|
أهيياااات
إحسان خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 12:07
المحور:
الادب والفن
يوما ما جلست الصبية ذات الثانية عشر ربيعا في غرفتها ، تعاني من الشعور بالوحدة و العزلة و الأسي ، فقلما كانت شقيقتها الكبري تهتم لشأنها . هزت الصبية رأسها عندما دار في ذهنها تساؤلات مثل ، “ لماذا لا تتحدث معها شقيقتها في الامور التي تخصها ؟ ، و لماذا عادة لا توليها حتي أدني اهتمام ؟ !! “ ، و صممت علي انها لن تأسي لحالها بعد اليوم و لن ترتجي من اختها نفعا ، و قررت أن تسعد ذاتها حتي و لو عاشت في الخيال لبعض الوقت . ********************** في البداية رأت الصبية ، نفسها و هي طفلة صغيرة لم تتعدي العامين من عمرها ، و قد تركها الاهل في بيت الجدة لاول مرة ، بعد ان افهموها انه قد اصبح بالفعل بيتها الجديد . صرخت الطفلة حتي تقطعت انفاسها و لم تعد تري في من حولها سوي صوت صراخها و لون جدران الغرفة الكالح و سقفها . و بعد فترة طويلة نسبيا ، تحولت الصرخات الي ابتسامة عريضة و فرحة كبيرة و طوق نجاة فقد لمحت الطفلة الصغيرة ، أن شقيقتها تقف في نفس الغرفة معها . و لكن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن ، فقد تنبهت الطفلة في لحظة الي أن نظرة الشقيقة لها تعني :ـ “ اصرخي كما تشائين فلسوف تمتثلي لارادتهم في النهاية ، كما فعلت انا من قبلك ، و اعتمدي علي نفسك فلن اساعدك ابدا . أنا ايضا مازلت طفلة صغيرة مثلك “ . ثم استدارت مبتعدة غير عابئة بشئ ، و هي تبتسم و تحمل بيدها كمية كبيرة من الحلوي . بعد ان غادرت الشقيقة الغرفة ، فهمت الطفلة انها قد اصبحت بالفعل وحيدة في عالمها الجديد ، و قررت ان تتملق الجدة حتي تتقي شرها ( كما خيل لها عقلها ) . ذهبت الي الجدة قائلة : “ مش انتي مامتي اللي ولدتيني من هنا ( كانت الطفلة تشير الي بطن الجدة ) “ . ـ مامتك !!! غريبة انتي لحقتي تنسي ، انا كنت فاكرة انك حتاخدي وقت لغاية لما تتأقلمي معانا سبحانك يا رب ، دا مافاتش غير ساعتين زمن .. ايوه فعلا انا مامتك . فجأة ظهرت الشقيقة و قالت : ـ ـ لأ دي مش مامتنا ، الست دي بتكدب عليكي ، مامتنا واحدة تانيه خالص ، وقاعده في مكان بعيد و مش حترجع هنا تاني ابدا ، اعتبريها ماتت خلاص . ـ إهئ إهئ إهئ انتي مالك انتي يا غلسة ، بتقولي لها كده ليه ، مش حرام عليكي تعيطي اختك الصغيرة انتي مش عايزاني مامتك انتي حرة ، لكن انا مامتها هيه . ***************************************** كان هناك صوت يتناهي الي سمع الصبية ذات الثانية عشر ربيعا ، و يردد اسمها بالحاح ، عندما رفعت رأسها وجدت عينا شقيقتها ، مصوبتان عليها و هي تبتسم و تقول : “ انتي رحتي فين يا بنتي ، دنا بقالي يمكن عشر دقايق بنادي عليكي و عماله اشاور لك و انتي مش هنا خالص ، كنتي بتفكري في ايه؟ “ ـ انا آسفة يا حبيبتي ، و الله ما سمعت ، خير انتي كنتي عايزاني في حاجة ؟ ـ لا ، طبعا كل الخير ، أصل جات لي فكرة بدل ما احنا زهقانين كده ماتيجي نلعب مع بعض علشان نضحك و نتسلي . ـ يا ريت دنا باتمني ، قولي لي فكرتك بسرعة ـ ايه رأيك انك تستخبي في الاوضه و انا اقعد أدور عليكي و بعدين لما الاقيكي اقول اهييااات و نقعد نضحك . اجابت الصبية و هي تغالب ضحكاتها : “موافقه ، بس انتي بالشكل ده حتلاقيني بسرعة ، هي الاوضة كلها قد ايه يعني “ . ـ لا ممكن تستخبي تحت السرير أو حتي في البلاكونة ، وللا اقولك تحت السرير افضل ، لحسن حد ييجي يفتح باب البلاكونة فيخبطك