|
من دايتون إلى العدوان على الكعبة
حمودي عبد محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 19:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من دايتون إلى العدوان على الكعبة
أستاذنا الفاضل العلامة والبروفيسور الأكاديمي ـ جعفر عبد المهدي ـ الحائز على جوائز أوربية لبحوثه المتميزة و دراساته ذات سعة الأطلاع في السياسة والفكر الفلسفي والتاريخ والعلاقات الدولية يقدم لنا كتابه الجديد الموسوم بعنوان ـ الربيع العربي الملغوم : من دايتون إلى العدوان على الكعبة ـ برؤية نقدية تحليلية لواقع عالمنا المعاصر، إذ يتناول فيه أحداث خطرة عصفت بالمجتمع البشري، وأحدثت تغيرات جدية في العلاقات السياسية الدولية، وكذلك في خارطة البلقان التي رسمت مسبقا من قبل الدول المتنفذة في القرار الدولي، إلا إنه يتوقف عند ثورة المحرومين العرب التي فجرها الشعب التونسي ليكون العرب أمام واقع جديد بعد أن امتدت سلطة الأستبداد إلى أكثر من ألف وخمسمئة عاما، هذا الواقع الذي سمح بالتدخل الأمبريالية ودعم التيار الإسلامي بالوصول إلى السلطة السياسية بأشكال مختلفة بغية عودة الدول العربية إلى مرحلة الفوضى والتشرذم والتخلف والإقتتال الطائفي والفئوي بدعم قطري ـ سعودي ليس لشيء إلا خوفا أن يلحقها هذا التغير ويسقط عروشها وأيدولوجيتها الدينية المتسترة بها بغية ديمومة دولها الأستبدادية الشرقية التابعة للإحتكار الرأسمال العالمي، مرحلة الفوضى ما زالت تعصف بالعالم العربي في وقت يتراجع فيه اليسار والقوى التقدمية والوطنية التي تكافح من أجل فضح الرجعية العربية وتوجهاتها التي تخدم مصالح الراسمالية الدموية الشرسة المنفلتة التي لا ترحم والتي تريد تحويل العالم العربي إلى ساحة سفك دماء وخراب من أجل مصالحها في كسب المزيد من الأرباح ضد إرادة الشعوب المظلومة، وعندما نؤكد على إنفلات الرأسمال العالمي وصهر الرجعية العربية في بودقته يعني أن سفك الدماء في غابة الموت سوف لن يتوقف دون أن تجري إعادة رسم خارطة الشرق أوسط الجديد ضمن إتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الأولى الأستعمارية خاصة التي رسمت عام 1916 ،هذا هو المراد من شرق جديد في ظل العولمة الدولية التي زمر لها الكثير من المثقفين العرب، ولم تمر عدة سنوات حتى بدا التراجع واضحا في مقالاتهم الأخيرة، لكن البروفيسور جعفر عبد المهدي ظل يدرس الظواهر المستجدة بمنهج جدلي شمولي داعيا إلى مواجهة دموية رأس المال والرجعية العربية بوحدة القوى التقدمية من أجل عالم مزدهر خال من سفك الدماء لأن ملايين الضحايا في تزايد، والفقر في تزايد، وتجار الموت في تزايد، ولعلعة الرصاص في تزايد, وتزداد المعاناة البشرية يوما بعد يوم، لذلك أثبتت التجربة التاريخية أن العولمة لم تكن إلا أهدافا لإعادة رسم الخارطة الجغرافية السياسية، ولم تكن إلا إشاعة أنظمة جائرة تابعة لم تحصد منها الشعوب سوى الأنهيار في المعايير الإنسانية والموت والقهر والجوع والتشريد، وإبتكار بؤر توتر دائمة يتحكم فيها سلاح الموت، فبضاعة العولمة في أسواق الربح، في أسواق مليار جائع في العالم، وما البشر إلا إستهلاك لهذه البضاعة، فدراكولا العولمة ما زالت تمتص دماء الناس، وترسل سمومها الثقافية التينتوديمقراطية في التبشير بثقافة الحقد والكراهية بين الشعوب، لديمومة طغيان الأرباح في أسواق العبيد المدمرة للمثل الإنسانية، وما أيدولوجية الوهابية لآل سعود سوى أن تكون خادمة الأمبريالية الشرسة الدموية وليس الحرمين بغية أن تحافظ على كرسي البداوة في تصدير الإرهاب.