طه رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 02:48
المحور:
الادب والفن
العلاقة التي تربط الصراحة بالوقاحة خيط دقيق يشبه الى حد كبير "شعرة معاوية"، فاذا لم يتم الامساك بها بشكل جيد فانك ستقع في فخ الوقاحة، اعاذك الله منها، لانها ـ اي الوقاحة ـ لا تنم الا عن فساد خلق وسوء طبع وتشوه في السجية . بينما الرجل الصريح هو الممتلئ معرفة والمتيقن بان بيته ليس من زجاج، ورغم يقينه هذا، فهو لا يقذف الناس بالحجارة مهما كبر حجم الخلاف والاختلاف معهم !
اما الفرق بين الصراحة والوقاحة فكبير جدا ، مثل الفرق بين الثرى والثريا، وقد استطاع بعض المثقفين الى امتلاك الشجاعة للحديث صراحة عن امور مختلفة في الاجتماع والسياسة والثقافة وكل مناحي الحياة وهؤلاء، هم وليس غيرهم، من يستطيع ان يساهم بشكل حقيقي ببناء الوطن والانسان معا، لانهم يضعون النقاط على الحروف المناسبة. ونستطيع ان نعثر على هؤلاء ـ رغم قلة عددهم ـ بين طيات الصحف والفضائيات والملتقيات الادبية والسياسية .وكلما توغلنا في العملية النقدية سواء ادبية كانت ام سياسية يبدأ العد التنازلي بالتناقص ، فمن اين لنا بنقاد لا تستهويهم العلاقات الشخصية او المنفعة الخاصة بحيث يستطيع ان يقول لصديقه لقد اصبت في هذه واخطأت في تلك ؟
شبكة التواصل الاجتماعي التي سهلت الكتابة كثيرا سواء على الصفحات والمواقع الشخصية ام المواقع العامة بكل اصنافها، مترعة بالصنف الثاني الذي قطع شعرة معاوية واعتقد مع نفسه بانه يكتب بصراحة وبحرية، وهذا ينطلى على مثقفين وشعراء يعدون للامس القريب كبارا، بينما هو قد انزلق ايما انزلاقة في حضيض الوقاحة التي لا تبتعد عن مستنقع الرذيلة كثيرا .
لقد قدم بعض الكتاب دمهم قربانا لصراحتهم ونذكر تحديدا الكاتب الراحل شمران الياسري ( ابو كاطع ) صاحب عمود " بصراحة " والذي اضطر ان يترك الوطن في منتصف السبعينيات بعد ان هدده النظام البائد بالتصفية . ابو كاطع لم يكن وقحا مع النظام القبيح السابق ، كان يكتب بصراحة قل نظيرها .
فحذاري من ان ينقطع هذا الخيط الذي يربط بين الصراحة والوقاحة ونفقد البوصلة والاهم نفقد احترام الناس لتاريخنا ولكتاباتنا . وبدلا من ان نساهم بالبناء نساهم بتخريب الوطن والنفوس دون ان ندري او ربما ندري وهي الطامة الاكبر.
#طه_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