أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - “الوجه الآخر” لتركيا















المزيد.....

“الوجه الآخر” لتركيا


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4349 - 2014 / 1 / 29 - 17:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أعطى حزب العدالة والتنمية منذ فوزه في انتخابات العام 2002 هامشاً مهماً لتركيا لإظهار توجّهات الدولة الجديدة، حتى إن كانت بصبغة إسلامية، فقد قدّم الإسلام على نحو أكثر عصرية وبدا متصالحاً مع القيم الديمقراطية، ولاسيّما مع قيم الدولة المدنية والحريّات، الأمر الذي نظرت إليه الكثير من الأوساط، ولاسيّما في الغرب باعتباره بديلاً عن الإسلام الراديكالي "الإيراني" من جهة والشيعي بشكل عام من جهة أخرى، لاسيّما لجهة حزب الله، إضافة إلى كونه بديلاً عن الإسلام السني المتطرف والمتعصّب، ممثلاً بتنظيمات القاعدة والجماعات التكفيرية والإرهابية .
ولا بدّ من الإقرار بأن سياسة تركيا خلال السنوات العشر ونيّف الأخيرة كانت تمتاز بالمبادرة والحيوية، جامعة ما هو وطني وإسلامي، إضافة إلى الحفاظ على علاقتها مع الغرب، في إطار نموذج جديد استطاع الإبقاء على طابع الدولة المدنية، ولاسيّما في موضوع الحريات مع تطعيمه بالأمصال الإسلامية أحياناً، ومن دون تعارضات حادة أو تناقضات صارخة . وخلال السنوات العشر الماضية عملت تركيا على التقارب مع سوريا، حتى إن شعار أردوغان كان "تصفير" المشكلات وحل جميع العقد الكبرى التي كانت قائمة، مبادراً إلى إجراءات وتدابير لتسيير وتيسير العلاقة في المجالات المختلفة، كما تحسنت علاقاتها مع مصر وكانت وطيدة مع ليبيا، ودرجت على تطويرها مع العراق بشكل عام، إضافة إلى إقليم كردستان بشكل خاص .
ومع كل هذه التطورات في السياسة التركية، الاّ أن الكثير ظلّوا ينظرون إليها بشيء من الحذر والارتياب، لصعود حزب إسلامي في دولة علمانية حديثة، تأسست قبل قرن من الزمان، وإنْ كان نجاح التجربة قد بدّد الكثير من المخاوف، ولكن القلق بقي يساور العديد من الأوساط لاعتبارات كثيرة، قسم منها يعود إلى الماضي وتركة الدولة العثمانية، والقسم الآخر يعود إلى الحاضر، خصوصاً علاقة تركيا بالغرب وحلف شمالي الأطلسي واعترافها ب"إسرائيل" منذ العام 1949 وإقامة علاقات وطيدة معها دبلوماسياً وأمنياً واقتصادياً وتجارياً وغير ذلك، إضافة إلى سياساتها في منطقة البلقان والمشكلة القبرصية تحديداً، ومساعيها المستمرة للتدخل في الشؤون العراقية والسورية وغير ذلك .
يضاف إلى هذا السجل الملتبس، الموقف من القضية الكردية في تركيا، فلحدّ الآن لا تزال تركيا تتنكّر لحقوق الشعب الكردي المحروم من الناحية السياسية من حقوقه الأساسية، سواءً في حكم نفسه وتقرير مصيره أو في مجالات التعليم والثقافة والتراث وغير ذلك، كما أن تركيا في سياساتها الشرق أوسطية دأبت على القيام بدور فرعي للإمبريالية العالمية في تاريخها خلال السنوات الستين الماضية، حتى إن ظهرت بحلّة جديدة، وهو ما حاولت القيام به خلال العقد الماضي، ولاسيّما خلال موجة التغيير التي اجتاحت المنطقة، ولكنها لم تستطع إخفاء سيفها العثماني وغمدها النووي الأطلسي، وهو ما ظهر من اندفاعها في تونس ومصر وليبيا بعد تردّد بحكم علاقاتها بالنظام السابق، واعتبرت التغيير في سوريا "قضيتها المركزية"، إضافة إلى تدخلاتها في العراق، سواءً باجتياح الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستانيPKK أو بتفضيل طرف على آخر من المشاركين في العملية السياسية أو خارجها، والعمل مع إقليم كردستان بمعزل عن بغداد .