أن الملاحظ في دراسة هذا الكتاب أن البروفيسور جعفر عبد المهدي قد اتبع المنهج الجدلي في ثقافة العصر الراهن للعولمة من خلال الأحداث الجارية التي تهمش الوجود الانساني بتضليل الشعوب والقوى السياسية في البحث عن الهوية ليست الطبقية ذات معالم الاستغلال والظلم، بل الهوية التي تزرع الانقسام والتناحر والكره والعنف والحروب، وليكون الانسان مغتربا في وطنه، ويعيش حالة الأرتباك وهلوسة البحث عن الهوية المدمرة سواء كانت قومية أو دينية طائفية أو عنصرية التي تدعو إلى القضاء وتدمير الاخر من منطلق الإستعلاء والامتياز والأفضل، وكذلك لتتصادم الثقافات المختلفة في الوطن الواحد بدلا من التلاقي على أسس حضارية تقدمية إنسانية تتشابه في المحبة والجمال رغم تنوعها ، وهنا استطاع البروفيسور أن يقدم في كتابه بحثا واستننتاجا مهما في العصر الراهن: أن هدف العولمة بعث شرور الكره لتؤدي إلى الحروب وتغير خارطة البلدان، وخلق أعداء متصارعة متقاتلة في الوطن الواحد كما حدث في البلقان وأفريقيا، وكما يحدث الآن في سورية والعراق في بعث الروح العدوانية بين أبناء الوطن الواحد والقتل على الهوية بغية خدمة مصالح الرأسمالية العالمية في تقسيم العراق وسورية وإعادة رسم الخارطة الجغرافية. هنا نستطيع أن نقول بأن البروفيسور قد صاغ منهجا جدليا لتعرية أيدولوجية الشر العابرة للقارات في خطابها اليومي في قراءة نقدية متميزة بإيحات صريحة بأن ثقافات الشعوب متنوعة ومختلفة يمكن لها أن تمتزج يبن السياسة والجمال في تعايش متآلف على أساس المحبة وتبادل أو تلاقي أو تقارب الثقافات، وهذه هي السمة المميزة في الوعي والإدراك، ولذلك توقف الكاتب عند بداية الثورة العربية ثم استغلالها من قبل الرأسمالية الأحتكارية لتوظفها في خدمتها، وهذا ما حدث في مصر حيث دعمت الاسلام السياسي الرجعي المتجسد في الإخوان للوصول إلى السلطة ، وكما في تونس في دعم النهضة، وكذلك دعم التيارات الأرهابية كما في سوريا، والعراق، لكن هذا الدعم مر عبر الوهابية السعودية وقطر أي بأموال خليجية، فالوهابية التي ليست من أهل السنة، التي ابتكرها المبشر البريطاني همفر، ليزرعها في عقل محمد بن عبد الوهاب، ويدربه على فنون تفريق المسلمين وتكفيريهم، وقتل بعضهم بعضا، فأصبحت هذه الوهابية الأيدولوجية لال سعود يصدروها بأموال النفط، لتفرخ منظمات إرهابية التي منها القاعدة....لكن الآن لنتوقف عند المراجعة الجدية لمفكري البرجوازية عن مصدر الارهاب العالمي الذي استخدموه كأداة لتحقيق أهدافهم، نعم ، صاروا يتفكرون بالبعد الستراتيجي لمظامعهم بعد أن تأكسدت هذه الأداة، أدل ، صارواهذه المرة يتوجهون بأنظارهم إلى آل سعود التي فرخت الإرهاب بدءا من أفغانستان، ثم ما نفع دول الخليج وقد وجدوا النفط في امريكا اللاتينية، فهل يا ترى ستنهال القنابل على آل سعود بعد أن يندلع إضطراب ضد الطغيان مصدر الإرهاب؟ هذا ما أراد البروفيسور في بحثه الشيق المتميز المتفرد بوحدة الانسجام والتكامل بين النظري والواقعي بمنهج مادي جدلي أن يجعل القارئ على معرفة تامة بما يدور تسترا أو صراحة حول مفاهيم كثيرة: العولمة، الديمقراطية، الصراع الأجتماعي، الدولة ومؤسساتها، الثورة وإنهيارها، الحروب وأسبابها... أجل، أن يجعل القارئ لا يتعجل في قراءة التنبأ...فهل يا ترى اقترب العدوان على الكعبة بعد أن ابتدأ من دايتون.
حمودي عبد محسن 2014.01.21
#حمودي_عبد_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فكر ماركس اليوم الحلقة الثانية
-
فكر ماركس اليوم
-
الولي الصالح في بعشيقة
-
اللسان الصوفي
-
حديقتنا الخضراء
-
المفكر والباحث فارس كمال نظمي
-
الشرير فريق باشا / حب في ظلال طاووس ملك / رواية في قيد الكتا
...
-
حب في ظلال طاووس ملك / عصا الراعي
-
الحب الظيم
-
قصيدة خالدة خليل
-
حب في ظلال طاووس ملك / شجرة الزيتون
-
حب في ظلال طاووس الملك/ فصل : ميرزا
-
لا أحد يهلك الشمس
-
حب في ظلال طاووس الملك
-
قصيدة حنين عمر
-
لهيب الغضب
-
نبتة الخلود
-
حور العين
-
بغداد في بكاء
-
كولالة في سفر تكوين
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|