|
ماذا عن الصراع داخل المقاومة السورية، وهل باتت هناك مقاومة للمقاومة داخل المقاومة؟
ميشيل حنا الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 21:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السؤال السبعون: ماذا عن الصراع داخل المقاومة السورية، وهل باتت هناك مقاومة للمقاومة داخل المقاومة؟ مؤتمر "جنيف2" عقد لفض النزاع بين فصائل المقاومة المسلحة والحكومة السورية. وبطبيعة الحال هو ليس معنيا بالقتال الجديد، متعدد الأطراف، الناشب بين فصائل المقاومة ذاتها وهي كثيرة، ما لم يتطور الأمر ليبلغ حدودا خطيرة وغير متوقعة بين تلك الفصائل المتقاتلة مع بعضها البعض، ليشكل، او تشكل المقاومة داخل المقاومة، خطرا على احتمالات تحقيق السلام بين طرفي النزاع الأصليين، وهما الحكومة السورية وجسم المعارضة المسلحة كوحدة معنوية كما يفترض بها أن تكون. فاذا تطور القتال بين المقاومة والمقاومة الأخرى، قد يجد مؤتمر "جنيف2" نفسه مضطرا لفتح شعبة جديدة له تتعامل مع المقاومة داخل المقاومة. ولكن من يمثل الأستاذ "أحمد الربا"، رئيس الائتلاف السوري المعارض المتواجد حاليا في "جنيف2": هل يمثل المعارضة السورية بشكل عام، والمعارضة المسلحة بشكل خاص؟ وهل يمثل كل المقاومة المسلحة، أم يمثل على الأقل فصيلا ما من فصائلها المتعددة، أم لعله يمثل فحسب الأصوات السبعة والخمسين من أصل مائة وعشرين عضوا في الائتلاف؟ أي يمثل فحسب أعضاء الائتلاف الذين فوضوه بالذهاب الى جنيف؟ كان يفترض "بالائتلاف السوري" أنه يمثل بالدرجة الأولى "الجيش السوري الحر". ولكن "الجيش السوري الحر" قد تفكك وانضوى الكثير من أجنحته تحت تجمعات أخرى "كجيش الاسلام" الذي تحول فيما بعد "للجبهة الاسلامية"، وبعضها انضم "للقاعدة"، أو لمجموعة "أحرار الشام". وما تبقى منه (أي من الجيش السوري الحر" وهو قليل، عاد الى صفوف الجيش النظامي الرسمي. وبدأ تفكك "الجيش السوري الحر" لدى وقوع معركة "أعزاز" في العشرين من أيلول 2013، والتي كانت معركة ضارية بين قوات دولة العراق والشام "داعش" ولواء "عاصفة الشمال" – أحد ألوية الجيش السوري الحر. واضطرت ضراوة المعركة لواء "عاصفة الشمال"، للانسحاب من بلدة "أعزاز" حيث وقعت تلك المعركة، طالبا من "لواء التوحيد" - لواء آخر من ألوية "الجيش السوري الحر"، أن يأتي لنجدته وتعزيز موقفه. لكن المعركة اتسعت في مسعى من "داعش" للسيطرة على "باب الهوى" الحدودي بغية السيطرة على طرق امداد "الجيش السوري الحر" والفرق الأخرى من فرق المعارضة المسلحة كالسلفيين والاخوان المسلمين. وبعد أيام قليلة جاءت الضربة الثانية "للجيش السوري الحر"، عندما أعلن (في 27 ايلول) "عبد العزيز سلامة" قائد لواء التوحيد الذي استنجد به لواء "عاصفة الشمال"، (أي بعد أيام قليلة من معركة "اعزاز")، انفصاله عن الجيش الحر، وأصدر بيانا وقع عليه اثنا عشر فصيلا آخر من بينهم فصيل "لواء الاسلام"، من أكبر ألوية "الجيش الحر"، وهو