أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 02:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تفويض الجيش المصري للسيسي رئيسا
الذين يكررون من دون كلل أن مصر حكمها العسكر ستين عاما، يريدون القول أن مشكلات مصر بدأت مع الثورة على الملك والاستعمار البريطاني. ويعبرون بسرعة على حقيقة أن مصر كانت بلدا محتلا يحكمه ملك عميل. ما قبل الستين عاما لا يعنيهم بشيء. ما قبل " حكم العسكر" كان عالما ورديا ديمقراطيا ( تحت مظلة الاستعمار) ، لكن المشكلات كلها بدأت مع " حكم العسكر" ( أي مع الثورة على الاستعمار من أجل الاستقلال) . أيضا فإن من يكررون ذلك يسعون بدأب لتذويب الفوارق الجوهرية بين عبد الناصر وتجربته الوطنية في التحرر والتنمية والعدالة الاجتماعية وبين ما أعقبه من سادات ومبارك وغيره. يريدون أن يضعوا كل ذلك في خانة واحدة بهدف تشويه الثورة وليس انتقادها، وتحطيم فكرة الثورة وليس إعادة بنائها. والآن نسمع أن الجيش قام بتفويض السيسي للترشح إلي الرئاسة. من الناحية المبدئية لست ضد أن يترشح رجل عسكري للرئاسة، لأنني لست ممن يعتبرون أن الحكم " عسكري " لمجرد أن الحاكم من الجيش. فقد كان هناك دوما حكام " مدنيون " يقودون أنظمة حكم عسكرية ويجسدون سياستها. أوباما ليس عسكريا، لكنه يقود نظاما عسكريا وينفذ ويحقق برنامجه إلي حد شن الحروب. المسألة ليست بالكاب والنجوم التي على الكتفين، لكنها بالبرنامج الذي ينفذه الرئيس. وقد عرفنا " رئيسا مدنيا " لا أرى الله أحدا رئيسا مثله هو مرسي. لكن مادام السيسي قد قرر الترشح للرئاسة فإن عليه أن يقدم لنا " برنامجه " السياسي والاقتصادي، إذ لا يكفي أبدا أن ننتخب رئيسا لمجرد أن هالة من المحبة تحيط بأعماله الخيرة. من ناحية أخرى، فلست أفهم معنى " تفويض " الجيش للسيسي. ولا أعتقد أن ثمة مفهوما أو مصطلحا اسمه " التفويض" في العملية السياسية الديمقراطية. هناك استفتاء. هناك انتخابات. هناك اقتراع. لكن ما معنى " التفويض"؟. التفويض هنا أشبه بالمبايعة وأبعد ما يكون عن آليات العملية الديمقراطية. لهذا أعتبر أن تفويض الجيش للسيسي لا يدخل في العملية الديمقراطية لكنه في حقيقة الأمر يستهدف فقط توصيل رسالة بأن الجيش يقف خلف السيسي. وهي رسالة تمثل طغطا مسبقا على القوى السياسية الأخرى أيا كان هزال تلك القوى وأحجامها الضئيلة وطابعها الديكوري. ثم أن تلك الرسالة العسكرية تقترن للمرة الأولى بحديث الرئيس منصور عن " إجراءات استثنائية"؟ بأى معنى ؟ في أي اتجاه؟ ولماذا الآن بعد أو في الوقت نفسه مع " التفويض العسكري"؟
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