|
المندائيون ويوم الشهيد الشيوعي
فائز الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 4360 - 2014 / 2 / 9 - 22:12
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
لمذا تمجد الشعوب شهداءها؟ سؤال قد يسأله البعض، أهو تمجيدا" للموت ؟ أم هو حبا" للتضحية بالنفس؟ وهل كان الشهداء الشيوعيين زاهدين بحياتهم بمعزل عن الأهداف التي ناضلوا من أجلها؟ بالتأكيد كلا !! فلم يكن الشهداء على مدى التأريخ عشاقا" للموت، بل كانوا عشاق الحياة، حياة الكرامة والدفاع عن القيم الأنسانية والمبادئ التي آمنوا بها وضحوا بحياتهم من أجل تحقيقها. فمنذ بداية التأريخ كان الشهداء ولا يزالون يلهمون رفاقهم العزم على الكفاح حتى تحقيق ما ضحوا بحياتهم من أجله، وهكذا تظل ذكرى الشهداء ساطعة تنير درب المناضلين وتعطيهم المثل والقوة في الصمود دفاعا" عن القضايا النبيلة التي آمنوا بها.
في الرابع عشر من شباط من كل عام يحتفل الشيوعيون العراقيون بيوم الشهيد الشيوعي، هذا اليوم الذي أصبح تقليدا" يلتقي فيه الشيوعيين وأصدقائهم لأحياء ذكرى شهداء حزبهم الذين سقطوا في ساحات النضال المختلفة، دفاعا" عن قضايا شعبهم ووطنهم في مواجهة الدكتاتوريات المتعاقبة. فالإحتفال بهذا اليو م ليس إحتفالا" عاديا" بل أحتفالا" تحتشد فيه كل المعاني والرموز العميقة، أنه يوم ذكرى البطولة والصمود والأستشهاد من أجل القيم والمبادئ الفكرية السامية، ذكرى قادة الحزب الشيوعي العراقي الذين قدموا أنفسهم قرابين للمبادئ التي آمنوا بها من أجل حرية الشعب والوطن والغد الأفضل.
ففي الرابع عشر من شباط / فبراير 1949 وفي العهد الملكي تعهد الطاغية نوري السعيد بالقضاء على الحزب الشيوعي العراقي وجماهيريته وذلك بأعدام قادته الأبطال، حيث صعدت الى المشانق أول كوكبة خالدة من الشهداء هم قادة الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف ( فهد )، زكي بسيم ( حازم )، وحسين محمد الشبيبي ( صارم ) وهم يهتفون بحياة وطنهم وحزبهم وشعبهم. ففي هذا اليوم وفي ذكرى أستشهادهم دأب الشيوعيون أينما وجدوا على تمجيد هؤلاء القادة وهم يقفون إجلالا" لأرواحهم الطاهرة . وفي لحظات الخشوع يتطلع الشيوعيون وكل الوطنيين بإكبار إلى الأرادة الصلبة التي حملها هؤلاء الأبطال والتي واجهت المشانق برجولة وشرف متحدية الطغاة والجلادين. وفي الخمسينات كانت دماء ومآثر الشهداء الشيوعيين والوطنيين تتواصل، في إنتفاضة تشرين الثاني 1952 ومجزرة سجن الكوت عام 1953 والتي سقط فيها العديد من الشهداء بينهم الشهيد عبد الجبار عسلاوي الزهيري وهو أول شهيد مندائي يسقط في معارك النضال في 3 / تموز / 1953، تبعها إنتفاضة خريف عام 1956، هذه الدماء التي تعتبر مشاعل على طريق النضال الذي توج بثورة 14 تموز 1958. وكانت مأساة الأنقلاب الفاشي في الثامن من شباط الأسود / 1963 محطة من أكثر المحطات سطوعا" في تأريخ الحزب، ففي هذا اليوم تعهد قادة حزب البعث الفاشي بأنقلابهم الدموي الأسود بتحقيق نفس الأمنيات بعد تسلمهم السلطة. حيث إمتزجت دماء العرب والأكراد والكلدوآشوريين والمندائيين والتركمان والأيزيدين في جنوب الوطن وفي جبال كردستان العراق، حين أصدر الحاكم العسكري رشيد مصلح بيان رقم 13 الذي يدعوا ويخول رؤساء الوحدات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي إبادة الشيوعيين.