فصيل يقوده "زهران علوش". لكن "علوش" سرعان ما بدل موقفه في اليوم التالي، اذ وجه ضربة اخرى "للجيش السوري الحر" باعلانه تشكيل "جيش الاسلام" الذي ضم 46 لواء وكتيبة، كانت في الأصل من ألوية وكتائب "الجيش الحر". لكن "جيش الاسلام" سرعان ما حقق تطورا آخر وبعد فترة وجيزة، وذلك باستبدال اسمه من "جيش الاسلام" الى ما سمي "بالجبهة الاسلامية"، بغية عدم الاكتفاء بكونه ثوبا جديدا "للجيش السوري الحر"، وذلك باتاحته الفرصة نتيجة التسمية الجديدة، لانضمام فصائل اخرى من فصائل المعارضة المسلحة ومنها "السلفيون" ومقاتلي "الاخوان المسلمين" الذين يسمون أحيانا باسم "أحرار الشام". فمن يمثل اذن "أحمد الجربا" اذا كان"الجيش السوري الحر" قد اضمحل تقريبا، واذا كان "المجلس الوطني السوري" برئاسة "جورج صبره" لم يعد مع آخرين أيضا، يؤازرونه في الائتلاف؟ وكيف نفسر القتال الدائر في الشمال، والذي ربما توقف أو ما زال دائرا، بين فصائل المعارضة المسلحة. فكل الفصائل المسلحة قد شاركت في القتال ضد "داعش". والأغرب في الأمر، أن كتائب "النصرة" المنتمية أيضا "للقاعدة"، قد قاتلت "داعش" التي هي أيضا تنتمي "للقاعدة" بقيادة "أيمن الظواهري"، مما أثار علامات استفهام وربما تساؤلا عن احتمال وجود انشقاق داخل القاعدة الأم في "أفغانستان"، أي أن ولاء كافة المنتمين للقاعدة الأم، لم يعد ولاء صرفا "لأيمن الظواهري"، اذ بات هناك رجل آخر ينافسه على القيادة ولم تتبلور هويته بعد؟ مجرد تساؤلات. ويبدو تدريجيا أن تشكيلات المقاومة قد بدأت تأخذ تشكيلا جديدا. "فالجبهة الاسلامية" باتت تضم "السلفيين" و"كتائب الجيش الحر" التي انشقت عن الجيش السوري الرسمي في مرحلة أولى، لتعود الآن للانشقاق عن "الجيش الحر"، والانضمام الى "الجبهة الاسلامية السلفية" المؤيدة من قبل السعودية والمعتنقة للفكر "الوهابي" التكفيري. في وقت توسع فيه شق الخلاف بين المجموعتين المنضويتين تحت جناح "القاعدة"، مع دخول كتائب "أحرار الشام " وعددها يقدر بخمسين ألف مقاتل تقريبا، لتنضم لمؤازرة جماعة " النصرة"، بحيث بدا التجمع الجديد المكون من كوكتيل "النصرة" و"أحرار الشام"، يشكل تجمعا جديدا في مواجهة "الجبهة الاسلامية" (رغم تواجد "أحرار الشام" داخل "الجبهة الاسلامية")، وفي مواجهة "داعش" أيضا، علما بأن بعض التقارير قد أشارت الى توجه "السعودية وقطر" الى تقديم الدعم المالي والتسليحي لجماعة "النصرة" لاعتبارها أكثر اعتدالا من "داعش" من ناحية، ولتشجيع "النصرة" على المضي بالمشاركة في القتال ضد "داعش"، وهو ما حصل فعلا على أرض الواقع وفي أكثر من موقعة. كما شاركت "الجبهة الاسلامية" وتكتل "النصرة" و"احرار الشام"، في قتال "داعش" التي باتت تواجه في بعض اللحظات، "الجيش السوري الرسمي" وكل التكتلات المسلحة الأخرى مجتمعة في وقت واحد، مما يكشف عن قدرات واسعة لديها. ومن هنا يثور التساؤل حول من يمول "داعش"، ومن يمول "احرار الشام" وحليفتها "النصرة" قبل الاتفاق "السعودي القطري" على تمويلها، ومن يمول "الجبهة الاسلامية" حديثة النشأة رسميا رغم وجود جذور لها بين فصائل المقاومة المسلحة منذ زمن بعيد ولكن بتسميات مختلفة، كان أحدها "الجيش الحر" ثم "جيش الاسلام". ولكن الأهم من ذلك، من يمول "الائتلاف السوري الحر"، وهل يمثل "لائتلاف" أيا من تلك الفصائل ك"الجبهة الاسلامية" مثلا التي تحل تدريجيا "محل الجيش السوري الحر"؟ كل المؤشرات ترجح أن أكثر التجمعات التي ربما تدين ببعض الولاء ل"أحمد الجربا"، رئيس الائتلاف، هي :الجبهة الاسلامية" التي لديه بعض النفوذ والتأثير عليها بسبب علاقات كل منهما مع "السعودية". وهناك معلومات تفيد أن "أحمد الجربا" الذي انتخب لرئاسة الائتلاف بدعم من "السعودية"، ينسق مع الأمير "سعود الفيصل"، وزير الخارجية، ويتلقى التعليمات منه، في وقت يتلقى فيه "زهران علوش" - قائد "الجبهة الاسلامية"- تعليماته من الأمير"بندر بن سلطان"، رئيس المخابرات السعودية، علما أن عائلة "علوش" تقيم فعلا في الأراضي السعودية. أي أن الشق السياسي للمعارضة المسلحة السورية، ينسق سياسيا مع المختص بالشأن السياسي وهو الأمير "سعود الفيصل"، بينما تنسق "الجبهة الاسلامية"، العسكرية الصفة طبعا، مع المسئول عن الشأن العسكري وهو الأمير "بندر". وهذا يؤكد الترابط بين الشقين العسكري والسياسي، رغم أن الجانب العسكري يمثل التيار السلفي الجهادي التكفيري من قاطعي الرؤوس والمعروفين بلحاهم الطويلة. ولكن المؤكد أن "أحمد الجربا" ليس لديه أي نفوذ أو تأثير على "داعش"، وقليل جدا من النفوذ لدى "النصرة" التي لا يعلم أحد من أين يأتي تمويلها (قبل الدعم السعودي القطري" حديث النشأة)، ما لم يكن مصدر تمويلهم في الأساس يأتي من "أيمن الظواهري". وقد يكون "للجربا" نفوذ ما، أو خاطر ما على الأقل، لدى "أحرار الشام" المنضوية نوعا ما تحت علم "الجبهة الاسلامية" كما سبق وذكرنا، ولكنها منضوية بشكل أساسي تحت علم "الاخوان المسلمين" والذي يرجح أن القليل من تمويلها، بصفتها منضوية تحت علم "الجبهة الاسلامية"، يأتي من السعودية، لكن الكثير منه، بل الأبلغ في الكم، يأتي من "هيئات الاغاثة الاسلامية" و"القيادة الدولية" لجماعة الاخوان المسلمين، كما يرجح المحللون. وهذا يوحي بأن "أحمد الجربا" - رئيس وفد المعارضة المسلحة في "جنيف2"، يمثل بشكل أساسي "الجبهة الاسلامية"، مما يعني أن الجهاديين التكفيريين، باتوا جالسين فعلا على طاولة المفاوضات في "جنيف2". لكن "الجربا" بكل تأكيد، لا يمثل "أكراد" سوريا رغم وجود تمثيل محدود لهم في "الائتلاف"، ولا يمثل طائفة "الموحدين" من دروز سوريا. وهو بكل تأكيد لا يمثل السوريين "المسيحيين"، أو "العلويين" السوريين. لكنه بكل تأكيد يمثل، كما لاحظنا للتو، الجهاديين التكفيريين الممولين من "السعودية"، ومن "قطر" كما يعتقد البعض، وربما يتلقون الدعم من أميركا على أساس أن المهمة الأساسية "للجبهة الاسلامية" أخذت تتحول نحو مقاتلة "داعش"، التي باتت محور الارهاب في المنطقة (في سوريا والعراق)، والذي يسعى مؤتمر "جنيف2"، نتيجة اتفاق روسي أميركي، الى محاربته واجتثاثه من المنطقة خشية انتشاره في أوروبا وأميركا أيضا. وربما هناك بعض السوريين الذين يوصفون بالمعارضة السورية السلمية، يتواجدون على مسؤوليتهم الشخصية، في أروقة مؤتمر"جنيف2". لكن رأي هؤلاء ليس مسموعا في أروقة المؤتمر، وقد يوصلون بعض آرائهم، ان تواجد بعضهم فعلا في "جنيف"، للصحافة والاعلام. ومن المحسوبين على المعارضة السلمية: "هيثم المالح"، و"هيثم مناع"، و"وائل حافظ"، و"رنده قسيس"، و"قدري جميل". ورغم أهمية أولئك في صفوف المعارضة، الا أن صوت "أحمد الجربا" هو فقط الصوت المسموع في "جنيف2"، اذ كان يترتب على هؤلاء (أصحاب المعارضة السلمية) أن يحملوا السلاح أيضا ويقاتلون ويقتلون أو يقتلون، كي يصبح صوتهم قابلا للسمع في جنيف كصوت "أحمد الجربا"، وذلك على مقياس مفاهيم "جنيف2" التي باتت كمقياس "رختر" في قياس الزلازل والبراكين.. ولكن اذا علمنا من يمول "الجبهة الاسلامية" ومن قبلها "الجيش الحر"، كما علمنا من يمول "أحرار الشام"، وربما أيضا من يمول "النصرة" باعتبارها تابعة لقاعدة "أيمن الظواهري" وبالتالي يترتب عليه أن يمولها، يظل التساؤل عمن يمول "داعش". أهو "أيمن الظواهري" رغم أن "داعش" قد تمردت على أوامره التي طالبتها بالاكتفاء بالنشاط داخل "العراق" فحسب، تاركة "للنصرة" العمل داخل سوريا، فرفضت "داعش" تلك الأوامر؟ قد يبدو ذلك مستبعدا بسبب تمردها عليه. فمن يمولها اذن؟ جرى اعتقال عدد من أعضاء "داعش" في العراق، وتم التحقيق معهم بوسائل عدة من قبل بعض ضباط المخابرات العراقية، وربما حصل أولئك نتيجة لتلك التحقيقات المركزة، على بعض الحقائق الخاصة عن من يمول "داعش" العراق. لكن ضباط المخابرات العراقية رفضوا أن يفصحوا عن أي من تلك المعلومات حتى لرفيق سابق لهم يعمل الآن متخصصا في دراسة قضايا الارهاب والارهابيين. ويقدر الصديق المذكور الذي لست في حل لذكر اسمه، أنه بات يقدر، مع أنه ليس متأكدا، ان دولة عربية خليجية، ليست "السعودية" أو "قطر"، والمؤكد أيضا أنها ليست "الامارات" أو "عمان"، تقف وراء تمويل "داعش" العراق. ولكن من هي؟ وفي تقديري الشخصي، وهذا مجرد ترجيح أو استنتاج، بأن صاحبة المصلحة في ذلك قد، وأركز على قد، تكون "الكويت"، فهي الدولة المستفيدة من توافر عدم الاستقرار في "العراق" الذي طالما طالب بضم الكويت للعراق باعتبارها محافظة من محافظاته. فرئيس الوزراء العراقي في العهد الملكي "نوري السعيد"، قد طالب "بالكويت" باعتبارها جزءا من "العراق". وبعده "عبد الكريم قاسم"، رئيس الوزراء العراقي في زمن ما اعتبر الانتفاضة الشعبية على العهد الملكي، قد طالب أيضا "بالكويت"، بل وأصدر مرسوما باعتبارها "قائم مقامية" تابعة لمحافظة البصرة، مما أدى لارسال قوات بريطانية على عجل الى الكويت، لحمايتها من القوات العراقية التي أعتقد "الكويتيون" أنها