|
الطائفية قتلت جورج حاوي
خليل حداد
الحوار المتمدن-العدد: 1240 - 2005 / 6 / 26 - 10:25
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
وصل العبث في المشهد اللبناني، صباح الثلاثاء، حدًا لم يعد معه مجال للشك بأن ما يجري هناك، يتعدى كونه "انفلاتا أمنيا" يهدف إلى "وضع حد للتحرك الشعبي باتجاه الدمقراطية والاصلاح" حسب أقوال "دعاة الاصلاح" من صولانج الجميل وحتى سمير جعجع، ليصبح في الحقيقة محاولة تقوم بها القوى المعادية لمصالح الشعب اللبناني الحقيقية، من طرفي المتراس في الساحة اللبنانية، أمثال أجهزة الأمن والسلطة الفاسدتين ورموز النظام الطائفي، والقوى المعارضة "المنتصرة" في الانتخابات، ومرتكبي جرائم الحرب الأهلية، بالاضافة إلى القوى الخارجية العابثة في المصلحة اللبنانية، لا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل، وإلى آخره من هؤلاء الذين لا يريدون للبنان التعافي من آثار حرب دمرته وحولته إلى شبه دولة، يحكمها الجميع، ولا يحكمها أحد، حيث يهدف كل هؤلاء لإعادة لبنان إلى وضع تسيل فيه دماء أبنائه يوميا، بفعل حرب تأكل الأخضر واليابس، في بلاد عاشت هذه الحالة لسنين طوال! اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني، وأحد رموز الحركة الوطنية اللبنانية، جورج حاوي، ليس فصلا جديدا في المأساة اللبنانية فحسب، وإنما مرحلة جديدة من التصعيد الهادف إلى كسر الهدوء المصطنع في لبنان، وكما قال الرفيق المبدع زياد الرحباني، في حلقة من "حوار العمر" مع الصحافية جيزيل خوري، (وهي أرملة الصحافي سمير قصير، الذي سبق حاوي الى الشهادة)، ما معناه أن الحرب الأهلية في لبنان ستندلع من جديد لا محالة، لأن مسبباتها لا تزال قائمة. وبما أن الحزب الشيوعي اللبناني هو مَن وَضَع برنامج الحل الفعلي للأزمة اللبنانية، وهو الذي عمل طوال سنوات على انتهاج هذا الحل، على الرغم من أزمة الحزب في السنوات الأخيرة، فمعنى ذلك أن المستفيدين من استمرار الوضع المأزوم في لبنان، على صعيد السياسة الداخلية، وأولئك الذين يريدون بقاء النظام الطوائفي في لبنان سيدًا للخريطة السياسية، هم هم من يقفون وراء اغتيال أحد رموز الاصلاح الحقيقي الشامل في لبنان، جورج حاوي. لن يتوانى البعض عن الادعاء بأن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، والذي كان رمزا "للاصلاح"، قد اغتيل، وأن كافة الدلائل تشير إلى أن من اغتاله ليس سوى سوريا وأجهزة الأمن اللبنانية الموالية لها، وأن هذا لدليل كاف على أن سوريا هي المسؤول الأول والأخير عن سياسة الاغتيالات في لبنان. باعتقادي أن اليد السورية ليست وراء الاغتيالات الأخيرة في لبنان، على الرغم من أن الضحايا هم من المعارضين لسوريا، وذلك لسببين: أولا، ليس معيبا قول بعض الكلمات عن رموز المعارضة للوجود السوري في لبنان، أمثال مكملي درب الحريري. فقد امتلأت صفحات الصحف في كل أنحاء العالم بأوصاف دربه الاصلاحية، وبأوصاف شخصيته "الفذة" التي بنت لبنان بعد دماره في الحرب الأهلية بينما تغاضت هذه الصحف عن الفساد الذي ضرب جذورا عميقة في النظام الاقتصادي اللبناني في فترة حكمه، وعن ملكيته الشخصية للاقتصاد اللبناني بشكل فعلي، وعن صفقات بيع المقدرات اللبنانية لشركات أجنبية. وليس معيبا القول بأن رموز المعارضة "المسيحية"، هم من درجنا على تسميتها في زمن أفضل "اليمين اللبناني"، من أمثال أمين الجميل (مجرم الحرب) وسمير جعجع (سفاح الأطفال) والبطريرك نصر الله صفير (صديق المسؤولين الأمريكان)، و"المهجر العائد الى الوطن" الجنرال ميشيل عون (الذي يتحدث عن الاحتلال السوري للبنان، وهو من كان أحد حلفاء اسرائيل ابان احتلالها للبنان). وليس معيبا القول بأن "الزعيم الدرزي" وليد جنبلاط، نسي تراث أبيه كمال جنبلاط الخالد، واكتفى بأن يكون زعيم طائفة، ومختارا شبيها باقطاعيي أوروبا في القرون الوسطى. ليس معيبا القول إن كل هؤلاء يستفيدون من بقاء النظام الطوائفي "ملك الساحة اللبنانية على بياض"، ومستعدون أن يقتلوا وأن يعيدوا اللون الأحمر الى ساحات وشوارع وبيوت لبنان، في سبيل الحفاظ على موقعهم في السياسة اللبنانية. والثاني، أن مصالح سابقي الذكر التقت مع المصالح الأمريكية الاسرائيلية في المنطقة، في بناء مجتمعات عربية مفتتة منقسمة، لا تعرف من الدمقراطية سوى الانتخابات الطائفية أو الحمائلية أو.. أو.. نعم... من قتل جورج حاوي هم ذاتهم من يريدون للبنان أن يبقى في عصر تكون فيه الكلمة الأخيرة للمدفع الرشاش، وللحواجز الطائفية. عصر ليس ببعيد عن وعينا. عصر لم ينته الى الآن في لبنان! بكل الأحوال، اغتيال جورج حاوي، لن يدفن معه التراث الوطني والأممي الأصيل للحزب الشيوعي اللبناني وحلفائه، مثلما لم يدفن هذا التراث عندما اغتيل مهدي عامل وحسين مروة، وستبقى الأيدي التي صنعت المقاومة في لبنان، والتي وضعت برنامج الحل الأمثل للنظام المأزوم في لبنان، تلاطم مخرز الطائفية السياسية، فالضربة التي لا تقتلك، تزيدك قوة
#خليل_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلام في خدمة رأس المال:برامج تلفزيون الواقع أبعد ما تكون
...
-
الولايات المتحدة تواجه أصعب وضع منذ تحولها الى قوة عالمية
-
تقرير عن مذبحة صبرا وشاتيلا
-
حوار بين العود الشرقي والفلوت الغربي في امسية بريطانية
-
مظاهرة أول أايار أمس، خمسة عشر الف حنجرة تهتف -عالناصرة رفرف
...
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|