ثم تبعه قانون رقم 35 لسنة 1963 الخاص بتشكيل فرق الحرس القومي الذي بدأ منذ الساعات الأولى لتشكيله بألقاء القبض على الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين من كافة القوميات والأديان، عسكريين ومدنيين، من قادة الحزب وكوادره وأصدقاءه. وتحول العراق على يد هؤلاء القتلة في تلك الأيام الى سجن رهيب بأستعمالهم كافة أدوات التعذيب البشعة في سراديب قصر النهاية وملعب الأدارة المحلية والنادي الأولمبي ومحكمة الشعب وغيرها بحق الشخصيات الشيوعية والوطنية، وأمتلئت تلك السراديب ببرك الدماء والجثث المقطعة للضحايا، وجرى إغتصاب الفتيات والنساء وبنات وزوجات المعتقلين أمام أعين ذويهم. في حين كانت تواصل بقية قطعان البعث تنفيذ عمليات الأعدام في النادي الأولمبي في الأعظمية ببغداد ومعتقل رقم واحد في معسكر الرشيد وغيرها. وقضى عدد كبير منهم وهم يسطرون ملاحم بطولية خالدة ومن هؤلاء الشهداء ..... سلام عادل، جمال الحيدري، محمد صالح العبلي، جورج تلو، محمد حسين أبو العيس، طالب عبد الجبار، وعبد الرحيم شريف، عبد الجبار وهبي، نافع يونس، وحسن عوينة، عزيز الشيخ ، ومهدي حميد، وحمزة سلمان، شريف الشيخ، لطيف الحاج، عبد الرحيم شريف والمئات من الشهداء من كافة القوميات والمذاهب والشخصيات النقابية والأجتماعية. وبما أن المندائيين هم أبناء هذا الوطن وأحدى شراح المجتمع العراقي المتعلمة، المثقفة، المسالمة، المسامحة، المحبة للخير والسلام، فقد تعرضوا منذ مئات السنين الى الأضطهاد الديني والأجتماعي، و قدموا كل شئ من أجل بناءه، ووجدوا في الأفكار الوطنية والأشتراكية خير وسيلة للدفاع عن حقوقهم المفقودة لذلك ساهموا بالحركة السياسية الوطنية منذ نشأتها في العراق، وأرتبط المئات منهم بالأحزاب الوطنية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي وساهموا في النضال الشاق طيلة تأريخه الطويل وتعرضوا أسوة برفاقهم الآخرين الى البطش والتصفيات الجسدية والتعذيب في الثامن من شباط الأسـود / 1963. ففي هذا اليوم دخل المئات منهم السجون والمعتقلات وتعرضوا الى أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي وأغتصاب المناضلات وأستشهد منهم العشرات تحت التعذيب ومنهم من سقط في أرض المعركة وهو يتصدى ببطولة وبسالة لجلاوزة الأنقلاب الفاشي في ذلك اليوم المشؤوم.
ومن المندائيين سقط الشهداء ....صبيح سباهي خلف، مهدي عودة الوالي، حواس حلو بندر الزهيري، سميع جاني سهر الناشي، شاكر نعمة هليل، ماجد عبداللة خلاوي، عبد الواحد راشد، فرج شجر منصور، كريم خلف داخل، نعيم عنبر منشد، وغيرهم العشرات من الأبطال المجهولين الذين تمت تصفيتهم وأختفت آثارهم. وفي ذكراهم لابد للمندائيين جميعا" أن يمجدوهم ويفتخروا بهم كرموز لطائفتهم المندائية ولشعبهم العراقي. وبعد سنوات وفي17 تموز من عام 1968 عاد حزب البعث الفاشي لتولي زمام السلطة بأنقلابه المعروف ليواصل من جديد فكره الشوفيني الفاشي والتصفيات الجسدية لقادة وكوادر وأعضاء الحزب الشيوعي والأحزاب الوطنية الأخرى. وجرت تصفية العديد من قادته وكوادره عن طريق الأغتيالات في الشوارع والدهس بالسيارات أو الخطف، وكان من بين الذين إستشهدوا بهذه الطريقة من المندائيين كل من أستاذ الفلسفة في جامعة البصرة الدكتور ( عبد الرزاق مسلم الماجد ) في 31 آذار /1968 وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الشهيد ( ستار خضير الحيدر ) في 28 حزيران من عام 1969 أضافة للشهيد ( محمد الخضري ) عضو مكتب بغداد للحزب الشيوعي في آذار من عام 1970، والشهيد ( وفكرت جاويد ) في السليمانية عام 1974 وغيرهم من كوادر الحزب.
وفي عام 1979 حدث ما كان بالحسبان حيث شنّ البعث حملة واسعة النطاق لتصفية الحزب وإعتقال قياداته وكوادره وأعضائه في كافة أنحاء الوطن، لكن الحملة هذه لم تحقق أهدافها بعد أن تحول الحزب للعمل السري ورفع شعار الكفاح المسلح في ظل ظروف بالغة القسوة والصعوبة، ولكن ذلك لم يمنع من وقوع المئات من أعضاء الحزب وكوادره في أيدي السلطة وتعرضوا للتصفيات الجسدية والتعذيب، وكان من بين القياديين المعتقلين والذين تمت تصفيتهم ( عايدة ياسين ) عضوة اللجنة المركزية للحزب والدكتور ( صفاء الحافظ ) والدكتور ( صباح الدرة ) وغيرهم .
