رفيق جبيهة
الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 08:42
المحور:
الادب والفن
كلما جدت الحافلة في التهام الإسفلت الممتد أمامها كأنه الأبد اللعين؛ جدت الخضرة -في مخيلته- في اكتساح أرضه الجدباء.
قال في نفسه, وهو يمسك خرطوم الماء ليملأ المسبح. لم يتمالك نفسه حين أمطره"ب .ع"بوابل من الشتائم: فكر لوهلة في أن يفقأ عينيه ,أو يخنقه بكلتا يديه.لكنه تذكر الأرض.الأرض في حاجة إليه ,وهو في حاجة إليها,وكذلك الفلاحون.إذا سجن من سيخبرهم بأن الماء مازال موجودا ,ويدلهم على مكانه.طرح الخرطوم أرضا, ثم وضب حقيبة سفره البئيسة وانصرف.
توقفت الحافلة وحينها انتبه إلى ان مسافة طويلة ماتزال في انتظاره ليقطعها مشيا على الاقدام.كانت الشمس تميل نحو الغروب حين أخذ يقطع الطريق الممتدة امامه امتداد معاناته.لم يغرب عن باله للحظة الامل الذي ظل يربيه منذ غادرقريته أول مرة تحت وطاة الجفاف.لم ينس كيف أنه زرع كيس الشعير الاخير الذي حرم منه اولاده الصغاراملا في ان تعوضه الارض قبل السماء بأكياس مضاعفة تخفف من حدة جوعهم .بل كيف ينس أنه كاد يطلق زوجته ,بعد ان باع آخر راس غنم ,ورمى البقرة التي كلفته كثيرا إلى الكلاب .
>
قليلامن الماء فقط يحيي أرضنا العطشى .لابد من فعل شيء .يجب ان نعيش أيضا .بل نحن اولى بالحياة منهم .لولا نحن لما استطاع الناس الذين يوجدون فوق, الحياة.إننا نكدح ليلا ونهارا لنوفر لهم كل ما يحتاجونه ,تمتصنا الارض,ويمتصون دماءنا ,قوتنا ,جهدنا ,راحتنا.لابد من أن نصرخ بصوت عال"هذا منكر".وفي تلك الأثناء أخذت الارض تردد بصوت أصم اذنيه "هذا منكر...هذا منكر...
#رفيق_جبيهة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