ستهاجم تلك الدولة حديثة النشأة بعد انسحاب "بريطانيا" منها . وقد تواجدت يومئذ في "الكويت" وشاهدت عملية نقل القوات البريطانية بواسطة الهليكوبترات، من البوارج الحربية المتواجدة على مرمى البصر في الخليج، الى احد المطارات القريبة من مدينة "الكويت". وأنا أذكر بدقة ذلك اليوم من أيام تموز عام 1961، عندما ركبت سيارة الأجرة التي اشتركت فيها مع عدد من المراسلين الصحفيين البريطانيين، (كنت أعمل يومها مع شبكة التلفيزيون البريطاني المستقل -آي تي أن -) واتجهنا نحو المطار المذكور. ولما بلغنا الباب الرئيسي، منعنا من الدخول حسب التعليمات المعطاة للحرس من قبل قيادتهم الكويتية. فحاولنا الدخول من باب آخر، فمنعنا، ومن باب ثالث فمنعنا أيضا. وهنا سألت السائق الكويتي ان وجد باب رابع، فقال يوجد "وهو باب جانبي غير مطروق كثيرا"، فقلت له: "توجه اليه ولا تتوقف على الباب، بل تظاهر بالغباء واستمر في القيادة الى الداخل حتى لو حاول الحارس ايقافك". وبالفعل حاول الحارس الذي كان بدويا، أن يشرح لي ولزملائي من الصحفيين البريطانيين بأن الدخول ممنوع. لكننا تظاهرنا بالغباء وقلنا له "شكرا شكرا" متظاهرين بعدم فهم ما يقوله، وأشرنا للسائق بالمضي بالدخول الى قلب المطار. ففعل. وفجأة وجدنا عدة سيارات تابعة للشرطة الكويتية تطاردنا، ولكننا أخذنا نحث السائق على المضي في طريقه بالسرعة الممكنة، الى أن وصلنا الى قلب المطار حيث تواجد عدد من ضباط العلاقات العامة التابعين للجيش البريطاني. فهرول أولئك الينا، وعندما علموا بأننا نمثل الصحافة البريطانية المرئية، وزبدة الصحافة البريطانية المكتوبة ممثلة بأبرز الصحف البريطانية، أشاروا للضباط الكويتيين بالانسحاب قائلين انهم سوف يتولون التعامل معنا. وبطبيعة الحال، رحب بنا ضباط العلاقات العامة الذين يعلمون بشكل جيد أهمية الصحافة ومخاطر اغضابها، فقدموا لنا كل التسهيلات والمعلومات التي طلبناها. وكان ذلك أول نصر صحفي لي في حياتي المهنية كعامل في حقل الاعلام المرئي، لأنني كنت الوحيد الذي استطاع تسجيل وقائع ذلك اليوم المشهود في تاريخ الكويت بالصوت والصورة. وبعد "عبد الكريم قاسم"، طالبت معظم القيادات التي تعاقبت على الحكم في العراق بالكويت كأرض عراقية. وظل الأمر كذلك الى أن قام الرئيس الراحل "صدام حسين" بالدخول فعلا الى الكويت في الثاني من آب عام 1990، وأعلنها المحافظة العراقية التاسعة عشر، مما أدى لغزو قوات التحالف للعراق في عام 1991 . وفي ورود هذه التطورات المتلاحقة على مؤخرة رأسي، قدرت احتمال، (مجرد احتمال)، أن تكون الكويت صاحبة المصلحة في عدم تحقق الاستقرار في العراق، كي لا تطالب مجددا بالكويت، مما دفعها لصناعة وتمويل حركة "داعش" ليبقى العراق منشغلا بمشاكله الداخلية، مع عدم استقرار واضح في البلاد نتيجة التفجيرات اليومية هنا وهناك. لكن "داعش" المتنامية في القوة، سرعان ما تتطور طموحها ليمتد الى العمل داخل القطر السوري أيضا، وليس