شفيق طارقي
الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 03:42
المحور:
الادب والفن
وداعا أيّتها الفراشات ، سأمضي وحيدا قد يحزنك الأمر ، و لكنّني لم أر فراشات يبكين ، حين جلست إلى البحر اخر مرّة فكّرت مليّا في الصّحراء الكبرى ، في رحلة جدّي النّوري بن رابح أوائل قرن ولّى جهة المجهول ، ترك خلفه نوق الطوارق شاردة و دموعا في مقلة أمّه ، و صوّب جهة الرّيح ، حدّثني ذات شتاء عمّا لقيه في الفلوات ، و أعرض حين سألته عن ذكر الأسباب ، فأجمل " مكتوب الله " ، حطّ رحاله في بعض الواحات و وفّقه الله ، الكاتب أبدا إلى عمل قرّر بعده أن يتزوّج جدّتي ، لم يطنب في ذكر الزّيجة و أجمل أيضا " مكتوب الله " ، الفراشات لا تبكي و لا أخالها تضحك ، و قد حان الوقت لأودّعها ، لم تك طيلة ما مرّ من سنوات العمر أكثر من زيف تماما كالبحر حين جلست إليه اخر مرّة ، أمثالك يا أحمد ليس يسعهم هذا الممتدّ بفقّعاته رائحة الأسماك تشعرني بالغثيان ، أمثالك كتب الله لهم أن يرحلوا أبدا ، يوما ما سيمحى المكتوب و تبقى الصّحراء ، سينفد هذا البحر ، و يبقى الرّمل أنت رمليّ كالسّاعات قديما ، الفراشات لا تعنيك في شيء ، إنّ قصّة النّوري بن رابح حييّة بأن تكتب ، ليس عليك الان سوى أن تعدّ قهوتك و لا تنس تهوئة الغرفة ، في وسعك أن تبدأ سرد وقائعها ، أن تكتبها بحبر اخر لا يشبه حبر الله ، ... وداعا أيّتها الفراشات ، سلاما أيّتها القصّة ، إنّي كاتبك اللّيلة فتجهّزي رشّي عطورا أسفل إبطيك ، الرّمليّون مثلك يا أحمد استنشاقيّون بالفطرة ، إنّي أركبك الان ، أوصيك خيرا بالهمهمة ، الرّمليّون مثلك يا أحمد تثار غرائزهم بالأصوات ، الفراشات ، بلا رائحة ، لم أسمع فراشات تتكلّم ، صمّوا اذانكم سأصرخ الان
#شفيق_طارقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