتوزيع ألم العذاب والهوان والجوع والإزلال لكل فرد أو جماعة ليذوق كل منهم طعم الحياة الذي سيفارقها تدريجياً إما من جوع أو عطش أو أمراض فتاكة معوية كانت أم إشعاعية أو كيميائية أو جرثومية،،، وإما أن يستعدوا لمجابهة (سدنة الديمقراطية، وحملة الفيتوا)، بإعتبارهم إرهابيون وخطرون على الكون، أولئك الطواغيط الذين يملكون كل عناصر ومصادر وموارد وترسانات الرعب والبطش والترهيب من كل ما يخطر على بال الشيطان من تقنية لإبادة الأحياء والحياة وعلى رأسهم العنصر البشري و "تحديداً" المسلمين في المقام الأول والثاني والثالث، ثم بعد ذلك أنفلونزا الخنازير المبتدعة، وبالقانون الدولي الذي أرسى قواعده الفيتويين وأمهروه بالبند السابع الذي وضع في يد مجلس الأمن الدولي ذو المكيالين ذلك البند السابع الذي لم ولن يأتي اليوم الذي يلوح به في وجه أي منهم ولو على إستحياء. يا عزيزي، "كن منصفاً"، أنت تعرف تماماً أن المسلمين ليسوا بإرهابيين حتى في حدهم الأدنى،،، فالثورات تقوم في مناهضة الظلم والظالمين فكيف تتوقع من إنسان يحترم نفسه أن يقبع في ركن الظلم والإضطهاد المتنامي دون أن يصرخ ليسمع صوته بأنه كيان موجود وله حقوقه كإنسان قصد ظلماً ووفق إستراتيجية ظالمة أن يظل ضعيفاً فقيراً جاهلاً ومنكسراً حتى يسهل حصره والسيطرة عليه ثم حصده والخلاص منه عند الضرورة. فحتى الذين حملوا السلاح، لم يحملوه عدواناً وطمعاً في إحتال الدول أو للوصول إلى السلطة وكراسي الحكم، أو الإستئثار بالموارد والثروات، وإنما هو تعبير منهم على رفض الإزلال والظلم والقهر، في ظل إزدواجية المعايير، ومطالبتهم بتفعيل حقوق الإنسان التي يستوي عندها الإنسان حتى لا يكون هناك عالم أول وعالم ثاني وعالم ثالث. وسادة يملكون حق النقد ومسودين ديكوريين لا يملكون سوى التزيين والتبرير.

