أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مهند البراك - وداعا جورج حاوي ! 2 من 3















المزيد.....

وداعا جورج حاوي ! 2 من 3


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 12:23
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ذهبت صحبة الصبي الى بيت كبير كان جانب منه مهدوماً، نزلنا الى قبو ذلك البيت، فُتحت الباب اثر طرقات كما لو كان متفقاً عليها، اطلّت علينا شابة بينما كانت اصوات كمان واصوات انشاد مصاحب لنغماته تنبعث من الداخل . .
بعد ان رحّبت بي وشكرتني على الحضور، قالت :
ـ نحن عائلة عمالية شيوعية، الوالد نقابي قديم، قدِم من العاصمة بيروت بعد ان نصحه رفاقه بالأستراحة في البيت، اثر تدهور صحته بسبب نشاطه الكبير في اضراب مصانع " غندور " وهو في تحسّن الآن، اخوان عاملان ونشيطان سياسيان، احدهما يعمل في طرابلس والثاني في " المصفاة " في عمّان، انا طالبة في جامعة القاهرة واعمل في المسويات نادلة في مطعم هناك، ولأنتمائي العمالي فانا على صلة وثيقة بالحركة العمالية المصرية بل واشارك في نشاطاتهم . .
الوالدة ست بيت وتخيط ملابس نسائية، اي خياّطة، الصغير ناشط في منظمة الشبيبة . . كانت فرصة نادرة ان نعرف ان احد المناضلين جنبنا عراقي، كي يكتمل احتفالنا بحضور شيوعيين من اغلب الدول العربية في احتفال اممي عربي كما يمكن القول، بهذه المناسبة الجميلة !
كان القبو مرتّباً كبيت كامل، بقطع اثاث قديمة، الاّ انها كانت نظيفة، مغطّاة بشراشف ناصعة البياض . . كانت صور للشهداء فرج الله الحلو، يوسف سلمان فهد، شهدي عطية الشافعي، معلّقة على احد الحيطان . . اضافة الى صور ملوّنة لـ ستالين، جيفارا . . كان اللقاء حميماً كما لو كان المرء بين عائلته . . وتقاطر عدد من الضيوف من النساء والرجال المعتنين بهندامهم . . تشعّبت الأحاديث عن احوال بلداننا، مع استمرار انغام عزف الكمان الجميل وانشاد عدد من الفتيان اناشيد متنوعة، الذين فيما كنّا نصحح لهم، كنا نندمج وننشد معهم، بجوّ بهيج خلقه شئ من العرق المحليّ مع جرزات (مكسّرات) وانواع من المزّات اللبنانية الشهيرة . . بعد مرور اكثر من ساعتين، تهامس ضيفان بعد ان خرجا وعادا اكثر من مرّة، ليعلنا عن مقدم " ضيف قيادي " عزيز . .
دخل رجلاً لم يكن لوحده، كان وسيماً بملامح اقرب الى الشقرة مع شئ من الأمتلاء . . هاشاً باشّاً محيياً الجميع فرداً فرداً بدءاً بالوالد حيث تعانقا بحرارة، ثمّ حيّا الضيف الجديد الوجه الذي كنته انا، معرباً عن افتخار ومحبة واحترام للـ " الرفاق العراقيين، رفاق فهد " . . وفيما تبيّن لي انهم كانوا ينتظرون " الضيف القيادي" الذي كان قادماً لأحتفال كبير كان قد اقيم في مكان ما في " صور " ، ووعد بالمرور لتحية الأب وسؤاله عن صحته والمشاركة في الحفل البيتي في تلك المدينة الصغيرة، عرفت انها كانت زيارة للقاء وللحديث مع عدد من نشطاء العمال، عن العمل النقابي ولماذا الأضراب؟ ومتى ؟ وما تأثيراته السياسية في البلاد . .
كان الضيف هو الشهيد جورج حاوي، وكان قد دخل بتوضيحات وخاض نقاشات بهدوء جذاّب محرّض، بلغة سهلة من واقع الأحداث التي كانت تجري، كان يجيد الأستماع وكان لايضيّع ما اراد ان يقول، لدى مقاطعة البعض بآراء وملاحظات بطريقة عمالية، ولم يصدّ او يمنع المقاطعة . . وفيما كنت اجيب على بعض اسئلته حول اوضاع طلبتنا، كنت استمع باهتمام للأحاديث واجابات حاوى التي كانت تقنع رفاقه، تضمّنت نقاشات واخطاء وتصويبات للجان نقابية واخرى، في خضمّ وجودٍ مديدٍ للنقابات في البلاد رغم ما تخلله من تجاوزات واعمال مخلّة، الاّ انها لم تكسر عظما ان صحّ التعبير، حتى ذلك الحين على الأقل، اضافة الى ان هناك انتخابات دورية للنقابات وفق هويات دورية منظمة للنقابيين . .
كان المجتمع هناك غير مجتمعنا كما كان يبدو من الأحاديث والمشاكل، وكنت اشرد بفكري بعيداً الى بلدي العراق وما كان يواجه مناضلينا الذين منذ ان بدأنا نعي، لم نسمع ولم نرَ الاّ عنف السلطات اللامحدود تجاه ابسط معارضة . . . مظاهرات تُرمى بالرصاص، قتلى وجرحى يتساقطون على مرأى العين مضرّجين بدمائهم، مئات ضاعت اخبارهم، الوف في السجون والمعتقلات التي كانت تُوسّع وتجدد باضطراد للسياسيين بالدرجة الأولى، وكأنها مكاسب وطنية ! الى قمة مذابح ذلك الوقت، انقلاب شباط 1963 ، الذي اضافة الى اعداد ضحاياه . .
كان قد ضرب بقسوة نقابات العمال واتحادات الطلبة والشبيبة والنساء، التي كانت لاتزال وليدة، والتي لم تعش حياة قانونية الاّ لسنتين، بدأت بعدها الضغوطات والأعتقالات والفصل الكيفي ثم لتضرب وتقمع بالرصاص لأنها هداّمة ؟! فيما لم تعمل الحكومات على اصلاح النقابات وتصحيح اخطائها الاّ لفترات معدودة، الغتها بعدها، اثر اضرابات عمّال الزيوت وباتا التي رُميت بالرصاص . . ليتشكّل اتحاد نقابات العمال الصدامي الذي لم يكن الاّ مؤسسة من مؤسساته الأمنية المخابراتية .