للكويت أي مصلحة في ذلك، الا اذا كانت "داعش" قد وضعت "الكويت" أمام أمر واقع لم يكن بوسع "الكويت" التملص منه. ولكن في رأي آخر، واجتهاد آخر، فان "الولايات المتحدة" لها أيضا مصلحة في ابقاء "العراق"، بعد خروجها منه قبل بضع سنوات، منشغلا بمشاكله الداخلية كي لا يفكر في تطوير علاقته مع "ايران" التي يكن الود لها، بعكس الولايات المتحدة التي كانت الى حين، لا تحمل أي ود "لايران"، بل ربما تضمر الشر له. ومن هنا قدر البعض أن "للولايات المتحدة" مصلحة كبرى في صناعة "داعش"، بل وفي تحويلها الى صنيعة لها. كل ما في الأمر أن هذا يتناقض مع القول بأن "أميركا" باتت تقدم الدعم "للجبهة الاسلامية" في سوريا، كي تقاتل "داعش" السورية والتي يفترض بها، حسب هذا التحليل، أن تكون صنيعة الولايات المتحدة ومن صناعتها، الا اذا كانت "داعش" قد خرجت عن تعليمات "الولايات المتحدة" وتمردت (كعادتها في التمرد) على أوامرها، أي رفضت أن تبقى صنيعتها الى الأبد، كما تمردت من قبل على اوامر "ايمن الظواهري" عندما امرها بالاكتفاء بالقتال داخل الأراضي العراقية دون السورية. والواقع أن هذا التحليل، ربما يفسر السبب في امتناع الأميركيين الغريب والمستدعي للدهشة، عن قصف "داعش" في العراق مستخدمة طائرات "الأندرود" بدون طيار أسوة بما تفعله في قصف جماعات "القاعدة" المتواجدين سواء في "اليمن" أو في المناطق الباكستانية الحدودية القريبة من "أفغانستان"، حيث يتواجد "طالبان" باكستان. "فداعش" العراق المنتمية اسميا للقاعدة الأفغانية المنشأ، لم تكن على أرض الواقع تنتمي لتلك المنظمة الا ظاهريا، (أي كانت تخادع "أيمن الظواهري")، أما في حقيقة الأمر، فانها من صناعة وصنيعة الولايات المتحدة، كما سبق وذكرنا، حسب تقدير البعض، رغم احتمال تمردها على "الأميركين" في الشأن السوري. الا أن هذه كلها تظل مجرد تحليلات واجتهادات لا تستند الى الأدلة المؤكدة. اما ما هو واقعي ولا يندرج تحت خانة التحليل، فهو أن القتال في سوريا لم يعد قتالا بين المعارضة المسلحة والقوات السورية النظامية، بل هو قتال في الكثير من الحالات بين فئات المعارضة المختلفة وأبرزها "داعش" في طرف، والجهات الأخرى في طرف آخر، بحيث باتت بعض المنظمات، وخصوصا "الجبهة الاسلامية"، تقاتل على جبهتين في آن واحد، أحداهما جبهة "الجيش السوري الرسمي"، والأخرى جبهة قوات "داعش". ويسري الأمر ذاته على "داعش" التي تقاتل "الجيش السوري الرسمي"، ولكنها أيضا تقاتل وفي ذات الوقت، الفصائل الأخرى من فصائل المعارضة المسلحة. والأغرب من ذلك، أنها تقاتل أحيانا أختها غير الشقيقة، أي حركة "النصرة" التائهة في انتمائها بين القاعدة والتيارات الأخرى، رغم وجود بعض التناغم الحديث بينها وبين كتائب "أحرار الشام" التي لا يشكل انتماؤها "للجبهة الاسلامية" انتماء تاما ومطلقا للتيار السلفي الجهادي التكفيري بلونه "الوهابي"، بل هو انتماء حذر وربما الى حين. فقد لاحظنا من قبل، أن الحركة السلفية