وفي تلك الفترة والأيام العصيبة والنضال الشاق والصعب واصل المندائيون أيضا" تقديم العشرات من الشهداء في نضالهم العنيد ضد النظام الفاشي أسوة برفاقهم الشيوعيين. إن تأريخ هؤلاء الشهداء ونضالهم ومآثرهم هي بالتأكيد جزء لا يتجزأ من تأريخ الحزب وأمجاده البطولية، فهم لا زالوا أحياء في ضمائرنا ووجداننا وباقون في قلوب وذاكرة ذويهم ورفاقهم لما تركوه من آيات في البطولة والتضحية والأرث النضالي المشرف، وهنا لابد من أن نذكر بعض هؤلاء الشهداء الأبطال ... أكرام عواد سعدون السعدي، ألتفات ثجيل خفي السعدي، أمين نوري جابر الدهيسي، أنتصار خضير موحي ، باسم خضير موحي، بدرية داخل علاوي، بشير زغير حرز، بشير يوسف خصاف، جبار حلاوي راضي ، ، جبار نعيم غانم، جبار عنيد منصور، حسام خضير موحي، حميد شلتاغ حالوب، حرية فعيل حطاب، خالدة فعيل حطاب، رعد ثجيل خفي السعدي، رشيد ثجيل خفي السعدي، رعد مالك عبد الكريم، رحيم كوكو حمادي العيداني، زاهرة ذياب سرحان، زهير ناصر منصور، سمير جبار حامي حاجم، سمير زامل صادق، سعدون لعيوس عفن بشارة، سعيد صبيح رشم، سلام عبد الرزاق الحيدر، سعد نوري جابر، شنيشل طعيس منصور، شوقية ضايف لايذ، صائب ضمد منصور، صالح هليجي شفيف، صبار نعيم غانم، عبد المنعم فزع ضيدان، عبد الواحد راشد زغير، عبد الرزاق سهيم علاوي، عبد الكريم مطشر تقي علوان، عزيز بطيخ ساهي، عزيز سوادي حريب، عصام حسناوي كسار، عميدة عذبي حالوب، عواد داخل نجارة، فائز ناصر منصور، فاضل زهير زغير حرز، فرحان شامي مدينف، كريم حميد شلتاغ ، لؤي عودة بطي ، مهتم مجيد عزيز سفيح، مصطفى شنيشل حسين الحلي، منذر منديل سنيد، نافع عبد الرزاق الحيدر، نبيل علوان شلتاغ، هيثم ناصر الحيدر وغيرهم . ليكن يوم الشهيد الشيوعي في الرابع عشر من شباط مناسبة لوقفة إجلال وإكبار أمام تلك الدماء الزكية التي أضاءت الدرب. ولابد أن نقول لكل شهداء الحركة الوطنية العراقية إننا نفتخر بكم فقد صنعتم عهدا" جديدا" للوطن وكنتم الصخرة التي دفعت النظام الدكتاتوري الى مزبلة التأريخ ، فلكم المجد أيها الأبطال .. يا من قدمتم حياتكم ودمائكم قربانا" للمثل النبيلة التي آمنتم بها فأنتم في الوجدان والضمير . أن من واجب المندائيين في هذا اليوم أن يشعروا عوائل الشهداء ... آبائهم وأمهاتهم وأراملهم وأطفالهم اليتامى بأن طائفتهم لم ولن تنساهم يوما"، وليبدأ الجميع بأحياء ذكراهم سنويا" بالحديث والكتابة عنهم، وعن تأريخهم وبطولاتهم وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لأرواحهم الطاهرة .
المجد كل المجد للشهداء المندائيين وكافة شهداء الحزب الشيوعي العراقي، شهداء الحركة الوطنية، شهداء الشعب والوطن.
كندا شباط / 2014
#فائز_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمي مخلص خير من مثقف هدام
-
هل عبد الرزاق عبد الواحد خط أحمر لا يمكن تجاوزه
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول/ الحلقة الأ
...
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول/ 6
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول / 5
-
الطائفة المندائية ... تحديات كبيرة ومستقبل مجهول / 4
-
الطائفة المندائية ، تحديات كبيرة ومستقبل مجهول / 3
-
الطائفة المندائية ، تحديات كبيرة ومستقبل مجهول ، إنقراض اللغ
...
-
الطائفة المندائية ، تحديات كبيرة ومستقبل مجهول
-
أيام في كوبا ، الثائر تشي جيفارا ، الحلقة الأخيرة
-
أيام في كوبا ، هافانا مدينة التراث والأعمدة ، الحلقة الخامسة
-
أيام في كوبا ، الحصار الإقتصادي ، الحلقة الرابعة
-
أيام في كوبا ، التوجه إلى هافانا ، الحلقة الثالثة
-
أيام في كوبا ، منتجع فاراديرو ، الحلقة الثانية
-
أيام في كوبا ، الحلقة الأولى
-
ذكريات أنصارية ، المناضل توما توماس كما عرفته ، الحلقة الخام
...
-
ذكريات أنصارية ، توما توماس كما عرفته ، الحلقة الرابعة
-
ذكريات أنصارية ، المناضل توما توماس كما عرفته ،الحلقة الثالث
...
-
ذكريات أنصارية ، المناضل توما توماس كما عرفته ، الحلقة الثان
...
-
ذكريات أنصارية ، المناضل توما توماس كما عرفته ، الحلقة الأول
...
المزيد.....
-
فرنسا: هل ستتخلى زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان عن تهديدها
...
-
فرنسا: مارين لوبان تهدد باسقاط الحكومة، واليسار يستعد لخلافت
...
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأوروغواي
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|