. . . .
وقد لعبت في سنوات لاحقة، " طريق الشعب " و " منشورات دار الرواد" وغيرها في الفترة التي كانت فيها علنية، دوراً واضحاً بالتعريف بنضال الشعب اللبناني وقواه الديمقراطية ويساره والحزب الشيوعي اللبناني، اضافة الى الجهود الكبيرة لأعضاء الحزب الشيوعي العراقي للترويج لصحافته ومنشوراته وتأريخه وخبراته، اشتهر منها كتاب " جذور السنديانة الحمراء "، " تاريخ الحركة النقابية العمالية اللبنانية "، اضافة الى كتابات الكاتب السوري المعروف " حنا مينا" وبالخصوص رواية " الثلج يأتي من النافذة "، اضافة الى تراجم الكاتب " فواز طرابيشي" . . التي كانوا يرون فيها اموراً جديدة بالنسبة اليهم وفي اطار التربية الحزبية آنذاك، وخاصة ما كانوا يقرأوه من الآراء المتنوّعة التي كان عدد من قادة وكوادر الحزب الشيوعي اللبناني يطرحونها علناً في اجتماعات او كتب او كراريس، ويدعون لها دون موانع او قيود حزبية، الأمر الذي كان اضافة الى توفيره تجارب متنوّعة لعدد كبير من المناضلين ساعدت وتساعد في رفع مستوياتهم الفكرية والسياسية والأجتماعية وسعة مداركهم، فانها ساعدت في رفع الوعي العام للناس وخاصة الديمقراطي والعلماني منه .
الاّ ان الأمر الذي اثار استغراب كثير من المناضلين العراقيين، كان زيادة تقارب الحزب الشيوعي اللبناني في زمن قيادة الشهيد حاوي، من نظام حكم الطاغية صداّم في الفترة التي شدد فيها الدكتاتور من هجومه على القوى الديمقراطية والحزب الشيوعي بشكل خاص منذ 1977،(1) و حاروا في ايجاد تفسير لها آنذاك، سواءاً بضوء تقاليد الترابط العربي لكون الحزبين عربيين، او بضوء واجب التضامن الأممي .
ولابد من القول بانه، اضافة الى النشاط المتدّفق للشهيد وسعيه الحيوي للمبادرة، ومن اجل الديمقراطية والعلمانية سواءاً في لبنان او عموم المنطقة العربية . . يرى كثيرون ان سعي الشهيد حاوي كان واستمر في سبيل تفعيل اليسار الديمقراطي اللبناني وتفعيل الأفكار في ارض الواقع، وان مشروعه (القومي) الذي لاقى نجاحاً في اواسط الثمانينات، كان من اجل تحشيد الطاقات المتوفرة في المنطقة آنذاك، لدعم جبهة المقاومة، التي كان احد ابرز المبادرين الى تشكيلها، ضد الأحتلال الأسرائيلي الذي استهدف الحركة الوطنية اللبنانية ومناطق التواجد الفلسطيني في لبنان، المترابطة بوشائج كثيرة التنوع بتواجد الفلسطينيين في بقية دول المنطقة.
في ظروف اخذت دول المنطقة العربية فيها، في الأنكفاء على مشاكلها ان صحّ التعبير، التي صارت غاية في التعقيد بعدئذ، بسبب التطور المتفاوت للمجتمعات ذاتها وتطوّر نضجها من جهة، ونوعية وتطوّر عمق المشكلات التي اخذ يواجهها كل بلد عربي على حدة، وترابط ذلك مع صراع القوى الكبرى المتنوع مع دول المنطقة، اضافة الى صراعات القوى الكبرى ذاتها مع بعضها . . . الذي قد يدفع الى المقدمة تفسير مفهوم الموقف الأممي المطلوب، الذي اصبح بشكل اكثر وضوحاً بعدئذ، بكونه الموقف من انجاح القضية الوطنية ذاتها لاغيرها، وهو ليس قضية عواطف او حنين فقط، وفي ظروف عدم استطاعة المشروع القومي على التحقق اومواجهة التحديات في هذه المرحلة، الذي يتطلب اعادة صياغة بتقدير عديد من المفكرين. الأمر الذي يمكن مراجعته ايضاً من حصيلة نضالات القوى العربية التحررية واليسارية، على امتداد القرن الذي مضى .
وفي الوقت الذي لايمكن فيه، الاّ النظر بتقدير الى جهود الشهيد حاوي المنطلقة من المصالح الوطنية اللبنانية، ودعوته الى نهضة تقدمية في عموم الواقع العربي. فأن كثيرون يرون انه كان اجتهاداً للحزب الشيوعي اللبناني المناضل الذي تبنى تلك الوجهة، من وجهة دوره وواجبه الوطني تجاه بلاده، في ظروف مرّت على البلاد والمنطقة آنذاك . . وهي ليست بمواجهة وانما في سياق جهود واجتهاد بذلته وتبذله الأحزاب والشخصيات اليسارية والديمقراطية والشيوعية، منطلقة من واقع بلدانها ومن ماهية القوى المحرّكة فيها ووجهة حركتها، من اجل الديمقراطية والتقدم الأجتماعي، التي حققت اشياء واخفقت باخرى، وتراجعت في ثالثة ارتباطاً بواقع دولي عولمي رأسمالي جديد، يستدعي الجهود لأعادة صياغة مشروعها الجديد .
ويرى كثيرون ان ما يسجّل للشهيد، مبادراته في التفاعل مع الواقع والأصطفاف مع قواه المحرّكة بلا توانٍ، بل بسعي بعيد عن حساسية او اشكالية ما مضت ، من اجل خير ورفاه الوطن، ودعوته وجهودة الى التفريق بين الآيديولوجية والسياسة(2)، وتحرره من جمود الآيديولوجيا، ايدته فيه قطاعات واسعة من حزبه، في الظروف الخاصة بالمجتمع اللبناني وتركيبته، المطل على البحر بموانئه وعلاقاته المباشرة منذ القدم باوروبا تجارياً وثقافياً وسياحياً، اضافة الى السعي للأصطفاف الفاعل مع القوى والوجوه الوطنية التي رفضت وترفض التقسيم الديني والطائفي، والتبعية السياسية . (يتبع)