في مصر ممثلة "بحزب النور"، قد تحالفت الى حين مع الاخوان المسلمين، ولكنها عندما لاحظت تآمر الاخوان عليها، وسعيهم لتفكيك حزبهم، فقد انفض التحالف بينهما الذي دام أقل من عام واحد. ذلك أن هناك نوع من الصراع الخفي بين الحركة السلفية والتنظيمات الاخوانية اللذين رغم انتمائهما لتيار الاسلام السياسي، الا انهما يختلفان في كيفية المسير والتطبيق. أما "أحمد الجربا" ومن يمثل في "جنيف2"، وهل ستؤدي مشاركته في المؤتمر لتغيير نصوص بعض القرارات المتفق على مضمونها وحدودها بين الدولتين العظميين، فهذا أمر آخر لابد من الانتظار الطويل كي نعرف ماذا يخبىء فعلا "جنيف2": لسوريا، للارهاب، بل للعالم العربي كله، ما لم يتطلب الأمر، في سبيل تنفيذ المخطط المتفق عليه دوليا "لسوريا"، أن يعقد "جنيف3" وربما "جنيف4"، والحبل على الجرار كما يقول المثل، في وقت يستمر فيه القتال بين المعارضة و"الجيش السوري الرسمي" من ناحية، والقتال الذي يشتد سعيره ثم يخبو ليعود للاشتعال من جديد بين المقاومة والمقاومة الأخرى داخل المقاومة. ميشيل حنا الحاج عضو جمعية الكتاب الأليكترونيين الأردنيين. عضو مركز حوار للدراسات الاستراتيبجية الجديدة. عضو تجمع (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية. عضو منتدى العروبة - عضو مجموعة مشاهير مصر. عضو رابطة الأخوة والصداقة اللبنانية المغربية.
#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ما يجري في سوريا حرب حقيقية، أم هي حرب -دون كيشوتية-؟
-
أهلا جنيف 2 ومرحبا: مؤتمر جنيف2 : ما قبله، وما بعده، والاتفا
...
-
مع اقتراب مؤتمر جنيف2،هل بدأت الحرب ضد الارهاب في المنطقة، و
...
-
كتاب مفتوح موجه للبي بي سي
-
هل يسعى مؤتمر جنيف2 لاعلان الحرب على الارهاب بنقله للبنان، أ
...
-
كتاب مفتوح موجه الى صديق
-
هل تقرع أجراس -الميلاد- للمطرانين، ولراهبات دير -مار تقلا- ف
...
-
من هم الرابحون ومن هم الخاسرون سياسيا في الحرب السورية؟
-
هل اقتنعت دول العالم أخيرا أن -القاعدة- خطر عليهم كثر من كون
...
-
هل سميت الثورات العربية الحديثة بثورات -الربيع- لكونها ثورات
...
-
أين استراتيجية -نهاية المطاف- في أدمغة قادة المعارضة السورية
...
-
أين استراتيجية -نهاية المطاف- في أدمغة القادة الأتراك ، وأدم
...
-
أين استراتيجية -نهاية المطاف- في أدمغة القادة الأميركيين ؟
-
هل تلاشى الحلم العربي بالوطن العربي الكبير، ليصبح الأردن الو
...
-
متى يزهر الربيع العربي في أروقة الجامعة العربية ويحولها الى
...
-
متى يفجر العرب والايرانيون قنبلتهم الكبرى ؟ كيف ولماذا؟
-
هل هو حقا الربيع العربي أم هو الدمار العربي ؟
-
تعليقا واضافة للمقال الخاص بالاستشهاديين ، ينبغي التساؤل: هل
...
-
هل نفذ باكورة الأعمال الاستشهادية في العصر الحديث منتمي لتيا
...
-
هل أدركت الولايات المتحدة أن زمن القطب الواحد قد انتهى؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|