بالغلط و تقعي في الشارع و يحسبوكي علينا بني ادم . بس علي شرط ماتطلعيش غير لما اقول لك اهياااات و علشان اطول في الموضوع و نضحك أكتر حاطلع ادور عليكي في الصالة و يمكن افتح باب الشقة و ادور علي السلالم ، و ممكن كمان اقول لبابا . ـ لأ .. بابا لأ ، لحسن يتخض و يفتكر ان الموضوع بجد ـ لأ ما انا حاكون وطيت علي ودنه و فهمته اننا بنلعب مع بعض ـ طيب موافقه ـ خير البر عاجله ، انا حاطلع دلوقتي الصالة اعمل نفسي بدور عليكي و انتي تستخبي . و بسرعة كانت الصبية قد اختبأت تحت السرير ، عندما سمعت شقيقتها تردد اسمها في الصالة ضحك الوالد وقال : انتي جاية تنادي علي اختك في ودني ، هو انتي نظام ودنك منين يا جحا . ـ لحظة واحدة يا بابا انا جايه لك حالا ، بس حافتح باب الشقة اشوف حاجة كده و جاية مرت بضع لحظات في صمت تام ففهمت ا الصبية ان شقيقتها تتحدث مع والدهما بصوت هامس . ـ يعني ايه مش لاقية اختك ؟!! ـ يعني زي ما بقول لحضرتك كده يابابا ، اختي اختفت كأنها فص ملح و ذاب ، دورت عليها في كل حته في البيت ما لقيتهاش ، حتي تعالي شوف بنفسك في اوضتنا . فتح الوالد باب الغرفه ، و بدهشة قال فعلا اختك مش هنا ، اجري بسرعه اخرجي دوري عليها ، اسألي الجيران ـ ما تتخضش قوي يا بابا ، استني لحظة من فضلك ، انا سامعه صوت انفاسها واصلني عالي قوي ، سامعاه جاي من تحت السرير ـ رفعت الملاءة و قالت ـ اهييااات لقيتها .. الحمد لله لقيت اختي .
اخرجت الصبية رأسها من تحت السرير و استعدت للضحك ، سألها الوالد بانزعاج واضح و دهشة : “ عايز اعرف فهميني بالضبط انتي عملتي كده ليه ؟!! “ ـ علشان نضحك ـ يا قليلة الأدب تزعجي البيت كله ،و تخضي ابوكي و ترعبي أختك علشان تضحكي ؟!! ـ هي اللي قالت لي اعمل كده ـ يا كدابة .. انا قلت لك تعملي كده ، و كمان بتكدبي علشان تتهربي من اللي عملتيه مش مكسوفه من نفسك !! تعالي يابابا ما تزعلش نفسك علشان واحده هايفه زي دي ، انا عايزه اقول لك حاجة بس مش عايزاها تسمع . و مش عايزاها كمان تكلمني في الموضوع ده تاني خالص ، انا اعصابي من اللي حصل مش ناقصة . و لو كلمتني في الموضوع ده انا حتخانق معاها . ـ انا مش عايزك تكلمي اختك الكبيرة في الموضوع ده تاني ابدااا .. ولا حتي تفتحيه معايا . كانت الصبية تحاول الخروج من تحت السرير و هي مصدومة مما حدث ، عندما سمعت شقيقتها تقول : “ انا باعتقد يابابا ان اختي مريضه بجد لاني قريت مرة في كتاب من الكتب الكتير اللي عند حضرتك دي ، ان فيه ناس بتبقي مريضة نفسيا و بيعملوا زيها كده، يعني يستخبوا من اهلهم علشان يبتزوهم و يستدروا عطفهم . و ينبسطوا قووووي لما اهاليهم يدوروا عليهم “ .
#إحسان_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شوربة العدس
-
الأقدام العارية
-
اوراق على المنضدة
-
شيخ النحاتين
-
قصة قصيرة
المزيد.....
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
-
وفاة صاحبة إحدى أشهر الصور في تاريخ الحرب العالمية الثانية
-
باستغلال الفقر.. مساع إيرانية لتغيير الهوية الثقافية والديني
...
-
أمسية شعرية بعنوان -قطوف من بستان الشعر-
-
ألحان الراحل محمد رحيم.. شيرين تنشر فيديو لمغن فرنسي وهو يؤد
...
-
ما زال الحب مُزهراً
-
العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية
-
-نون- عنواناً لجلسة شعرية عامرة في اتحاد الأدباء
-
مجدي صابر.. رحلة كاتب شكلته الكتب وصقله الشارع
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|