23/ 6 / 2005 ، مهند البراك


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. التي اقرّ الشهيد بعدئذ بان ذلك كان خطأً .
2. كما سيأتي في اللقاء الأخير مع الشهيد .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا جورج حاوي ! 1 من 3
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 3 ـ
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 2 ـ
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 1 ـ
- عن الأحزاب وحركة المجتمع . . والعولمة !
- صدام بين المحاكمة وقضية الواقع الدامي !
- في عيد ربيع الطلبة !
- ذكريات عن يوم السباع الخالد في - الصدور- !
- طلبة البصرة والنضال ضد ملامح الأستبداد الجديد !
- - بحزاني - على ابواب عام جديد !
- ماذا يكمن في الصراع حول حقوق المرأة ؟
- من اجل حكم تعددي ودستور مدني في العراق!
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- الأنتخابات عيد البداية الواعدة !
- نعم لقائمة - اتحاد الشعب- الأنتخابية !
- من اجل التوافق لمواجهة الواقع العراقي ! 2 من 2
- من اجل التوافق لمواجهة الواقع العراقي ! 1 من 2
- وحدة قوى التيار الديمقراطي دعامة اساسية لعراق فدرالي موحد !
- الأنتخابات كَرَد على التحالف الصدامي الظلامي 2 من 2


المزيد.....




- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مهند البراك - وداعا جورج حاوي ! 2 من 3