حسام الحسني
الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 22:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة تحليلية لعراق (كانون الاول 2011- لغاية نيسان 2014)
السلطة والازمة الخامسة...
لا يخفى عن الكثيرين مسلسل الازمات الذي يعيشه العراق والذي لا تنتهي حلقاته فتجرعنا (كأس التهمام انفاساً) منذ
الازمة الاولى (طارق الهاشمي و مهزلة هروبه)
في العام 2011 وفي شهر كانون الاول شهد العراق ازمة سياسية كبيرة نشبت بين مكونين (شيعة, سنة) اتفقا على العيش في بلدي بوحدة ووئام منذ (1300) سنة على اقل التقادير ابطالها (المالكي والهاشمي) فكلاً يغني على ليلاه ويجد في نفسه بطلاً قومياً لمكونه مختزلاً بذلك الارث التأريخي والمخزون العلاقاتي المتراكم للسنة والشيعة في بلدي, والغريب في ذلك فأن المدان الهاشمي أستطاع وبكل سهولة الخروج من المنافذ القانونية للدولة وعبر اليات الائتلاف الحاكم, وكما يقال بطائرة الائتلاف الحاكم ايضاً, لتتشكل جبهة اربيل المطالبة بسحب الثقة وأحداث التغيير بالسلطة عبر ازمة الازمة, بالمقابل كان موقف المجلس الاعلى الاسلامي العراقي برئاسة السيد الحكيم حازماً وجازماً كموقف المرجعية (التغيير يحدث عبر صندوق الاقتراع) لا عبر المؤمرات وردود افعال الازمات.
الازمة الثانية (الصراع البارزامالكي)
منتصف العام 2012 تقريباً أستطاعت السلطة وبكل حرفية أستغفال المواطن العراقي من خلال ترحيل ازمة الهاشمي ومنحها الوقت الكافي للنماء والتفقيس بعيداً عن الشارع السياسي عبر ابواقها الخرسة (العراقية وافاق), وفتح أزمة جديدة ابطالها (المالكي وبارزاني) سببها كركوك فأرادت السلطة ومن خلال هذه الازمة مناغمة بعض القوى السنية (المطلك واخرون) واعتمادهم كقوى سنية بديلة (لمتحدون) بعد انتخابات مجالس المحافظات تحت شعار القومية (العروبة) فتحولت حينها السلطة من طائفية الى قومية وشكلت ما يعرف بعمليات دجلة وبدأ الحشد العسكري من كلا الطرفين وفي كل يوم يمر يتوقع المواطن العراقي بدء عركة (كاكا بمحيسن) متناسياً الجهاد المشترك لكلا الطرفين ووقوفهما معاً ضد أعتى طغاة هذا العصر المقبور صدام حسين وأن حالة البارزامالكي لا تمثل كاكا ومحيسن, حتى تناسى كلا الشارعين ذلك الحشد المشؤوم للجيوش, وكان موقف المجلس الاعلى الاسلامي العراقي برئاسة السيد الحكيم ثابت وصريح وان الكرد ليسوا حالة طارئة على المجتمع العراقي وان عمق العلاقة بين المكونين اكبر من الحالة البرزامالكية التي يشهدها المشهد العراقي والحوار هو الحالة الانسب للتفاهم وتسوية الخلافات فبناء الدولة اهم من بناء السلطة في الوقت الحالي واعتماد مبدأ (تصفير الازمات) عبر الحوار البناء هو الحل الانسب للحفاظ على وحدة العراق.
الازمة الثالثة (العيساوي وخيم الاعتصامات)
كالعادة رُحلت ازمة الاقليم والمركز من دون ايجاد حلول جذرية بل عادت السلطة للمعسكر السني مرة اخرى, ففي كانون الاول 2012 عادت السلطة لنهجها الطائفي بأختزال المكون السني بثلة من الارهابين الذين كانوا يعملون ضمن حماية رافع العيساوي من دون وعيها لحجم الضرر المتأتي نتيجة ذلك الاختزال والامعان في زج ابرياء السنة بالسجون وترك المذنبين من دون حساب أو حتى تنفيذ لأحكام الاعدام المثبتة بحقهم ودمج مفهومي السُنة والارهاب بخانة واحدة حتى بات الشارع يتغنى بجملة (4 سُنة) المقصود بها (4 ارهاب) لتشهد محافظة الانبار احتشاد غير مسبوق للعشائر السنية تحت خيم الاعتصامات, حينها دخل العراق حقبة اليمة من التنابز بالسباب والشتم عبر نفس الابواق وتحول الشارع الى خندقين بسبب نهج السلطة الطائفي, بدل ان تجلس مع عقلاء المعتصمين وتنفيذ مطالبهم المشروعة التي اشارت لها المرجعية الرشيدة, وكفى الله المسلمين شر القتال والحفاظ على النسيج الوطني سيما وان دول الجوار والسوار تشهد صراع طائفي مقيت, بالمقابل كان موقف المجلس الاعلى الاسلامي العراقي برئاسة السيد الحكيم متناغماً مع موقف المرجعية الرشيدة فالجلوس على طاولة الحوار والاستماع الى المطالب المشروعة هو السبيل الناجع للوصول الى بر الامان وتجنب الحرب الطائفية التي ستأكل الاخضر قبل اليابس فجعل (العراق اولاً) شعاراً وشعوراً ومبادرةً تنطلق منها مشاريعنا الوطنية هي الروحية التي يجب ان تتحلى بها الاطياف العراقية كافة.
