صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 19:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لاشك أن كُلا من الشعبين التونسي والمصري فرحين حاليا بدستوريهما الذين أقرهما ، وهي عموما فرحة مستحقة فالشعبان يحتاجان لبعض الهدوء و الراحة للنظر نحو ما يلملم شتات الدولة لكي لا تبقى مفككه ، لكن مع هذا فيجب أن نقول أن مثل هذه الدساتير التي يرجون منها هذا ، لا تحقق هذا كليا ، لأنه وفي ظل هذا التناقض والتذبذب الذي تحتويه هذه الدساتير في نصوصها ، فهناك دائما إحتملات لحصول قلاقل ، و لحصول اضطرابات .
إن مشكلة الدساتير المتناقضة على غرار الدستورين المصري والتونسي (وأيضا الجزائري و المغربي) أنها دساتير غيرة مضمونة ، فبقدر ما يمكن لتيار ليبرالي مثلا استخدامها لنشر قيم الحرية و الحداثة ، إلا إنها تبقى أيضا تفتح الباب لتيار أصولي قد يستغلها في حجب الحرية ، والأمر هنا لا يتعلق بوصول الإسلاميين للسلطة فحسب ، بل الأمر يتعلق أيضا بضغط يمكن أن تمارسه هذه التيارات من الأسفل ، فمثلا لو تولت السلطة نخبة لبرالية لكنها ضعيفة ، فالأصولية حينها تستطيع فرض منطقها بسهولة ، وهو تماما ما حصل في السنين السابقة حيث كان الإسلاميون يشنون الحملات على الحريات بإسم النصوص الفضفاضة و المتناقضة ، وطبعا و في ظل سلطة ضعيفة كما في ذلك الوقت فقد ضحت السلطة الهشة بحريات الشعب في سبيل إرضاء الإسلاميين .
إذن فكرة الدستور التلفيقي لضمان الحرية ليست هي الحل ، فمادام هناك هاجس لتلاشيها فهي حتما ستنهار ، الأمر الأخر أن فكرة عدم التقنين الكامل للحرية تكفي وحدها لتقول أنها قلاع حرية مشيدة على الرمال ، على هذا نقول أن مثل هذه الدساتير التي وضعت ليست هي الضمان لحرية الشعب وتطوره ، فما يجب هو تقنين كامل و شامل للحريات و الحقوق مع إعطاء إلزام واضح للدولة بحمايتها ، أما ما عدى ذلك فهو ليس سوى حالة من الكذب على الذات ، والمؤكد انه وبعد بضع سنين وحين تهتز صورة السلطة الجديدة فستعود الاضطرابات حول الحرية و الهوية للظهور ، وفي النهاية لن يكون الخاسر سوى الشعب الذي كان جبانا على حسم أموره مرة واحدة حين سنحت له الفرصة .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