وكان العام 2011 مفصلاً تاريخياً بين مرحلتين، ولاسيّما خلال اندلاع حركة احتجاج عربية واسعة مبتدئة من تونس، واعتقدت تركيا أن فرصتها الكامنة قد جاءت، وربّما كان ذلك هو شعورها الحقيقي، فتحرّك عازف الكمان التركي، ليعزف مقطوعة موسيقية حديثة، كانت أقرب إلى احتفالية بنجاح مشروعها، وسارعت بعدها بخطوات متلاحقة على أمل حصد النتائج سريعاً لمصلحتها كدولة إقليمية فرعية شريكة للامبريالية العالمية، خصوصاً بوجود القواعد العسكرية الضخمة على أراضيها والمناورات التي كانت تشترك فيها سنوياً .
ولكن اندفاعاتها السريعة وتقديراتها المتعجّلة، بدلاً من تحقيق النتائج المرجوّة، أوصلتها أحياناً إلى شيء من الخيبة، وتعرّضت إلى ردود أفعال حادة، لاسيّما وقد أخذت تتصرف بنوع من الوصاية والهيمنة، باعتبارها مركز الامبراطورية العثمانية، ونظرت إلى الدول العربية، نظرة أقرب إلى الولايات القديمة، منها إلى دول مستقلة، لدرجة اعتبرت تركيا أن ما يحدث في العالم العربي، كأنه شأن داخلي تركي، من دون الأخذ في نظر الاعتبار قواعد القانون الدولي، فوجّهت دعوة إلى الرئيس المصري حسني مبارك طالبة منه التنحّي، وقبلها كانت تضغط لرحيل زين العابدين بن علي في تونس، ودعت الزعيم الليبي القذافي إلى الرحيل بعد تردّد في البداية، وبخصوص سوريا فقد اعتبرت ما يجري فيها قضيتها المركزية، واستخدمت ذراعها الطويلة في العراق، خصوصاً وقد تصرّفت كصاحبة سيادة، حتى إن وزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو حاول زيارة كركوك المدينة العراقية من دون موافقة رسمية ومن دون قواعد دبلوماسية وبروتوكولية .
ولم تبد أية مرونة إزاء مشكلات المياه التي ظلّت قائمة بين سوريا والعراق من جهة وتركيا من جهة أخرى، لاسيّما باستمرار حجب حصة البلدين العربيين من المياه عن طريق القضم التدريجي، منذ بناء سدّ الغاب الكبير، ونحو 22 سدّاً آخر، والأمر يتعلق بحوضي نهري الفرات ودجلة .
ولعلّ ردود فعلها غير الدبلوماسية كانت شديدة بعد حركة 30 يونيو/حزيران و3 يوليو/تموز العام ،2013 خصوصاً بإقالة الرئيس محمد مرسي وتنحية حركة الأخوان من قيادة السلطة، إثر اندلاع تظاهرات شعبية عارمة، كان الجيش عاملاً حاسماً فيها . نقول ذلك وندرك في الوقت نفسه أن الشعب السوري وشعوب البلدان التي تحرّكت للاحتجاج والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، تحتاج إلى التغيير وإقامة أنظمة جديدة تستجيب لمصالح شعوبها، لكن ذلك شيء ، واندفاع تركيا، خارج نطاق حدودها شيء آخر، لاسيّما أن هناك صراعات وتدخلات إقليمية أخرى تركت تأثيراتها السلبية، وأدّت إلى تفاقم المزيد من المشكلات بين إيران وعدد من الدول العربية، ولاسيّما الخليجية .