هناك خطأ جسيم يقع فيه الناس، وهو العد الإحصائي لعدد الرؤوس،، قد يكون عدد المسلمين مليار ونصف أو مليارين،، ولكن السؤال المهم هو كم نسبة "المؤمنين" من هذا العدد المهول، "غثاء السيل"، إن السواد الأعظم من هذا العدد في الحقيقة ليس له أي علاقة بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد،،، بل يمثل "شوكة في خاصرة الإسلام والمسلمين، لذا نقول صادقين، ليت يبلغ عدد المسلمين الحقيقيين نصف أو حتى ربع مليار مؤمن فقط، لعرف الناس،، كل الناس الإسلام على حقيقته. من السهل جداً على أي إنسان أن يدخل الإسلام،، بأن "ينطق الشهادتين"، ثم بعد ذلك يظهر الإسلام بإقامة الصلاة، ومن السهل عليه أن يماري فيها إن شاء، والزكاة، بشبهة الفقر أو عدم بلوغ النصاب، والصوم بحجة المرض، وكذلك الحج الذي يتوقف على الإستطاعة التي من بين شروطها إستطاعة التمويل. وهذا لن يستطيع أحد أن يدعي أنه غير مسلم، ولكن هل هو مؤمن؟ وهل مسلم بهذه المواصفات يكون مشرفاً ونافعاً وعزوة للإسلام؟؟؟ إذاً،، الإسلام أبوابه مشرعة "بدون شروط مسبقة"، ومن دخل فيه مسلماً تترتب على هذا الإسلام المعلن حقوق وواجبات. ولكن هل كل من أسلم هو مقبول عند الله "مؤمناً"؟؟؟ فإن كان هذا الذي تجرأ على خداع نفسه بإظهار الإسلام وإبطان الكفر، هل يمكن أن تكون غايته نصرة الإسلام أم الإساءة غليه وضربه من الداخل؟؟؟. أنظر مثلاً إلى قول الله تعالى في المنافقين في سورة النساء: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ « فِئَتَيْنِ » - وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا - « أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ » - وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا 88)، مع ان هؤلاء مسلمين ولكنهم نافقوا بعد إيمانهم فأصبحوا كافرين، فأبعدهم الله تعالى من زمرة المؤنين، وفضح نفاقهم الذي كانوا يخفونه بخبثهم،، فقال فيهم: (« وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً » ...), إذاً، هناك مسلمون في ظاهرهم، ولكنهم مندسون ليضربوا الإسلام من الداخل، وهم من أشرس المحاربين ضده وأخسهم، لأنهم يثيرون الفتن والتشكك والخلافات بين المؤمنين، "والفتنة أكبر من القتل"، والمؤمنون لا يعلمون الغيب حتى يتصدوا للمؤامرات والمكايد ولكن الله تعالى معهم، ويكشف لهم زيف أعدائهم ليتصرفوا معهم وفق معايير الشرع،، لذا قال لهم: (... « فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ » ...), ليس بصفة دائمة، ولكن إلى أن يغيروا من سلوكهم بتركهم هذا العدوان الخفي،، لذا قال: (...« حَتَّىٰ-;- يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ...), ولكن إن أصروا على عدوانهم وأصبحوا خطراً داهماً بينكم، هذا أُذِنَ لكم أن تتخذوا منهم موقفاً واضحاً لإيقاف هذا الخطر بالوسائل المشروعة وبالترتيب الذي وضعه الله تعالى،، فقال: (... فَإِن تَوَلَّوْا ...), برفضهم التحذير، وإصرارهم على إيذائكم وإشاعة الفتنة والفرقة والتشكيك بينكم، حينئذ لا بد من حسم أمرهم، فقال في ذلك: (... فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ - وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا 89). ولك أن تراجع سورة التوبة من الآية 38 إلى الآية 68،، التي وصَّفَتْ أنواع المنافقين توصيفاً دقيقاً وبينت طريقة التعامل مع كل نوع منهم على حدة، ثم جمعتهم كلهم على "الكفر"، وتوعدهم الله بما يستحقونه يوم يلقونه. كما أن هناك سورة كاملة بإسمهم "سورة المنافقون" التي بدأت من قوله تعالى لنبيه الكريم (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ « قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ » ...), فهل القول يكفي ويغني عن الإيمان؟ وهل المراوغة والخبث يخفيان على الله؟ وهل الرسول في حاجة إلى شهادتكم الزائفة ليكون رسولاً من عند الله؟؟؟ لذا قال له: (... « وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ » «وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ » 1)، فما دور هؤلاء المنافقين، ولماذا قالوا ما قالون وهم يبطنوع نقيضه؟؟ قل تعالى موضحاً ذلك، بأنهم: (« اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً » ...), يتخفون وراءها ليحققوا أغراضهم وأجندتهم العدوانية التي جاءوا من أجلها...)، فاندسوا بين المؤمنين خلق هذه الجنة النفاقية: (... فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ...), بالتشكيك والتحريض والفتن المتلاحقة...), لذا قال فيهم (... إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 2).