الازمة الرابعة (هتلر عاد من جديد)
مر عام 2013 كالصاعقة على رؤوس العراقيين فلم يوافق شن طبقة وبقي الوطن بين مطرقة السلطة وسندان الاعتصام وباتت الايام متشابهة تماماًcopy –paste) ) حتى دقت ساعة الازمة و أقتربت نهاية حقبة السلطة الحالية عبر تصريحات (ابو حمودي وعبعوب), قرر المالكي في كانون الاول 2013 أدخال الجيش الى معركة غير مدروسة أو محسوبة لا استراتيجياً ولا عسكرياً ولا حتى سياسياً ومن دون أستشارة قادة البلد أو الحلفاء أو حتى مجلس النواب رافعاً شعاراً من ليس معي فهو مع (داعش) وليضع الوطن تحت ضغط طائفي غير مسبوق, بالرغم من حدة الرسالة المطلوقة من قبل السلطة وحجم أستهتارها بمقدرات الوطن (الجيش, مجلس النواب, قادة البلد) سارعت الشخصيات الوطنية بدعم حراك الجيش ضد الجماعات الارهابية موجهةً النصح للجيش لأن لا يقع بفخ عدم التمييز بين الابرياء والمجرمين, لكن سرعان ما تمادت السلطة بأدخال الجيش الى المدن وتنفيذ تصفيات سياسية رخيصة لا داعي لها وتأجيج حالة الطائفية وتحويل قزم سياسي كـ (العلواني) الى بطل قومي, فهل قرأت السلطة التأريخ جيداً قبل أقدامها الى مثل هكذا حرب ألم يسعفها مستشاريها بتقديم النصح والمشورة أم كان دور اولئك المستشارين كدور منافقي قريش, وسرعان ما شهدنا تحول ابواق السلطة الى (قناة الشباب الصدامية) و(علي الموسوي) الى (محمد سعيد الصحاف) من خلال تصوير الانتصارات المدوية لجيش القائد العام من دون الاشارة الى الانكسارات الاليمة التي تعرض لها جيش الوطن والمواطن, فهل النهاية ستكون كالتي شهدناها في 2003 باعتقادي اذا تمادت السلطة في سلوكها الهتلري فان الخسارة ستكون وخيمة لاشك, حيث كان موقف المجلس الاعلى برئاسة حكيم العراق استراتيجياً كالعادة من خلال اطلاق مبادرة (انبارنا الصامدة) التي وضعت خارطة طريق حقيقية لتجفيف منابع الارهاب وأحداث التنمية المستدامة في منطقة تشكل ثلث مساحة العراق, لله الحمد ان السلطة استجابت اخيراً لتلك المبادرة عبر تخصيص مبالغ مالية للعشائر وفتح باب التطوع لأبنائها للانخراط ضمن قوى الامن الداخلي العراقي لكن دون الجهر في ذلك فهي بالعلن تشن الحملات التسقيطية لمطلق المبادرة متناسيتاً دوره المركزي في تقريب وجهات النظر وحفظ الوطن, لكن ان تستجيب السلطة متأخرتاً للمبادرة خير من ان لا تستجيب فهي اكتشفت وللمرة الاولى عجزها الفكري والتخطيطي الواضح في ادارة الازمة وفك طلاسمها.
الازمة الخامسة (البرزامالكية عادت من جديد) قراءة استشرافية لأشهر شباط واذار ونيسان القادمة.
السلطة وكما أشرنا سابقاً سترحل ازمة الرمادي كسابقاتها من الازمات مخلفةً نهايات مفتوحة و مأزومة لا حلول لها فالحل ومن وجهة نظرها الان هو أدخال البلد الى أزمة جديدة مع الاكراد تحت ذريعة بيع النفط وحصة الاقليم من الموازنة العامة للدولة لشغل الرأي العام من جهة وتحويله صوب الشمال بدل الغرب من جهة اخرى على الرغم من ان الحلول موضوعة وموجودة الان والجانب الكردي ابدى رغبته في تسوية الخلافات العالقة سيما وانه يعاني من ازمات داخلية لم تظهر الى السطح بعد نتيجة افول (اليكتي) وتراجع (البارتي) وتوسع قواعد (التغيير) فالخارطة السياسية الداخلية للإقليم توضحت لكنها لم تحسم بعد بشكل يأهله لخوض ازمة جديدة مع المركز, لكن يبقى السؤال الاهم هو هل سيتوافر العنصر الارادي لدى السلطة في انهاء هذه الازمة واطفاء فتيلها ام انها ستكون كمثيلاتها, باعتقادي السلطة لن تغير من نهجها الاقصائي التفردي والحل يكمن بتغييرها بدون ادنى شك عبر الانتخابات البرلمانية القادمة والتي ستحدد شكل العراق ل(25) سنة قادمة فعام (2014) عام حاسم لمنطقة الشرق الاوسط لأنه سيشهد انتخابات في العراق وسوريا والاردن ومصر وتركيا وافغانستان والجزائر وتونس وليبيا, فهل ستكون الانظمة السياسية القادمة انظمة منفتحة على الاخر مؤمنة بالتعايش السلمي المشترك معتدلة ام ستكون كسابقاتها (دكتاتورية اقصائية متفردة قمعية داعمة ومصدرة للازمات وطائفية) عموماً انا استبشرت الخير في الانتخابات الايرانية المنصرمة وصعود الحقبة (الروحانية) المعتدلة.
العراق يحتاج الى (فريق قوي منسجم) شيعي يحلق بالوطن بجناحين احدهما سني والاخر كردي ليعبر بالعراق الى بر الامان ويجنبه الشؤمين نار الفتنة وعار التقسيم ويرتقي به نحو العصرية والعدالة الاجتماعية.
#حسام_الحسني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