هل عادت تركيا إلى ما قبل مجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة؟ ربما سيكون الجواب عن هذا السؤال استباقاً للأحداث، لكن ما يمكن تأكيده من خلال معطيات كثيرة هو أن الحزب بدأ يفقد الكثير من رصيده الدولي والإقليمي، خصوصاً العربي، بما فيه موقفه من القضية الفلسطينية، وتسييره أسطول الحرية واستشهاد 9 مواطنين أتراك، والموقف المشهود لأردوغان من التصريحات "الإسرائيلية"، خصوصاً خلال وبعد الحرب على غزّة العام 2008-2009 وما بعدها، وهو الأمر الذي يدعو لطرح السؤال إزاء عودة تركيا إلى نهجها القديم، أي العزلة عن محيطها مجدداً، لاسيّما تصدّع العلاقة مع إيران، التي حاولت استعادتها مؤخراً بعد انفراج أزمة الملف النووي الإيراني مع واشنطن، وتوجهها إلى الحرب الباردة التي دخلتها مع معظم دول المنطقة في الستينات والسبعينات، خصوصاً في ظل حكم العسكر وانقلاباته ومعاداته للديمقراطية والحريات، كما هو انقلاب العام 1960 وانقلاب العام 1971 وانقلاب العام 1980 واستكمالاته في العام ،1997 وتشوشت النظرة الايجابية التي تكوّنت عن حزب العدالة والتنمية والسياسة الواقعية "البراغماتية" التركية المنفتحة .
كل ذلك حدث في ظل حركة احتجاج تركية واسعة، هي الثانية خلال العام ،2013 ففي المرّة الأولى انطلقت ضد تحويل حديقة عامة الى مركز تجاري وثكنة عثمانية، وفي المرّة الثانية بسبب الفساد المالي والإداري الذي اتهم فيه عدد من أبناء المسؤولين، وهو الذي فجّر أزمة طاحنة قد تؤدي إلى المزيد من التفكك في حزب العدالة، خصوصاً بعد إقالة وزيري الداخلية والاقتصاد ومدير الشرطة وعدد من مراتب الشُعَب الأمنية ومدير بنك "خلق" وتقديم عدد من قيادات الحزب استقالاتهم .
ولعلّ وظيفة التحليل السياسي تفترض سؤالاً مهما مفاده: هل أزيل المسحوق الذي تغلّفت به التيارات الإسلامية بما فيها حزب العدالة والتنمية، الذي حاول تقديم نفسه كتيار جديد متصالح مع الحداثة والديمقراطية والعقلانية والمدنية؟ وفي حالة تركيا هل للتركة العثمانية الثقيلة دور في تكبيل تركيا ولفّها بشرنقة سميكة لا تستطيع الانفكاك منها أو الخروج من مأزقها؟، لاسيّما المطامع بالهيمنة التي تتجاوز حدود السيادة وتمتد إلى الدول الأخرى للتدخل بشؤونها الداخلية بصفة وصاية أو استحواذ، كما قد يعود الأمر إلى أن بعض ساستها ما زالوا يفكّرون بعقلية الأصل والفرع، فهي كفرع لحلف الأطلسي وحدودها بحدوده حسب تعبيرات أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية، الأمر الذي ظهر جليّاً في تصرفاتها الأخيرة، سواء مع بعض دول الخليج أو في أزمة الرهائن اللبنانيين أو في الموضوع السوري الشديد الحساسية أو في موضوع التمدّد التركي في العراق، فضلاً محاولة مدّ ذراعها إلى دول أخرى في العالم العربي بما فيها مصر والمغرب العربي!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنيف 2 واستعصاء الحل!
- النجف في الجامعة اليسوعية
- مغارة -علي بابا- الأسوأ من ووترغيت!
- دستور مصر: في الطريق إلى الاستفتاء !
- جدليّة الكولونيالية !
- العودة إلى ما قبل أوسلو
- تركيا وبرزخ «الفساد»!
- صفاء الحافظ وصباح الدرّة :ثلاثون عاماً على الإختفاء القسري
- أحقاً هي السلطة الرابعة؟
- هل استوطن الإرهاب في العراق؟
- البحرين: إضاءات على طريق الوحدة الوطنية والتغيير والعدالة!
- رذيلتان لا تنجبان فضيلة
- عبد الرحمن النعيمي اليساري الأكثر اعتدالاً: حين يعجن وسيلته ...
- مانديلا وثلاثيته الأثيرة!
- براغ والقدس
- نيلسون مانديلا .. الأسود الأكثر نصاعة
- موسم الانتخابات العربية
- الجاسوس والجاسوسية!
- التغيير: الشرعية ونقيضها
- الإعلام والإرهاب: السالب والموجب !


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - “الوجه الآخر” لتركيا