فإذا كان هؤلاء محسوبين على الإسلام والمسلمين حتى في حضرة النبي نفسه وفي وقت نزول الوحي بالقرآن،، فلماذا يستنكر الناس وجودهم الآن وقد وصفهم الصادق الأمين "بزبد السيل" الذي يذهب جفاءاً. إذاً من خرج عن دائرة الإنسانية وتعدى على حقوق الأبرياء مادياً ومعنوياً فهذا معتدٍ أثيم لن يقبل به الله ولا رسوله ولا المؤمنين. ولكن يجب التفريق ما بين الذي يثور لكرامته ودينه وعرضه ضد "المعتدين عليه" فهذا يكون مؤاخذاً من الله تعالى إن لم يعمل على تغيير ذلك المنكر في إطار المواصفات والتوجيهات والأوامر والضوابط التي حددها الشرع،، وهي مفصلة تفصيلاً دقيقاً فهذا يتربص بإحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة،، فإن تخازل عن القيام بهذا الدور كان من المنافقين الكافرين. هذه الأمور ليس فيها فصال ولا مساومة، وهذا منهج الؤمن ودستوره الذي تضمنته سورة المائدة "تحديداً" والتي لم يرد فيها ذكر كلمة "مسلمين" بل كان المخامطب هم "المؤمنون" فقط. فمن أراد أن يعرف الدستور الإسلامي كاملاً فليذهب إلى هذه السورة الكريمة.
فأنت محق فيما ذهبت إليه،، هناك الكثيرون من المحسوبين على الإسلام "عدداً" ولكنهم من ألد أعداء الإسلام،، فمن أطل منهم بوجهه القيبح ظهر تقيح وجدانه المظلم، أمثال رشيد المغربي الذي قد عاقبه الله في الدنيا بأن سلطه على نفسه ليوبقها، ونحن نتربص به مصير شارون الذي أماته الله في ثمانية أعوام طوال قبل أن تزهق روحه بما فعل بالأبرياء والأطفال الذين وأدهم تحت التراب وأعاقهم ببتر جميع أطرافهم وذهب بأعينهم وكسر وجدانهم. هذا يذكرنا بإنتقامه تعالى من الجبابرة المتكبرين الظالمين الذين ماتوا تحت صفعات نعال البسطاء المغلوبين على أمرهم. فإذا قام أحد هؤلاء بأي عمل يمقته الله ورسوله والمؤمنون، وإدانته موثقة في كتاب الله قبل أربعة عشر قرناً،،، فلماذا يتخطى الناس كل هذه الحقائق ثم ينسبوا هذه الأعمال الشائنة إلى المسلمين الذين يواجهونه صنوف الإرهاب المادي والفكري من الآخرين، مع أن العالم في حاجة ماسة لهم؟؟؟ ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

يا عزيزي إن محاربة الله ورسوله هذه ليست فقط في القرآن، وقال بها المسلمون،، بل هي ما قبل التوراة نفسها، منذ أن قتل أحد أبني آدم "هابيل" أخاه "قابيل" ظلماً وعدواناً وحسداً،، قال تعالى في ذلك (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ 30)، وبالتالي كان حكم الله تعالى في القتل حرابةً قد شرعه في كل كتبه التي أنزلها على رسله حكماً على كل البشر بدءاً من بني إسرائيل،، فقال في ذلك: (مِنْ أَجْلِ ذَٰ-;-لِكَ « كَتَبْنَا عَلَىٰ-;- بَنِي إِسْرَائِيلَ » - أَنَّهُ « مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ « فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا » « وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا » - وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ - « ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰ-;-لِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ » 32)، وبعد هذا البيان والتبيان، أصدر الحكم على ذلك القاتل بقوله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...) وهو إله المسلمين وأهل الكتاب على السواء، أما رسوله "فموسى في قومه"، "وعيسى في قومه"، و "محمد الخاتم في البشر كلهم"،،، وقد حدد نوع الحرابة ضد الله ورسوله تحديداً كاملاً ومفصلاً، قال فيه: (...« وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا » ...), سواءاً أكانوا يهوداً أو نصارى أو مسلمين، فالحكم واحد، وهو تحديداً: (... أَن 1« يُقَتَّلُوا » 2« أَوْ يُصَلَّبُوا » 3« أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ » 4« أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ » - ذَٰ-;-لِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا - وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ 33).

دعني أسألك سؤالاً مباشراً "كمسيحي" ملتزم،، (هل ترى أنَّ قتل النفس البريئة بدون حق محاربة لله تعالى أم لا؟)، أيضاً (إن كان القتل العمد بغير نفس إعلان حرب على الله تعالى، فهل هذه الحرب تعتبر محاربة لرسله أم لا؟؟). وعلى ضوء جوابك على هذا السؤال،، سيكون جوابك على السؤال التالي: هل تستطيع إثبات أنه لا يوجد مسيحي واحد قتل نفساً بريئة بغير حق؟ فإن قلت بالإيجاب لن يصدقك أحد ولا أنت ستصدق نفسك،، أما إذا قلت بالنفي تأكيداً وإعترافاً بوجود مسيحيين ومسلمين وغيرهم يقتلون النفس التي حرم الله بغير حق. وبالتالي فإن المسيحي المحسوب على المسيحية واليهودي المحسوب على اليهودية والمسلم المحسوب على الإسلام كلهم عند قتلهم للبريء بغير نفس أو بغير حق إنما هم يحاربون الله ورسوله لا شك في ذلك،، وهذا يجتمع عليه المسلم والكتابي على حد سواء، وقد سبق أن عرضنا عليكم قول الله تعالى في القرآن الكريم،، الآن "لتكتمل الصورة" فلننظر معاً إلى ما جاء بكتابكم المقدس،،، فيما يلي:

