أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد كاظم غلوم - الانسان الحرباء














المزيد.....

الانسان الحرباء


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 08:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الانسان الحرباء


كثيرا ما يوصف المتلوّنون من البشر بانهم تزيّوا بزيّ الحرباء حينما تقتضي مصالحهم الذاتية ان يسلخوا جلدهم ويلبسوا جلدا اخر وفق تغيّر الاحوال وتبدل المآل لتمرير رغباتهم والحصول على مكاسب مادية او معنوية على حساب الضمير وقتل النزوع الانساني وصفاء الضمير فهم يرون ان لكل عصر لباسه ولكل حالة طرق اخرى للتكيف مع الوضع الراهن ، هؤلاء يحسنون المراوغة والمزاوغة واللعب على الحبال تحقيقا لمصالحهم الشخصية ومنافعهم الماديّة ، ضاربين عرض الحائط المواقف الملتزمة ، تراهم ضاحكين وباكين معا في نفس المقام ، اما الموقف المبدئي الحازم والثابت فهو ضمير مستتر او غائب ولك ان تقدره كما تشتهي ، حيث يجوز الوجهان اذا تطلّب الأمر اخفاءه او اظهاره تبعا لمطامعهم ومتغيرات الاحوال
فمثل هذه الاوهام ان صحّت عند نهّازي الفرص غير انها لاتصح لدى من يعتبر الانسان سويّاً ذا موقف مبدئي لا يتزحزح قيد انملة اذا تعارض مع ضميره اليقظ ومشاعره السامية وأحاسيسه الانسانية الراقية فما نفع المال والجاه والنفوذ اذا لوّثت نصاعة الانسان وأماتت ضميره وحسّه الانساني الذي بات لايميز بين الحق والباطل والصدق والكذب والشرف والرذيلة والعهر والطهر فالصفات النبيلة تعدّ من الثوابت التي لايمكن تليينها او قصرها او قطع دابرها وثلمها مهما تغيّر الزمن وتبدّل المكان
هناك اكثر من وجه شبه بين الانسان المتلوّن الانتهازيّ وبين الحرباء ؛ ليس في تغيّر لونها فحسب فمن المعروف ان عين الحرباء الخارجي مخروطيّ الشكل وبهذا تستطيع ان تدوّرها 360 / درجة دون ان تكلّف نفسها تحريك رأسها وهذا مايفعله الانتهازي الذي يرى كل مايحيطه وماخلفه ليستعدّ على التكيّف وفق ماتنوشه عينه دون ان يحرّك رأسه ويميل بفكره الى رأي مصيب او قناعة لوجهة نظر صائبة فترى عقله يأتمر بما تراه انظاره من شهوات وزينة وتطمح اليه نفسه دون ان يشغل بصيرته ويميط اللثام عن روحه الانسانية الغائمة بالطمع والشراهة والانانية فيفقد روح الغيرية وتبرز انانيته وهوسه لنيل كل ماتقع عليه عينه حراما كانت ام حلالا وهناك من الحرباوات ماهو عجيب وغريب اذ يمكنها ان تحرّك كل عين على حده وبشكل مستقل عن العين الاخرى تماما مثل انتهازيينا الذي يغمض احدى عينيه عن الحقائق ويفتح اخرى لرؤية مايمكن ان ترى نفسه من دنايا واوساخ الدنيا ليستحوذ عليها ويسرقها ، فعينه المفتّحة كعين " حرباء النمر " تنفذ ببصرها حتى تحت تاثير الاشعة فوق البنفسجية التي تعمي النظر
اما لسانها الدبق الطويل الذي يضاهي طول جسدها فانه يمتلك قدرات هائلة وسريعة ليلقف فريسته بأسرع من لمح البصر اضعافا مضاعفة ويحسبه علماء الحيوان المختصون بدراسة اوضاع الزواحف بزمن ( ثلاثة بالمئة الف ) من الثانية الواحدة وهو مزوّد بمادة صمغية غرويّة تلتصق بالفريسة حتما ولامناص من نجاتها ابدا
مثل هذه الحرباء نرى بعض الناس بين ظهرانينا ففي خزانة ملابسه كلّ الازياء ، جبّةٌ وعِمّةٌ وطيلسان وإزار ورداء في موسم الحجّ والعمرة مثلما نرى بدلات حديثة من إيف سان لوران وربطات عنق بألوان شتى للصالونات والحفلات حينما ييمم وجهه صوب البيت الابيض وربما سراويل كاوبوي اميركية في مزرعته العامرة بالخيول ، وفي الجانب الاخر من الخزانة عقالٌ ويشماغ وعباءة لمسامرة شيوخ القبائل في المضائف
لامناص اننا وقعنا ضحية مخلوقات عرفت كيف تستحمّ في الوحل وتغوص في مستنقعات الرذيلة وتتكيّف مع الاوضاع السياسية المتقلّبة وتنحني لأية تيارات من الريح حتى لو خالطها السموم والهجير والروائح العفنة ولاتبالي بما يرى عقلها وتخالف ضميرها – ان كان ثمّة ضمير بقي لديها -- لتشبع حاجاتها اولا وأخيرا وتعمي بصرها وبصيرتها عمّا يعاني أبناء جلدتها من قهر وضيم وحيف مثل بهلوان يتقافز من حبل الى حبل ببراعة المتمرس الحاذق الذي يميل تبعا لاهوائه ومطامعه ، ناسيا انه انسان يعيش لغيره مثلما يعيش لنفسه ولايتوانى عن سحق كل ماهو بهيّ في النفس الانسانية وقتل يقظة الضمير في اعماقه والانجرار نحو شهوات الجسد ونزوات النفس الشريرة الأمّارة بالسوء

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيّنوا بغداد بالفنّ الغرافيتي
- قصيدة نثر - المالُ والمُجون -
- هل الحورُ العين فائقات الجمال ؟!
- حلولٌ جنسيّة لرجالنا الفحول
- انحسارُ الثقافة في العراق
- معالم بغدادية ثقافية لاتنسى/ الجزء السادس
- كيف تفوز بالانتخابات النيابيّة ؟
- منظمات المجتمع المدني في العراق /مالها وماعليها
- قصيدة بعنوان - كأنّ السعْد أغمضَ ناظرَيه -
- معالم بغدادية فنية ثقافية لاتنسى/الجزء الخامس
- فذكّرْ إن نفعت الذكرى
- ليتنا لانشمُّ زناخة النفط
- ليتنا بلا زناخة النفط
- معالم ثقافية بغدادية لاتنسى/ الجزء الرابع/فرقة المسرح الفني ...
- معالم فنيّة بغدادية لاتنسى/ الجزء الثالث ( اسطوانات جقماقجي ...
- معالم ثقافيّة بغدادية لاتنسى/ الجزء الثاني (سينما غرناطة )
- عبقرية نطاسيّة عراقية في اليابان
- عندما تتأزمُ الشعوب
- غودو آتٍ لامحالة
- ثلاث قصائد : 1) حوادث مرورية ،2) صدْرٌ منشرح 3) كلماتٌ برفقة ...


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد كاظم غلوم - الانسان الحرباء