هنية ناجيم
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 29 - 07:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن ما آل إليه الوطن العربي، بكل مكوناته، من تفكيك، وتلغيم واجتثات (...) منذ القرن التاسع عشر إلى الآن، يحتمل قراءة واحدة، في نظري.
وهو أن ضعف الواقع العربي وتبعيته للقوى الغربية، اقصاديا، اجتماعيا، إيديولوجيا، ثقافيا.. بالمختصر، وهو ما يطلق عليه بالعولمة، سببه هو التبعية الفكرية والسياسية لهذا الغرب؛
وأعني بالقول فكريا: هو أن الوطن العربي عندما انسلخ عن هويته واستبدلها بهوية معولمة قائمة على مبدأ الاستيراد، بحيث لم تجد لها ركيزة في ذات العربي، مما جعلها تهتز داخل كيانه، لعدم وجود جذور لها داخله. وبالتالي، فهو، أي الوطن العربي، عرضة لعدم الإستقرار على كل الأصعدة، وكذا لغياب العطاء الجماعي.
أما سياسيا: وكما هو معلوم، فالسياسة هي مجموعة من القرارات التي يتم، من خلال تبنيها، تسيير أمور وشأن جماعة ما إنطلاقا من إيديولوجيا وليدة تراكم أفكار مجتمع ما، تصطبغ بهويته الخاصة به.. فلما استورد الوطن العربي هذه الأفكار، بغض النظر عن الكيف، ترجمها إلى سياسات، حيث قيد هذا الاستيراد حاضره وبالتالي كَبَّلَ مستقبل هذا الوطن العربي. حيث سلبيات حاضره تجد استمراريتها وتأثيراتها على نوعية المستقبل. فقد قوَّض أي تقدم وتطور واستقلالية. فالمنتوج المستورد، الذي هو عبارة عن سلعة معلبة لا ينفع أن يزرع في غير تربته (..) فهو نتاج/يحتاج إلى مناخ ونوعية تربة خاصة بالمكان المستورد منه حتى يعطي أكلا سليما. ولما كان المحيط والوسط العربي بعيد كل البعد عن هذه الأفكار، كان الواقع المعاش شيء والمنتوج المستهلك شيء آخر؛ بحيث الهوية العربية في واد، والمستورد المقتات عليه في واد آخر. وكأنما أخذنا قلبا إصطناعيا وزرعناه في الذات العربية حيث يختلف عنه الجهاز المناعي لهذه الذات العربية، حيث تظل الهوية، التي هي ذات فطرة مناعية غير قابلة للتبديل وإلا مات الجسم، تحارب هذا الدخيل وتلفظه، وبالتالي يبقى الوطن العربي مشتتا ولاجئا بين الحدود مع هويته، التي تسيطر على كيانه بصفة لاإرادية، وبين العولمة -بكل ما تحتويه (اقتصاديا، سياسيا، اجتماعيا، ثقافيا..) الدخيلة عليه.
إذن فمستقبل الذات العربية رهين بالرجوع والتصالح مع الهوية وكيانه وذاته، ورفض التهجين، للقضاء على التبعية الفكرية والسياسية.. فالوطن العربي كامل بطبعه، مستقل بفطرته، فريد في مبادئه.. ولا أدل على قولي مما حققه العلماء العرب والمسلمين في مرحلة إزدهار الدولة الإسلامية. وحتى ما حققه ويحققه العلماء العرب في عصرنا الحالي، هنا وهناك.
#هنية_ناجيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