جاء في تكوين9: (6- من سفك دم الإنسان سفك دمه عن يد الإنسان لأنه على صورة الله صنع الإنسان.), وفي متي26: (51- وإذا واحد من الذين مع يسوع قد مد يده إلى سيفه، فاستله وضرب خادم عظيم الكهنة، فقطع أذنه. ** 52- فقال له يسوع: "إغمد سيفك، فكل من يأخذ بالسيف بالسيف يهلك".). في الشريعه الموسويه حصن الله الحياه البشريه بالوصيه السادسه من الوصايا العشر، جاء في خروج20: (13- لا تقتل. ** 14- لا تزن. ** 15- لا تسرق.). كما جاء في عدد 35: (16- إن كان قد ضربه بأداة من حديد فمات، فهو قاتل، والقاتل يموت موتا. ** 17- وإن ضربه بحجر يد مما يقتل به فمات، فهو قاتل: والقاتل يموت موتا. ** 18- وإن ضربه بأداة يد من خشب مما يقتل به فمات، فهو قاتل: والقاتل يموت موتا. ** 19- المنتقم للدم هو يميت القاتل، يميته حين يصادفه. ** 20- وإن دفعه عن بغض أو ألقى عليه شيئا عمدا فات، ** 21- أو ضربه بيده عن عداوة فمات، فإن الضارب يموت موتا لأنه قاتل، والمنتقم للدم هو يميت القاتل حين يصادفه. وهذا معناه أن شريعة الكتابي منها هدر دم القاتل، وإعطاء ولي الدم الحق في أن يقتل القاتل حيث وجده.

فيا عزيزي،، ليست المسألة جلوس مع الله على طاولة العشاء، وإحتساء كأس،،، هذا القول لا يليق أن يخرج من فم مؤمن بالله تعالى وقدره ومقامه،،، فالله تعالى لا يجالس خلقه ولا يحتسى ألكئوس ولا غيرها،، فهذا إستخفاف مستهجن من العامة فما بالك بالمؤمن الذي يتحلى في العادة بالوقار أمام ومع رسل الله وأنبيائه فما بالك بالله تعالى. الله تعالى قد أنزل تشريعه على البشر عبر رسله "وحياً يوحى" وهم خير البشر وقد إصطفاهم بعلمه، وإئتمنهم على شرعه، فكانوا كما أراد منهم. ثم "نزل" شرعه الخاتم بعد الفرص العديدة التي أعطاها لآدم وولده، والتجارب الكثيرة التي بلغها عبر القرون،، وضَمِنَ بأن ما "أنزله" و "نزله" كافياً لإقامة الحجة على كل إنسان أو جن، فقال موضحاً ذلك بجلاء في سورة النساء: (« إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ » - « كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ-;- نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ » - « وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ-;- إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ-;- وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ » - « وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا » 163)، (« وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ » « وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ » - وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ-;- تَكْلِيمًا 164)، (رُّسُلًا -- «« مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ »» -- لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ - وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا). فوصفك لشرع الله تعالى بالغباء فأنت لا تقدح فقط في الإسلام، بل أيضاً تقدح في التوراة والإنجيل،، إلَّا إذا كنت تعتبر ما جاء فيهما ليس صحيحاً.

أنت في خلاصة قولك الآتي:
1. ليس منا بأفضل من الآخر،
2. و كلنا نسلك بنفس الطريقة مع بعضنا سواء ً كان النص موجودا ً أو غائبا ً فالنص هو تعبير مكتوب عن مكنون نفس، و مكنون النفس لا يعبر عن نفسه فقط في التعبير المكتوب لكن بالكلام و الفعل، و عندها يصبح الكلام و الفعل و التفكير لهم نفس أهمية النص عندما نتساوى في الفعل،
أولاً: لا أتفق معك في إنكار التفضيل بين البشر،، لأن هذا يعني إلغاء روح التنافس وقتل روح مراجعة النفس وإصلاحها والطموح للأحسن والأفضل، والقضاء على جدوى النصح والتناصح،،، الخ فالتفاضل هو في الواقع قيمة إنسانية عالية ومطلوبة وينبغي تشجيعها، ولكن في مفهومها الإيجابي الصحيح،، ولكن غالباً ما يفسدها التعاليى والتكبر وبخس الناس أشياءهم وقيمهم ومكاناتهم،، ولكن من قال أن كل المسلمين أخيار؟؟؟ وقد سبق أن فندنا المنافقين منهم، وبينا أنهم عند الله تعالى (في الدرك الأسفل من النار). وبالمقابل،، من قال أن كل أهل الكتاب أشرار؟؟ وقد سبق أن أشهدنا القرآن الكريم على ذلك الإدعاء فشهد فيهم بالحق. إذن موضوع الفتضيل الكل يسعى إليه ويرى نفسه في صفوفه الأولى،، ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً وليس بالتمني. مائدة الله تعالى مبسوطة وفي متناول الجميع، والكل يعرف أين هو الحق وأين هو الباطل، ويتفق على ضرورة نبذ هوى النفس وولاية الشيطان. فعلى الجميع أن يعمل للتميز ولكن ليس أمام الآخرين الذين لا يملكون له ولا لأنفسهم حق التفضيل. فالذي يفاضل بين الناس هو الله الواحد الأحد "دون سواه". فمن سعى للحق والحقيقة وإلتزم معيار الله تعالى وأخذ من مائدته ما يراه منجياً له، أما من أراد أن يخادع الله والناس فلن يخدع إلَّا نفسه وسيدفع الثمن إن عاجلاً أم آخلا أم الإثنان معاً.
فدين الله تعالى ليس فقط محبة، ولكن أيضاً سيف،، ولكن هذا السيف سياجاً منيعاً يحفظ نضارة المحبة وبهاءها من المدنسين لها. أما بالنسبة للسيف فليس لهذه الكلمة ذكر أصلاً في القرآن الكريم، أما السيف كرمز لقوة الحق والعدل فينبغي أن يظل مشهراً لمنح السيف من قطع الرقاب وبقر البطون وإزهاق الأرواح.

أما النصيحة الحقيقية التي يجب أن يلتزمها الناس كلهم هو (عدم الخوض في مقدسات الآخرين حتى إن كانت تلك المقدسات حجراً أو بقرةً أو خنزيرا)، والوقوف عند حد النصوص المنزلة من الله تعالى التي لا سبيل إلى تغييرها أو إلغائها أو إنتقادها). وليعلم الأخوة المسيحيون واليهود،، أن المسلم الحقيقي، لو أنه خير ما بين القتل سحلاً وصلباً وحرقاً أهون عليه وأحب من أن يُذْكَرَ دينه ونبيه بسوء)، فلا ينبغي أن تَصُبُّوْا النار في الزيت،،، وسب الله تعالى في كتابكم المقدس "تجديف" وحده الرجم بالحجارة. أما من جانب الإسلام،، فإن وجدتم أي مسلم يسب أحد الأنبياء أو يذكرهم بدون إحترام وتبجيل،، فهذا ينطبق عليه حد الحرابة في كل الكتب السماوية كما أسلفنا وفصلنا ، إن كان سليم العقل ومسئولاً "شرعاً" عن قوله وفعله،،.
فلندع كلنا تقييم الدين للخالق الذي نعبده جميعاً ونتقرب إليه،،، فمن قبل الله عمله مثل "قابيل"، فقد فاز،، ومن لم يتقبل الله تعالى عمله مثل "هابيل"، فلا يلومن إلَّا نفسه التي أوبقها. وليتذكر الجميع قوله تعالى (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقط فاز).

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراة أحمد



#بشاراة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براءة سورة التوبة من تهمة السيف – الجزء الأول:


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراة أحمد - تعالوا إلى كلمة سواء بيننا: